الانقلابيون يهجّرون أهالي «غراب» بتحويلها إلى منطقة عسكرية

الميليشيات تصعد من قصفها على قرى صبر

عناصر من قوات الشرعية يستقلون سيارة في إحدى جبهات تعز («الشرق الأوسط»)
عناصر من قوات الشرعية يستقلون سيارة في إحدى جبهات تعز («الشرق الأوسط»)
TT

الانقلابيون يهجّرون أهالي «غراب» بتحويلها إلى منطقة عسكرية

عناصر من قوات الشرعية يستقلون سيارة في إحدى جبهات تعز («الشرق الأوسط»)
عناصر من قوات الشرعية يستقلون سيارة في إحدى جبهات تعز («الشرق الأوسط»)

استهدف طيران التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن، التي تقوده السعودية، تعزيزات عسكرية تتبع ميليشيات الحوثي والموالين لهم من قوات المخلوع صالح في مديرية حيفان، جنوب مدينة تعز.
وقال شهود محليون لـ«الشرق الأوسط» إن غارات التحالف استهدفت تعزيزات للميليشيات الانقلابية في عزلة الأعروق بمديرية حيفان، ودمرت الدبابة التابعة للميليشيات التي كانت تتمركز على الطريق الواصلة ما بين ظبي الأعبوس والخزجة؛ حيث شوهد تصاعد الدخان في مكان الاستهداف.
وفي منطقة غراب (غرب تعز) أكد سكان محليون لـ«الشرق الأوسط» أن «الميليشيات الانقلابية أجبرت الأهالي في المنطقة، بعد السيطرة عليها قبل أيام، من إخلاء منازلهم وبقوة السلاح تحت حجة أن المنطقة عسكرية للميليشيات، وكل ذلك من أجل تشديد حصارهم على المدينة ومنع دخول أي شيء لهم حتى المرضى القادمين من أرياف المحافظة».
وقال السكان إن ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح جعلت من القرية «منطقة عسكرية، وقامت بتكديس الأسلحة في المنطقة والتمركز على منازل الأهالي بعد تهجيرهم من المنازل».
وتواصل الميليشيات الانقلابية ممارسة انتهاكاتها من تهجير للأهالي من منازلهم وقراهم منذ بداية أعمالها الانقلابية بدءا من قيامهم من تهجير يهود بني سالم وأهالي منطقة دماج، في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لميليشيات لحوثي، وكذا أهالي قرى الوازعية، غرب تعز، التي هجرت منهك أكثر من 35 ألف شخص بحسب إحصائية منظمات محلية، غير حكومية، وتحويلها إلى منطقة قتالية، وكذلك قرية ظبي الأعبوس في مديرية حيفان، جنوبا.
وشهدت جبهات القتال، أمس، في جبهة حيفان، مواجهات عنيفة بين قوات الشرعية (الجيش الوطني والمقاومة الشعبية) والميليشيات الانقلابية، استمرت لساعات، واستطاعت خلالها الميليشيات من التقدم إلى منطقة (قمل) في عزلة الأعروق، غرب حيفان والسيطرة عليها، ويأتي ذلك بعد إحكام سيطرتها على منطقة الخزجة.
ورافق المواجهات في جبهة حيفان، استمرار قصف ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح للقرى بما فيها قرية حفظان وصور، وذلك من مواقع تمركزها في مفرق ذؤاب وجبل شوكة المحاذي لمديرية الصلو.
وقال قيادي في المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع في جبهة حيفان أصبح خطرا خاصة بعد تحقق الميليشيات الانقلابية لمكاسب في المديرية وتقدمة في بعض المواقع التي كانت تتبع المقاومة الشعبية والجيش الوطني، في محاولة مستميتة منها الوصول إلى مدينة التربة، عاصمة قضاء الحجرية أكبر قضاء في تعز، وقطع الطريق الواصلة بين محافظتي تعز وعدن».
وأضاف أن الميليشيات الانقلابية تمكنت من السيطرة على مواقع في جبهة حيفان؛ بسبب «قلة الإمكانيات العسكرية والذخيرة الكافية والأسلحة التي تواجه فيها ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح التي تمتلك أسلحة الدولة التي نهبتها من المعسكرات».
وأكد أن ميليشيات الحوثي والموالين لهم من قوات المخلوع صالح، فجرت «منزل الشيخ جازم، أحد مشائخ قرية قمل، في قرية رأس الأعمور، واستحدثت في القرية مواقع عسكرية».
إلى ذلك، واصلت ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح خرقها للهدنة في محافظة تعز من خلال الاعتداءات على الأهالي، والقصف المستمر بمختلف أنواع الأسلحة على الأحياء السكنية في مدينة تعز وقرى وأرياف المحافظة.
كما صعدت الميليشيات الانقلابية قصفها العنيف على قرى جبل صبر، في جنوب تعز، وذلك بعدما تمكنت قوات الشرعية من طردهم قبل أيام من قرية الصراري، آخر معاقل لهم في جبل صبر.
وتمكنت عناصر المقاومة الشعبية والجيش الوطني من قتل اثنين من القناصة التابعين لميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح في حي بازرعة بمدينة تعز، بعد أن استهدف القناصان عددا من أهالي الحي، وسقط عدد منهم بين قتيل وجريح، إضافة إلى خلق الرعب والخوف في وسط سكان الحي.
وفي سياق طبي، دشن الهلال الأحمر القطري بمحافظة تعز اليمنية مشروع تأهيل ودعم مركز 22 مايو (أيار) الصحي في منطقة الدمينة في تعز بتكلفة إجمالية تقدر بمبلغ 120 ألف دولار.
وشمل المشروع دفع الحوافز لـ 32 موظفا واختصاصيا من الكادر الصحي وتوظيف اختصاصيين لمدة 8 أشهر وتجهيز وتأثيث المركز والصيانة، وتوفير الأدوية، والمستلزمات الطبية اللازمة، وتدريب الكادر الصحي، وتنفيذ عدد من الحملات التوعية الصحية.
وقال رئيس بعثة الهلال القطري في اليمن، المهندس أحمد الشراجي، إن «هذه المشاريع تعد نماذج بسيطة لما يقدمه الهلال الأحمر القطري في سبيل التخفيف من معاناة المواطنين وخصوصا المتضررين والمتأثرين بالصراعات والنزاعات المسلحة في اليمن».
وأضاف أن دعم وتجهيز هذا المركز الصحي سوف يشمل تحسين الخدمات المعطلة وسيقدم المركز خدماته بشكل مستمر من كشافة الأشعة والمختبر، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية، ويعتبر توفر الدواء هو الهم الأكبر لدى المواطنين ذوي الدخل المحدود، وخاصة أدوية الأمراض المزمنة التي عجزت المنظمات عن تقديمها، منوها إلى أن مشروع إعادة تأهيل وتشغيل مركز 22 مايو سيسهم في التخفيف من احتياجات الناس كون المشروع وجد في منطقه ذات كثافة سكانية عالية تقدر بـ50 ألف نسمة.
واستجابة للمناشدات الطبية التي أطلقها الأطباء والممرضون في تعز، وفي ظل تزايد أعداد المرضى نتيجة الحرب الدائرة، دشنت مؤسسة فجر الأمل المخيم الطبي المجاني الأول لأمراض الباطنية والحميات في مستشفى المظفر بمدينة تعز.
واستهدف المخيم الطبي قرابة 9 آلاف مريض، في حين سيستمر لمدة شهر كامل. ويشمل المخيم المعاينة والأدوية والفحوصات المجانية للمرضى.
ومنذ الحرب التي شنتها الميليشيات الانقلابية في تعز، تعيش المدينة وضعا مأساويا وكارثة حقيقة في كل الجوانب بما فيها الجانب الصحي، في ظل حصار مطبق من قبل الميليشيات على منافذ المدينة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».