الصدر يضيف البريطانيين على قائمة أهدافه بعد يوم من تطمينات عراقية للتحالف الدولي

وزارة الدفاع العراقية: القوات الأجنبية في العراق لتقديم الاستشارات.. بما فيها قوات التحالف

صور لتدريبات القوات العراقية وترتيبات البدء في عمليات عسكرية لاستعادة الأراضي التي استولى عليها «داعش» (رويترز)
صور لتدريبات القوات العراقية وترتيبات البدء في عمليات عسكرية لاستعادة الأراضي التي استولى عليها «داعش» (رويترز)
TT

الصدر يضيف البريطانيين على قائمة أهدافه بعد يوم من تطمينات عراقية للتحالف الدولي

صور لتدريبات القوات العراقية وترتيبات البدء في عمليات عسكرية لاستعادة الأراضي التي استولى عليها «داعش» (رويترز)
صور لتدريبات القوات العراقية وترتيبات البدء في عمليات عسكرية لاستعادة الأراضي التي استولى عليها «داعش» (رويترز)

لا يزال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يمثل أزمة مستمرة للحكومات العراقية منذ عام 2003 حتى اليوم. فهذا الزعيم الشيعي، الذي ورث الزعامة الدينية - السياسية من والده المرجع الشيعي محمد محمد صادق الصدر الذي اغتيل في عهد النظام العراقي السابق عام 1999، يبدو مختلفا من حيث الطروحات والتوجهات التي تحكم الغالبية العظمى من رجال الطبقة السياسية، ممن حكموا العراق بعد الغزو الأميركي لهذا البلد عام 2003.
فبالإضافة إلى كونه يمثل إرثا شعبيا كبيرا، يضم أكثر الطبقات المسحوقة في المجتمع العراقي، فإنه لم يغادر العراق حتى بعد مقتل والده، ولذلك فإنه يجعل لنفسه ميزة عن سواه من رجال الطبقة السياسية وكثيرين من رجال الدين بأنه لم يأت على ظهور الدبابات الأميركية.
وبينما اتهم هو وأنصاره بالضلوع في مقتل رجل الدين الشيعي البارز عبد المجيد الخوئي، نجل أحد أكبر مراجع الشيعة في القرن العشرين (آية الله العظمى أبو القاسم الخوئي، الذي يعد أستاذا للمرجع الحالي علي السيستاني)، فإنه أسس في وقت مبكر «جيش المهدي» الذي حله عام 2011 بعد انسحاب أميركا من العراق، ليواجه الآلاف من أنصاره أحكاما بالإعدام من المحاكم العراقية.
وبينما تصالح تياره، عبر دخوله الانتخابات، وتشكيله كتلة سياسية - برلمانية (كتلة الأحرار)، وحصوله على عشرات المقاعد في البرلمان وعدة وزارات (6 في الوزارة السابقة التي ترأسها نوري المالكي، و3 في الوزارة الحالية التي يترأسها حيدر العبادي قبل تقديمهم استقالتهم أخيرا وقبولها)، فإنه شخصيا لا يبدو متصالحا مع أحد.
فرغم تبنيه للتظاهرات الجماهيرية الكبرى التي انطلقت خلال الشهور الأخيرة، وإيعازه لأنصاره باقتحام المنطقة الخضراء مرتين (الأولي في العشرين من أبريل (نيسان)، والثانية في الثلاثين من مايو (أيار)، الماضيين)، التي ترتب عليها احتلال البرلمان في الأولى ومجلس الوزراء في الثانية، فإن تهديداته الأخيرة للجنود الأميركان، وعددهم 560 جنديا، الذين أرسلتهم الولايات المتحدة الأميركية إلى قاعدة القيارة، قرب الموصل، ووضعهم هدفا له، وكذلك الأمر نفسه مع البريطانيين في حال فكروا في المجيئ إلى العراق ,مثلت ذروة تعامله بلا تحفظ مع توجهات الحكومة العراقية من أجل تحرير الأراضي المغتصبة من «داعش»، بالتعاون مع التحالف الدولي.
فعلى صعيد استهدافاته للأجانب، أعلن، أول من أمس، في بيان له: «لن يكونوا محررين، بل سنعاملهم كمحتلين». وكانت بريطانا قد أعلنت، على لسان وزير دفاعها مايكل فالون، أن لندن ستضاعف قواتها في العراق إلى 500 جندي، للمساهمة في تدريب القوات العراقية لمواجهة تنظيم داعش.
وياتي تهديد الصدر للبريطانيين بعد أيام من تهديد مماثل للأميركيين، تعقيبًا على إعلان وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر نية بلاده إرسال جنود إلى العراق لمهام فنية ولوجيستية، تتعلق بمعركة استعادة مدينة الموصل.
ومع أن الصدر لديه قوات «سرايا السلام» التي تشارك الآن في قتال تنظيم داعش، لكن وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري لم يتعامل، ولأول مرة، مع تهديدات الصدر بالجدية التي كانت تتعامل معه الحكومة سابقا، أو على الأقل القيادات البارزة في المشهد الشعبي، لا سيما أن الجعفري فضلا عن كونه وزيرا للخارجية، فإنه لا يزال رئيسا للتحالف الوطني الذي يضم مكونات وكتل التحالف الشيعي، ومن بينها كتلة الأحرار التابعة للصدر نفسه.
ففي معرض رده على تهديدات الصدر، جاء رد الجعفري صاعقا هذه المرة حين عدها بأنها تندرج في إطار «حرية التعبير» في البلاد، الأمر الذي قد يثير المزيد من التساؤلات لرجل يملك عشرات الآلاف من الأنصار المدربين على السلاح. وطمأن الجعفري، في تصريحات صحافية، أعضاء التحالف الدولي بأن بعثاتهم الدبلوماسية في بغداد محمية، مؤكدا أن «الدعم الدولي مطلوب عسكريا وإنسانيا»، ومضيفا أن «البعثات الدبلوماسية محمية في العراق، وأن أمنها يدخل في سياق الأمن العراقي». مع ذلك، فإن الصدر الذي لا يزال يعتقد أنه «الوحيد القادر على تحريك الشارع العراقي» عبر عن زهده بما قد يترتب على ذلك من مغانم، قائلا إنه «لا يريد بذلك مطلبا دنيويا».
وزارة الدفاع العراقية، على لسان مستشارها الفريق الركن محمد العسكري، قالت لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا توجد قوات برية في العراق من أية دولة من دول العالم، بمن فيها دول التحالف الدولي التي تقاتل تنظيم داعش بموافقة الحكومة العراقية، لكي يتم التعامل معها بوصفها قوات احتلال، إذ إن موقف الحكومة واضح من هذا الأمر، وهو رفض التدخل البري لعدم حاجة العراق إليه». وأضاف العسكري أن «الموجودين في العراق هم مستشارون من عدة دول، ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وكندا وألمانيا وغيرها، بالإضافة إلى إيران، وكل هؤلاء دخلوا بموافقة الحكومة والتنسيق معها، وهم يؤدون مهمات استشارية، فضلا عن التدريب والدعم اللوجيستي، ولا يشاركون في أية عمليات قتالية»، مبينا أن «الأميركيين يطلقون صفة جندي على أي مستشار يرسلونه إلى العراق»، وشدد العسكري على أن «العراق يرفض مطلقا دخول أية قوات برية إليه لأن لديه ما يكفي من جيش، وأن ما يحتاجه هو الأسلحة والعتاد والتدريب والتجهيز».

من جهته، أعاد القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي صياغة خطاب الصدر الموجه للأجانب، بالقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «ما تحدث به السيد الصدر واضح، ولا يحتاج إلى تأويل لأنه ينطلق من مبدأ عام، ولا يدخل في تفاصيل. وإن وصول هذا العدد أو ذاك من الأميركيين أو البريطانيين أو سواهم من الأجانب، يقتضي التعامل معهم كمحتلين في حال دخلوا كقوات برية قتالية على الأرض». وأضاف الزاملي أنه «طالما هذه الصفة لا تشملهم، لكونهم مستشارين مثلما تقول الحكومة، فإن هذا الاستهداف لا يشملهم لأن مهمة المستشارين معروفة، وهي مهمة ليست قتالية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».