أعاد مشهد التوتر الأمني بين قوات النظام السوري ووحدات حماية الشعب الكردية في مدينة حلب، أمس، الإشكالات التي شهدتها المناطق الخاضعة لسيطرة الطرفين في شمال وشمال شرقي سوريا، فيما بدا أنه «قلق لدى النظام من تنامي نفوذ قوات وحدات الشعب وقدرتها على القتال ضد (داعش) من جهة، ومن جهة أخرى رسالة من النظام بأنه لن يسمح بوجود قوة أخرى في مدينة حلب التي أطبق الحصار عليها قبل أسبوعين»، فيما أعلن «جيش الفتح» الذي يتشكل من مجموعة كتائب عسكرية معارضة (إسلامية ومتشددة ومعتدلة)، عن استعداده لإطلاق معركة لـ«فك الحصار عن مدينة حلب» تبدأ من مناطق ريف حلب الغربي.
وتوتر الوضع الأمني بعد أن شهدت مناطق سيطرة الأكراد قصفًا متقطعًا وإطلاق نار بعد 3 أيام على تمدد تلك القوات من معقلها في الشيخ مقصود وحي الأشرفية الكائنتين في شمال مدينة حلب، باتجاه منطقتي بني زيد والسكن الشبابي المحاذيتين، بالتزامن مع توسيع النظام سيطرته إلى تخوم الأحياء المحاصرة.
وقال مسؤول الإعلام في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في الخارج، إبراهيم إبراهيم، لـ«الشرق الأوسط»، إن التوتر بدأ عقب سيطرة قوات الحزب على أحياء في بني زيد والسكن الشبابي، إذ سمع إطلاق نار في المنطقة، «لكن الوحدات لم تردّ، منعًا لإشغال نفسها في معركة جانبية أخرى»، مشيرًا إلى أن إطلاق النار «اتسع إلى القصف المدفعي الذي استهدف أحياء في بني زيد، السبت، ومنطقة السكن الشبابي، الأحد، انطلاقًا من منطقة جمعية الزهراء الخاضعة لسيطرة النظام، بالتزامن مع قصف على الشيخ مقصود من جهة دوار الجندول في شمال شرقي الشيخ مقصود، انطلاقًا من مواقع قوات المعارضة السورية». وأشار إلى أن 25 قذيفة انطلقت من الجهتين خلال 3 أيام «أسفرت عن تدمير 8 منازل في الشيخ مقصود والسكن الشبابي وبني زيد».
وأثار هذا التوتر المحدود جملة من الأسئلة، وسط اتهامات من قبل المعارضة لقوات وحدات حماية الشعب بالتنسيق مع النظام، حيث اعتبرت مصادر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن التوتر الذي وقع «هو بمثابة رسالة تضليل للإعلام مفادها أن الطرفين لا ينسقان ويتصارعان أيضًا»، فيما رجحت مصادر أخرى أن النظام «يوجه رسالة للأكراد بأن تقدمهم باتجاه أحياء غير كردية (ممنوع)، وعليهم التراجع إلى أحيائهم في الشيخ مقصود والأشرفية».
ونفى إبراهيم، أن يكون هناك أي تنسيق مع النظام، قائلاً إن وجود خصم مشترك «لا يعني أن هناك تنسيقًا»، مؤكدًا أن التقدم الذي تم إحرازه «استفادت به قوات حماية الشعب الكردية من هجمات النظام، بهدف تحقيق سيطرة تؤمن مناطق الشيخ مقصود التي تعرضت في وقت سابق لقصف عنيف من المعارضة، وأسفر ذلك عن وقوع قتلى». وإذ أشار إلى أن الضرورات الميدانية أحيانًا «تفرض السكوت وتأجيل الردّ»، جدد نفيه أي تنسيق مع النظام في حلب، حتى لو كان تنسيقًا موضعيًا وغير استراتيجي، لافتًا إلى أن «تنامي وحدات حماية الشعب، بدأ يقلق النظام الذي يحاول بشتى السبل منعها»، وأن النظام «لا يساعد الوحدات التي تتلقى مساعدات من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب».
ونقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن مصادر متقاطعة، أن التوتر الذي جرى بين الطرفين «سببه استفزازات ومشاحنات ومشادات، على خلفية إغلاق قوات النظام معبر الجزيرة الإنساني، ومنع خروج الجرحى أو سحب جثامين المقاتلين إلى مناطق سيطرة الوحدات الكردية، بعد ما قالت مصادر إن ذلك بسبب رفض الوحدات الكردية لمطالبات النظام له بالانسحاب من تمركزات في حيي السكن الشبابي والأشرفية»، مشيرًا إلى أن التوتر «يسود المنطقة وسط حذر من الأهالي حول ما ستؤول إليه تطورات الأمور».
وقال طلال سلو، الناطق الرسمي باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، في تعليق له في صفحته بموقع «فيسبوك»: «بعد 4 سنوات، النظام طبل وزمر واحتفل بتحرير جزء من حي بني زيد، وظن نفسه منتصرًا ويحاول استغلال هذا الانتصار المضحك المبكي بمتابعة القتال ضد قواتنا هناك»، مضيفًا: «يبدو أنه (النظام) يعيش بالأحلام، للتحذير والتذكير، هناك مثل يقول ما كل الطير يؤكل لحمه، فما بالك بأسودنا ولبؤاتنا! لا تحاولوا اختبار قوتنا، واستفزازنا، وقد أعذر من أنذر».
وتأتي تلك المناوشات في ظل حصار مطبق فرضته قوات النظام على أحياء حلب الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة، وسط مسعيين يجري العمل عليهما، أولهما انطلاقة عملية عسكرية من الريف الجنوبي لمدينة حلب يقودها «جيش الفتح»، لفتح ممر بديل من جهة الراموسة، بموازاة مسعى للتواصل مع الأكراد، بغرض فتح قنوات تهريب من مناطق سيطرتهم باتجاه مناطق حلب المحاصرة، بالنظر إلى «روابط الدم والقربى والمعرفة بين المدنيين الذين يسكنون المنطقتين المحاذيتين»، بحسب ما قال مصدر كردي لـ«الشرق الأوسط».
كما جاءت المناوشات غداة إعلان النظام السوري أن أكثر من 150 مدنيًا، معظمهم نساء وأطفال، غادروا المناطق الشرقية المحاصرة في حلب يوم السبت عبر منطقة آمنة، قالت موسكو وحلفاؤها في سوريا إنهم أقاموها لإجلاء المحاصرين في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن 169 مدنيًا غادروا المناطق المحاصرة منذ يوم الخميس عبر 3 ممرات آمنة. وقالت الوزارة أيضًا في بيان إن 69 من مقاتلي المعارضة سلموا أنفسهم للجيش.
وفيما شككت المعارضة بالرواية، تواصل القصف الجوي على مناطق في مدينة حلب، إذ أفاد المرصد السوري بأن الطائرات الحربية قصفت أماكن في منطقة ضهرة عبد ربه وأطراف حي جمعية الزهراء بمدينة حلب.
صدامات بين النظام والأكراد بعد السيطرة على قسم من حلب
«جيش الفتح» يحضر لمعركة فك الحصار تنطلق من ريف حلب الغربي

موظف يتفحص الأضرار التي طالت مستشفى في ريف حلب والمدعوم من منظمة كير الطبية، بعد غارة من الطيران أول من أمس (رويترز)
صدامات بين النظام والأكراد بعد السيطرة على قسم من حلب

موظف يتفحص الأضرار التي طالت مستشفى في ريف حلب والمدعوم من منظمة كير الطبية، بعد غارة من الطيران أول من أمس (رويترز)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة