بعد سجال وجدل استمر سنوات صوت البرلمان العراقي أمس على قانون حظر حزب البعث الذي كان أقره الدستور العراقي (عام 2005) بموجب المادة السابعة منه التي بقيت من دون قانون. ويعد قانون حظر أو تجريم البعث أحد القوانين الخلافية طوال السنوات الماضية بسبب عدم التوافق على مجموعة من القوانين التي يطلق عليها قوانين العدالة الانتقالية ومن بينها المساءلة والعدالة والعفو العام.
وبموجب التصويت فإن الحظر لم يشمل حزب البعث فقط وإنما شمل الكيانات المنحلة والأحزاب والأنشطة العنصرية والإرهابية والتكفيرية وهو ما يفتح الباب أمام تأويلات متباينة قد تكون لها آثار سلبية مثلما يرى تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان). وكان تحالف القوى العراقية انسحب من الجلسة بسبب ما عده مماطلة مقصودة فيما يتعلق بقانون المساءلة والعدالة وكذلك قانون العفو العام لكن تعهد التحالف الوطني بإدراج كلا القانونين للتصويت خلال جلسة البرلمان الأسبوع المقبل بعد قراءتهما قراءة ثانية أدى إلى عدول تحالف القوى العراقية عن الانسحاب الأمر الذي أدى إلى اكتمال النصاب القانوني وتمرير القانون بالأغلبية.
وفي هذا السياق أعلن عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية محمد الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تحالف القوى صوت على هذا القانون مقابل التصويت على القوانين النظيرة الأخرى والمعطلة منذ سنوات مثل المساءلة والعدالة الذي يجب أن يتحول إلى ملف قضائي ويحصر بأسماء معينة وبوقت محدد ودون إضافات وكذلك قانون العفو العام». وأضاف الكربولي أن «الكثير من نواب تحالف القوى لم يصوتوا على القانون وهو جزء من حريتهم الشخصية لكن التحالف ككتلة برلمانية صوت لأنه لم يكن يعترض منذ البداية على حظر أي فكر طائفي ومتطرف يمكن أن يهدد المجتمع والسلم الأهلي وهو ما سنعمل عليه لأن التركيز على حزب البعث كفكر وكنهج أمر لم يعد عمليا لأن البعث انتهى وظهرت أفكار وآيديولوجيات خطيرة جدا وهي لا تنتمي إلى مكون واحد بل كل المكونات مما يجعل عملية التصدي لها مسألة في غاية الأهمية». وأكد الكربولي «صوتنا ككتل على هذا القانون بعد حصولنا على تعهد بالتصويت على المساءلة والعدالة وكذلك العفو العام وذلك من أجل أن نطوي هذه الصفحة من تاريخ العراق ونفتح صفحة جديدة هي صفحة التعايش السلمي والمجتمعي».
وردا على ما أعلنه قادة في التحالف الوطني الشيعي من أن الوقت قد حان لملاحقة أطراف معينة من بينها قيادات كانت جزءا من العملية السياسية ومن ثم اختلفت مع هذا الطرف أو ذاك داخل السلطة، قال الكربولي إن «هذه التصريحات تدخل في باب المزايدات السياسية وركوب الموجة من قبل بعض السياسيين ممن يريدون العودة إلى الواجهة من خلال هذه البوابة مع أن الجميع يعرف أن البعث كباب للمزايدات السياسية قد انتهى خصوصا أن المواطن العراقي بات يتحدث علنا عن أن النظام السياسي الجديد الذي تسلم السلطة بإرادة أميركية بعد عام 2003 فشل في تقديم أي بديل إيجابي عن الحقبة السابقة».
من جهتها أكدت إقبال عبد الحسين، عضو البرلمان عن حزب الدعوة - تنظيم العراق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا القانون ينطوي على أهمية ليس بوصفه خاصا بحزب البعث بل لأنه في الحقيقة أشمل وبالتالي فإن التركيز على البعث أمر غير صحيح مع أنه يجرم حزب البعث والكيانات والأفكار المتطرفة من أي مكون أو طائفة». وأضافت إن «الآليات التي سيجري العمل على تطبيقها تشمل الدرجات العليا لحزب البعث من حيث المسؤوليات والوظائف والتي كانت تحتاج إلى أن تنظم بقانون لأنها بقيت سائبة طوال أكثر من عشر سنوات من إقرار الدستور لكن ما عدا ذلك فإن ما جرى التصويت عليه أشمل من مجرد حظر للبعث الذي هو محظور أصلا بموجب المادة السابعة من الدستور»، مشيرة إلى «أننا بحاجة إلى محاربة كل أفكار التطرف الهدامة وأية ممارسات ترويجية مرتبطة بها سواء كانت من حزب البعث أو غيره».
بدوره، أكد ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي أن القانون يحاسب كل «من يروج أو يمتدح حزب البعث». وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون خلف عبد الصمد خلال مؤتمر صحافي عقده بمبنى البرلمان أمس إن «التصويت على هذا القانون فرحة لكل السجناء وكل دول العالم التي عانت من جرم هذا الحزب». وأضاف عبد الصمد، أن «هناك البعض من النواب حاول عرقلة تشريع هذا القانون وخرجوا من قاعة البرلمان»، مستدركًا بالقول: «إلا أنهم لم يؤثروا على عملية التصويت وشرع القانون بأغلبية واضحة من أصل 288 نائبا حضروا الجلسة». وأكد عبد الصمد، أن «القانون يؤكد على محاسبة كل من يروج ويمجد لحزب البعث ويمتدحه في الإعلام أو المنصات». أما المالكي نفسه فقد دعا على صفحته الشخصية في «فيسبوك» مجلس القضاء الأعلى إلى اتخاذ أقصى العقوبات بحق «كل من يعود إلى حزب البعث المقبور أو التعامل معه». وقال المالكي إن «القضاء العراقي أطلقت يداه بعد إقرار قانون حظر حزب البعث من قبل مجلس النواب».
البرلمان يحظر «البعث» بقانون بعد 13 سنة على سقوط نظامه
تحذير من «تأويلات متباينة» للقانون.. والمالكي يدعو القضاء لملاحقة المنتمين للحزب
البرلمان يحظر «البعث» بقانون بعد 13 سنة على سقوط نظامه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة