المعارضة تنفي اتصالات بين داريا ومركز حميميم لعقد مصالحات

تضارب الأخبار حول اتفاق بين النظام و«فيلق الرحمن» لتهدئة جبهات الغوطة

انفجار البراميل الملقاة من الطائرات المروحية على داريا يوم السبت الماضي (حساب داريا)
انفجار البراميل الملقاة من الطائرات المروحية على داريا يوم السبت الماضي (حساب داريا)
TT

المعارضة تنفي اتصالات بين داريا ومركز حميميم لعقد مصالحات

انفجار البراميل الملقاة من الطائرات المروحية على داريا يوم السبت الماضي (حساب داريا)
انفجار البراميل الملقاة من الطائرات المروحية على داريا يوم السبت الماضي (حساب داريا)

تضاربت المعلومات التي تحدثت عن اتفاق تهدئة بين قوات النظام السوري و«فيلق الرحمن» في جميع جبهات الغوطة الشرقية، غير أن تفعيل العمليات العسكرية للنظام، توحي بأن الأمور ذاهبة نحو التصعيد وليس التهدئة، في وقت نفت فيه المعارضة ما تداوله ناشطون عن اتصالات بين سكان مدينة داريا المحاصرة، ومركز حميميم التابع للقوات الروسية، لعقد مصالحات في المنطقة. ويبدو أن الردّ على هذه المعلومات جاء من النظام الذي قصف داريا أمس بعشرات البراميل المتفجرة وصواريخ أرض - أرض، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين.
وفي وقت رفض مصدر عسكري في «لواء شهداء الإسلام»، أحد الفصائل المسلّحة في داريا التعليق على هذه المعلومات، واكتفى بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن الحديث حاليًا عن هذه المعلومات، وأي تطوّر يحصل سنعلن عنه». نفى إسماعيل الداراني عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق، حصول أي اتصال بين أهالي داريا ومركز حميميم. وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «عندما تحصل مفاوضات فهي تحصل مع الفرقة الرابعة والقصر الجمهوري وليس مع القاعدة الروسية».
وقال الداراني وهو ابن مدينة داريا: «الوضع الميداني يكذّب هذه المعلومات، هناك تصعيد كبير يشمل مدن سعسع وداريا وزاكية، التي سقط فيها 10 شهداء خلال الساعات الـ24 الماضية، مع استمرار تحليق الطيران الحربي فوق هذه المناطق»، مشيرًا إلى أن «هذه الشائعات يروجها النظام وقد تعودنا عليها، فهو زعم مئات المرات أنه سيطر على داريا، بينما يعجز فعليًا عن التقدم مترا واحدا».
وعلى الصعيد الميداني، استمرت الاشتباكات العنيفة أمس، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وفصائل المعارضة المسلّحة من جهة أخرى، في محيط مدينة داريا، ترافق مع قصف قوات النظام على مناطق في المدينة، وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «أكثر من 16 برميلاً متفجرًا، ألقتها طائرات مروحية تابعة للنظام على المدينة منذ الصباح (أمس)، بينما نفذت طائرات حربية أربع غارات على مدينة دوما في الغوطة الشرقية». وقال المرصد: «إن القصف المدفعي على مدينة دوما الخاضعة لسيطرة المعارضة في الغوطة الشرقية، استهدف المنازل السكنية، وأدى إلى استشهاد امرأة ورجل وإصابة عدد من المدنيين بينهم أطفال».
ولم تحسم أي جهة حقيقة الأخبار التي تداولها ناشطون في الغوطة، وتحدثت عن اتفاق بين قوات النظام من جهة، و«فيلق الرحمن» من جهة أخرى، على تهدئة الجبهات خصوصا جبهة جوبر. وقد أكد الناشط في الغوطة الشرقية، عهد السيد، أن «اتفاق التهدئة حقيقي وقائم ويشمل القطاع الأوسط في الغوطة الذي يضم جبهات زملكا، عربين، الشيفونية، حموريا، بيت سواء، بيت نايم وكفربطنة وهي كبرى مدن القطاع».
وأوضح السيّد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التهدئة تشمل المناطق التي يسيطر عليها فصيل «فيلق الرحمن»، بينما يواصل النظام هجماته على مناطق سيطرة «جيش الإسلام»، لا سيما حوش الفارة وميدعا والبحارية، وبشكل أكبر أوتوستراد السلام المعروف بأوتوستراد حمص الدولي المطل على مدينة دوما، لافتًا إلى أن «الفريقين اشترطا عدم إعلان الهدنة، كي لا تشكّل انقسامًا بين المدنيين».
ومع تعذّر الاتصال بأي من ممثلي «فيلق الرحمن» للوقوف على حقيقة هذه الهدنة، أعلن إسماعيل الداراني، أن «ما يحكى عن اتفاق تهدئة بين النظام وفيلق الرحمن غير صحيح». وأشار إلى أن «الاشتباكات التي تشهدها جبهة المرج تدحض كل هذه المزاعم». وقال: «المعارك التي دارت بين الطرفين اليوم (أمس) أوقعت عددا كبيرا من الإصابات، عدا عن القصف الجوي المركز على بلدة الريحان»، واضعًا هذه الشائعات في إطار «محاولة إحداث شرخ بين فصائل المعارضة نفسها من جهة، والفصائل والبيئة الشعبية الحاضنة لها في الغوطة من جهة ثانية»، معتبرًا أن «مثل هذه المعلومات المضلّلة تشكّل خدمة مجانية للنظام وحلفائه».
وفي سياق متصل، أعلن الدفاع المدني المعارض في منطقة المرج، أمس، خروج مركزه عن الخدمة تماما بسبب استهدافه بغارات جوية نظامية، من دون سقوط إصابات من عناصره الذين كانوا خارجه يسعفون الضحايا. فيما أكد «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن «اشتباكات دارت (أمس) بين مسلحين موالين للنظام من جهة، وفصائل معارضة على محور شارع الـ30 بمنطقة مخيم اليرموك جنوب العاصمة، أسفرت عن سقوط خسائر بشرية في صفوف الطرفين».
بدوره، أفاد المجلس المحلي لمدينة قدسيا المعارض، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن المدينة التي تحاصرها القوت النظامية ويقطنها نحو 250 ألف شخص «تعاني شحا في المياه ازداد مع قدوم فصل الصيف بسبب تحويل الموظفين التابعين للنظام المياه إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الأخير، وهي مساكن الحرس الجمهوري وأحياء الورود والمنصورة وجبل الورد، وللتي يعد عناصر القوات النظامية وعائلاتهم أكثر سكانها، ما أدى إلى انقطاع المياه لفترات طويلة عن المدينة ولا سيما المناطق العالية منها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».