لبنان: فشل «ثلاثية الحوار» يمدد الأزمة السياسية حتى ربيع العام المقبل

مخاوف من تأجيل الانتخابات النيابية في حال استمرار الفراغ الرئاسي

لبنان: فشل «ثلاثية الحوار» يمدد الأزمة السياسية حتى ربيع العام المقبل
TT

لبنان: فشل «ثلاثية الحوار» يمدد الأزمة السياسية حتى ربيع العام المقبل

لبنان: فشل «ثلاثية الحوار» يمدد الأزمة السياسية حتى ربيع العام المقبل

رسّخ فشل جلسات الحوار الـ3 التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري هذا الأسبوع حالة الجمود السياسي التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عامين، والتي بات مرجحا أن تمتد حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة في مايو (أيار) 2017. إلا أن استمرار الشغور الرئاسي حتى ذلك التاريخ من شأنه أن يطرح إشكاليات دستورية كبيرة تمهد لتمديد ثالث للمجلس النيابي أو فراغ برلماني غير مسبوق.
ويُجمع الفرقاء على أن البلاد دخلت في مرحلة جديدة من الانتظار الطويل المرتبط كليا بالمشهد الإقليمي العام، وفيما يعول بعضهم على حلحلة الخريف المقبل بعد إتمام الانتخابات الرئاسية الأميركية وهو ما لمّح إليه بوقت سابق وزير الداخلية نهاد المشنوق حين حسم أنّه سيكون هناك رئيس للبنان قبل نهاية العام الجاري، لا يستبعد آخرون أن يبقى الوضع على ما هو عليه حتى ربيع 2017 فلا يكون هناك رئيس مع حلول موعد الانتخابات النيابية ما يطرح مجددا خيار التمديد للمجلس الحالي المنتخب عام 2009.
وبحسب أحد الأقطاب المسيحيين، فإن «تأجيل الانتخابات النيابية مطروح، رغم المواقف العلنية للمسؤولين السياسيين الذين ما زالوا يؤكدون إجراءها في موعدها المحدد». ويشير القطب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه «طالما المشهد السوري على ما هو عليه، ولا أحد من أطراف الصراع قادر على الحسم، فـ(حزب الله) سيسعى لإبقاء البلد في دوامة التعطيل والفراغ باعتبار أن أولوياته في سوريا والوضع القائم يسهل استمراره بالقتال خارج الحدود اللبنانية من دون أن يكون هناك من يسائله».
ولا يستبعد النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» آلان عون أن «تقودنا الأمور في حال استمر التأخير بما يخص الانتخابات الرئاسية وظلت المراوحة سيدة الموقف بما يتعلق بقانون الانتخاب إلى موعد الانتخابات النيابية التي أصبحت أصلا على الأبواب»، لافتا إلى «أننا سنصل إلى هذا الاستحقاق على وقع تساؤلات كبيرة خاصة أنه لا يمكن أن نقبل بتمديد ثالث أو بانتخابات وفق القانون الحالي أو بفراغ نيابي». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تيار المستقبل يمتلك مفتاحا أساسيا للحل إذا قرر استخدامه لن ندخل في المتاهات السابق ذكرها»، معتبرا أن «الطابة بملعبه بما خص الانتخابات الرئاسية». وفيما تحدث عون عن «حد أدنى من المشاورات» بين التكتل الذي ينتمي إليه والتيار الذي يرأسه النائب سعد الحريري، رأى أن المواقف الأخيرة التي أطلقها رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية لجهة تأكيد تمسكه بترشحه للانتخابات الرئاسية: «إنما تؤكد أن لا تطور في مواقف باقي الفرقاء وبالتحديد موقف الحريري».
أما النائب عن تيار «المستقبل» أحمد فتفت والذي اعتبر أن «فشل ثلاثية الحوار كان منتظرا حتى قبل انعقاد الجلسات»، شدّد على أن «أي خروقات داخلية باتت مرتبطة كليا بتبدل إقليمي ما وبالتحديد برفع الفيتو الإيراني الذي يلتزم به (حزب الله)». وقال فتفت لـ«الشرق الأوسط»: «الوضع غير سهل على الإطلاق وهو معقد دستوريا، أما ربط الملف الرئاسي بموعد الانتخابات النيابية المقبلة فقد يكون استباقا للأمور».
وبحسب شفيق المصري، الخبير الدستوري والأستاذ بالقانون الدولي في الجامعتين الأميركية واللبنانية الأميركية في بيروت فإن «منطق الأمور كما التسلسل القانوني الصحيح يقول بوجوب إجراء الانتخابات الرئاسية قبل تلك النيابية»، لافتا إلى أنّه سواء صدر قانون جديد للانتخاب أم لم يصدر، فهناك قانون نافذ هو قانون الستين ويجب أن تحصل الانتخابات على أساسه. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لكن العقبة لا تكمن بالقانون الذي ستجرى على أساسه هذه الانتخابات، بل بكيفية تشكيل حكومة جديدة في حال لم يتم انتخاب رئيس للبلاد.. فعندها لن يكون هناك من يجري استشارات نيابية تؤدي لتكليف رئيس لمجلس الوزراء».
ورفع بري يوم أمس الجلسة الثالثة للحوار بعد فشل المجتمعين بالتوصل لأي تفاهمات حول البندين الأساسيين اللذين يتصدران جدول الأعمال أي رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب. وحدد الخامس من سبتمبر (أيلول) المقبل موعدا لجلسة حوارية جديدة. وخلال المناقشات، حثّ رئيس المجلس النيابي على وجوب «التلازم بين دراسة مجلس الشيوخ وقانون الانتخاب عبر لجنة تتمثل فيها الكتل بنائب أو بخبير». وفيما أكّد رئيس «التيار الوطني الحر» ووزير الخارجية جبران باسيل على أن الثابت عندهم «هو حقنا الدستوري بعدم تأمين النصاب وحقنا الميثاقي الذي إعطانا إياه الشعب»، شدّد رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل على أن «وجودنا على الطاولة هو للدفاع عن الدستور والمطالبة بانتخاب رئيس الجمهورية»، مشيرا إلى أن «ترحيل قانون الانتخاب إلى حين تشكيل مجلس شيوخ يطيح بأي حل لبت قانون جديد للانتخابات وهو تمديد للمجلس الحالي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».