في مكتبه بميدان عبد المنعم رياض المزدحم وسط القاهرة، يراقب الجهادي المصري الذي اختار الطريق السلمي للتغيير منذ سنوات، الأحوال والتقلبات التي تمر بها التيارات الإسلامية في مصر والمنطقة. وفي بلاده التي تشهد تحركات سياسية عاصفة منذ مطلع العام قبل الماضي، تحدث «الشيخ نعيم»، في حوار مع «الشرق الأوسط» عن الجماعات التي أصبح يقودها زملاء قدامى له، تعرفوا بعضهم على بعض في السجون والزوايا والمساجد في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، قبل أن يقرر هو ومجموعة أخرى من الجهاديين، الدعوة إلى انتهاج طريق الحوار والسياسة وقبول الاختلاف، والدعوة لنبذ العنف.
وقال الرجل الذي وجه انتقادات حادة للحكومة أيضا، إن حادث إطلاق النار «الإرهابي» على كنيسة الوراق غرب القاهرة، أثناء حفل زفاف منذ ثلاثة أيام، جاء نتيجة لتوصيات مؤتمر عقده التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين في مدينة لاهور الباكستانية مطلع هذا الشهر. وتحدث «نعيم» عما سماه «تحالفا جديدا» بين جماعة «الإخوان» في كل من مصر وليبيا، وتنظيم القاعدة، على الرغم من قيام أيمن الظواهري زعيم التنظيم، قبل 20 سنة، بتكفير «الإخوان» في كتابه «الحصاد المر».
وقال: «حين عرض علي (الظواهري) طبع هذا الكتاب في ذلك الوقت، رفضت بسبب ما فيه من تكفير لـ(الإخوان)، إلا أنه يبدو أن الزمن تغير (حتى أصبحت ترى الظواهري اليوم يدافع عن الإخوان، والسلفية الجهادية، المؤيدة له، تتحالف معهم)»، لكنه أضاف أن تحالف «الإخوان» الجديد مع المتشددين من «القاعدة» والسلفية الجهادية، يضع نهاية لهذه الجماعة التي تأسست عام 1928، وأضاف قائلا إن «تنظيم (الإخوان) أصبح يأكل نفسه، وسينتهي خلال سنة».
*كيف تنظر إلى حادث كنيسة الوراق؟
- هذا يأتي في إطار توصية المؤتمر الدولي لجماعة «الإخوان» بمدينة لاهور في باكستان، قبل نحو أسبوعين، وكان من أهداف هذا المؤتمر استهداف المنشآت والشخصيات العسكرية، وإرباك الشارع المصري، والإضرار بالاقتصاد المصري قدر الإمكان، وإنشاء ما يسمى (الجيش الحر) في مصر، على غرار الجيش السوري الحر، وإنشاء صندوق لدعم هذه الأفعال وإثارة الفتنة الطائفية، وتقديم الحكومة والفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، للمحكمة الجنائية الدولية، وتكليف مكتب محام دولي لرفع قضية ضد من يسمونه (الانقلابيين)، وحادث الكنيسة داخل في إطار هذه التوصيات المدمرة لمؤتمر لاهور».
* هل ترى أن هناك علاقة بين العمليات «الإرهابية التي تجري سواء في سيناء أو في القاهرة أو غيرها من المحافظات وجماعة «الإخوان»؟
- أنا لا أخمن، ولا أقرأ الغيب، ولا أتهم أحدا بالباطل.. هذا هو اعتراف جماعة «الإخوان»، وذلك عندما وقف القيادي في الجماعة محمد البلتاجي على منصة اعتصام «الإخوان» في ساحة رابعة العدوية، وقال: إذا عاد (الرئيس السابق) محمد مرسي إلى كرسي الحكم، فسوف تتوقف العمليات الإرهابية في مصر في غضون ساعتين. هذا اعتراف، وكما يقال: «شهد شاهد من أهلها».. فهل بقي أي تحليل بعد مثل هذه الاعترافات؟
* هل تتوقع مزيدا من عمليات استهداف الجيش والشرطة والكنائس والشخصيات العامة وغيرها؟
- نعم.. أتوقع المزيد من هذه العلميات، لأن جماعة «الإخوان» جماعة كبيرة ولديها تمويل مالي قوي، وكانت تستعد على مدار سنة لمثل هذا اليوم، ولكن هي في النهاية سوف تخسر خسارة شديدة لم تتخيلها على مدار 80 سنة، أي منذ تأسيسها.
*في رأيك، ما موقف التنظيمات الإسلامية الأخرى مثل التيار السلفي والجماعة الإسلامية من أعمال العنف في مصر؟
- التيار السلفي معظمه أعلن موقفه.. وكثير من شيوخ السلفية اتهموا جماعة «الإخوان» بأنها جماعة تعمل ضد الوطن، وأنها تدخل في مخطط لاستهداف الجيش المصري وتدمير الدولة المصرية.
*وماذا عن الجماعة الإسلامية؟
- الجماعة الإسلامية ارتبطت بـ«الإخوان» لأسباب كثيرة؛ أهمها الرغبة في الوجود والقدرة على العمل تحت جناح الإمكانات التي تملكها جماعة «الإخوان». ويوجد قيادات من الجماعة الإسلامية تعرفنا عليهم منذ الأيام الأولى للحركة الإسلامية ونعرف أنه لا فائدة فيهم ولا يمكن التعويل عليهم لا في الحوار ولا في المشورة.
*وماذا عما يقال عن حركة السلفية الجهادية التي بدأت نشاطها المتشدد وعملياتها التي تستهدف الجيش والشرطة، خاصة في سيناء؟
- الحركة السلفية الجهادية معروف عنها أنها ارتبطت مع جماعة «الإخوان»، وأبرز من فيها محمد الظواهري، شقيق زعيم تنظيم القاعدة.. واعترف أحد قيادات هذه الحركة أثناء التحقيق معه في النيابة العامة المصرية، ممن جرى القبض عليهم قبل شهر، بأن السلفية الجهادية حصلت على 25 مليون دولار من قيادي بارز في جماعة الإخوان من أجل توحيد الجماعات الجهادية في سيناء في حركة واحدة، ومبايعتها أيمن الظواهري، وأنا أظن أن المبلغ كان أكثر من ذلك بكثير.
*هل تعني أنه يوجد تعاون، في الوقت الحالي، بين تنظيم القاعدة بقيادة أيمن الظواهري، وجماعة «الإخوان»؟
- الذي يراجع التصريحات الأخيرة لأيمن الظواهري يدرك أنه أصبح من جماعة «الإخوان»، ويدافع عنها، وذلك على الرغم من أنه سبق أن كتب عنها كتاب «الحصاد المر»، قبل نحو 20 سنة، وأذكر أنه طلب مني أن أطبعه له لكنني رفضت ذلك، وأعدته لأيمن مرة أخرى، وقلت له إن هذا الكتاب يكفر جماعة «الإخوان»، إلا أنه أصر في ذلك الوقت على طباعته، ويتناول الكتاب تكفير «الإخوان»، وهو متداول في الوقت الحالي على الإنترنت لمن يريد أن يقرأه.
*وفي رأيك إلى أي شيء سيؤدي هذا التحالف المزعوم بين «القاعدة» و«الإخوان»؟
- هذا التحالف بين «الإخوان» و«القاعدة» سوف يقضي على الجماعة. ويبدو أن الله سبحانه وتعالى قد أذن بالقضاء عليها، وأعتقد أن هذه الجماعة التي مارست ممارسات ترفضها الغالبية العظمى من المصريين سوف تنتهي وتقضي على نفسها في غضون سنة من الآن.
*هل ترى أي تأثير للتعاون بين جماعة «الإخوان» في كل من مصر وليبيا، على الوضع في مصر؟
- «الإخوان» وتنظيم القاعدة في ليبيا متحالفان معا، وهما يسيطران على مناطق كبيرة في ليبيا، ولهذا التحالف بين «الإخوان» و«القاعدة» وجود قوي هناك.. الكل يعرف أن ليبيا ليس فيها جيش قوي ولا شرطة قوية، وحكومتها ضعيفة، وتعتمد على العصبية القبلية.. ومع ذلك أقول إن الوضع في مصر يختلف تماما عن الوضع في ليبيا. والتحالف بين «الإخوان» و«القاعدة» في البلدين يمثل خطورة على المنطقة، ولذلك على السلطات أن تواجه هذا التيار الجديد.
*وماذا يمكن للسلطات أن تفعل حتى تواجه ما تسميه «التحالف بين الإخوان والقاعدة»؟
- أولا هذا التيار، لولا التدخل الأميركي ومساندة بعض الدول الأخرى له، ما كان يمكن له الوجود والتمدد والاستمرار حتى الآن.. ولولا هذا الدعم ما تحركت جماعة «الإخوان» وما تحالفت من أجل تدمير المنطقة ومحاولة تقسيمها إلى دويلات صغيرة، مثلما حدث في السودان. ولكن مشكلتنا في مصر هي أننا حين قمنا بثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، استمر رجال النظام القديم، أي نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، في إدارة الدولة، وحين قمنا بثورة 30 يونيو (حزيران) 2013 أدار الدولة أيضا النظام القديم، أي رجال مبارك أيضا. نحن الآن في مصر في كارثة، وهي كارثة حكومة الدكتور حازم الببلاوي، ولا بد من إيجاد تغيير حقيقي حتى ينصلح حال البلاد.
*كارثة من أي نوع؟
- هذه الحكومة ليست لها علاقة لا بثورة 25 يناير ولا بثورة 30 يونيو، وتحاول أن تعيد «الإخوان» إلى المشهد السياسي مرة أخرى انصياعا للأوامر الأميركية وانصياعا لتوصيات كاثرين آشتون، ممثلة السياسة الأوروبية. أنا أرى أن هذه الحكومة فاشلة.. بل إن المصريين أطلقوا عليها حكومة «الأيدي المرتعشة». ولكن حقيقة الأمر أن الوضع في مصر يحتاج إلى قوة، ولذلك نحن نطالب بأن يكون الفريق أول عبد الفتاح السياسي هو الرئيس المقبل لمصر، ولا بد من ضرب هذه الجماعة بيد من حديد، ولا بد من أن تعلن الحكومة علنا أنها سوف تقضي على تنظيم «الإخوان» شكلا وموضوعا، أي قضاء عضويا وقضاء سياسيا.
*هل تتوقع، في ظل عمليات تهريب السلاح من ليبيا إلى مصر، وانتشاره في أيدي كثير من المتشددين، أن تمثل جماعة «الإخوان» والمتحالفون معها خطورة على مستقبل الدولة المصرية؟
- لا.. قوة «الإخوان» والمتشددين في ليبيا لن تنتقل إلى مصر أبدا، لأن الطبيعة الجغرافية المصرية تقضي عليهم، وعمليات تهريب الأسلحة ليست بتلك السهولة التي يظنها البعض، والجيش المصري والمخابرات المصرية يسيطران على المنطقة الصحراوية الحدودية منذ زمن طويل، وكل القواعد تعمل مع هذه السلطات، من جيش ومخابرات، وليس مع جماعة «الإخوان»، أو الجماعات الإرهابية، ولذلك أتوقع أن تفشل مخططات «الإخوان» والمتحالفين معهم ضد مصر.
القيادي الجهادي نبيل نعيم: تنظيم «الإخوان» يأكل نفسه وسينتهي خلال سنة
قال لـ {الشرق الأوسط} إن استهداف كنيسة الوراق جاء نتيجة لتوصيات الجماعة في مؤتمرها بـ«لاهور»
القيادي الجهادي نبيل نعيم: تنظيم «الإخوان» يأكل نفسه وسينتهي خلال سنة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة