تجتمع لجنة الموازنة والسياسات النقدية والاقتصادية داخل البرلمان الأوروبي، اليوم، في بروكسل؛ لمناقشة «القدرة المالية» لمنطقة اليورو بعد قرار البريطانيين انفصال بلادهم عن الاتحاد الأوروبي.
وحسب ما أعلن مقر المؤسسة التشريعية الأعلى في الاتحاد الأوروبي، سيشارك في النقاش الهولندي جيروين ديسلبلوم، رئيس مجموعة اليورو، ووزراء المال والموازنة من دول أعضاء في المنطقة، وهي: إسبانيا، فرنسا، إيطاليا، سلوفاكيا، مالطا ولوكسمبورغ. ويتوقع أن يجري تصويت داخل البرلمان الأوروبي حول ملف الموازنة في منطقة اليورو خلال أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وبعد الظهر، ستنطلق اجتماعات وزراء المال في منطقة اليورو، حيث ستتم مناقشة الوضع المالي والاقتصادي لمنطقة اليورو، والتطورات الأخيرة في أسواق المال بعد نتيجة الاستفتاء البريطاني واختيار الخروج من الاتحاد الأوروبي. كما سيتلقى الوزراء تقارير بشأن نتائج الاستعراض والمراقبة عقب انتهاء البرنامج الخامس في آيرلندا، والبرنامج الرابع في البرتغال، حيث جرى تقييم ما إذا كانت الدول الأعضاء التي تلقت مساعدات مالية لتنفيذ سياسات مالية سليمة قد استفادت منها، وحول ما إذا كانت هذه الدول تواجه أي خطر يعيق قدرتها على سداد ديونها. وتستمر عمليات المراقبة والتقييم حتى بعد انتهاء البرنامج المخصص لكل دولة، وحتى يتم سداد 75 في المائة على الأقل من المساعدات المالية التي تلقتها.
وخلال شهر يونيو (حزيران) الماضي، زار كل من آيرلندا والبرتغال وفدا يضم أعضاء من المفوضية الأوروبية، والمركزي الأوروبي، وآلية الاستقرار الأوروبية، وصندوق النقد الدولي، ويشكلون بعثة المراقبة والتقييم. وقال المجلس الوزاري الأوروبي: «الاجتماعات الوزارية المقررة في بروكسل غدا (اليوم) ستشهد تبادلا لوجهات النظر حول الوضع المالي في إسبانيا والبرتغال، على أساس التوصيات الصادرة من المفوضية الأوروبية بشأن العجز المفرط في هذه الدول، وستتم مناقشة إمكانية اتّخاذ قرارات في هذا الصدد».
وقال المجلس الوزاري الأوروبي في بروكسل «الاجتماع سيناقش الموقف المالي في منطقة اليورو على أساس برامج الاستقرار الوطنية المقدمة من الدول الأعضاء في منطقة اليورو في سياق الفصل الدراسي الأول في أبريل (نيسان) الماضي، وهو الأمر الذي من شأنه أن يغذّي النقاش حول خطط موازنة لعام 2017، كما سيواصل الاجتماع الوزاري النقاش الموضوعي حول النمو وتوفير فرص العمل، وسيتم التركيز على الاستثمار، كما سيتبادل الوزراء الأفكار حول أفضل الممارسات، بشأن كيفية معالجة العقبات الهيكلية والتنظيمية للاستثمار».
وفي أواخر العام الماضي، جرى الإعلان في بروكسل عن التوصل إلى اتفاق بين المجلس الوزاري الأوروبي، الذي يمثل الدول الأعضاء في الاتحاد من جهة، والبرلمان الأوروبي من جهة أخرى حول موازنة عام 2016، وتضمّن الاتفاق تعيين المستوى الإجمالي للالتزامات في 155 مليار يورو، والمدفوعات إلى 143 مليار و890 مليون يورو.
وتضمنت الموازنة تخصيص أكثر من 2 مليار يورو في إطار الاستجابة لأزمة الهجرة، وتقديم المساعدات الطارئة للدول الأعضاء في الاتحاد الأكثر تضررا، فضلا عن المساعدات الإنسانية. وقال المجلس الوزاري الأوروبي «الاتفاق بشأن الموازنة عكس الاهتمام بتعزيز النمو، وخلق فرص العمل والالتزام ببرنامج بحوث الاتحاد الأوروبي (أفق 2020)، الذي خصص له 9 مليارات و540 مليون يورو، زيادة على 318 مليون يورو مقارنة مع مشروع الموازنة الذي تقدمت به المفوضية الأوروبية».
وقبل أسبوع، دعا مسؤولون فرنسيون وبلجيكيون وقادة مؤسسات دولية إلى تعزيز منطقة اليورو عبر تزويدها بموازنة، وتحريك الاستثمارات، وقالوا: «هذا هو الشرط اللازم لكي تتمكن أوروبا من المضي قدما إلى الأمام لتجاوز صدمة تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي (البريكست)». وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، خلال منتدى اقتصادي يعقد على مدى ثلاثة أيام في ايكس إن بروفانس (جنوب فرنسا) «من المهم جدًا من الناحية الاقتصادية أن يقرر الأوروبيون تجاوز (البريكست) بشكل قوي».
وشدد جميع المشاركين في اللقاءات التي تمت في إطار المنتدى على الحاجة الملحة إلى العمل بشكل حاسم. واعتبر المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، بيار موسكوفيسي، أن «الوضع الراهن لا يمكن أن يكون جوابًا على (البريكست)»، داعيًا إلى «رد أوروبي».
وبينما أصبح من المقرر أن يلتقي القادة الأوروبيون في 16 سبتمبر (أيلول) المقبل في براتيسلافا في إطار قمة حول مستقبل الاتحاد الأوروبي من دون المملكة المتحدة، قال موسكوفيسي: إن فرنسا وألمانيا، اللتين تشكلان محركا تترتب عليه «مسؤولية خاصة» داخل الاتحاد، تتفقان بالفعل على نقاط مشتركة تتمثل في فكرة أوروبا التي «توفر مزيدا من الحماية» لمواطنيها، وأوروبا «الأكثر فاعلية» على الصعيد الاقتصادي عبر تأمين مزيد من فرص العمل والنمو.
واعتبر أيضا أن منطقة اليورو التي تضم 19 بلدا يجب أن تترسخ من خلال «سياسة اقتصادية مشتركة»، وقال: إنه «لا يمكننا تجاوز» أهمية تخصيص موازنة لمنطقة اليورو»، داعيا إلى تعيين وزير مال خاص بها. هذا الرأي عبر عنه أيضا وزير الاقتصاد الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي يدافع منذ زمن طويل عن تعزيز منطقة اليورو، وقال: «لقد كبلنا أنفسنا قليلا عندما اعتبرنا أن هناك مناطق جغرافية محظورة، وقضينا أشهرًا وأشهرًا من دون أن نجرؤ على الاجتماع بصيغة منطقة اليورو، ظنا منا أن ذلك قد يزعج البولنديين والبريطانيين». وأضاف ساخرًا «لقد شكروا لنا تواضعنا في الأشهر الأخيرة». ودعا الوزير إلى «الحفاظ على أوروبا السوق الموحدة التي تعتبر ثمرة التوسيع»، لافتا إلى أن «نادي الـ19» أي منطقة اليورو «يستلزم عملا يرسخه».
من جهته، قال وزير الخارجية البلجيكي، ديدييه ريندرز: إن «سياسة الاستثمار من أجل النهوض هي واحدة من العناصر التي سنكون ملزمين بالتحدث عنها في منطقة اليورو». وأضاف أن «النقاش الرئيسي حول القرارات الواجب اتخاذها سريعا هو أن نرى كيف يمكن أن تكون لدينا سياسة مالية حقيقية، إلى جانب السياسة النقدية وليس مجرد النظر إلى العجز والديون، بل أن تكون لدينا سياسة استثمارية متعددة الأوجه في أوروبا».
واعتبر موسكوفيسي أن «خطة يونكر» تشكل «رأس حربة» في هذا الإطار، رغم أنها «بلا شك غير كافية» سواء من حيث مدى تأثيرها أو الوقت المخصص لها. ويتوقع من «خطة يونكر»، التي تهدف إلى تعزيز النمو وفرص العمل في أوروبا، أن تحرك استثمارات بقيمة 315 مليار يورو خلال ثلاث سنوات (من 2015 إلى 2018) من طريق صندوق للاستثمارات الاستراتيجية. وسيتم تمويل الصندوق من موازنة الاتحاد الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي بقيمة تبلغ 21 مليار يورو، على أن يتمكن بعد ذلك من جذب مستثمرين في القطاع الخاص يرغبون في تمويل مشاريع في قطاعات مثل الطاقة والبنية التحتية والأبحاث.
وفي أوائل يونيو (حزيران) الماضي، اقترحت المفوضية الأوروبية تمديد هذه الخطة إلى ما بعد عام 2018.
مجموعة اليورو تناقش اليوم في بروكسل تداعيات «البريكست»
وزراء المال سيبحثون سبل تعزيز اقتصاد الاتحاد الأوروبي بعد الانفصال البريطاني
مجموعة اليورو تناقش اليوم في بروكسل تداعيات «البريكست»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة