تقرير بلجيكي: الخسائر بسبب تفجيرات {مارس} بلغت مليار يورو

تراجع في قطاعات الفندقة والمطاعم وازدهار في شركات الأمن الخاص والحراسة

انتشار أمني في الميدان الكبير في العاصمة بروكسل عقب تفجيرات مارس الماضي («الشرق الأوسط»)
انتشار أمني في الميدان الكبير في العاصمة بروكسل عقب تفجيرات مارس الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

تقرير بلجيكي: الخسائر بسبب تفجيرات {مارس} بلغت مليار يورو

انتشار أمني في الميدان الكبير في العاصمة بروكسل عقب تفجيرات مارس الماضي («الشرق الأوسط»)
انتشار أمني في الميدان الكبير في العاصمة بروكسل عقب تفجيرات مارس الماضي («الشرق الأوسط»)

صدر تقرير حكومي في بلجيكا أمس يتضمن الإشارة إلى أن خسارة البلاد جراء هجمات 22 مارس (آذار) الماضي بلغت ما يقرب من مليار يورو، وجاء في التقرير الصادر عن الخدمة العامة الاتحادية للاقتصاد، وهو الأول من نوعه الذي تصدره إدارة فيدرالية حول الخسائر التي لحقت بالبلاد جراء الهجوم الإرهابي، أن حجم الخسائر المالية في قطاعات متعددة في العاصمة بروكسل قد سجل انخفاضًا قدره 122.5 مليون يورو، بينما وصلت الخسائر في شمال البلاد إلى 33 مليونًا، وفي الجنوب 20 مليونًا، وذلك خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي.
وأوضح التقرير أن مجموع الخسائر المالية في الربع الأول من العام الحالي وصل إلى 0.1 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.
من جهته، أكد وزير الاقتصاد البلجيكي كريس بيترز، أن الانخفاض في العائدات الاقتصادية في عموم بلجيكا قد بدأ يلاحظ منذ هجمات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، باعتبار أن لمرتكبيها صلات ببلجيكا.
ووصف بيترز بـ«المهم» صدور مثل هذا التقرير، فـ«هو عبارة عن دراسة موضوعية للخسائر التي حلت بالبلاد، ومعطياته تثبت وجهة نظر التجارة وأصحاب الأعمال». وحول القطاعات الأكثر تأثرًا، ذكر التقرير قطاع الفندقة والمطاعم، وحسب المعطيات، فقد «سجل هذا القطاع انخفاضًا قدره 4 في المائة في مجمل أنحاء البلاد». ونوه التقرير بأن بعض القطاعات قد سجلت انتعاشًا في أعمالها بعد الهجمات، فقد ارتفعت عائدات شركات النقل الخاص في جنوب البلاد بمقدار 12 في المائة، وذلك بسبب تقييد حركة المواصلات العامة بعد وقوع الهجمات.
وأكد التقرير أن الشركات العاملة في مجال الأمن الخاص والحراسة قد شهدت ازدهارًا ملحوظًا في الفترة الماضية، بسبب ازدياد الطلب على خدماتها، مما دفعها لتوظيف أعداد كبيرة من المنتسبين الجدد. وكانت العاصمة بروكسل قد تعرضت يوم 22 مارس الماضي لهجومين إرهابيين متتاليين طالا المطار الدولي وإحدى محطات المترو الرئيسية، مما أدى إلى مقتل العشرات وجرح المئات من المواطنين والمقيمين.
وبعد أسابيع قليلة من التفجيرات أعرب المكتب السياحي في عاصمة بلجيكا والاتحاد الأوروبي عن أمله في أن تؤدي إعادة تشغيل المطار إلى تنشيط السياحة، التي تأثرت بشكل كبير بفعل تفجيرات 22 مارس الماضي، حيث تراجعت حجوزات الفنادق بشكل لم يسبق له مثيل، كما تراجع الإقبال على المطاعم والمقاهي والمتاجر في المناطق السياحية. ورصدت «الشرق الأوسط» بعض جوانب الضرر الذي لحق بكثير من القطاعات في بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي.
وكان من الطبيعي أن تؤثر تفجيرات مارس على مجالات كثيرة، وعلى الرغم من كل الأجواء السلبية التي أعقبت التفجيرات، فإن المكتب السياحي في بروكسل، عمل على إعداد خطة لجذب السياح من جديد إلى العاصمة البلجيكية، بحسب ما قال مسؤول المكتب خيرت كوشيز في تصريحات لـ«الشرق الأوسط». وأضاف: «بعد مرور أسابيع من التفجيرات كنا نعاني من مشكلة حقيقية، عدد السياح قليل جدًا نتيجة إغلاق مطار بروكسل وبعد الهجمات الإرهابية التي أثارت مخاوف البعض، ولدينا خطة دخلت حيز التنفيذ لجذب السياح من جديد بعد إعادة فتح المطار، ويكفي أن أقول إن 20 في المائة فقط من غرف فنادق بروكسل هي المحجوزة في فترة ما بعد التفجيرات بأسابيع، وهو أمر لم يحدث من قبل، كما أن هناك تأجيلات كثيرة للأفواج السياحية».
وفي رد على سؤال حول خطة عمل للمرحلة المقبلة، قال المسؤول البلجيكي: «سنعمل على إظهار أن الحياة عادت إلى طبيعتها، وذلك من خلال أنشطة واحتفالات، وخصوصًا بعد أن عاد العمل بشكل جزئي للمطار، وأيضًا في المدارس والمطاعم والمحلات والمتاحف، وسنقول للجميع إن بروكسل لا توجد بها مخاطر، وإن الجميع مرحب به في بروكسل من جديد». ويوضح المسؤول السياحي أن الخطة تتضمن عددًا من الخطوات، منها ما يتعلق بالجانب الدعائي وتصحيح الصورة، وخصوصًا أن البعض قد تأثر منذ تفجيرات باريس واعتقدوا بأن الوضع في بروكسل خطر، ولكن عادت الأمور بعد فترة إلى الانتعاش، و«شهدنا إقبالاً في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، ولكن في مارس وقعت التفجيرات في بروكسل، وعلينا الآن العمل من جديد لتوضيح الصورة، وأن نظهر للجميع أن الحياة عادت إلى طبيعتها في العاصمة البلجيكية، وأنها مستعدة لاستقبال السياح».
ويمكن القول إن الإقبال على المطاعم والمقاهي وحتى المتاجر القريبة من الأماكن السياحية في بروكسل انخفض بشكل كبير، ويقول أصحابها إن السياحة تراجعت في بروكسل عقب تفجيرات باريس وتفاقمت عقب تفجيرات بروكسل، مما جعل البعض يستغني عن عمال أو حتى إغلاق الأبواب. وتجولت «الشرق الأوسط» في بعض الشوارع القريبة من المناطق السياحية في بروكسل، ولوحظ ضعف الإقبال، وتحدثنا إلى بعض منهم. وقال صاحب مطعم وناشط في مجال تنظيم الحفلات إنه جرى خلال الفترة الأخيرة إلغاء تنظيم حفلات مع فنادق في بروكسل. وآخر تحدث عن الاستغناء عن عمال وإغلاق لفترة من الوقت.
ولتوضيح الأمور يقول رضوان بشيري، صاحب مؤسسة ناشطة في مجال تنظيم الحفلات بالتعاون مع الفنادق والمطاعم في بروكسل، إن الإقبال الضعيف عقب وقوع التفجيرات أثر على الجميع، سواء من البلجيكيين أو العرب، لأن هناك عددًا كبيرًا من أبناء الجالية المسلمة والعربية يعمل في مجال المطاعم والفنادق، وكان الضرر قد وقع عقب تفجيرات باريس في نوفمبر الماضي، والضرر كان أكبر عقب تفجيرات بروكسل.
ويقول محمود الجمل، وهو مصري وصاحب مطعم في منطقة قريبة من «الميدان الكبير»، أحد أشهر المزارات السياحية: «نحن نمر بظروف صعبة للغاية، فقد سبق أن تضررنا عقب أحداث باريس، وطلبوا منا إغلاق المطاعم والمقاهي لفترة من الوقت، والآن تضررنا بشكل أكبر وطردنا نصف العمال لتوفير الأجور، ونعمل بأنفسنا كأصحاب مطاعم لتسيير الأمور مؤقتًا، وخصوصًا أن العمل تناقص إلى أقل من الربع نتيجة للأحداث المؤسفة التي وقعت، والتي أثرت على الجميع، وجعلتنا جميعًا سواء من البلجيكيين أو العرب نخشى من وقوع تفجيرات جديدة، وهي لا تفرق بين جنسية وأخرى».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».