«الحزب السوري القومي» يوسع رقعة مشاركته في القتال مع نظام الأسد

مقاتلوه يشاركون في معارك كسب.. وأعدادهم لا تتجاوز المئات

«الحزب السوري القومي» يوسع رقعة مشاركته في القتال مع نظام الأسد
TT

«الحزب السوري القومي» يوسع رقعة مشاركته في القتال مع نظام الأسد

«الحزب السوري القومي» يوسع رقعة مشاركته في القتال مع نظام الأسد

كشف «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن مشاركة مقاتلين ينتمون إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي في القتال إلى جانب النظام السوري ضمن وحدات «الدفاع الوطني». وأشار مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «مشاركة هذا الحزب في المعارك المندلعة في سوريا تهدف إلى إعطاء طابع علماني للصراع وتصويره على أنه نزاع بين مشروعين؛ علماني قومي من جهة، وإسلامي متشدد من جهة أخرى».
وكان الحزب السوري القومي الاجتماعي بجناحيه اللبناني والسوري، قد أعلن مشاركته في الحرب السورية إلى جانب النظام، وكان قد شيع أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي أحد مقاتليه ويدعى محمد علي عواد، وذلك «أثناء قيامه بواجبه القومي في مواجهة الإرهاب والتطرف» في سوريا، بحسب بيان رسمي صدر عن الحزب، في حين ذكرت مواقع إخبارية مقربة من المعارضة السورية أن «عواد قتل خلال معارك مع الجيش الحر في حي باب هود بمدينة حمص».
وبحسب «المرصد السوري» فإن «وجود مقاتلي الحزب القومي يتركز في المناطق ذات الغالبية المسيحية، حيث قاتلوا في معارك معلولا بريف دمشق، وكذلك في منطقة صدد بريف حمص، إضافة إلى انتشارهم قرب جرمانا». ويؤكد مدير المرصد أن «معظم مقاتلي الحزب من غير المدربين ولا يملكون مهارات عسكرية، مما يعني أن وجودهم لا يضيف شيئا على الواقع الميداني لصالح النظام، خصوصا أن أعدادهم لا تتجاوز المئات».
ويعد الحزب القومي الذي يؤمن بإقامة «سوريا الكبرى» الممتدة من سيناء إلى إيران، من أقدم الأحزاب السياسية في سوريا ويمتلك حاليا نحو «24 متنفذية» (مركزا) تنتشر في معظم المدن السورية. ويقاتل القوميون في سوريا عبر تشكيلات حزبية مسلحة، بحسب ما يؤكد قياديون في الحزب. ويتبنى الحزب في خطابه الرسمي رواية النظام السوري حول وجود إرهابيين في سوريا تجب محاربتهم، بينما يتهمه ناشطون معارضون باستغلال مخاوف الأقليتين العلوية والمسيحية لتجنيد أبنائهم في الحرب التي يشنها النظام ضد كتائب المعارضة. وما يعزز رواية الناشطين أن معظم القتلى الذين يسقطون للحزب يتبعون هاتين الأقليتين، وآخرهم جود مخول، المسيحي الذي قتل في معارك ريف اللاذقية.
وينشر الحزب السوري القومي الاجتماعي بشكل شبه يومي عبر صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك» صورا لمقاتليه المنخرطين في الصراع السوري، وتبين إحدى هذه الصور مقاتلا يضع على كتفه شارة الحزب القومي وهو متمركز وراء رشاش حربي قرب مدينة كسب التي تشهد حاليا معارك طاحنة بين كتائب المعارضة والقوات النظامية المدعومة بعناصر من «الدفاع الوطني».
ويقول ناشطون في مدينة اللاذقية إن «الحزب يجند عناصر تابعين له لدعم النظام في معارك الريف»، مشيرين إلى تحول «عدد من مراكزه إلى ثكنات عسكرية». كما سبق للحزب أن نشر صورا تظهر احتفالات لعناصره في منطقة صدد بريف حمص بعد مشاركتهم في طرد مقاتلي المعارضة منها إلى جانب القوات النظامية.
ويلاقي الحزب القومي في خطوة تدخله في الصراع السوري إلى جانب النظام، حليفه حزب الله الذي سبق له أن أعلن على لسان أمينه العام حسن نصر الله مشاركته العسكرية بالصراع في سوريا. وفي حين يستخدم الأخير عبارة «الواجب الجهادي» لتبرير قتال عناصره في سوريا، بدأ القومي باعتماد عبارة «الواجب القومي» في بيانات نعيه لمقاتليه الذين يسقطون في المعارك السورية.
وإضافة إلى «القومي» وحزب الله، يشير مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مقاتلين يتبعون أحزابا قومية ناصرية مصرية يحاربون أيضا إلى جانب النظام، مبررين ذلك بمحاربة الإمبريالية العالمية»، موضحا أن «النظام السوري لا يستفيد من قتال القوميين السوريين أو القوميين العرب من الناحية الميدانية، وإنما من الناحية الرمزية، حيث يمنحون روايته عن وجود إرهابيين مزيدا من الدعم والصدقية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.