المغرب: إحباط تمرد سجناء في الدار البيضاء

حريق متعمد تسبب في خسائر مادية كبيرة.. وإتلاف سجلات المعتقلين

أقارب السجناء خارج سجن عكاشة بالدار البيضاء بعد إحباط التمرد (أ.ف.ب)
أقارب السجناء خارج سجن عكاشة بالدار البيضاء بعد إحباط التمرد (أ.ف.ب)
TT

المغرب: إحباط تمرد سجناء في الدار البيضاء

أقارب السجناء خارج سجن عكاشة بالدار البيضاء بعد إحباط التمرد (أ.ف.ب)
أقارب السجناء خارج سجن عكاشة بالدار البيضاء بعد إحباط التمرد (أ.ف.ب)

تسبب حريق متعمد وأعمال شغب وتمرد، قام بها نزلاء أحد مراكز الإصلاح في مدينة الدار البيضاء المغربية في إصابة تسعة سجناء باختناقات، كما أصيب بجروح خفيفة 11 عنصرا من قوات الأمن، ثلاثة من أفراد الوقاية المدنية، بالإضافة إلى إصابة خمسة من موظفي السجن، كما تسبب الحريق في أضرار مادية كبيرة.
وعرف مركز الإصلاح والتهذيب «عين السبع» بالدار البيضاء، والمعروف بسجن «عكاشة» الليلة قبل الماضية أحداث شغب وتمرد من طرف نزلاء هذه المؤسسة. وكشفت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أنه اتضح من خلال المعطيات الميدانية الأولية أن هذه الأحداث تمت وفق مخطط مدروس، وضعه ونفذه متزعمو هذه الحركة: «إذ عمدوا إلى إحراق بعض الأفرشة من أجل إحداث دخان، والعمل على دفع الموظفين إلى التدخل بهدف مهاجمتهم والخروج إلى خارج المعقل، كما حاولوا فتح الباب الخشبي لمكان إيداع الأسلحة، إلا أنهم فشلوا في الوصول إليها بعد أن عجزهم عن كسر الشبكة الحديدية للباب. وبعد خروجهم إلى خارج المعقل، قام هؤلاء السجناء بإضرام النار وتكسير حافلة لنقل السجناء، ورشق بعض الموظفين الذين أصيبوا بجروح خفيفة».
وتم إخبار النيابة العامة المختصة والسلطات المحلية والأمنية، الذين حضروا إلى عين المكان، في الوقت الذي قامت فيه القوات العمومية بتطويق المؤسسة، وتدخل عدد منهم داخل المعقل، حيث قاموا بإخراج مجموعات من السجناء إلى الساحة من أجل إخلاء المعقل، إلى حين إحكام السيطرة على المتسببين في أعمال الشغب بالداخل.
وتمكنت عناصر القوات العمومية، مدعومة بالموظفين القادمين من المؤسسات المجاورة، وبإشراف عدد من المسؤولين بالإدارة المركزية للمندوبية العامة، من السيطرة على الوضع وتهدئته، وإحلال النظام واستتباب الأمن بالمؤسسة.
وأشارت المندوبية إلى أن لجنة مركزية للبحث والتقصي تجري بحثا دقيقا وشاملا من أجل تحديد العناصر، الذين كانوا وراء هذه الأحداث المخطط لها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حقهم وتقديمهم إلى العدالة.
وأوضحت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أمس الجمعة، أن أعمال الشغب التي قام بها نزلاء مركز الإصلاح والتهذيب تسببت في خسائر مادية كبيرة، وإصابات في صفوف الموظفين وعناصر القوات العمومية، مشيرة إلى أن الخسائر المادية التي عرفها المركز شملت المصالح الإدارية للمؤسسة، حيث تم إتلاف جميع المكاتب والتجهيزات، باستثناء مكتب المقتصد، بما في ذلك المستندات الخاصة بتسيير الموظفين، وسجلات الاعتقال والملفات الجنائية للسجناء، ومكتب الرعاية الصحية، والتجهيزات والملفات الطبية والأدوية، بالإضافة إلى إتلاف شبكة الاتصالات السلكية.
وأضافت موضحة أنه تم إتلاف تجهيزات مكافحة الحرائق، والهواتف الثابتة، والعشرات من أجهزة التلفزيون الموجودة بالزنازين، والتجهيزات الكهربائية، والمعدات الرياضية، والأفرشة والأغطية، كما تم إضرام النار في خمس غرف بأحد أحياء المؤسسة. وشملت أعمال التخريب أيضا، يضيف المصدر ذاته، المكاتب والتجهيزات الخاصة بمصلحة التهييء لإعادة الإدماج التابعة لمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، بما في ذلك الكتب والآلات الموسيقية والمكتبة الرقمية، والمعدات الرياضية والملفات الاجتماعية للنزلاء، وكذا الأقسام الخاصة بالتعليم.
وتسببت أعمال الشغب أيضا في إلحاق أضرار كبيرة بالباب الرئيسي للمؤسسة وبكل التجهيزات الخاصة بالمراقبة الإلكترونية من كاميرات، وغيرها وبحظيرة السيارات الخاصة بالمؤسسة، إذ تم الإحراق التام لحافلة وسيارة لنقل السجناء، وتدمير سيارة الإسعاف وسيارات المصلحة والدراجات النارية الخاصة بالموظفين، بالإضافة إلى شاحنة تابعة للوقاية المدنية، وسيارات خاصة كانت داخل المؤسسة.
وأكدت إدارة السجن أنه تم أيضا تسجيل بعض الإصابات في صفوف الموظفين وعناصر القوات العمومية في إطار التدخل الذي قاموا به لاحتواء الوضع، وإحلال النظام والأمن بالمؤسسة، ويتعلق الأمر بخمسة عناصر من رجال الشرطة، وثلاثة من الوقاية المدنية، وستة من القوات المساعدة وخمسة من موظفي السجن. كما أصيب تسعة سجناء باختناقات نقلوا على إثرها إلى المستشفى، حيث قدمت لهم الإسعافات ولم يبق منهم به إلا شخص واحد.
وبالنظر إلى حجم التخريب الذي طال مختلف التجهيزات والبنيات ومصالح المؤسسة؛ وبالأخص الغرف التي أضرم بها النار، أوضحت المندوبية العامة لإدارة السجون أنها عمدت إلى نقل مجموعة من السجناء إلى مؤسسة أخرى، كما فتحت إدارة المؤسسة، بإشراف مباشر من المسؤولين بالإدارة المركزية بعين المكان، قنوات التواصل المباشر مع أفراد الأسر الذين حضروا للاطمئنان على أقربائهم من السجناء، ونظمت زيارة مفتوحة ليتمكنوا من الاطمئنان عليهم. وأكدت المندوبية أنها ستقوم ببحث إداري بمجرد استتباب النظام والأمن بالمؤسسة لمعرفة أسباب هذه الأحداث، وترتيب الإجراءات الإدارية الضرورية، في الوقت الذي ستقوم فيه السلطات القضائية المختصة بإجراء بحث قضائي في الموضوع.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».