السينما العربية تشارك في مهرجان لوكارنو

لقطة لفريق فيلم «الخضرة والماء والوجه الحسن»
لقطة لفريق فيلم «الخضرة والماء والوجه الحسن»
TT

السينما العربية تشارك في مهرجان لوكارنو

لقطة لفريق فيلم «الخضرة والماء والوجه الحسن»
لقطة لفريق فيلم «الخضرة والماء والوجه الحسن»

أعلن مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي عن قائمة أفلامه المشتركة في العروض الرسمية (داخل وخارج المسابقة)، ومن بينها فيلمان مصريان وثلاثة أفلام شاركت دولة قطر في تمويلها‬
الفيلمان المصريان هما «الماء والخضرة والوجه الحسن»، وهو جديد المخرج يسري نصر الله، الذي جمع له عددًا من أهم الممثلين المصريين ومنهم ليلى علوي ومنة شلبي وبسام سمرا وأحمد داود، ويعرض في المسابقة الدولية التي تضم 17 فيلمًا جاءت من اليونان والبرتغال وبولندا وألمانيا وسويسرا والنمسا وإيطاليا بين مصادر أخرى.
الفيلم المصري الثاني هو «أخضر يابس» للمخرج محمد حمّاد الذي يشترك في مسابقة أخرى هي «مخرجو الحاضر» (تهتم بالمواهب التي تنجز فيلمها الأول أو الثاني). هذا الفيلم من بطولة هبة علي وأسماء فوزي وأحمد حماد من بين آخرين.
اسم دولة قطر يتردد في ثلاثة أفلام كلها غير عربية. الواضح أن مؤسسة الدوحة للأفلام ترغب أن تدخل معقل السينما العالمية، كما العربية، وعلى نحو عريض يمكنها من وضع اسم البلاد في محافل مختلفة ذات أهمية معنوية وسمعة فنية عالية. لا أفضل من المهرجانات الكبيرة لهذا الغرض.
هناك، ومن دون ترتيب أو تفضيل، «إلى أن يحين وقت الظلام» وهو فيلم تايلاندي المصدر أساسًا للمخرج أنوشا سوويشاكورنبونغ أسهمت فيه قطر لجانب هولندا وفرنسا، و«فكرة بحيرة» لميلاغروس مومنتالر، وقد نبت من الأرجنتين أولاً ثم تبنته شركة سويسرية لجانب التمويل الجزئي القطري. أما الفيلم الثالث فهو «جمجمة قديمة» وهو إنتاج بوليفي تسهم فيه دولة قطر بنسبة تصل إلى نحو خمسين في المائة من ميزانيته، ومن دون وجود دولة ثالثة كما الحال مع الفيلمين الآخرين.
* عام مميز
إنه عالم متغير على الدوام وكلما ازداد تغيرا تباعدت المسافات بينه وبين الأمس عندما كانت الأفلام العربية تختبئ وراء شاشات العروض التجارية وحدها في أغلب الأحيان. منذ متى مثلاً سنحت الفرصة أمام أربعة مخرجين مصريين للظهور في عام واحد على شاشات أربع مهرجانات دولية كبيرة؟
يسري نصر الله أكثرهم خبرة في هذا الميدان. أفلامه السابقة اختارت السير في درب المهرجانات الدولية وأمّت بالفعل بعض أفضلها مثل «كان» و«فينيسيا» و«لوكارنو». صحيح أن الخروج بجائزة أولى من أحدها ما زال أمنية لم تتحقق بعد، لكن الرجل موجود في حاضر السينما العربية - العالمية على نحو كثيف يذكّر بحضور يوسف شاهين في الثمانينات والتسعينات.
المخرجون الباقون هم من الجدد، وهذا هو عنصر مهم: المخرج الجديد تامر السعيد قدم فيلمه الرائع «آخر أيام المدينة» في مهرجان برلين مطلع هذه السنة. تبعه محمد دياب عبر فيلم «اشتباك» الذي عُرض في مهرجان «كان» الماضي. والآن محمد حمّاد ينضم إلى هذه النخبة الشابة بالالتحاق بفيلم «أخضر يابس».
لا هي المرّة الأولى التي تخرج فيها السينما المصرية إلى المهرجانات الدولية فهي واللبنانية تشاركتا الوجود في بعض دورات مهرجان «كان» مطلع الخمسينات، لكنها الأولى التي يُتاح لها، بفضل مخرجيها المثابرين، على الوجود في مهرجانات السينما المذكورة في عام واحد وضمن مسابقات أساسية وليس على سبيل الحضور في الهوامش والبرامج غير الرسمية.
هناك مهرجانان من المؤكد أنهما لن يخلوا من المشاركات المصرية (والعربية الأخرى) هما فينيسيا وتورنتو، فإذا اكتمل الحال على هذا الوضع تكون السينما العربية قد أنجزت هذا العام ما لم تنجزه سابقًا من حضور واضح وقوي.
بالنسبة للسينما الخليجية فالمبادرات فردية ومتباعدة أكثر. مهرجان برلين شهد عرض الفيلم السعودي «بركة يقابل بركة» لمحمود الصباغ بنجاح كبير، كما قدم المخرج السعودي الشاب محمد سلمان بفيلمه القصير «قاري» في مهرجان بالم سبرينغز الدولي للفيلم القصير حيث استقبل بشكل جيد.
لكن التوجه الأكثر استمرارية ونجاحًا لا يمكن أن يبقى فرديًا. وما تقوم به «مؤسسة الدوحة للفيلم» عبر ذراعها التمويلية ينجز لها ولدولة قطر ما لا تستطيع المساهمات الفردية إنجازه في سنوات. في تقدير أولى تسهم المؤسسة في نحو أربعين فيلم في السنة بمنح تتفاوت في نسبها. عدد الأفلام العربية المستفيدة من هذا الوضع يصل إلى نحو الثلثين (عدد مماثل لما تنجزه مؤسستا الإمارات العربية المتحدة في دبي وأبوظبي)، لكن المساهمة في التمويل الأجنبي يتقدّم بصورة مطردة كما تبرهن عليه المهرجانات واحدًا تلو الآخر.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.