تقرير: نصف طلاب الجامعات الأميركية ليسوا «طلابا»

تغيير واسع في المفاهيم خلال السنوات الأخيرة

تقرير: نصف طلاب الجامعات الأميركية ليسوا «طلابا»
TT

تقرير: نصف طلاب الجامعات الأميركية ليسوا «طلابا»

تقرير: نصف طلاب الجامعات الأميركية ليسوا «طلابا»

أوضح تقرير نشرته «كرونيكل أوف هايار إديوكيشن» (دورية التعليم العالي)، أن قرابة نصف طلاب الجامعات الأميركية ليسوا «طلابا»، إشارة إلى تعريف مفردة «طالب» التي تعود عليها الناس، وهو أن «الطالب الجامعي» هو الذي يتخرج من الثانوية، وقبل تخرجه - وبمساعده أهله وأصدقائه يبحث عن جامعة معينة، ثم يوافق والداه على تمويل تعليمه، ثم مع بداية العام الدراسي يساعدانه في حمل حاجاته ونقلها إلى داخليته الجديدة، ويودعانه وهما يتوقعان منه أن يتصل بهما في المستقبل؛ ليس للسؤال عنهما، لكن ليطلب نقودا.
وحسب هذا التقرير، فإن أربعين في المائة من طلاب الجامعات الأميركية ليسوا «طلابا»، إذ تزيد أعمارهم على 25 سنة، وتخرجوا من الثانويات قبل ما بين عشر سنوات وأربعين سنة، حيث إن عشرين في المائة يعملون متفرغين ومهنيين، وعشرة في المائة يدرسون في جامعات مشهورة مثل هارفارد وبرنستون وييل، وهذه أعلى من نسبة الطلاب العاديين. وحسب التقرير، وحسب تقرير آخر أصدرته وزارة التعليم الفيدرالية، لم يكن هذا التغيير متوقعا، وكان الاعتقاد أن الطلاب سيظلون طلابا عبر العقود والقرون، لكن ظهر أكثر من عامل غيرت من تلك المفاهيم.
أولا: انتهت فترة ما يسمى «بيبي بوم» (طفرة الإنجاب)، حيث تضاعفت نسبة الزواج بعد أن عاد ملايين الجنود من الحرب العالمية الثانية. وبعد نصف قرن، كان أولاد هؤلاء، ثم أحفادهم، كبروا وتخرجوا في الجامعات. وبعد ذلك، خلال العشر سنوات الأخيرة، قل عدد طلاب الجامعة.
ثانيا: انتهت فترة الدعم الحكومي الكبير للتعليم الجامعي، وذلك بسبب المشكلات الاقتصادية. وصار التعليم الجامعي عبئا على كثير من الطلاب، وقرر بعضهم أن يتعلم نصفه، أو يتخطاه، ليجد وظيفة تساعده في وقت لاحق على دفع المصروفات الجامعية والعودة إلى الجامعات.
ونظرا لهذين السببين، صارت كثير من الجامعات «تتاجر في سوق الطلاب»، أي تبحث عنهم بأي طريقة؛ وسط كبار السن أو في الدول الأجنبية أو وسط ربات المنازل أو في أماكن العمل.. وكمثال على ذلك زاد عدد الطلاب الأجانب بنسبة 35 في المائة خلال العشر سنوات الماضية، كما زاد عدد الطالبات على عدد الطلاب في الجامعات، بنسب تتراوح بين خمسة وعشرة في المائة خلال العشرين سنة الماضية. وأيضا زادت نسبة الأقليات وسط طلبة وطالبات الجامعات بعشرة في المائة تقريبا، وخصوصا اللاتينيين من أولاد وبنات المهاجرين من المكسيك، خلال العشر سنوات الماضية.
انطلقت الجامعات تبحث عن الطلبة والطالبات في أي مكان، وهي تبحث عن الطلاب غير التقليديين، حتى إنها بحثت في القوات المسلحة. ورب ضارة نافعة؛ إذ إن الحروب التي دخلت فيها الولايات المتحدة منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، دفعت البنتاغون إلى تجنيد ملايين الشباب والشابات. ومع بداية نهاية الحروب، ترك عدد كبير منهم العمل العسكري، مع مكافآت مغرية (وجنسيات أميركية للجنود الأجانب)، ومصروفات جامعية لمن يريد أن يدرس في جامعة.
من بين هذا النوع الأخير، ناثان سابيل، الذي قال لصحيفة «واشنطن بوست» إن عمره 26 سنة (أعلى كثيرا من متوسط عمر طالب الجامعة)، وكان قد عمل في سلاح البحرية لست سنوات، وحارب في العراق وأفغانستان، وواجه قراصنة البحر الصوماليين من المدمرة التي كان يعمل فيها، ثم تقاعد قبل عامين. يدرس سابيل الآن في جامعة جورج واشنطن (في واشنطن العاصمة)، وقال إن الجامعة هي التي بحثت عنه، ولم يبحث هو عنها. وذلك لحرص الجامعة على الاستفادة من «جيوش» العسكريين المتقاعدين الذين تدفع لهم وزارة المحاربين القدامى المصاريف الجامعية. واعترف بذلك مسؤول في الجامعة، وقال: «نضمن مصروفات الطلاب، ونستفيد من خبراتهم، ونعتمد على جديتهم بسبب كبر أعمارهم».
وقال المسؤول، إن الجامعة أسست مركزا لكسب العسكريين السابقين، وعلمت العاملين في المركز «الثقافة العسكرية»، أي كيفية التعامل مع الجنود السابقين وفهم حاجاتهم، وحتى طريقة كلامهم ومشكلاتهم النفسية بعد أن عادوا من حروب في بلاد بعيدة.
يشرف على المركز أدميرال عسكري متقاعد.. وفي هذه السنة الأكاديمية، وصل عدد الطلاب العسكريين السابقين في الجامعة إلى أكثر من ألف طالب وطالبة. وتوجد في كلية شمال فرجينيا المحلية نسبة كبيرة من طلاب «نانتراد» (غير التقليديين)، مثل أنديا برايس وعمرها 34 عاما، وهي مطلقة، وأم لأربعة أولاد وبنات. قالت إنها عادت إلى الجامعة لزيادة تعليمها، وللحصول على شهادة جامعية في إدارة الأعمال، ترفع مستواها التعليمي والوظيفي، وتحسن راتبها الشهري. وقالت إنها كانت درست سنة واحدة في جامعة روتجار (ولاية نيوجيرسي)، وهي من أشهر الجامعات الأميركية، لكنها لم تقدر على دفع المصروفات الجامعية.
واعترفت برايس قائلة: «ليس سهلا الجمع بين العمل والدراسة وتربية الأطفال، لكنني آمل أن الشهادة الجامعية ستساعدني». وأوضحت أن الكلية شجعتها بعد أن وفرت لها وظيفة غير متفرغة في الجامعة، مقابل دفع مصروفاتها الجامعية. وكتبت مجلة «يو إس نيوز»، التي تصدر تقارير عن أحسن الجامعات الأميركية عن هذا الموضوع، وقالت إن الجامعات صارت تشجع كبار السن للعودة للدراسة، ليس فقط بسبب قدرتهم الأعلى نسبيا على دفع المصروفات الجامعية، ولكن أيضا كمساهمة وطنية.
ولهذا، تغري بعض الجامعات هؤلاء بمنحهم قروضا لتغطية نفقاتهم التعليمية. وحسب أرقام مجلس التعليم العالي الفيدرالي، تقدم ستون في المائة من الجامعات الأميركية إغراءات مالية لكبار السن للعودة إلى مقاعد الدراسة. وتوفر جامعات وظائف محاضرين غير متفرغين للذين عندهم مؤهلات أكاديمية وخبرات وظيفية. وتؤسس جامعات مناطق سكنية لهؤلاء، أي تستفيد منهم أكاديميا، وتستفيد منهم بتوفير أجواء مغرية (وأكاديمية) لحياة ما بعد التقاعد.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.