«شهيد الأحساء» صادق العواد.. «شاهد» على وحدة السعوديين في الدفاع عن وطنهم

والده: فخور بـ«استشهاده» مدافعًا عن بلاد الحرمين وقبلة المسلمين

«الشهيد» صادق العواد مع أبنائه («الشرق الأوسط»)
«الشهيد» صادق العواد مع أبنائه («الشرق الأوسط»)
TT

«شهيد الأحساء» صادق العواد.. «شاهد» على وحدة السعوديين في الدفاع عن وطنهم

«الشهيد» صادق العواد مع أبنائه («الشرق الأوسط»)
«الشهيد» صادق العواد مع أبنائه («الشرق الأوسط»)

عكست مراسم تشييع «شهيد الأحساء» صادق حسين العواد، الرقيب في القوات البرية السعودية، وحدة السعوديين في الدفاع عن وطنهم وتقديم الفداء لترابه؛ إذ شارك أبناء الأحساء من مختلف اتجاهاتهم في دفنه وتعزية عائلته أول من أمس.
وكان العواد أصيب قبل أربعة أشهر أثناء تأديته الخدمة في منطقة العمليات بالحدّ الجنوبي، لكنه أصرّ مرة أخرى على العودة إلى الميدان مدافعًا عن بلاده حتى «استشهد» مدافعًا عن الحدود الجنوبية للمملكة بقرية الربوعة الحدودية مع اليمن.
وللفقيد 3 أشقاء يخدمون في السلك العسكري، بينهم مقاتلان معه في صفوف القوات البرية في عمليات الحد الجنوبي، وله 6 أبناء؛ بينهم بنت واحدة، وأكبرهم محمد الذي لم يبلغ العشرين ويدرس في جامعة الباحة جنوب السعودية.
وأثبت أهالي الأحساء عبر المشاركة الشعبية الكبيرة من المسؤولين والأهالي في وداع العواد (42 عامًا)، وحدتهم في الدفاع عن وطنهم دون تمييز لأي فروقات تريد النيل من لحمتهم الاجتماعية.
ووصل جثمان صادق العواد إلى مسقط رأسه مدينة الفضول في الأحساء شرق السعودية برفقة وفد عسكري رفيع المستوى؛ حيث تم تسليم جثمانه إلى ذويه، ثم شارك الآلاف في تشييعه في مقبرة البلدة الواقعة ضمن القرى الشرقية بمحافظة الأحساء.
وذكر أشقاء «الشهيد» لـ«الشرق الأوسط»، أن الفقيد خدم في السلك العسكري منذ 23 عامًا، دون أن يشتكي من أي تمييز، وطالما كان سعيدًا أن يجد الفرصة للعمل مدافعًا عن وطنه. وقال: «كان يرسل لنا بشكل دائم واصفًا الأجواء الأخوية بين حماة الوطن في الحد الجنوبي».
ويغالب والده الستيني المتقاعد من شركة «أرامكو السعودية» الدموع وهو يتحدث بفخر واعتزاز بأنه قدم أحد أبنائه فداء للدين والملك والوطن. وأشار إلى أنه رغم ألم فراق أكبر أبنائه، فإنه يشعر في الوقت ذاته بالسعادة لنيل ولده الشهادة التي يتمناها كل شخص، «خصوصًا إذا كان في حالة دفاع عن بلاد الحرمين وقبلة المسلمين».
وأكد أن ابنه أصيب قبل 4 أشهر في الحد الجنوبي، وأنه أصر على العودة للدفاع عن تراب الوطن حتى توفاه الله، «وهي الأمنية التي كان يتمناها، وتحققت له».
وقال نوح، شقيق صادق، الذي يخدم أيضًا في السلك العسكري على الحد الجنوبي، لـ«الشرق الأوسط»: «كوني أصغر من شقيقي، فقد كان يعتمد علي كثيرًا في متابعة أبنائه، خصوصًا في الفترة التي أعود فيها من الحد الجنوبي بينما يبقى هو هناك». وأضاف أنه شقيقه كلفه مؤخرًا بشراء سيارة لابنه محمد، و«بعد أيام تعرض ابنه لحادث مروري بالسيارة، وكان المخطئ في الحادث الطرف الآخر، لكنه تنازل عن حقه لوجه الله».
وأكد أن العواد كان على موعد للعودة إلى الأحساء قبل يوم من «استشهاده»، و«لكن شاء الله أن (يستشهد) ويجعله مفخرة كبيرة لنا كعائلة ولأهالي الأحساء بشكل عام».
وأضاف: «استشهاد شقيقي رد على من يحاول الحديث كذبًا عن تفرقة الوطن بين أبنائه بسبب طائفي، وأخي (الشهيد) يخدم في السلك العسكري منذ 23 عامًا، وخدم في مناطق عدة بالمملكة، ولم يشك يومًا من تفرقة حصلت معه، بل بالعكس كان يتحدث بشكل دائم عن الأجواء الأخوية بين حماة الوطن في الحد الجنوبي».
وبوفاة صادق يبقى لعائلة العواد 3 أشقاء آخرين يعملون في السلك العسكري؛ إذ أشار نوح إلى أنه يعمل في القطاع العسكري منذ أكثر من 15 عاما، وانتقل إلى مدن عدة مثل الرياض والقصيم، ويخدم حاليًا في الحد الجنوبي، وكان ينوي العودة إلى الحدود منتصف الأسبوع بعد أن تنقضي إجازته، لكن «استشهاد» شقيقه آخر ذلك.
أما الشقيقان الآخران، فهما يوسف الذي يخدم في الحد الجنوبي حاليًا، وعمار الذي يعمل في المنطقة الشرقية، وتحدث شقيقه عن جانب من حياة صادق، فقال: «كان الموجه والمربي لنا، خصوصا في الإخلاص للعمل العسكري والاستماع للتوجيهات، ويتواصل معنا بشكل يومي.. يطمئن على والدتنا ووالدنا وأبنائه وحتى أبنائنا، ويحرص على العلاقات الأسرية، ويتقدم الموجودين في مناسبات الأفراح والأحزان»، مشيرًا إلى أن «صادق وباقي (شهداء الوطن) قضوا لنحيا حياة كريمة في وطننا، فلا يمكن أن نبخل عليه بالدعاء على أقل تقدير».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.