مسؤول عراقي يعزو استغلال «داعش» لملف ديالى إلى السياسات الخاطئة للتيارات السياسية

الزاملي لـ«الشرق الأوسط»: صراعات التيارات والخلافات مكنت التنظيم من العودة للمحافظة المحررة

سيارة محترقة وآثار دمار قرب موقع انفجار سيارة مفخخة شمال بغداد أمس (رويترز)
سيارة محترقة وآثار دمار قرب موقع انفجار سيارة مفخخة شمال بغداد أمس (رويترز)
TT

مسؤول عراقي يعزو استغلال «داعش» لملف ديالى إلى السياسات الخاطئة للتيارات السياسية

سيارة محترقة وآثار دمار قرب موقع انفجار سيارة مفخخة شمال بغداد أمس (رويترز)
سيارة محترقة وآثار دمار قرب موقع انفجار سيارة مفخخة شمال بغداد أمس (رويترز)

حمّل رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حاكم الزاملي الإدارة السياسية الخاطئة لملف ديالى بالتسبب في عودة تنظيم «داعش» المتطرف للمدينة المحررة. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على خلفية التفجير الذي وقع أمس عند نقطة تفتيش فيما يعرف ببوابة بغداد على الحدود بين محافظتي ديالى وبغداد وراح ضحيته العشرات إن وضع ديالى لا يزال يمثل بيئة مناسبة لتنظيم داعش المتطرف، رغم أن هذه المحافظة التي كان احتلها التنظيم 2014 قد تم تحريرها، ولكن المشكلة أن الخلافات السياسية التي كانت موجودة قبله لا تزال مستمرة حتى بعد خروج «داعش» منها، وتسليم ملفها إلى إدارتها هناك، والقائم على المحاصصة الحزبية والطائفية والعرقية.
وأضاف أن «تنظيم داعش استغل هذه البيئة السياسية الخاطئة لصالحه، لأن الخلافات السياسية بين الفرقاء هناك لا بد أن تخلف أحقادا وضغائن الجميع يعرف أنها سوف تستغل مما يفترض أنه عدو للجميع» مشيرًا إلى أن «أجهزة وزارة الداخلية في ديالى تكاد كلها تعود إلى جهة حزبية واحدة وهو أمر غير صحيح، مما يولد خلافات مع الشركاء السياسيين داخل المحافظة، وهو ما ينعكس بالضرورة على الوضع الأمني فيها». وأوضح الزاملي أن «ديالى هي خاصرة بغداد وما لم يستقر وضعها السياسي وبالتالي الأمني، فإنه لا يمكن أن يستقر وضع بغداد». وكان ثالث تفجير كبير يستهدف العاصمة بغداد في غضون أقل من عشرة أيام من خلال السيارات المفخخة مصدره محافظة ديالى. فبالإضافة إلى تفجير أمس الأربعاء عند نقطة تفتيش بوابة بغداد عند منطقة الحسينية، والذي راح ضحيته عشرات القتلى والجرحى عبر سيارة يقودها انتحاري، فإن تفجير الكرادة الضخم الذي وقع في الثالث من شهر يوليو (تموز) الحالي، والذي أدى إلى مقتل وجرح أكثر من خمسمائة شخص، والذي تلاه تفجير علوة الخضار في منطقة الحسينية على الطريق الرابط بين بغداد وديالى في الثاني عشر من يوليو «تموز» مصدره محافظة ديالى (60 كم شمال شرق بغداد).
إلى ذلك أكد مجلس محافظة بغداد أنه «لا يوجد تنسيق من الناحية العملية بين مجلس المحافظة وبين الأجهزة الأمنية، من منطلق أن لكل جهة عملها الذي يختلف عن عمل الأخرى، لكننا بالطبع نقدم لهم المقترحات فيما يتصل وبما يتعلق برؤيتنا في كيفية الحفاظ على أمن العاصمة التي يقطنها نحو ثلث سكان العراق». وقال سعد المطلبي، عضو اللجنة الأمنية بمجلس المحافظة، إن عدم تحرير محافظة ديالى بشكل كامل سبب انتكاسة أمنية لاحقة، مضيفًا: «المشكلة أن ديالى تم تحريرها شكليًا من تنظيم داعش، وبسبب استمرار الخلافات السياسية هناك فقد تمكن تنظيم داعش بعد خسارته الأرض على يد القوات العسكرية من أن يتحول إلى منظمة تعمل تحت الأرض، وذلك من خلال تفعيل ولاية ديالى العائدة إلى التنظيم للتعويض عن فقدانهم الأرض». وأشار المطلبي إلى أن «تنظيم داعش ابتكر أساليب جديدة يخفي من خلالها المتفجرات التي تستهدف بغداد، وذلك بإضافة مادة زيت الكاز، بحيث يمكن أن لا تكتشفها حتى الكلاب البوليسية». وكشف المطلبي عن أن «الأجهزة المعنية تمكنت من الاستيلاء على ملف مهم يتضمن بريدا كاملا تستخدمه خلايا بعثية يتضمن معلومات مهمة، في المقدمة منها أن للبعثيين الدور الأكبر في التظاهرات، وطريقة توجيهها بما فيها الشعارات والهتافات المناوئة لأطراف وجهات سياسية معينة»، مشيرًا إلى أن «هذا الملف سوف يجيب عن أسئلة كثيرة في المستقبل».
من جهته، أكد الخبير العسكري المتخصص سعيد الجياشي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «خسارة (داعش) للفلوجة كانت بمثابة خسارة باهظة الثمن، لأن الفلوجة لم تكن ولاية واحدة لـ(داعش) بل كانت أربع ولايات في مكان واحد، لكل ولاية واليها وأنظمتها وسياقات عملها، وهي بالإضافة إلى ولاية الفلوجة نفسها هناك أيضا ولاية الكرمة، والفرات، والجنوب، والغربية، حيث كانت كل ولاية من هذه الولايات تقوم بالتفخيخ والنقل من الفلوجة، وإلى الجهة التي تخصصت فيها تلك الولاية». وأضاف الجياشي أن «(داعش) بعد خسارته الفلوجة انتهت عمليًا هذه الولاية بعد أن فقد القدرة على التفخيخ والنقل، الأمر الذي أدى إلى أن تنتقل العملية كلها إلى الموصل، بحيث إن عمليات التفخيخ تتم هناك وتأتي بطرق مختلفة عبر ديالى، التي هي مجرد ناقل للسيارات المفخخة التي يستثمرها داعش بسبب هشاشة وضعها الأمني». وأوضح الجياشي أن «تنظيم داعش قام بتفعيل ولايتين بهدف استهداف بغداد، هما ولاية شمال بغداد والتي تمتد إلى ديالى، وولاية نصرة شمال ديالى والتي تستهدف بغداد حصرا»، مشيرا إلى أن «هناك العشرات من السيارات المفخخة التي يجري اكتشافها إلى الحد الذي يجعل الأجهزة الأمنية تكتشف أن هذه السيارة مفخخة ومقبلة من الفلوجة عبر النخيب أو ديالى إلى بغداد، لكن يستقلها ناقل وليس شخصا مفخخا، وإن دور هذا الناقل إيصالها إلى خلية إرهابية هي من تتولى قيادتها عبر شخص انتحاري نحو هدفها، وهو ما يجعلنا نحقق هدفين وهو الإمساك بالناقل، والكشف عن الخلية التي هي داخل بغداد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.