بعد جولة حول العالم دامت 5 سنوات، ومليون متفرج شاهدوا العرض، حطت المسرحية الغنائية الهندية «ميرشانتس أوف بوليوود» في قصر بيت الدين، مفتتحة مهرجاناته في دورتها الحادية والثلاثين، بنكهة ألوان الهند وموسيقاه وصخبه وطعم بهاراته الحارقة.
لم تمنع المخاوف الأمنية الناس من التوجه إلى وسط بيروت لحضور افتتاح «أعياد بيروت»، أو ركوب الحافلات والسيارات للصعود صوب الشوف، للاحتفال بافتتاح «مهرجانات بيت الدين» وبدا أن الإجراءات الاحترازية أصبحت أكثر دقة، حيث تواجدت عناصر من الجيش على مقربة من الحافلات التي تقل رواد المهرجان إلى «بيت الدين»، وصارت كل إجراءات التفتيش تجري خارج القصر التاريخي، حيث تبدأ من الشارع المؤدي إليه وتنتهي على أبوابه، وهو ما أشاع جوا من الارتياح لدى المواطنين الذين اعتبروا أن الاهتمام بأمنهم يتم بعناية عالية تشعرهم بالطمأنينة، من دون أن تتسبب لهم بأي إزعاج.
آلاف المتفرجين زحفوا إلى الشوف يوم أمس وأول من أمس، لحضور العرضين الوحيدين، لمسرحية «ميرشانتس أوف بوليوود» التي تحاول أن تقدم صورة عن صراع الأجيال في الهند، من خلال سيرة إحدى العائلات في عاصمة السينما الهندية، والرؤى المتفاوتة للأصالة والحداثة التي تصل بالحفيدة وجدها إلى ما يشبه القطيعة قبل أن تعود الشابة الطموحة إلى الأصول قانعة، ولتكمل مسيرة الجد.
وكما كل المسرحيات الغنائية تبقى القصة مجرد ذريعة ذكية وسياق لطيف لإمتاع المتفرج بالموسيقى والرقص والاستعراض واللوحات الباهرة، وإن جاء النص هذه المرة باللغة الإنجليزية، معتمدًا على حكاية حقيقية، متقصدًا التعريف بروح السينما الهندية بكثير من المرح والدعابة.
بوليوود بتلاوينها، والهند بتعدديتها الثقافية والغنائية، حضرتا في هاتين الأمسيتين اللتين أمتعتا عشاق تلك القارة السحرية التي يتعايش فيها أكثر من مليار شخص، بلغاتهم وأديانهم وتقاليدهم المختلفة. قصة عائشة ميرشانت التي تختار ترك الحضن العائلي في راجستان لتحقق حلمها في تصميم الرقصات لأعمال بوليوود، كما فعل جدها من قبلها، لكن هذه المرة على طريقتها؛ لأن العالم تغير، ولم تعد الأفلام قادرة على أن تبقى لصيقة محليتها. بين الجد الراغب في التمسك بسينما أمينة للجذور (يلعب دوره دنزيل سميث) والحفيدة عائشة الساعية إلى تحديث اهتماماتها من خلال تصميم الرقصات (تؤدي دورها الراقصة والممثلة كارول فورتادو)، نستعيد جزءًا من الأرشيف البوليوودي، وأبطاله وأغنياته ورقصاته. استخدم الفنانون الأربعون الذين شاركوا في العرض نحو 1200 ثوب و5000 قطعة حلي، وتفننوا في استخدام إكسسوارات الاستعراضات الهندية على أنواعها من الطبول إلى الأقمشة والدفوف والحيوانات والسيارات. وتمت الاستفادة من الفنية المعمارية لقصر بيت الدين الشهابي، وقناطره وشرفاته لتوظيفها كجزء من ديكور المسرح الذي يفتتح على مشهد معبد مضاء بمشاعل النار في صحراء راجستان، وبطقوس دينية تقليدية، لينتهي أيضا في المعبد وبعودة الشابة البوليوودية عائشة من مومباي بعد أن حققت أحلامها وتحولت إلى نجمة، لتشهد وفاة جدها، وتستنهض روحه وتكمل مهمته، تمامًا كما في الأفلام الهندية، حيث العودة إلى الحياة والتواصل مع الموتى جزء من الحكايات.
سخرية من بعض الأفلام الهندية التقليدية، التي تكرر على جمهورها الحكاية ذاتها: قصة حب يعارضها الأهل ويحاول الحبيبان التغلب على الصعاب، ليتزوجا في النهاية بعد أن تخضع العائلة لإرادتهما.
حمل الهنود معهم إلى بيت الدين همومهم وهواجسهم الشرقية، وحذرهم من الانفتاح الشديد على الغرب، ورغبة بعضهم في حفظ إرث الأجداد، وظرفهم وسخريتهم من أنفسهم. وحاولوا في هذه الأمسية بنصها الإنجليزي أن يتواصلوا مع الجمهور ببعض الكلمات العربية، ومن بين خياراتهم أغنية هندية تستخدم كلمات عربية باتت معروفة بين جمهور المنطقة بمطلعها «ما شالله ما شالله»، برفقة رقص شرقي، كما جاءت الخاتمة حيوية، عندما نزل الراقصون بين الجمهور ليؤدوا جزءًا من وصلتهم.
ومع نهاية الحفل الذي حاول الحاضرون الاستزادة منه، كانت مقدمة المدرجات قد امتلأت بالراغبين في الرقص الذين وجدوا متعتهم في الموسيقى التي ألفها الشهيران سليم وسليمان ميرشانت، وهما المعروفان في مجال الكتابة الموسيقية والتصويرية، والحائزان على جوائز عدة، بينما صممت الرقصات الشهيرة أيضًا بيهافي ميرشانت، فيما أخرج العمل مارك برادي.
افتتاح «مهرجانات بيت الدين» بعرض بوليوودي
حط رحاله في جبل لبنان بعد أن شاهده مليون متفرج
افتتاح «مهرجانات بيت الدين» بعرض بوليوودي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة