على الرغم من اختياره الصمت بعد صدمة استجواب وزير الدفاع في البرلمان العراقي، خالد العبيدي، قبل يومين، والتي وجه فيها تهما وصفت بالخطيرة إلى رئيس البرلمان، سليم الجبوري، فإنه اختار «الشرق الأوسط» ليكشف كثيرا من القضايا، خصوصا جلسة استجواب وزارة الدفاع خالد العبيدي الذي ينتمي إلى كتلة «تحالف القوى العراقية» التي ينتمي إليها الجبوري نفسه.
وفي منزله الكائن في المنطقة الخضراء بدا الجبوري، الذي بدأت تحاصره أسئلة الرأي العام بشأن مدى صلته بالاتهامات التي وجهها إليه وزير الدفاع، مرتاحا وهو يسرد وقائع ما جرى قائلا إن «ما حصل لم يكن مفاجئا بالنسبة لي حيث كنت أعلم أن وزير الدفاع سوف يتكلم بما يريد أن يتكلم به باستهداف طرف معين ومحدد (في إشارة إلى الكتلة السنية) لا سيما أنه كان طوال الأيام التي سبقت الاستجواب قد زار معظم الكتل الأخرى، لا سيما الشيعية بمختلف مكوناتها (التيار الصدري والمجلس الأعلى ودولة القانون) والتحالف الكردستاني، وقد أبلغهم تقريبا بما يريد أن يقوله على طريقة الاستهداف المقصود من خلال التغطية لكي يدعم من قبل هذه الجهات، ولكي يكون الاستهداف موجها ضدي بالتحديد ولكني كنت ومازلت واثقا من براءتي، ولكني أريد الإنصاف، لا سيما أنني تأكدت من وجود اتفاقات مسبقة».
وقال الجبوري: «إنني قرأت وجود كثير من أعضاء البرلمان من خلال محاولات التصعيد والصراخ بإفساح المجال أمامه بتوجيه الاتهامات ضدي». وحول الآليات التي اعتمدت بالاستجواب قال الجبوري: «إنني كنت مصرا على الاستجواب رغم معرفتي المسبقة بما سيحصل حيث كان قد تم تقديم ثلاثة طلبات تأجيل للاستجواب لكنني رفضت، خصوصا أنني قررت وضع كل شيء على الطاولة سواء على صعيد هذه القضية أو قضايا أخرى، منها عمليات رفع حصانة وغيابات وغيرها وتشريعات معطلة».
وعد الجبوري ما حصل أنه يأتي «في إطار الصراع السني - السني خصوصا أن السنة الآن في أضعف حالاتهم بعد احتلال مدنهم ومحافظاتهم من قبل (داعش) وتشريد الملايين منهم وبالتالي فإن وزير الدفاع خالد العبيدي هو مجرد أداة في هذا الصراع الذي ينفذ هذه المرة بغطاء شيعي، وإن العبيدي لم يكن في الواقع سوى عصا استخدمت لضرب الجبهة السنية وهي في لحظة ضعف وتفكك».
وردا على سؤال ما إذا كان زعيم ائتلاف «متحدون» الذي يتزعمه أسامة النجيفي وينتمي إليه العبيدي يعلم بذلك أو يستفيد مما يطرحه العبيدي؟ قال الجبوري: «في الحقيقة لم أعد أستبعد كل الفرضيات بما في ذلك هذه الفرضية ولعل الأهم هنا هو أنني بعد ما حصل في قبة البرلمان لم أكن أعلم أن الخلاف السني - السني بهذا العمق وهو ما يحصل لأول مرة وهو ما يستدعي منا وقفة جادة لإعادة تقييم ما حصل والعمل على ترميم وضع الساحة السنية وإعادة اللحمة إليها بعد أن ظهرت حقائق جديدة لم تكن منظورة في السابق أو على الأقل لم نكن نتصور أن بالإمكان استغلالها بهذه الطريقة لا سيما أن وزير الدفاع - لكي يخلط الأوراق وينجو من الاستجواب لا سيما بعد الأدلة القاطعة ضده في إطار الملفات التي قدمتها النائبة المستجوبة عالية نصيف - قد استثمر الخلافات داخل تحالف القوى العراقية، وبمعرفة من بعض القيادات السنية (في إشارة إلى النجيفي) قد وجه تهما باطلة ضدي».
وبشأن ما عبر عنه الجبوري بالغطاء الشيعي للخلافات السنية قال إن «الشيعة رغم الخلافات الموجودة بين كتلهم وأحزابهم وقواهم السياسية لكنهم حسموا أمرهم على المستوى الاستراتيجي فيما بينهم لكنهم نقلوا صراعاتهم داخل المناطق السنية أو المختلطة مما أدى إلى تفكك الجبهة السنية بما في ذلك مسألة البحث عن شريك لهم في بعض تلك المناطق بحيث يكون شريكا مسيطرا عليه حتى إن كان عنوانه سنيا».
وكشف الجبوري عن تقديم «عدد من النواب وعددهم 34 نائبا طلبا لاستجواب رئيس الوزراء حيدر العبادي وقد قدمته إلى اللجان المختصة لكي يستوفي الجوانب القانونية لكن الطلب في النهاية لم يكن قد استوفى الشروط القانونية لكن العبادي أبلغني انزعاجه بمجرد تحريك هذا الطلب قائلا إنك تتقصدني بهذا الاستجواب، كما أنني، في إطار سياسة الشفافية التي كنت قررت اتباعها لإعادة الهيبة للمؤسسة التشريعية، شكلت لجنة بقرارات العبادي المخالفة للقانون، لا سيما أنه كان هناك لغط على صعيد التفويض الذي منح له، ومن ثم سحب منه فيما بعد، حيث تبرع البعض بإيصال معلومات للعبادي بأني من يقوم بذلك فيما أعده واجبي التشريعي والرقابي».
وحول الظروف التي أحاطت باستجواب العبيدي، يقول الجبوري: «قبل تحديد موعد الاستجواب ولكي لا يفهم بأنه استهداف شخصي قمت بزيارة أسامة النجيفي الذي ينتمي العبيدي إلى كتلته (متحدون) وقد تحدثت معه عن هذا الأمر علما أنه أبدى تحفظا من منطلق أن الوقت ليس مناسبا لا سيما أننا الآن على أعتاب معركة حاسمة في الموصل».
وردا على سؤال بشأن ما إذا كان العبادي استفاد من هذه الأزمة لصالحه، قال الجبوري: «العبادي استفاد تكتيكيا مما حصل، حيث إنه نقل الأزمة إلى داخل البرلمان علما أنه كان ضد الاستجواب». مبينا أن «هناك خلافات داخل البيت الشيعي حول ذلك إلى حد أن هناك أطرافا شيعية داخل الجلسة حاولت الضغط على الوزير لأن يتحدث عما بحوزته عن أسماء شيعية ولكنه أحجم عن الإشارة إليها ضمن الاتفاق المبرم مع أطراف قيادية في التحالف الوطني». مبينا أن رئيس الوزراء السابق وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي «اتصل بي صباح يوم الاستجواب وسألني عن مجريات ما سيحصل، لكنه بعد أن كان ضد الاستجواب، كان قد أبلغني أنه مع الذهاب إلى سحب الثقة من وزير الدفاع».
وحول الإجراءات التي قام بها للدفاع عن ساحته، قال الجبوري: «قمت بالاتصال بكل من رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود وأبلغته استعدادي للمجيء إلى القضاء للتحقيق، كما اتصلت برئيس هيئة النزاهة حسن الياسري وأبلغته بذلك، لكنهما أخبراني أن إجراءاتهما قد تتأخر يوما أو يومين لكني ذهبت إلى المحكمة ورفعت دعوى قضائية ضد العبيدي وأنتظر صدور أمر إلقاء القبض عليه». وبشأن قرار العبادي منعه من السفر، قال الجبوري: «كان هناك خطأ في الأمر وأبلغني العبادي أنني لست المقصود بالأمر وتم تسويته».
الجبوري: العبيدي أداة لتنفيذ صراع سني ـ سني بغطاء شيعي
قال لـ «الشرق الأوسط» إن العبادي استفاد تكتيكيًا من الأزمة.. وجرى تشكيل لجنة بمخالفاته
الجبوري: العبيدي أداة لتنفيذ صراع سني ـ سني بغطاء شيعي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة