المشهد: إعلام الخصوصيات

المشهد: إعلام الخصوصيات
TT

المشهد: إعلام الخصوصيات

المشهد: إعلام الخصوصيات

* عند العقلاء منا، ما يهم إذا ما كانت جنيفر أنيستون حبلى أم لا؟ أو إذا ما أثارت أمل بوشوشة «محبيها على حسابها الشخصي على إنستغرام بصور خاصة جدًا»؟ أو إذا ما قضى عاصي الحلاني عطلته مع عائلته في باريس أو في ريو دي جانيرو؟
* الأخبار التي على هذه الشاكلة كثيرة شرقًا وغربًا وفي كل مكان. وناشروها يتوسمون وجود قراء ومتابعين. وهم ليسوا بعيدين عن الصواب. المجلات الورقية التي تتعاطى نجوم السينما والمجتمع هي الأقدر على البقاء من تلك الهادفة. ردات الفعل على مسلسل عادل إمام (معظمها الكاسح سلبي) أهم لدى كثيرين من نقد المسلسل نقدًا موضوعيًا. وخبر حول ماذا ارتدت الفنانة في حفلة عيد ميلادها أو من جنازة أمّ أحد الفنانين يصبح أهم من المحتفى بها أو من الميت ذاته.
* الحال في الغرب وفي دول آسيا عمومًا ليس أفضل. في الهند مئات المجلات المسماة بالفنية والمقصود به تلك التي تشيع وتعيش على الأخبار. في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة عشرات. والقراء يولون مثل هذه المجلات ومواقعها اهتمامًا كبيرًا بلا ريب. رغم ذلك الجمهور الذي يقبل على ثقافة الفن عمومًا، والسينما بحد ذاتها، هو أيضًا كبير. في عصرنا اليوم هو أكبر عددًا مما كان عليه في أكثر من حقبة.
* هذه الخواطر اندلعت في البال عندما قرأت رد الممثلة جنيفر أنيستون على الصحف التي تتناولها، غالبًا بالتعريض، منذ سنوات. قالت في رسالتها: «ما أنا عليه أنني ضجرت من رياضة التدقيق والتدقيق على شكل الجسم التي تقع يوميًا تحت قناع الصحافة وحرية التعبير وأخبار نجوم المجتمع».
* جنيفر أفاقت قبل أيام على خبر ورد في موقع وانتشر في أخرى يقول إنها حبلى من زوجها جوستين ثيروكس (ممثل غير معروف) فصرّحت بأنها غير حبلى، لكنها معنية بكيف يمكن لها أن توقف مثل هذا التدخل في حياتها الشخصية. ومعها حق!
* ما يبدو جليًا أنها عرضة للنقد (غير الفني) منذ سنوات. انفصال براد بت عنها وارتباك مسيرة حياتها تبعًا لذلك، ثم عناوين مقالات مثل «يا إلهي.. هذه المرأة أصبحت في سن الأربعين»، والتصدي لكل حركاتها وصولاً للتكهن حول ما إذا كانت حبلى أم لا، أكثر مما تستطيع أن تتحمل.
* هل لأنها وحيدة؟ هل كان سيحدث لها ذلك لو بقيت على ذمة براد بت ذي السطوة والرهبة؟ هل هو أمر عجيب أو غريب أن تكون حبلى أو لا تكون؟
* لكن هذا هو واقع حال قطاع من الإعلام واسع يجد في خصوصيات أهل الشهرة مواد لا تنتهي. لو قامت أنيستون بتمثيل دور الأم تيريزا، ستتولى تلك الصحف والمواقع المسألة من زاوية تثير الإحباط حتى من قبل أن ترى إذا ما كانت أجادت الدور أو لا. بذلك تتحول الصحافة إلى فن التعليق وليس إلى فن الحقيقة. وما عندهم عندنا منه.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.