على الأقل كان هناك شيء واحد واضح الأسبوع الماضي، مع معاقبة اللجنة الأولمبية الدولية غالبية الرياضيين الروس المشاركين في دورة ريو الأولمبية: لا تريد اللجنة – أو لا تثق – بروسيا فيما يتعلق باستضافة الأحداث الرياضية الدولية الكبرى. وفي بيان اتسم بالقوة أحيانا، لكنه عجز مع هذا عن الوصول إلى سقف الحظر الأولمبي الكامل، حذرت اللجنة: «لن تنظم اللجنة الأولمبية الدولية أو تسبغ رعايتها على أي حدث أو تنظيم رياضي في روسيا. ويشمل هذا خطط دورة الألعاب الأوروبية التي تنظمها اللجان الأولمبية الأوروبية».
وذهب البيان لأبعد من هذا، فنتيجة لاكتشاف تورط روسيا في أعمال غش فيما يتعلق بنظام المنشطات في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي بروسيا في 2014، ستكون كل الألعاب الأولمبية الدولية الشتوية مطالبة بـ«تجميد استعداداتها للأحداث الرياضية الكبرى في روسيا، مثل البطولات العالمية ومسابقات الكؤوس العالمية، وأن تنشط في البحث عن منظمين بدلاء».
مهلا للحظة، إنها اللجنة الأولمبية الدولية من ترفع صوتها، وهي منظمة تفضل أن تبحر في مياه هادئة بدلا من أن تغرق السفينة بالكامل. ومع هذا فإنها تقترح فورا أن تبحث كل البطولات الرياضية الشتوية الكبرى عن منظمين جدد.
غير أن بطولة كأس العالم 2018 لكرة القدم تظل في قبضة روسية محكمة. والسؤال الذي غدا بالتأكيد أكثر إلحاحا من أي وقت مضى هو، لماذا؟. فقبل أي شيء، من المعروف من تقرير المحامي الكندي ريتشارد ماكلارين أن الأحداث الكبرى في روسيا، بما في ذلك بطولة العالم لألعاب القوى في 2013، وكذلك بطولة سوتشي، شهدت فسادا بسبب سلوك الحكومة الروسية.
وبحسب تعبير ماكلارين، فإن وزارة الرياضة الروسية كانت هي من «وجه، وسيطر وأشرف» على التستر على العينات الإيجابية التي يجري التلاعب بها وتبديلها. لعبت أذرع أخرى للدولة، بما في ذلك جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، دورا فعالا أيضا، كما فعلت وكالة مكافحة المنشطات الروسية، التي يفترض فيها الاستقلالية. ومع هذا ففي حين أن غالبية المنظمات الرياضية استجابت لتقرير ماكلارين بالإدانة الشديدة، فقد وقف الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» ضد التيار.
في بيانه عام 2010، الذي من الممكن أن يكون قد تم استخراجه من ملفاته القديمة عندما فازت روسيا بطلب استضافة كأس العالم 2018، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم: «الفيفا على ثقة بأن اللجنة المحلية المنظمة والحكومة الروسية سيقدمون حدثا رائعا لمشجعي كرة القدم». حمل هذا الرد في أحسن الأحوال نفحة تواطؤ، وهو ما يشبه من الناحية التنظيمية، تشغيل مانع الضوضاء في سماعات الأذن في وقت يصرخ فيه الجميع قائلين: «حريق». وعلى الأقل كانت لجنة الأخلاق في الفيفا أكثر اتساقا، بقولها إنها ستطلب من الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تفاصيل عن المزاعم ضد وزير الرياضة الروسي، فيتالي موتكو، وتحذيرها من أنه «في حال كشف التقرير انتهاكات لميثاق الأخلاق بالفيفا، فإن غرفة التحقيق ستتخذ الإجراءات المناسبة».
ومع هذا فقد قال أحد الشخصيات البارزة في مجال مكافحة المنشطات، إنه يعتقد بأن الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات لديها بالفعل صلاحية المطالبة بسحب تنظيم بطولة كأس العالم من روسيا، إذا ما استمر البلد في خرق ميثاق الوكالة واستمر إيقاف مختبراتها لمكافحة المنشطات. وفي أقل الأحوال لا بد لجهة ما أن تضع خططا للطوارئ.
كما أن هناك رائحة قوية عالقة بطلب روسيا استضافة كأس العالم 2018، ولم يكن من المطمئن أنه عندما قام ميخائيل غارسيا، الرجل الذي عينته لجنة الأخلاق بالفيفا، بالتحقيق في شائعات الفساد والشكوك التي حامت حول منح روسيا وقطر حق استضافة كأسي العالم 2018 و2022، فإن اللجنة التي تقف وراء الطلب الروسي «لم تقدم سوى عدد محدود من الوثائق لمراجعتها». وكما أوضح الفيفا، فقد كان ذلك لأن «أجهزة الكومبيوتر المستخدمة في ذلك الوقت كانت مستأجرة وتمت إعادتها إلى الجهة المالكة بعد عملية الطلب، وجرى التخلص منها في نفس الوقت».
ويعد الشخص المسؤول عن طلب روسيا استضافة كأس العالم – فيتالي موتكو وهو في واقع الحال من وجوه الرياضة الروسية منذ 2008 – متورطا فعليا في تقرير ماكلارين. فقد توصل التقرير إلى مجموعة رسائل بالبريد الإلكتروني تبين أن موتكو أعطى الأمر بـ«إنقاذ» لاعب كرة قدم أجنبي موقوف كان قد أخفق في اختبار المنشطات، وهو ما يعني أنه لم يتم الإعلان عن إيجابية عينته أبدا، وكان لديه حرية الاستمرار في اللعب. ومع هذا فبينما أقيل يوري ناغورنيخ، نائب موتكو، الذي كان عضوا باللجنة الأولمبية الروسية كذلك، فقد احتفظ الوزير بمنصبه.
وليس من قبيل المفاجأة كثيرا أن يتعهد موتكو، وهو عضو باللجنة التنفيذية للفيفا، والمشرف كذلك على إدارة اتحاد كرة القدم الروسي، بالترحيب بجوزيف بلاتر وميشيل بلاتيني، اللذين يقضيان عقوبات مطولة بالإيقاف من نشاط كرة القدم، في كأس العالم 2018. كما ليس من المفاجئ كذلك أن يصف موتكو رحيل بلاتر عن الفيفا أخيرا بعد تورطه في مزاعم الفساد، بـ«القرار الشجاع، مع الحب للفيفا». وأقل ما يمكن به وصف ذلك أنه كان التفافا غريبا على الإجراءات القانونية.
وثمة نقطة أخرى، ففي الخميس الماضي أصدرت المحكمة الرياضية حكمها باستبعاد 68 من الرياضيين الروس، بعد إيقافهم من قبل الجمعية الدولية لاتحادات ألعاب القوى. بعد ذلك قررت اللجنة الأولمبية الدولية عدم إيقاف الفريق الأولمبي الروسي بالكامل. يمكن أن تكون هناك أسباب مقنعة في كل من الحالتين. وكان على المحكمة الرياضية واللجنة الأولمبية الدولية أن تقرر ما إذا كان من الإنصاف إصدار عقوبة جماعية على بلد بالكامل بسبب سلوك حكومته، ومسؤوليه الرياضيين والأمنيين، وبعض – لكن ليس الكل بالطبع – من رياضييه. لدى البعض اعتقاد وجيه بأن روسيا كلها يجب أن تدفع الثمن، بالنظر إلى سلوكها في السنوات الأخيرة. ويرى البعض الآخر أن الرياضيين الأبرياء الذين قضوا سنوات عمرهم بحثا عن المنافسة في الألعاب الأولمبية ينبغي استثناؤهم من هذا العقاب.
ولا شك في أنه عندما يتعلق الأمر بإمكانية إيقاف روسيا، فإن المواد 4.5 و4.6 من الميثاق الأولمبي تبدو واضحة تماما. حيث تحذر المادة 4.5 اللجان الأولمبية الوطنية من أنه في حين يمكنهم العمل مع الحكومات، فإن «عليهم ألا يربطوا أنفسهم بأي نشاط يتناقض مع الميثاق الأولمبي»، بينما تنص المادة 4.6 على أن على اللجان الوطنية أن «تصون استقلالها وتقاوم أي ضغوط من أي نوع، من شأنها أن تمنعهم من الالتزام بالميثاق الأولمبي». وروسيا تخفق في الأمرين كليهما.
تظل هناك ظلال رمادية هنا، تحتمل تأويلات كثيرة. غير أنه عندما يتعلق الأمر باستضافة روسيا لكأس العالم 2018، فليست هنالك أي فرصة لتعرض أبرياء للعقاب. سيسحب هذا البطولة من نفس الأشخاص وسلطات الدولة الذين تبين قيامهم بالغش والفساد والكذب والتستر، وفعلوا كل ما في سلطتهم للتعمية على ذلك. لا شك في أن كأس العالم 2018 سيمنح روسيا احتراما هائلا، وهو احترام يجب أن تحرم منه الآن بالتأكيد.
هل حان وقت حرمان روسيا من «شرف» استضافة مونديال 2018؟
بعد أن ثبت تلوث أيادي مسؤوليها بالغش والكذب والتستر والخداع على مستوى جميع الألعاب
هل حان وقت حرمان روسيا من «شرف» استضافة مونديال 2018؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة