تحقق النيابة الألمانية العامة حول شخص ثان، كشف هاتف محمد دليل الخلوي أنه اتصل به قبل وقت قصير من عملية أنسباخ الانتحارية التي جرحت 15 ألمانيا، وذكرت مصادر النيابة العامة، أمس، أنها تتحقق أيضا في صحة فيلم فيديو تركه دليل على كومبيوتره المحمول، وعلى هاتفه الجوال، يكشف فيه انتماءه إلى تنظيم داعش، ويعلن فيه ولاءه لزعيم التنظيم الإرهابي المدعو أبو بكر البغدادي.
وفيما برر وزير داخلية ولاية بافاريا يواخيم هيرمان التأخر في ترحيل محمد دليل على أساس تقارير تتحدث عن وضعه النفسي الحرج، رفض اللاجئون الذين سكنوا معه في فندق كريستل تصديق أن دليل كان مريضا نفسيا، وأنه حاول الانتحار مرتين. وقال كل من عرفه في فندق اللاجئين إنه كان مرحا وطبيعيا، وقدم نفسه على طول الخط كمواطن سوري عادي هارب من جحيم الحرب. وعاش محمد دليل في الطابق الثاني من فندق كريستل، في مدينة أوكسنفورت التي تبعد 60 كلم عن أنسباخ، وهو فندق استأجرته الدولة وحولته إلى مسكن للاجئين. وقال الباكستاني محمد مبارز (28 سنة)، الذي كان يرتبط بصداقة مع دليل، لمجلة «دير شبيغل» إنه لم يرَ دليل يوما يصلي، وأنه لم يكن مسلما متزمتا في الأحوال كافة. وأضاف مبارز أن سكان الفندق من اللاجئين أطلقوا عليه تسمية «رامبو»، ليس بسبب العنف بالتعامل مع الآخرين، وإنما بسبب بنيانه العضلي وشعره الطويل الذي يذكر بالممثل الأميركي سيلفستر ستالون. كان رجلا طبيعيا، بتقدير مبارز، يحب لبس الجينز وفانيلات البولو، ويعبر عن نفسه بالإنجليزية بشكل جيد.
وتحقق النيابة العامة في فيلم الفيديو، الذي عثر عليه المحققون في هاتفه الجوال، ما إذا كان الشخص المقنع في الفيديو، الذي يحمل اسم محمد دليل، هو محمد دليل نفسه الذي فجر نفسه قرب كونسرت للموسيقى في أنسباخ في الساعة العاشرة وعشرة دقائق من يوم السبت الماضي. ويظهر الفيلم شابا مقنعا حتى عينيه بمنديل، يعلن فيه انتماءه إلى «داعش»، ويقول إنه ينفذ العملية «باسم الله»، ويقسم الولاء فيه لأبو بكر البغدادي. ويذكر الشخص الملثم بالذات العملية الانتحارية في أنسباخ في بافاريا، ويقول إنها انتقام من الألمان لمسؤوليتهم عن قتل المسلمين. ويهدد دليل في الفيلم الألماني بالقول: «لن تعيشوا بسلام ما دمتم تحاربون (داعش)». والمعتقد، بحسب قناعة وزير داخلية بافاريا، أن محمد دليل قرر تنفيذ عمليته على عجل؛ لأنه تلقى إشعارا بترحيله قبل فترة قصيرة. وأضاف أن طالب اللجوء منذ سنة 2014 في ألمانيا تلقى الإشعار الأخير بالترحيل إلى بلغاريا قبل 12 يوما من يوم تنفيذ العملية، وينص القرار على تنفيذ الترحيل قسرا خلال 30 يوما.
في هذه الأثناء تصاعدت مطالبات المسؤولين الألمان، وخصوصا من الحزبين الديمقراطي المسيحي وشقيقه الاتحاد الاجتماعي المسيحي، بضرورة تسريع عملية ترحيل اللاجئين الذين رفضت طلبات لجوئهم، وبتشديد العقوبات ضد مرتكبي الجنايات من اللاجئين، وإعادة تدقيق كل ملفات اللاجئين الذين وفدوا إلى ألمانيا في السنوات الماضية.
وبعد اجتماع عاجل للوزارة في بافاريا، يوم أمس، اعترف رئيس الوزراء هورست زيهوفر بأن الإرهاب وصل إلى ألمانيا. وأضاف زيهوفر في مؤتمر صحافي أعقب الاجتماع أن إرهاب الإسلاميين وصل إلى ألمانيا، وأن على السياسيين التعامل مع مخاوف الجماهير بشأن الأمن والهجرة وأن كل هجوم وكل عمل إرهابي هو واحد من هجمات كثيرة جدا، بحسب تقديراته. وسبق لزيهوفر أن قال لصحيفة «ميونيخ ميركور» إنه يسعى إلى زيادة أعداد رجال الشرطة في ولاية بافاريا وتحسين تسليحهم وتجهيزهم. كما طالب في مقابلة مع صحيفة «زود دويتشة تسايتونغ» بإعادة تدقيق ملفات اللاجئين، قائلا: «لا بد أن نعرف من يقيم لدينا». وطالب زيهوفر بتشديد قانون الأسلحة وتخفيف شروط إجراءات الترحيل. وتتحدث السلطات الألمانية رسميا عن 25 مليون قطعة سلاح مجازة في ألمانيا، لكن المنظمات الإنسانية المناهضة تتحدث عد عدد مماثل من الأسلحة التي تشترى وتباع في السوق السوداء. كما سبق لدائرة اللجوء الاتحادية عن 300 ألف دخلوا ألمانيا دون أن تأخذ الشرطة بصمات أصابعهم أو أن تدقق في هوياتهم، كما سبق لوزارة الداخلية أن تحدثت عن 79 في المائة من اللاجئين السوريين الذي دخلوا ألمانيا دون وثائق ثبوتية. وأطلق أرمين شوستر، خبير الشؤون الداخلية في الحزب الديمقراطي المسيحي، أول سهامه النقدية باتجاه رئيس حزبه المستشارة آنجيلا ميركل، حينما قال إن ألمانيا تحتاج إلى «ثقافة ترحيل». وأوضح أنه يحاول صياغة سياسة نقيضة لـ«ثقافة الترحيب» باللاجئين التي أطلقتها ميركل في العام الماضي، وأدت إلى تدفق 1.1 مليون لاجئ إلى ألمانيا. أشار شوستر إلى 200 ألف قرار صادر بتسفير طالبي لجوء رفضت طلباتهم، لكن عملية التسفير تأخرت لأسباب مختلفة، وما زال هؤلاء داخل ألمانيا. وأضاف أن قرارات التسفير تتخذ، لكنها لا تنفذ، وأن التأخير في الترحيل لا يعني سوى «ترحيل» المزيد من المشكلات إلى داخل البلد.
مقابل هذه المطالب المتشددة دعا وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزيير إلى التهدئة، وقال إن «اللاجئين ليسوا ملائكة، لكنهم ليسوا شياطين أيضًا.. ولا يمكن الادعاء بأنهم أصبحوا مصدر خطر داهم». وأضاف أنه يعرف بوجود حالة من القلق بين الألمان، لكنه يعرف بأن الشعب الألماني ليس «ساذجا». ودعت منظمة «برو أزول»، التي تدافع عن حقوق اللاجئين، إلى الصبر وانتظار نتائج التحقيق قبل تعميم تهمة التطرف على كل اللاجئين. وانتقد بيرند ميسوفياتش، نائب رئيس المنظمة، تصريحات رئيس وزراء بافاريا زيهوفر بالقول إن الأخير وضع اللاجئين كافة تحت طائلة الاتهام. وأضاف قائلا إن العجلة السياسية لن تخدم أحدا. في هذه الأثناء كشف آخر استطلاع للرأي بين الألمان، أجراه معهد «أمنيد» المعروف، أن نسبة الألمان الذين يتوقعون حصول عمليات إرهابية أكثر في ألمانيا ارتفعت إلى 77 في المائة. وكانت هذه النسبة لا تزيد عن 69 في المائة قبل أسبوعين، وبلغت 56 في المائة في شهر مارس (آذار) الماضي.
الانتحاري السوري محمد دليل اتصل بشخص آخر قبل تفجير نفسه
مطالبات بتدقيق ملفات اللاجئين وتسريع تسفير المرفوض منهم
الانتحاري السوري محمد دليل اتصل بشخص آخر قبل تفجير نفسه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة