اختيار خيمة لقمة موريتانيا.. له أكثر من معنى

إعلان استقلال موريتانيا تم تحت خيمة.. واجتماعات أول حكومة عقدت تحت خيمة

الخيمة التي ستحتضن لقاءات قمة موريتانيا («الشرق الأوسط»)
الخيمة التي ستحتضن لقاءات قمة موريتانيا («الشرق الأوسط»)
TT

اختيار خيمة لقمة موريتانيا.. له أكثر من معنى

الخيمة التي ستحتضن لقاءات قمة موريتانيا («الشرق الأوسط»)
الخيمة التي ستحتضن لقاءات قمة موريتانيا («الشرق الأوسط»)

شهدت باحة قصر المؤتمرات الدولي بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، تشييد أكبر خيمة موريتانية لاستضافة القمة السابعة والعشرين لقادة ورؤساء حكومات الدول العربية، وذلك تماشيا مع تصريحات أدلى بها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، قبل شهرين، أعلن فيها أن «موريتانيا ستحتضن القمة العربية ولو تحت خيمة».
وفي هذا السياق أكد بعض المسؤولين الموريتانيين أن خيار عقد جلسات القمة تحت خيمة عربية يحمل رمزية أرادت موريتانيا أن تحملها هذه الدورة، من خلال دعوة العرب إلى العودة لأصالتهم وقيمهم المشتركة، والانطلاق نحو عهد جديد من التضامن، ونبذ الخلافات وتجاوز التحديات مهما كانت طبيعتها، وفق تعبير محمد الأمين ولد الشيخ، خلال مؤتمر صحافي للحكومة الأسبوع الماضي.
لكن الخيمة التي شيدتها موريتانيا لاحتضان القمة العربية لم تكن مجرد خيمة متواضعة، بل خيمة عملاقة تضم قاعة كبيرة لاحتضان الجلستين الافتتاحية والختامية لرؤساء وقادة الدول، إضافة لقاعات جانبية مخصصة للمشاورات واللقاءات الفردية بين القادة العرب ورؤساء الوفود، وتقام على مساحة تزيد على ألفي متر مربع، وتتسع لأكثر من ألفي شخص؛ كما تضم الخيمة مكاتب خاصة بالزعماء ورؤساء الوفود العربية، إضافة لمطعم كبير.
وبحسب المصادر الرسمية، فإن الخيمة العربية كلفت أكثر من 700 مليون أوقية موريتانية، أي ما يعادل أكثر من مليوني دولار أميركي، فيما تولت الإشراف على تشييدها وتجهيزها شركة موريتانية خاصة مختصة في الأشغال العامة، كما نقلت أغلب تجهيزاتها من خارج البلاد، وتولى تركيبها مهندس ألماني.
وبدت الخيمة التي طغى عليها اللون الأبيض من الداخل مزركشة بالزخارف العربية ذات الطابع الإسلامي المميز، ومن الملاحظ أنها محاطة بالزهور البلدية بمختلف ألوانها، التي تعكس ألوان الطيف والتنوع العربي، إضافة إلى الأشجار التي تلقي بظلالها على الطبيعة والمناخ المعتدل الذي تتمتع به موريتانيا في مثل هذه الأيام، مما يعكس أريحية للوفود المشاركة.
الشارع الموريتاني لم يستغرب قرار السلطات عقد القمة العربية تحت خيمة، فبالعودة إلى تاريخ موريتانيا نجد أن إعلان الاستقلال عن فرنسا تم تحت خيمة، وأول حكومة شكلها الرئيس الراحل المختار ولد داداه عقدت اجتماعها الأول تحت خيمة في نفس المكان الذي ستتأسس فيه فيما بعد العاصمة نواكشوط.
موريتانيا التي قبلت استضافة القمة العربية بعد أن اعتذر عنها المغرب مطلع العام الجاري، وجدت نفسها أمام تحديات لوجستية كبيرة، لتتحول عاصمتها خلال الأشهر الأخيرة إلى ورشة عمل مفتوحة؛ لأن هذه المدينة الصغيرة لم يسبق لها أن استضافت حدثًا عربيًا بهذا الحجم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.