استخف اللواء عدنان الضميري، الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بشكوى تقدمت بها مؤسسة حقوقية ضد الأجهزة الأمنية الفلسطينية أمام محكمة الجنايات الدولية، قائلا إنها عبارة عن «بروباغندا إعلامية».
وأضاف الضميري لـ«الشرق الأوسط»: «لا أثر قانونيا لهذه الشكوى السياسية».
وكانت منظمة حقوقية تدعى «المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا»، أعلنت أمس أنها تقدمت بشكوى إلى مكتب النائب العام في المحكمة الجنائية الدولية، حول ما وصفته بـ«الاعتقال التعسفي والتعذيب الممنهج الذي تمارسه أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية».
وتعد هذه الشكوى الأولى من نوعها ضد السلطة التي انضمت أخيرا إلى «الجنائية الدولية»، متحدية رفض الولايات المتحدة وإسرائيل خطوتها، في محاولة لمحاكمة إسرائيل على ما ارتكبته من جرائم في الأراضي الفلسطينية.
وقال الضميري: «هذه شكوى سياسية وليست قانونية، لأن الأصل أن تأخذ أي جهة حقوقية شهادات مشفوعة بالقسم، وهذه المنظمة ليس لها أي فروع أو مكاتب أو عاملين في فلسطين». وتابع: «إنها منظمة غير موضوعية لم تحقق في الموضوع مباشرة مثلما تفعل منظمات أخرى. على سبيل المثال، (هيومان رايتس ووتش) تتقدم لنا بشكاوى ونحقق فيها ونتخذ إجراءات. كان الأولى بهذه المنظمة أن تتقدم بشكاوى لنا وللقضاء الفلسطيني، لو كانت محقة وموضوعية وحقيقية».
وقال الضميري أيضا إنه «ليس التقرير الأول الذي تنشره المنظمة ضد الأجهزة الأمنية الفلسطينية. وقد ثبتت كيدية جميع تقاريرها التي تأخذها من وسائل إعلام معارضة، من دون عناء التحقيق والتثبت، واتخاذ الخطوات القانونية الصحيحة».
وسخر الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، مما تضمنه بيان المنظمة، متسائلا عن كيفية الحصول على معلومات من دون أي خطوة واحدة على الأرض. وقال إن «أبواب الأجهزة الأمنية ومراكز التوقيف والقضاء العسكري، مفتوحة باستمرار للحقوقيين، وإنهم يستقبلون على الدوام منظمات دولية ومحلية ويبحثون معها كل التفاصيل، بما في ذلك الشكاوى المختلفة إن وجدت».
وكانت المنظمة قالت إن شكواها «تضمنت أدلة تؤكد على أن جهاز المخابرات الفلسطيني برئاسة اللواء ماجد فرج، وجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني برئاسة اللواء زياد هب الريح، قاما في الفترة من 13 يونيو (حزيران) 2014، وما بعدها، بحملات اعتقال تعسفية، تضمنت مداهمات ليلية، ومصادرة مقتنيات شخصية، وتعريض بعض المعتقلين للاختفاء القسري والتعذيب الوحشي». وأضاف بيان المنظمة أن «الوثائق المرفقة بالدعوى تشرح بالتفصيل أسماء المعتقلين والأماكن التي احتجزوا فيها بشكل مخالف للقانون، وتعرضوا فيها لتعذيب وحشي، من الضرب المبرح إلى التعليق بكل أنواعه، وكان أقصاه، ربط الأيدي إلى الخلف وتعليق المعتقل في الشباك أو الباب كالذبيحة»، وفق تعبيرها.
وأكدت المنظمة في الشكوى أنه «على الرغم من شيوع ظاهرة الاعتقال التعسفي على أسس سياسية، والتعذيب المنهجي، والمناشدات المتكررة لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بوقف هذه الجرائم، فإن السلطات المختصة لم تقم بالتحقيق فيها، الأمر الذي أدى إلى استمرارها».
وشرحت المنظمة في شكواها أن «السلطة القضائية في ملف الاعتقال السياسي والتعذيب، مرتهنة بأوامر الأجهزة الأمنية، حيث يقوم المدعون العامون بتلفيق التهم للمعتقلين، من أجل تمديد فترة اعتقالهم من قبل قضاة محكمة الصلح، ولا يعبأ هؤلاء بشكوى المعتقلين من المعاملة المهينة والتعذيب».
وعددت المنظمة في الشكوى، الجهات الدولية المختلفة التي تقدم دعما للأجهزة الأمنية.. «وعلى الرغم من أن هذه الجهات أخذت علما بما تمارسه الأجهزة الأمنية، من اعتقال تعسفي وتعذيب، فإنها تستمر في تقديم الدعم لهذه الأجهزة، الأمر الذي يعرضها للملاحقة القضائية».
وأضافت المنظمة أن «ما يزيد من جسامة الجرائم التي ترتكبها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، أنها تتم بالتعاون مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي بدوره يقوم باعتقالات وعمليات تعذيب ممنهجة، كما يقوم باعتقال فلسطينيين اعتقلوا لدى أجهزة أمن السلطة بالتهم نفسها، وكذلك تفعل أجهزة أمن السلطة، وهو ما يطلق عليه مصطلح (الباب الدوار)».
وصرح رئيس الفريق القانوني للمنظمة، المحامي توبي كادمان، بأن «هذه الجرائم تعدّ خرقا جسيما لاتفاقية روما التي انضمت إليها دولة فلسطين حديثا، وعلى وجه الخصوص المادة السابعة، التي تعدّ جريمة التعذيب متى ارتكبت في سياق خطة منهجية ضد مدنيين، جريمة ضد الإنسانية».
وأضاف كادمان أن «الوثائق والأدلة التي قدمت للمحكمة تؤكد أن جريمة التعذيب التي تمارسها الأجهزة الأمنية، تتم في إطار خطة محكمة للقضاء على كل المجموعات التي تختلف مع النهج السياسي للسلطة الفلسطينية».
وقال رئيس المنظمة محمد جميل إن «مسؤولية هذه الجرائم تقع، في الدرجة الأولى، على عاتق المسؤولين في المستويين السياسي والقضائي، وقادة الأجهزة المعنية، وكل من اشترك في عمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب، ولا يستطيع أحد أن يخلي مسؤوليته بالقول إنه ينفذ أوامر المسؤولين، فمشروعية الأمر تستمد من موضوع الأمر لا من مصدره».
وأكد جميل أن ملف التعذيب لن يقتصر عرضه على المحكمة الجنائية الدولية، «بل سيتم تفعيل الولاية القضائية الشاملة في الدول التي تسمح بذلك، بوصف جريمة التعذيب في مقدمة الجرائم الخطيرة التي تخضع للولاية الشاملة، بغض النظر عن جنسية مرتكبها ومكان ارتكابها».
وسخر مسؤول آخر في السلطة مما تضمنه بيان المنظمة، واصفا إياها بأنها منظمة سياسية «إخوانجية»، في إشارة إلى الإخوان المسلمين، «مهمتها تصدير البيانات السياسية ضد السلطة من دون أدنى أثر يذكر».
وقال المسؤول إنها كمنظمة سياسية، لا تستطيع الشكوى ضد السلطة في «الجنايات الدولية»، مضيفا: «هناك قضايا حقيقية وأخطر وموثقة في فلسطين والعالم العربي، يمكن للمنظمة الإخوانجية أن تهتم بها».
السلطة الفلسطينية تستخف بشكوى قدمت لـ«الجنائية الدولية» ضد أجهزتها الأمنية
الناطق باسمها وصفها بـ«الإخوانجية» وعد شكواها «بروباغندا إعلامية»
السلطة الفلسطينية تستخف بشكوى قدمت لـ«الجنائية الدولية» ضد أجهزتها الأمنية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة