بمساعدة «حزب الله».. إيران تقود حملة لدعم حلفائها في أميركا الجنوبية

قنوات فضائية ومواقع ناطقة بالإسبانية تقوم بتلميع أنظمة الحكم في فنزويلا وكوبا

صور لموقع قناة «الميادين» الموجهة باللغة الإسبانية والداعم للرئيس الفنزويلي «مادورو»
صور لموقع قناة «الميادين» الموجهة باللغة الإسبانية والداعم للرئيس الفنزويلي «مادورو»
TT

بمساعدة «حزب الله».. إيران تقود حملة لدعم حلفائها في أميركا الجنوبية

صور لموقع قناة «الميادين» الموجهة باللغة الإسبانية والداعم للرئيس الفنزويلي «مادورو»
صور لموقع قناة «الميادين» الموجهة باللغة الإسبانية والداعم للرئيس الفنزويلي «مادورو»

تقوم إيران، في الآونة الأخيرة، بتسخير قنوات محلية وفضائية، وحتى مواقع إخبارية ناطقة باللغة الإسبانية، لتلميع صورة أنظمة لاتينية شملت الدول الحليفة لإيران، مثل كوبا وفنزويلا وبوليفيا، وذلك عبر تمويل برامج ومشاركة محتويات تابعة لقنوات فنزويلية، مثل قناة «تيليسور» TELESUR، وهي القناة الإخبارية الرسمية التابعة لدولة فنزويلا، الموجة للدول الناطقة بالإسبانية.
فقد لاحظ متابعو مواقع التواصل الاجتماعي، أخيرا، قيام فضائيات عربية، مثل قناة «الميادين» الإخبارية، بحملة إعلامية باللغة الإسبانية تصب في مصلحة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، أو لترويج أفكار الرئيس السابق هوغو تشافيز، وذلك عبر نشر أخبار باللغة الإسبانية تابعة للدول الحلفاء والناطقة باللغة الإسبانية، أو إعادة نشر الأخبار والمحتويات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «تويتر».
وقامت إيران بإصدار أوامرها للقنوات التابعة لحزب الله اللبنانية، والجاليات التي تتحدث الإسبانية، بدعم حلفائها، كما شمل ذلك إطلاق مواقع صحافية ناطقة باللغة الإسبانية، يقوم بإدارتها لاتينيون من أصل عربي، مثل موقع «بلاستين لايبراسيون»، الذي يقوده مواطن أرجنتيني من أصل فلسطيني.
وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم بها النظام الإيراني بدعم الحلفاء، فقد أثارت حفيظة الساسة الإسبان، أخيرا، المشكلات التي تسببت بها إيران في دعم معارضين إسبان، عبر الأموال أو البرامج السياسية، لتقديمها عبر وسائل الإعلام الإيرانية الناطقة باللغة الإسبانية، وهو ما حدث مع السياسي الإسباني (بابلو أغليسياس)، زعيم حزب «بوديموس» الإسباني المعارض، الذي أثيرت الشكوك حوله أخيرا في إسبانيا بشأن تلقيه دعما ماليا من إيران لتمويل برامجه السياسية، أو حتى الإعلامية. إلا أن لهيب الأزمة قد هدأ بسبب دخول مدريد في أزمة تشكيل الحكومة، وهو ما دفع الإعلام الإسباني للكف عن الحديث عن هذا الموضوع، غير أن إيران تراهن على «أغليسياس»، الذي في حال صعوده إلى سدة الحكم في إسبانيا ستكون له مواقف جيدة بالطبع مع إيران، بحكم علاقاته مع النظام.
وحسب محللين سياسيين، قامت إيران في الآونة الأخيرة بتشييد بنية تحتية إعلامية في العالم العربي، أو الإسباني، أو حتى الإنجليزي، عبر دعم قنوات تنطق بلسانها بلغات عدة، حتى تستطيع الوصول إلى المجتمعات الغربية، ونشر ثقافتها، وتقديم نفسها على أنها «الدولة الإسلامية» الوحيدة في المنطقة، بل والقادرة على رفع راية الدين، وهو ما برز جليا في إنشائها قناة «هيسبان تي في HISPAN TV»، التي أطلقت عام 2011، وهي قناة ناطقة باللغة الإسبانية، تستهدف دول أميركا الجنوبية وإسبانيا والولايات المتحدة الأميركية، والمتحدثين باللغة، لتستغل شريحة ضخمة بها ملايين من البشر ممن يتحدثون اللغة الإسبانية، لمخاطبتهم، وكسر العزلة عن طهران.
وتقوم إيران باستخدام شبكتها للتواصل مع عناصر ما يسمى بـ«حزب الله» في بلاد مثل فنزويلا وكوبا والأرجنتين، مستغلا ومستهدفا الجاليات اللبنانية هناك، وذلك للترويج لحلفائها، واستخدامهم كأدوات لتحقيق سياساتها.
يذكر أن الجالية العربية، خصوصا اللبنانية المقيمة في أميركا الجنوبية، تقدر بنحو 10 ملايين مواطن موزعين على هذه الدول، يعيش أغلبهم في البرازيل التي يتراوح فيها عددهم ما بين 6 و8 ملايين مواطن، والبقية بين دول القارة اللاتينية، وتستهدف إيران غالبا فيها العناصر الشيعية المتعاطفة مع النظام الإيراني.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».