الجيش النظامي يكثف قصفه على مدن القلمون.. و«الحر» يستبق المعركة بحشد مقاتليه

الائتلاف يندد بقصف مدرستين في دير الزور.. ومقتل ضابط معارض سهل انشقاق حجاب

جنديان من الجيش الحر بموقع في منطقة السخنة في مدينة حمص أمس (رويترز)
جنديان من الجيش الحر بموقع في منطقة السخنة في مدينة حمص أمس (رويترز)
TT

الجيش النظامي يكثف قصفه على مدن القلمون.. و«الحر» يستبق المعركة بحشد مقاتليه

جنديان من الجيش الحر بموقع في منطقة السخنة في مدينة حمص أمس (رويترز)
جنديان من الجيش الحر بموقع في منطقة السخنة في مدينة حمص أمس (رويترز)

نفت مصادر الجيش السوري الحر في منطقة القلمون بريف دمشق بدء أي اشتباكات مع القوات الحكومية، على خلفية الأنباء عن إعداد النظام السوري لفتح جبهة جديدة في المنطقة المتاخمة للحدود اللبنانية. وأكدت مصادر «الحر» لـ«الشرق الأوسط» أنها «لم ترصد أي تحركات عسكرية نظامية في المنطقة على الرغم من اشتداد القصف منذ ثلاثة أيام على النبك ويبرود». وتزامن القصف مع تنديد الائتلاف الوطني السوري المعارض بقصف القوات النظامية لمدرستين في مدينة دير الزور، ووصف العملية بأنها «استهداف ممنهج للمدنيين»، داعيا المجتمع الدولي «لوضع حد له».
ويأتي الاستنفار على جبهة القلمون بعد أن روّج مقربون من نظام الرئيس السوري بشار الأسد لاقتراب معركة القلمون «بهدف السيطرة على المدن والبلدات المحاذية للحدود السورية مع لبنان»، معلنين أن حزب الله يستعد للمشاركة في هذه العملية. وتعزز هذا الاعتقاد أمس، مع إعلان وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن القوات النظامية دمرت أسلحة وذخيرة محملة بسيارات تابعة للمعارضة، في عمليات نوعية قامت بها في يبرود ودير عطية وحوش عرب وشرق بلدة معلولا والرحيبة. كما ذكرت وكالة «فارس» الإيرانية، أن الجيش النظامي «حقق تقدما ملحوظا في جبال القلمون، بعد قتل عدد من المسلحين في منطقتي رنكوس وجبال عسال الورد»، مشيرة إلى اندلاع اشتباكات في النبك حيث يطوق المسلحون المعارضون داخل المدينة.
ونفت مصادر الجيش السوري الحر في القلمون لـ«الشرق الأوسط»، رصد أي تحركات نظامية استثنائية في المنطقة، مؤكدة أن الاشتباكات في المنطقة «لم تتوقف أصلا، وتتركز في مناطق أطراف رنكوس ووادي بردى والزبداني وسوق بردى، فضلا عن اندلاع الاشتباكات قرب مدينة يبرود وعلى تخوم النبك وأوتوستراد دمشق - حمص وعلى الزبداني».
وقالت المصادر إن القوات النظامية قصفت السوق في قلب مدينة يبرود، فضلا عن قصف النبك «التي تتعرض لقصف متواصل منذ ثلاثة أيام، من غير أن تتحرك آلياتها العسكرية، أو ترسل المزيد من التعزيزات إلى المنطقة».
وتكتسب معركة القلمون أهمية استراتيجية، نظرا لموقع المنطقة الجغرافي الحدودي مع لبنان. وتمتد المنطقة المعروفة بأنها السفح الشرقي لسلسلة جبال لبنان الشرقية، على طول الحدود اللبنانية، بمسافة 110 كيلومترات.
وقالت مصادر الجيش الحر في القلمون إن أكثر من 3000 مقاتل، لجأوا إلى المدينة بعد معركة القصير، «وانضموا إلى المقاتلين المعارضين في مدن وبلدات القلمون، ليرتفع عدد المقاتلين المعارضين فيها إلى أكثر من 20 ألف مقاتل». وأشارت المصادر إلى أن هذه المنطقة «هي أقرب نقطة تربط بين حمص ودمشق، وتعد نقطة انطلاق المعارضين إلى المحافظتين، وتسمح طبيعتها الجغرافية بتأمين المقاتلين، نظرا لمساحاتها الشاسعة، ووجود الأودية والجبال والأحراش والجرود». وتعرف المنطقة بتنوعها الطائفي، حيث يوجد المسيحيون في صيدنايا ومعلولا والمعرة، فيما يشكل المسيحيون 30% من سكان يبرود.
وتعتبر سلسلة الجبال تلك مدخل دمشق الرئيس، خصوصا من جهة الغوطة الشرقية. ويؤكد عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط» أن القلمون «تضم أضخم وأكبر قطع عسكرية ومخازن أسلحة للنظام السوري». ويشير إلى أن «أوتوستراد حمص الدولي يمر من المنطقة»، مضيفا أنها «منطقة حساسة، ومليئة بالقطع العسكرية للجيش النظامي، وتقع فيها مطارات عسكرية مثل الناصرية والضمير، ولواء (18)، وفوج الكيمياء، وفرع الأمن العسكري، ومعسكرات الدريج التابعة للحرس الجمهوري».
وتسيطر قوات المعارضة على مساحة شاسعة من المنطقة، أهمها يبرود والزبداني، وقارة، وفليطا، والمشيرفة، وراس العين، والمعرة وعسال الورد، كما تسيطر على مزارع رنكوس وأجزاء من ريف النبك. ويشير الداراني إلى أن «ألوية كثيرة من الجيش الحر توجد في القلمون، أهمها (جيش الإسلام)، و(أسود السنة في القلمون)، و(جبهة النصرة)، و(ألوية الصحابة في رنكوس)».
وارتفعت المخاوف في لبنان من بدء عملية القلمون، مما يؤثر على الوضع الأمني على الحدود السورية، خصوصا في عرسال التي تحاذي جرودها مساحة كبيرة من الجبال الحدودية مع سوريا. وحذر حزب الكتائب اللبنانية، أمس من «تفاقم الأزمة السورية»، داعيا المجتمع الدولي إلى «التدخل قبل توسيع رقعة الاقتتال امتدادا إلى القلمون والمناطق المتاخمة للحدود اللبنانية الشرقية، الأمر الذي يهدد بتداعيات خطيرة على الداخل اللبناني سواء على المستوى الأمني، أو على المستوى الاجتماعي لجهة تدفق مزيد من النازحين».
في هذا الوقت، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان وقوع اشتباكات بين مقاتلي الكتائب المقاتلة والقوات النظامية في مدينة معضمية الشام وعلى أطراف مدينة داريا بريف دمشق، في حين جددت القوات النظامية قصفها مناطق في بلدة المليحة وأطرافها. وأشار إلى تجدد القصف على الأطراف الشرقية لمدينة يبرود، في حين سقطت عدة قذائف على مزارع السقي والوادي في مدينة النبك بالقلمون، بينما نفذ الطيران الحربي أربع غارات على أطراف بلدة المليحة.
بدورها، أفادت لجان التنسيق المحلية بوقوع اشتباكات في المعضمية على الجبهة الغربية بالتزامن مع قصف عنيف بالشيلكا والمدفعية استهدف المدينة.
إلى ذلك، أعلن المرصد السوري سيطرة مقاتلي «جبهة النصرة» وحركة «أحرار الشام» الإسلامية، و«لواء التوحيد»، على معبر كراج الحجز في حلب، بعد أن قاموا بإخلاء حيي بستان القصر من الكتائب التي كانت تسيطر على المعبر.
من جهة أخرى، أفاد ناشطون باشتداد القصف على طفس وداعل والنعيمة في محافظة درعا، فيما ذكرت وكالة «سانا» أن القوات النظامية قتلت متزعم «لواء فلوجة حوران» ياسر العبود وعددا كبيرا ممن سمتهم «إرهابيي جبهة النصرة» في مدينة طفس، وماهر قطيفان، متزعم «جبهة النصرة» في بلدة ابطع، على حد تعبيرها.
وفي سياق متصل، أفادت تنسيقيات الثورة السورية بمقتل العبود، قائد «لواء فلوجة حوران»، وقائد عمليات المنطقة الشرقية، الذي يعد أحد أبرز القادة في الجيش السوري الحر، جراء قذيفة استهدفت مكان وجوده استهدافا مباشرا في طفس.
ويعتبر العبود من أوائل الضباط المنشقين عن نظام الأسد، وله تأثيره الميداني في المنطقة الجنوبية. وساهم العبود، بحسب تنسيقيات الثورة، في تسهيل عملية انشقاق رئيس مجلس الوزراء السابق رياض حجاب. وقال العبود حينها إن كتيبتي «اليرموك» و«المعتصم بالله» أمنتا عبور حجاب إلى الأردن.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».