قلق غربي من إجراءات ما بعد الانقلاب في تركيا

«الناتو» أبلغ إردوغان بـ«ضرورة» احترام دولة القانون * البيت الأبيض : أميركا لا {تؤوي} غولن وستدرس تسليمه

مواطنون أتراك يحتفلون بفشل الانقلاب في ميدان تقسيم أمس (أ.ف.ب)
مواطنون أتراك يحتفلون بفشل الانقلاب في ميدان تقسيم أمس (أ.ف.ب)
TT

قلق غربي من إجراءات ما بعد الانقلاب في تركيا

مواطنون أتراك يحتفلون بفشل الانقلاب في ميدان تقسيم أمس (أ.ف.ب)
مواطنون أتراك يحتفلون بفشل الانقلاب في ميدان تقسيم أمس (أ.ف.ب)

أعلن الحلف الأطلسي أن أمينه العام ينس ستولتنبرغ تحادث أمس مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وذكره بـ«ضرورة» أن تحترم تركيا بشكل كامل دولة القانون والديمقراطية بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة. وقال ستولتنبرغ في بيان صادر عن الحلف «بصفتها عضوا في مجموعة تستند إلى القيم، من الضروري أن تقوم تركيا، مثلها مثل كل الحلفاء الآخرين (الأعضاء في الحلف) باحترام الديمقراطية ومؤسساتها، والنظام الدستوري، ودولة القانون، والحريات الأساسية بشكل كامل». وكان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة شددا قبل الحلف الأطلسي على ضرورة أن تحترم السلطات التركية القوانين المرعية الإجراء، وأن يكون ردها على المشاركين في الانقلاب في إطار احترام دولة القانون.
في غضون ذلك، أعلن البيت الأبيض امس أن الولايات المتحدة لا تأوي الداعية التركي فتح الله غولن الذي يلقي عليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باللوم في المحاولة الانقلابية وأنها سوف تدرس طلب محتمل بتسليمه». وقالب المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست «ولذا فإن الإيحاء بأن الولايات المتحدة تأوي بطريقة ما :»غولن غير صحيح من الناحية الواقعية». وأضاف إيرنست: «الحقيقة هي أنه لم يتم تقديم أي طلب بتسليمه، وعندما يتم التقدم (بهذا الطلب) فإن الحكومة الأمريكية سوف تدرسه بعناية بما يتفق مع اتفاقية تسليم (المجرمين) المدرجة في الكتب منذ ما يربو على 30 عاما الآن». وقال البيت الأبيض، أمس، إن «الولايات المتحدة تقدر بقوة علاقتها مع تركيا شريكتها في حلف شمال الأطلسي، وإنها تحث كل الأطراف على التحلي بضبط النفس والتصرف، وفقا لسيادة القانون بعد الانقلاب الفاشل هناك». وقال جوش إرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض في مؤتمر صحافي: «تدعم الولايات المتحدة بقوة الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في تركيا والمؤسسات الديمقراطية بالبلاد».
من جهته، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أمس، إن «الانتقاد الموجه من دول أخرى بشأن تعامل تركيا مع المشتبه بتدبيرهم الانقلاب يرقى إلى مستوى دعم المحاولة الفاشلة التي سعت للإطاحة بالحكومة». وقال جاويش أوغلو، في بيان عبر البريد الإلكتروني، إنه «رغم وقوف معظم حلفاء تركيا بجانب حكومتها المنتخبة فإنها - الحكومة - شهدت انتقادات (غير مقبولة) بشأن إجراءات قانونية ومقاضاة المشتبه بتواطئهم في الانقلاب العسكري الفاشل».
من جهة أخرى، هيمن ملف الأوضاع في تركيا على نقاشات أوروبية - أميركية على هامش اجتماعات لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، التي شارك فيها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي قال عقب النقاشات إن بلاده تدعم الجهود التركية لتقديم المتورطين في محاولة الانقلاب الفاشلة يوم الجمعة الماضي للعدالة، لكنه حث أنقرة على الالتزام بسيادة القانون وعدم اتخاذ إجراءات مبالغ فيها. وأضاف كيري بعد اجتماع مع نظرائه الأوروبيين في بروكسل أنه أوضح لأنقرة أنه يتعين عليها تقديم دليل دامغ لدى التقدم بطلب تسليم رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن الذي يتهمه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بتدبير محاولة الاستيلاء على السلطة. وقال كيري في إفادة صحافية: «نقف تماما في صف القيادة المنتخبة في تركيا. لكننا نحث أيضا حكومة تركيا بقوة على الحفاظ على الهدوء والاستقرار في أنحاء البلاد». وتابع: «كما نحث حكومة تركيا على الالتزام بأعلى معايير الاحترام للمؤسسات الديمقراطية في البلاد وسيادة القانون. سوف نؤيد بالتأكيد تقديم مدبري الانقلاب للعدالة، لكننا نحذر أيضا من عواقب التمادي في هذا الأمر».
وتضع الاضطرابات في تركيا وقضية غولن الولايات المتحدة في مأزق، لأن أنقرة عضو أساسي في حلف شمال الأطلسي وتلعب دورا مهما في الحرب على التطرف. وشدد كيري على أن حلف شمال الأطلسي لديه متطلبات عندما يتعلق الأمر بالديمقراطية.. «وسيقيّم بدقة شديدة ما يحدث في تركيا». وأضاف: «آمل أن تتحرك تركيا في الاتجاهات التي تحترم ما وصفوه بأنه حجر الأساس في دولتهم
وقالت تركيا إنها تحضر طلبا لتسليم غولن إليها. وذكر غولن الأحد أنه سيمتثل لأي طلب تسليم يتخذ في الولايات المتحدة، متهما إردوغان بتدبير الانقلاب. وحتى إذا تم تقديم طلب التسليم رسميا وتمت الموافقة عليه، فإن محامين في الولايات المتحدة قد يقولون إن وجود مخاوف على سلامة غولن يحول دون إعادته إلى تركيا. وأوقفت تركيا الآلاف من رجال الشرطة عن العمل أمس مع اتساع حملة التطهير التي شملت القوات المسلحة والقضاء في أعقاب محاولة الانقلاب، مما أثار المخاوف بين حلفائها الأوروبيين من تخليها عن سيادة القانون. يأتي ذلك، فيما أكد مسؤول أميركي أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري لم يهدد أبدا عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وذلك ردا على عنوان على الموقع الإلكتروني لصحيفة «واشنطن بوست»
وقال دبلوماسي أميركي: «رأينا موضوع (واشنطن بوست)، ولا يوجد شيء في محتواه يبدو أنه يبرر العنوان».
وعنونت الصحيفة أحد أخبارها بـ«كيري يقول إن الناتو يراقب التزام تركيا بالديمقراطية»
ووجهت فيديريكا موغيريني، منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أمس، أكثر من رسالة قوية إلى أنقرة، وقالت إنه يجب على السلطات التركية احترام الحقوق الدستورية والأساسية، في الرد على الانقلاب الفاشل. وأضافت بعد اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في بروكسل إن «الاتحاد كان أول من أكد على أهمية حماية المؤسسات الديمقراطية، وسوف يستمر في ذلك، ولكن في الوقت نفسه يؤكد على أهمية دور القانون، ويشعر بالقلق مما يحدث، ويدعو الحكومة التركية إلى التركيز على احترام دولة القانون وحقوق الإنسان». وقالت أيضا: «ندعو إلى الالتزام الكامل بالنظام الدستوري لتركيا، ونؤكد بصفتنا الاتحاد الأوروبي على أهمية تطبيق سيادة القانون.. همومنا واحدة بشأن ما يحدث في البلاد هذه الساعة. علينا أن نحترم ونجعل تركيا تحترم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية». وفي إجابتها عن سؤال حول عقوبة الإعدام والنقاش الحالي في البلاد حول هذا الأمر للتعامل مع مدبري الانقلاب، قالت موغيريني: «أؤكد من هنا أنه لن يكون في الاتحاد الأوروبي دولة تطبق عقوبة الإعدام، وما حدث في تركيا يجب ألا يكون مبررا لتجاوزات ضد الديمقراطية وسيادة القانون».
من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في تصريحات عقب لقاء جمعه مع وزراء خارجية دول الاتحاد، إن النقاشات كانت مكثفة والجميع تحدث وتساءل خلال النقاش الذي جرى بين وزير خارجية أميركي يشارك لأول مرة في اجتماعات وزراء خارجية التكتل الأوروبي الموحد.
وحول الوضع في تركيا، أكد كيري: «لقد سبق أن أعلنت واشنطن أنها تساند القيادة المنتخبة في البلاد، وأيضا طالبنا الحكومة بالعمل على تحقيق الاستقرار واحترام دولة المؤسسات ودور القانون والديمقراطية». وتابع: «كما نحث حكومة تركيا على الالتزام بأعلى معايير الاحترام للمؤسسات الديمقراطية في البلاد وسيادة القانون. سنؤيد بالتأكيد تقديم مدبري الانقلاب للعدالة، لكننا نحذر أيضا من عواقب التمادي في هذا الأمر». وحول سؤال بشأن تسليم فتح الله غولن، وهو معارض تركي يعيش في الولايات المتحدة، وتتهمه أنقره بأنه على صلة بمحاولة الانقلاب، قال كيري إن بلاده «لم تتسلم طلبا رسميا، ولكن الرئيس التركي طيب إردوغان قالها في تصريحات أمام الجميع، ولكن الأمر يحتاج إلى مسار قانوني ورسمي»، وجدد التأكيد على أهمية احترام القانون وأيضا المسار الديمقراطي، وشدد على أهمية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الذي سبق لواشنطن أن أكدت أنها «تريده اتحادا قويا، وسوف يستمر قويا في المستقبل» منوها بأن الشراكة بين الجانبين تحمل رسالة لنشر السلام والأمن والاستقرار في العالم، وأوضح أن الشراكة الأميركية - الأوروبية ستبقى قوية رغم التحديات التي تواجهها الآن، وأنهم ما زالوا عاقدين العزم على مواجهة تحديات الإرهاب بلا هوادة. وأضاف كيري في مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أنهم عازمون على ألا تتأثر الحرب على تنظيم داعش الإرهابي بأحداث تركيا، مشيرا إلى أنهم اتفقوا مع روسيا على العمل على وقف القصف، ودعم جهود محاربة «داعش» و«النصرة»، مؤكدا أنهم حققوا مكاسب في مواجهة تنظيم داعش ومموليه. وقال مذكرًا بزيارته مطلع الأسبوع إلى مقبرة عسكرية ترجع لفترة الحرب العالمية الثانية في لوكسمبورغ، والمساهمة الأميركية في تحرير أوروبا، إن «التعاون الآن على أشده مثلما كان دائما، وإن جميع الأطراف، بمن فيهم وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، مصممون على إجراء انتقال سلس في العلاقات بقدر الإمكان مع اتجاه بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي».
وشكل ملف تطورات الأوضاع في تركيا موضوعا محوريا في نقاشات جرت على إفطار جماعي غير رسمي في بروكسل بحضور وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، وخلال تصريحات لدى الوصول، أكد الوزراء على ضرورة حماية المؤسسات الديمقراطية في تركيا.
وقال وزير الخارجية البلجيكي ديديه رايندرس: «نحن قلقون بسبب الوضع في تركيا، وسنناقش الأمر مع الوزير كيري، ومن المهم جدا أن يكون هناك رد فعل متطابق من واشنطن وبروكسل، ونحن نتفهم موقف الأتراك من الذين شاركوا في الانقلاب، ولكن في الوقت نفسه لا بد من احترام دور القانون في هذا الأمر»، مضيفا أنه «يجب التأكد من حماية سيادة القانون في البلاد أيضا، فلا شيء يبرر الانتهاكات».
وجاءت تصريحات منسقة السياسة الخارجية فيديريكا موغيريني في هذا الاتجاه أيضا، قائلة: «سنتحدث اليوم بهذا الأمر مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري»: «فنحن أول من دعا إلى تجنب العنف وحماية المؤسسات».



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.