مرت 50 عامًا على ذلك اليوم المجيد في تاريخ كرة القدم الإنجليزية، وهناك من يتخوف من أن يطول انتظار المنتخب الإنجليزي أكثر من هذا بكثير، قبل أن يصبح مجددًا بطلاً للعالم. ففي مثل يوم أمس (30 يوليو «تموز») ولكن عام 1966، اتحدت الأمة بصورة لم تشهدها كثيرًا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما فاز المنتخب الإنجليزي بقيادة المدرب ألف رامزي على ملعب «ويمبلي» بلندن (4 - 2) على ألمانيا الغربية في الوقت الإضافي، ليفوز بكأس العالم للمرة الأولى والوحيدة حتى الآن.
وبمرور السنين أصبح هذا الحدث الكروي جزءًا أصيلاً من الثقافة الشعبية البريطانية، وهو ما يتجسد في كتاب صدر في العام الماضي تحت عنوان «1966: عام الإنجاز». وفي إطار الاحتفال بهذه الذكرى أفردت وسائل إعلام بريطانية مساحة كبيرة لإحياء ذكرى هذا الفوز، بينما خصصت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) نحو 12 ساعة من البث الإذاعي لهذه المناسبة أيضًا. وشمل هذا السماح لجماهير كرة القدم بمداخلات هاتفية على مدار 90 دقيقة، للتعليق على الوضع الراهن والسابق للمنتخب الإنجليزي.
وأصبح سام ألاردايس المدرب رقم 12 الذي يتولى مسؤولية المنتخب بعقد طويل الأمد منذ أقيل رامزي في 1974. وحققت إنجلترا أفضل نتيجة منذ ذلك الحين بالخسارة بركلات الترجيح في قبل نهائي كأس العالم 1990، بقيادة المدرب بوبي روبسون والخروج من نفس الدور في بطولة أوروبا 1996، بقيادة تيري فينابلز. وثأر المنتخب الألماني وبقوة من خسارته في 1966 بفوزه بهذين اللقاءين ليحقق لقبي البطولتين. وفي آخر بطولتين فازت إنجلترا بقيادة روي هودغسون بمباراة واحدة فقط من أصل 7 إجمالاً، وقدم المنتخب الإنجليزي في كأس العالم 2014 أسوأ مستوياته في مشاركاته في البطولة.
وكان الخروج من بطولة أوروبا 2016 على يد آيسلندا مخجلاً بصورة خاصة، وهو ما ألقى بظلال من الشك على تصريح الرئيس السابق للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم غريغ دايك، الذي قال قبل 3 سنوات إن الهدف هو الفوز بكأس العالم 2022.
وقال دايك قبل مدة قصيرة: «كنا نستحق الفوز ببطولة في آخر 50 عامًا. ولم نحقق ذلك. ولكننا سنفوز خلال 50 عامًا مقبلة، وأتمنى أن يكون قبل ذلك بكثير». وعبر آخرون عن عدم اقتناعهم بما قاله دايك. وقال المهاجم السابق آلان شيرار لـ«بي بي سي»: «الدوري الإنجليزي الممتاز يعمي بصيرتنا». وقال: «نعتقد بأنه الأفضل في العالم على مستوى الموهبة. هذا ليس صحيحًا. ونعتمد بالكامل في ذلك على لاعبين ومدربين أجانب من أجل الإثارة. لسنا جيدين كما نعتقد».
وليس غريبًا في هذه الظروف أن تزداد شهرة اللاعبين الذين حققوا إنجاز 1966 بمرور السنين، ومع كل إخفاق دولي جديد. ويعاني عدد من عناصر هذا الفريق الذين لا يزالون على قيد الحياة من المرض، مما يضفي مزيدًا من المشاعر على ذكريات فوزهم بكأس العالم. ولا يزال 9 منهم على قيد الحياة، ولكن أكثر من 6 منهم يعانون إما من السرطان أو فقدان الذاكرة. وتوفي القائد بوبي مور جراء إصابته بالسرطان في 1993 عن 51 عامًا، ولحق به المدرب رامزي في 1999، ثم لاعب الوسط آلان بول بعد 8 سنوات. وقال الحارس جوردون بانكس هذا العام: «كفريق لا تزال تربطنا صداقة رائعة وما زلنا على اتصال.. ولكن تزداد صعوبة اللقاء مع بعضهم الآن، لأنهم ليسوا بحالة جيدة». وعزاؤهم هو أن لهم مكانًا فريدًا في تاريخ الرياضة الإنجليزية.
من جهة أخرى، أعلن اتحاد كرة القدم في أذربيجان في وقت سابق أنه سيعرض في أحد المتاحف، الصافرة الذهبية التي أهديت لحامل الراية الذي تسبب في احتساب هدف مثير للجدل في نهائي كأس العالم 1966، التي أقيمت بإنجلترا. وشكل هدفها الثالث الذي سجل في الوقت الإضافي لتلك المباراة نقطة بارزة في سجلات التاريخ. فقد سدد جوف هيرست كرة اصطدمت بالعارضة ثم اصطدمت بالأرض عند خط المرمى، وقد أشار حامل الراية توفيق باهراموف، من الاتحاد السوفياتي حينذاك، الذي حمل بعدها جنسية أذربيجان، إلى أن الكرة تجاوزت خط المرمى.
ويتفق أغلب الخبراء على أن الكرة لم تتجاوز خط المرمى بأكمله، في حين أن الجماهير الإنجليزية لا تزال مقتنعة بأن الهدف كان صحيحًا. وجرى تكريم باهراموف وباقي أفراد الطاقم التحكيمي عقب المباراة من قبل الملكة إليزابيث الثانية، وأهديت إليه صافرة ذهبية حينذاك. وقال إلشاد ناصروف نائب رئيس اتحاد الكرة في أذربيجان: «الصافرة الذهبية الخاصة بالنهائي التي منحتها الملكة لباهراموف موجودة». وأضاف أنه سيجرى عرضها قريبًا في متحف كرة قدم في العاصمة باكو. وأضاف: «لحين عرضها (في المتحف)، ستظل الصافرة محفوظة في واحد من أكثر البنوك أمانًا في أذربيجان». وجرى إطلاق اسم باهراموف، الذي توفي عام 1993، على الاستاد الرئيسي في العاصمة باكو، كما أقيم له تمثال أمام الاستاد.
وهكذا لم تستطع حتى الملكة إليزابيث الثانية ضبط فرحتها في 30 يوليو 1966 عندما تمكنت إنجلترا، أم كرة القدم الحديثة، من الفوز للمرة الأولى والوحيدة حتى الآن بكأس العالم لكرة القدم، وبينما كانت أجواء الاحتفال تعم ملعب ويمبلي ويجري الآلاف في الشوارع مبتهجين بالفوز، كان هناك رجل بقي هادئًا وسط هذا الصخب، ولو ظاهريًا على الأقل. ألف رامزي العقل المخطط لأكبر انتصار رياضي إنجليزي، ابتسم بود وبقي جالسًا على المقعد بهدوء. جرى تعيين رامزي مدربًا لمنتخب إنجلترا بعد تمكنه من إيصال هواة فريق إيبسويتش تاون من دوري الدرجة الثالثة لجنوب إنجلترا إلى بطولة الدوري الممتاز خلال 7 سنوات (1955 - 1962) تولى تدريبه فيها.
عندما تولى تدريب المنتخب الإنجليزي عام 1963 أعلن بجرأة غير معهودة منه: «سنفوز بكأس العالم». احترمت الصحافة الإنجليزية اللاذعة رامزي، ولكنه لم يكن محبوبًا لديها. بعد الهزيمة (2 - 5) أمام فرنسا ضمن تصفيات كأس أمم أوروبا، ثارت ضجة كبيرة في عالم الصحافة. رامزي الذي سبق له أن شارك في 32 مباراة دولية مع المنتخب الإنجليزي، ولعب في صفوف ساوثاهامبتون وتوتنهام هوتسبير لم يتأثر بكل هذا، وأقدم على مخاطرة من خلال التضحية بمهاجمي الجناحين اللذين كانا حتى تلك اللحظة العلامة المميزة للكرة الإنجليزية. كان رامزي صاحب فكرة التشكيلة الإنجليزية المعروفة (4 - 4 - 2)، التي أطلقت عليها في ذلك الحين تسمية «عجائب بلا أجنحة».
إنجلترا تحتفل بمرور نصف قرن على إنجازها الوحيد
الخوف يتزايد من أن يطول انتظارها كثيرا قبل أن تصبح مجددًا بطلة للعالم
إنجلترا تحتفل بمرور نصف قرن على إنجازها الوحيد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة