ضغوط دولية لوقف زحف الشرعية صوب صنعاء والمبعوث الأممي في الرياض لإقناعها بالمشاورات

الحكومة: لا مشاورات من دون ممر آمن وإطلاق المعتقلين وفك الحصار

إسماعيل ولد الشيخ لدى وصوله إلى صنعاء قبل ثلاثة أيام (رويترز)
إسماعيل ولد الشيخ لدى وصوله إلى صنعاء قبل ثلاثة أيام (رويترز)
TT

ضغوط دولية لوقف زحف الشرعية صوب صنعاء والمبعوث الأممي في الرياض لإقناعها بالمشاورات

إسماعيل ولد الشيخ لدى وصوله إلى صنعاء قبل ثلاثة أيام (رويترز)
إسماعيل ولد الشيخ لدى وصوله إلى صنعاء قبل ثلاثة أيام (رويترز)

أقرت الحكومة اليمنية، خلال اجتماعها أمس الجمعة في العاصمة السعودية الرياض الذي شمل وفدها الذي شارك في مشاورات الكويت، رفضها التام الذهاب للجولة الثانية من المباحثات المزمع إطلاقها في الأيام القليلة المقبلة، ما لم يقدم إسماعيل ولد الشيخ، المبعوث الأممي، ضمانات دولية، وأخرى موقعة من الجانب الآخر «الحوثيين - صالح» بتطبيق الاتفاقيات التي وقعت في وقت سابق، التي تشمل فتح ممر آمن، وإطلاق سراح المعتقلين، وفك الحصار عن المدن المحررة.
وجاء هذا القرار قبل ساعات من لقاء الرئيس عبد ربه منصور هادي، بولد الشيخ الذي وصل، أمس الجمعة، إلى العاصمة السعودية الرياض، بعد لقائه الخميس «الحوثيين - صالح» في العاصمة اليمنية صنعاء، وتوقع بحسب مصادر مقربة من الرئاسة أن الاجتماع الذي سيعقد في ساعة متأخرة ليوم أمس الجمعة، سيطرح خلاله ولد الشيخ ما توصل إليه من مباحثات من الطرف الآخر، التي تشير المعلومات الأولية إلى أن الحوثيين رفضوا ما طرحه ولد الشيخ، حول تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
ويرى مراقبون، أن إعلان الحكومة رفضها الذهاب إلى الجولة الثانية في الكويت، قبل اللقاء المرتقب مع ولد الشيخ، يحمل في طياته رسالة قوية للمجتمع الدولي وممثل الأمم المتحدة، أنه لا توجد خيارات للقبول بالذهاب، ما لم يكن هناك فرض وإلزام على الحوثيين بتنفيذ ما وقع عليه في «بيل، وجنيف، والكويت» قبل الخوض في جدول أعمال «الكويت 2».
وشهدت الأيام الماضية تحركات دولية، لاحتواء الخلاف القائم ما بين الحكومة اليمنية وإسماعيل ولد الشيخ، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، على خلفية خريطة الطريق التي عرضها ولد الشيخ دون الرجوع إلى وفد الحكومة اليمنية المشارك، خاصة أن عددا من بنود الخريطة رُفض في وقت سابق قبل شهرين من مباحثات الكويت، وكان من أبرز من التقتهم الحكومة نائبي السفيرين الأميركي والبريطاني، واللذين استمعا لوجهة نظر الحكومة في المشاورات الثانية.
في المقابل أكدت مصادر يمنية، أن هناك دولا كبرى تمارس ضغوطا بشكل أو بآخر على الحكومة اليمنية، وجيشها المرابط على تخوم العاصمة اليمنية «صنعاء» بعدم التحرك إلى قلب المدينة، حتى تنتهي العملية السلمية، ولم يفصح المصدر أسماء تلك الدول، لكنه أشار إلى أن هذه الدول تمارس ضغطا كبيرا بوقف الزحف حتى إشعار آخر.
وقال عبد العزيز جباري، نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الخدمة المدنية، لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة اليمنية برئاسة عبد ربه منصور هادي، أقرت في اجتماعها الذي عقد، مساء أمس الجمعة، في العاصمة السعودية الرياض، بعدم الذهاب للمشاورات ما لم تنفذ الاتفاقيات التي وقعت، ومنها من فتح الممرات الآمنة عن المدن المحاصرة، وإطلاق المعتقلين والمحتجزين، وأصحاب الرأي ومنهم الإعلاميون، ووقف الاعتداءات على المواطنين، وتسليم السلاح.
وشدد على أن الحكومة اليمنية حريصة على العملية السلمية وإتمام كل المساعي التي تسير في هذا الاتجاه، لكنه ومن خلال التجارب على مدار عام كامل من اللقاءات المتنوعة التي انطلقت في جنيف، إلى بيل، إلى «الكويت 1» والآن «الكويت 2» لم تلتزم الميليشيا باتفاق واحد يبدي حسن النية، كما أنها تقوم خلال الجلسات السابقة بالالتفاف على «القرار الأممي رقم 2216»، موضحا أن هذه الأسباب تدفع الحكومة بعدم الذهاب حتى لا نقع في ذات المشكلات والمماطلة وتخرج مشاورات الكويت دون نتائج واضحة وصريحة.
وتدعو الحكومة، جميع الأطراف المعنية بالسلام وإحلاله في اليمن، إلى أن تلتزم بتطبيق «القرار 2216»، والمبادرة الخليجية، والحوار الوطني، وألا يكون هناك أي بنود أخرى خارج هذا السياق، مع إلزام الطرف الآخر بقبول جدول الأعمال المبني على هذه المرجعيات الثلاث.
وبعثت الحكومة عدة رسائل للدول الراعية والمجتمع الدولي والقوى السياسية اليمنية المؤيدة للشرعية، قبل لقاء ولد الشيخ مع «الحوثيين - صالح» في صنعاء، أول من أمس الخميس، وشددت في تلك الرسائل على أن الحكومة لن تذهب إلى المشاورات دون ضمانات مسبقة.
وعن انعكاس قرار الحكومة على التحرك العسكري، قال الوزير جباري، إن إقرار الحكومة بوقف المشاورات، لا يلغي التحرك العسكري على الأرض، فليس أمام الشعب اليمني خيار سوى الدفاع عن نفسه وعن حكومته ومؤسساته، وأن تكون هناك دولة ذات سيادة، وطرد هذه الميليشيات التي سيطرت على البلاد بالسلاح، موضحا أن عدم تسليم السلاح سيفتح الباب أمام كل الجبهات، ولن يتوقف نزيف الدم، بسبب هذا التعنت التي تمارسه ميليشيا الحوثيين.
وحول تأخر القيادة اليمنية في إصدار أوامر للجيش اليمني الذي أصبح على أطراف صنعاء بتحرير المدينة، قال نائب رئيس الحكومة اليمنية، إن الحكومة شريكة مع التحالف العربي وهذا القرار مشترك، موضحا أن هناك ضغوطات كبيرة تمارس على الحكومة اليمنية من كثير من الجهات والمجتمع الدولي، بعدم التقدم نحو صنعاء.
وأكد الوزير جباري، أن المجتمع الدولي وهذه الجهات، سيدركون قريبا أنه لا يوجد أمام الحكومة اليمنية، والمجتمع الدولي، من خيار إلا بطرد ميليشيا الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع من خلال تحرير العاصمة اليمنية «صنعاء»، واستعادة المؤسسات الحكومية التي استولت عليها الميليشيا في وقت سابق.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».