تضاربت المعلومات التي تحدثت عن اتفاق تهدئة بين قوات النظام السوري و«فيلق الرحمن» في جميع جبهات الغوطة الشرقية، غير أن تفعيل العمليات العسكرية للنظام، توحي بأن الأمور ذاهبة نحو التصعيد وليس التهدئة، في وقت نفت فيه المعارضة ما تداوله ناشطون عن اتصالات بين سكان مدينة داريا المحاصرة، ومركز حميميم التابع للقوات الروسية، لعقد مصالحات في المنطقة. ويبدو أن الردّ على هذه المعلومات جاء من النظام الذي قصف داريا أمس بعشرات البراميل المتفجرة وصواريخ أرض - أرض، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين.
وفي وقت رفض مصدر عسكري في «لواء شهداء الإسلام»، أحد الفصائل المسلّحة في داريا التعليق على هذه المعلومات، واكتفى بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن الحديث حاليًا عن هذه المعلومات، وأي تطوّر يحصل سنعلن عنه». نفى إسماعيل الداراني عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق، حصول أي اتصال بين أهالي داريا ومركز حميميم. وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «عندما تحصل مفاوضات فهي تحصل مع الفرقة الرابعة والقصر الجمهوري وليس مع القاعدة الروسية».
وقال الداراني وهو ابن مدينة داريا: «الوضع الميداني يكذّب هذه المعلومات، هناك تصعيد كبير يشمل مدن سعسع وداريا وزاكية، التي سقط فيها 10 شهداء خلال الساعات الـ24 الماضية، مع استمرار تحليق الطيران الحربي فوق هذه المناطق»، مشيرًا إلى أن «هذه الشائعات يروجها النظام وقد تعودنا عليها، فهو زعم مئات المرات أنه سيطر على داريا، بينما يعجز فعليًا عن التقدم مترا واحدا».
وعلى الصعيد الميداني، استمرت الاشتباكات العنيفة أمس، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وفصائل المعارضة المسلّحة من جهة أخرى، في محيط مدينة داريا، ترافق مع قصف قوات النظام على مناطق في المدينة، وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «أكثر من 16 برميلاً متفجرًا، ألقتها طائرات مروحية تابعة للنظام على المدينة منذ الصباح (أمس)، بينما نفذت طائرات حربية أربع غارات على مدينة دوما في الغوطة الشرقية». وقال المرصد: «إن القصف المدفعي على مدينة دوما الخاضعة لسيطرة المعارضة في الغوطة الشرقية، استهدف المنازل السكنية، وأدى إلى استشهاد امرأة ورجل وإصابة عدد من المدنيين بينهم أطفال».
ولم تحسم أي جهة حقيقة الأخبار التي تداولها ناشطون في الغوطة، وتحدثت عن اتفاق بين قوات النظام من جهة، و«فيلق الرحمن» من جهة أخرى، على تهدئة الجبهات خصوصا جبهة جوبر. وقد أكد الناشط في الغوطة الشرقية، عهد السيد، أن «اتفاق التهدئة حقيقي وقائم ويشمل القطاع الأوسط في الغوطة الذي يضم جبهات زملكا، عربين، الشيفونية، حموريا، بيت سواء، بيت نايم وكفربطنة وهي كبرى مدن القطاع».
وأوضح السيّد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التهدئة تشمل المناطق التي يسيطر عليها فصيل «فيلق الرحمن»، بينما يواصل النظام هجماته على مناطق سيطرة «جيش الإسلام»، لا سيما حوش الفارة وميدعا والبحارية، وبشكل أكبر أوتوستراد السلام المعروف بأوتوستراد حمص الدولي المطل على مدينة دوما، لافتًا إلى أن «الفريقين اشترطا عدم إعلان الهدنة، كي لا تشكّل انقسامًا بين المدنيين».
ومع تعذّر الاتصال بأي من ممثلي «فيلق الرحمن» للوقوف على حقيقة هذه الهدنة، أعلن إسماعيل الداراني، أن «ما يحكى عن اتفاق تهدئة بين النظام وفيلق الرحمن غير صحيح». وأشار إلى أن «الاشتباكات التي تشهدها جبهة المرج تدحض كل هذه المزاعم». وقال: «المعارك التي دارت بين الطرفين اليوم (أمس) أوقعت عددا كبيرا من الإصابات، عدا عن القصف الجوي المركز على بلدة الريحان»، واضعًا هذه الشائعات في إطار «محاولة إحداث شرخ بين فصائل المعارضة نفسها من جهة، والفصائل والبيئة الشعبية الحاضنة لها في الغوطة من جهة ثانية»، معتبرًا أن «مثل هذه المعلومات المضلّلة تشكّل خدمة مجانية للنظام وحلفائه».
وفي سياق متصل، أعلن الدفاع المدني المعارض في منطقة المرج، أمس، خروج مركزه عن الخدمة تماما بسبب استهدافه بغارات جوية نظامية، من دون سقوط إصابات من عناصره الذين كانوا خارجه يسعفون الضحايا. فيما أكد «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن «اشتباكات دارت (أمس) بين مسلحين موالين للنظام من جهة، وفصائل معارضة على محور شارع الـ30 بمنطقة مخيم اليرموك جنوب العاصمة، أسفرت عن سقوط خسائر بشرية في صفوف الطرفين».
بدوره، أفاد المجلس المحلي لمدينة قدسيا المعارض، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن المدينة التي تحاصرها القوت النظامية ويقطنها نحو 250 ألف شخص «تعاني شحا في المياه ازداد مع قدوم فصل الصيف بسبب تحويل الموظفين التابعين للنظام المياه إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الأخير، وهي مساكن الحرس الجمهوري وأحياء الورود والمنصورة وجبل الورد، وللتي يعد عناصر القوات النظامية وعائلاتهم أكثر سكانها، ما أدى إلى انقطاع المياه لفترات طويلة عن المدينة ولا سيما المناطق العالية منها».
المعارضة تنفي اتصالات بين داريا ومركز حميميم لعقد مصالحات
تضارب الأخبار حول اتفاق بين النظام و«فيلق الرحمن» لتهدئة جبهات الغوطة
المعارضة تنفي اتصالات بين داريا ومركز حميميم لعقد مصالحات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة