البرلمان يحظر «البعث» بقانون بعد 13 سنة على سقوط نظامه

تحذير من «تأويلات متباينة» للقانون.. والمالكي يدعو القضاء لملاحقة المنتمين للحزب

إيزيديات يتظاهرن في بايلفيلد بألمانيا أمس في ذكرى هجوم «داعش» على سنجار  (إ.ب.أ)
إيزيديات يتظاهرن في بايلفيلد بألمانيا أمس في ذكرى هجوم «داعش» على سنجار (إ.ب.أ)
TT

البرلمان يحظر «البعث» بقانون بعد 13 سنة على سقوط نظامه

إيزيديات يتظاهرن في بايلفيلد بألمانيا أمس في ذكرى هجوم «داعش» على سنجار  (إ.ب.أ)
إيزيديات يتظاهرن في بايلفيلد بألمانيا أمس في ذكرى هجوم «داعش» على سنجار (إ.ب.أ)

بعد سجال وجدل استمر سنوات صوت البرلمان العراقي أمس على قانون حظر حزب البعث الذي كان أقره الدستور العراقي (عام 2005) بموجب المادة السابعة منه التي بقيت من دون قانون. ويعد قانون حظر أو تجريم البعث أحد القوانين الخلافية طوال السنوات الماضية بسبب عدم التوافق على مجموعة من القوانين التي يطلق عليها قوانين العدالة الانتقالية ومن بينها المساءلة والعدالة والعفو العام.
وبموجب التصويت فإن الحظر لم يشمل حزب البعث فقط وإنما شمل الكيانات المنحلة والأحزاب والأنشطة العنصرية والإرهابية والتكفيرية وهو ما يفتح الباب أمام تأويلات متباينة قد تكون لها آثار سلبية مثلما يرى تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان). وكان تحالف القوى العراقية انسحب من الجلسة بسبب ما عده مماطلة مقصودة فيما يتعلق بقانون المساءلة والعدالة وكذلك قانون العفو العام لكن تعهد التحالف الوطني بإدراج كلا القانونين للتصويت خلال جلسة البرلمان الأسبوع المقبل بعد قراءتهما قراءة ثانية أدى إلى عدول تحالف القوى العراقية عن الانسحاب الأمر الذي أدى إلى اكتمال النصاب القانوني وتمرير القانون بالأغلبية.
وفي هذا السياق أعلن عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية محمد الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تحالف القوى صوت على هذا القانون مقابل التصويت على القوانين النظيرة الأخرى والمعطلة منذ سنوات مثل المساءلة والعدالة الذي يجب أن يتحول إلى ملف قضائي ويحصر بأسماء معينة وبوقت محدد ودون إضافات وكذلك قانون العفو العام». وأضاف الكربولي أن «الكثير من نواب تحالف القوى لم يصوتوا على القانون وهو جزء من حريتهم الشخصية لكن التحالف ككتلة برلمانية صوت لأنه لم يكن يعترض منذ البداية على حظر أي فكر طائفي ومتطرف يمكن أن يهدد المجتمع والسلم الأهلي وهو ما سنعمل عليه لأن التركيز على حزب البعث كفكر وكنهج أمر لم يعد عمليا لأن البعث انتهى وظهرت أفكار وآيديولوجيات خطيرة جدا وهي لا تنتمي إلى مكون واحد بل كل المكونات مما يجعل عملية التصدي لها مسألة في غاية الأهمية». وأكد الكربولي «صوتنا ككتل على هذا القانون بعد حصولنا على تعهد بالتصويت على المساءلة والعدالة وكذلك العفو العام وذلك من أجل أن نطوي هذه الصفحة من تاريخ العراق ونفتح صفحة جديدة هي صفحة التعايش السلمي والمجتمعي».
وردا على ما أعلنه قادة في التحالف الوطني الشيعي من أن الوقت قد حان لملاحقة أطراف معينة من بينها قيادات كانت جزءا من العملية السياسية ومن ثم اختلفت مع هذا الطرف أو ذاك داخل السلطة، قال الكربولي إن «هذه التصريحات تدخل في باب المزايدات السياسية وركوب الموجة من قبل بعض السياسيين ممن يريدون العودة إلى الواجهة من خلال هذه البوابة مع أن الجميع يعرف أن البعث كباب للمزايدات السياسية قد انتهى خصوصا أن المواطن العراقي بات يتحدث علنا عن أن النظام السياسي الجديد الذي تسلم السلطة بإرادة أميركية بعد عام 2003 فشل في تقديم أي بديل إيجابي عن الحقبة السابقة».
من جهتها أكدت إقبال عبد الحسين، عضو البرلمان عن حزب الدعوة - تنظيم العراق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا القانون ينطوي على أهمية ليس بوصفه خاصا بحزب البعث بل لأنه في الحقيقة أشمل وبالتالي فإن التركيز على البعث أمر غير صحيح مع أنه يجرم حزب البعث والكيانات والأفكار المتطرفة من أي مكون أو طائفة». وأضافت إن «الآليات التي سيجري العمل على تطبيقها تشمل الدرجات العليا لحزب البعث من حيث المسؤوليات والوظائف والتي كانت تحتاج إلى أن تنظم بقانون لأنها بقيت سائبة طوال أكثر من عشر سنوات من إقرار الدستور لكن ما عدا ذلك فإن ما جرى التصويت عليه أشمل من مجرد حظر للبعث الذي هو محظور أصلا بموجب المادة السابعة من الدستور»، مشيرة إلى «أننا بحاجة إلى محاربة كل أفكار التطرف الهدامة وأية ممارسات ترويجية مرتبطة بها سواء كانت من حزب البعث أو غيره».
بدوره، أكد ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي أن القانون يحاسب كل «من يروج أو يمتدح حزب البعث». وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون خلف عبد الصمد خلال مؤتمر صحافي عقده بمبنى البرلمان أمس إن «التصويت على هذا القانون فرحة لكل السجناء وكل دول العالم التي عانت من جرم هذا الحزب». وأضاف عبد الصمد، أن «هناك البعض من النواب حاول عرقلة تشريع هذا القانون وخرجوا من قاعة البرلمان»، مستدركًا بالقول: «إلا أنهم لم يؤثروا على عملية التصويت وشرع القانون بأغلبية واضحة من أصل 288 نائبا حضروا الجلسة». وأكد عبد الصمد، أن «القانون يؤكد على محاسبة كل من يروج ويمجد لحزب البعث ويمتدحه في الإعلام أو المنصات». أما المالكي نفسه فقد دعا على صفحته الشخصية في «فيسبوك» مجلس القضاء الأعلى إلى اتخاذ أقصى العقوبات بحق «كل من يعود إلى حزب البعث المقبور أو التعامل معه». وقال المالكي إن «القضاء العراقي أطلقت يداه بعد إقرار قانون حظر حزب البعث من قبل مجلس النواب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».