الخرشوف.. عرفه الفراعنة قبل 5 آلاف سنة ورسموه على جدران المعابد

يطلق عليه اسم الطعام النبيل ومفتاح السفرة

الخرشوف.. عرفه الفراعنة قبل 5 آلاف سنة ورسموه على جدران المعابد
TT

الخرشوف.. عرفه الفراعنة قبل 5 آلاف سنة ورسموه على جدران المعابد

الخرشوف.. عرفه الفراعنة قبل 5 آلاف سنة ورسموه على جدران المعابد

في شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) من كل عام تتهافت النساء السوريات على أسواق بيع الخضار في دمشق وغيرها من المدن السورية للظفر بثمار «الأرضي شوكي» أو «الأنكينار» طرية مقطوفة حديثًا من البساتين ليحضرنها وجبة غداء مع الرز المطبوخ أو محشوة باللحمة والصنوبر ومشوية بفرن الغاز أو الكهرباء، حيث يطلقن عليها اسم الطعام النبيل ومفتاح السفرة، ولكن الأهم من ذلك أنهن يتسابقن للحصول عليها لتخزينها مونة لفصل الشتاء فيبحثن عن تلك الثمار الطرية المسماة «شتلة»، وهي بالتأكيد أعلى بالسعر من مثيلاتها الصلبة قليلاً، فيقمن بوضعها في أوعية زجاجية محكمة الإغلاق مع الماء وملح الليمون أو في الجمّادة بعد سلقها بالماء المملح، ليحفظنها لفصل الشتاء وتناولها، حيث تحافظ على طراوتها بشكل جيد، والأمر نفسه يفعله أصحاب ورش تعليب الخضار والفاكهة ليطرحوها فيما بعد في الأسواق وبأسعار مرتفعة.
و«الأرضي شوكي» أو «الأنكينار» التي تقطف ثمارها الكروية البيضاوية قليلاً والكبيرة الحجم نسبيًا والمزودة بخراشيف تقوم نساء ورجال بتقشيرها بشكل دقيق للحصول على الثمرة الدائرية المجوفة التي تكون مختلفة الأقطار حسب حجم الثمرة الأساسية، وبالتأكيد فالكبيرة منها هي المرغوبة من قبل النساء في المطبخ.
وتعتبر «الأرضي شوكي» من ألذ الأطعمة على المائدة وأعرقها وأفخمها، لذلك تجدها في أرقى مطاعم الفنادق الفخمة تقدّم وجبة ثمينة لذيذة المذاق، كما أنها تعتبر من أقدم الخضار والثمار، حيث تؤكد المصادر التاريخية أنها معروفة منذ أيام الفراعنة.
الشيف السوري فادي العواد يتحدث لـ«الشرق الأوسط» عنها مستفيضًا شارحًا: «هي عبارة عن برعم زهرة تنمو في بداية الربيع، يسمى الخرشوف أو الأرضي شوكي تصلح زراعتها في جميع أنواع التربة والمناخ، وقد عرفه الفراعنة قبل 5 آلاف سنة، ورسموه على جدران المعابد وكتبوا عن فوائده. لونه أخضر قاتم، وأوراقه مطبقة، يُزرع في حوض البحر المتوسط، وأميركا، يؤكل مسلوقًا، ونيئًا، ومطبوخًا».
وعن طرق الحفاظ على الأرضي شوكي «مونة»، يوضح العواد: «تكثر زراعته في سوريا وبلاد البحر الأبيض المتوسط، وله موسم مهم وطقس خاص وخصوصًا في مونة البيت، ويصنف من الخضار المهمة في المطابخ، وفي سوريا يعتبر (مفتاح السفرة) لتنوع أشكال تقديمه، ويقدم الأرضي شوكي من خلال أوراقه الخضراء وقلب الأرض شوكي أو ما يسمى بالقلب، ويجهز كما يحفظ على الشكل التالي: ينظف الأرضي شوكي من الأوراق التي تكون من الخارج الصغيرة والذابلة، وتقص الأجزاء العلوية من الأوراق لاحتوائها على الأشواك، ثم يقص الجذع الملتصق بكعب الأرضي شوكي، بعد ذلك يغمر بالماء مع وضع شرائح الليمون أو عصير الليمون لتجنب اسوداده، ويغلى على نار قوية لمدة 40 دقيقة، وممكن أن نتأكد من نضوجه بسحب الأوراق من الجوانب، حيث يجب أن تسحب بسهولة، يُصَفّى الأرضي شوكي من الماء ويترك ليبرد ثم نزيل الأوراق ونضعها جانبًا للاستفادة منها، ثم ننظف كعب الأرضي شوكي من الوسط بملعقة طعام بإزالة الشعر أو الجذور الموجودة وغسله بماء السلق الذي سلقنا به الأرضي شوكي بعد تبريده ثم يصفى من الماء مرة ثانية. أما (التفريز) أو حفظ الأرضي شوكي فيتم على الشكل التالي: ترص أكعاب الأرضي شوكي في قطر ميزات ويغمر من ماء السلق ويحكم الإغلاق ويحفظ في مكان مظلم وبارد لحين الاستعمال أو يوضع في أكياس بلاستيكية ويجمد لوقت الحاجة، وينصح بتناول الأرضي شوكي طازجًا للاستفادة من كل خواصه الطبية والصحية ولكن للضرورة أحكام، ويمكن شراؤه من السوق ولكن دون أي نكهات أو صلصات جاهزة، يعني أن يكون فقط (أرضي شوكي)، وأنصح هنا - يتابع فادي - عند شراء الأرضي شوكي معلبًا بغسله جيدًا للتخلص من المواد الحافظة».
وحول طرق إعداده وتنوعها يشرح العواد: «أولاً: الأوراق التي تم سلقها يستفاد من الجزء السفلي العالق بالورقة ويكون على شكل حبة الصنوبر الكبيرة بالصلصة، ونأخذ من الورقة هذا الجزء، له طعم طيب وفوائد كثيرة ومغذية، (الصلصة): عبارة عن عصير الليمون والثوم وزيت الزيتون والملح وتسمى صلصة غمس، ثانيًا: كعب الأرضي شوكي أو القلب يحضّر باردًا وساخنًا بالشوي أو القلي أو الطبخ أو مطحونًا مع الشوربة أو السلطة. يحضّر كأطباق جانبية وأطباق رئيسية وهناك أنواع كثيرة يقدم بها الأرضي شوكي حسب الحاجة، والأهم أنه يستخدم كطبق غني ومفيد وصحي. (الشوربة): ممكن أن يوضع الأرضي شوكي مع الخضراوات المقطعة التي تدخل في الشوربة مثل الجزر أو البطاطا أو البازلاء، وممكن أن يصنع مطحون الأرضي شوكي مع الكريمة بشكل شوربة لذيذة المذاق بتقليبه بالزبد، ثم يُغْمَرْ بقليل من الماء ويطبخ جيدًا، ثم يطحن ويضاف إليه الكريمة الطازجة ويملح ويُبَهَّرْ ويقدم ساخنًا. (السلطات): يقطّع الأرضي شوكي بشكل شرائح أو مكعبات ويتبّل بالليمون وزيت الزيتون والثوم مع قليل من البقدونس أو الكزبرة الخضراء، أو يقدم مع الجزر المسلوق والبازلاء وصلصة المايونيز مع قليل من الخردل أو يقدم مع زيت الزيتون والأوريغانو وعصير الليمون وطرق كثيرة حسب رغبة الشخص، لأن الأرضي شوكي يؤكل لذيذًا بأي صلصة، لأن طعمه لا يختفي بأي صلصة مرافقة معه. (الأطباق الجانبية): يُحْشَى الأرضي شوكي بأي خضار طازجة مسلوقة ومع إضافة الصلصة ويقدم مرافق مع الفيليه أو الستيك وممكن أن يدخل الفرن ويُشوى بقليل من زيت الزيتون وبعض الأعشاب الطازجة ويقدم الأرضي شوكي البيتزا. أيضًا هناك (الأطباق الرئيسية) ومنها: (يخنة الأرض شوكي - أرضي شوكي بالبشاميل - منزلة أرضي شوكي - مطبق أرضي شوكي - محشي أرضي شوكي - صالونة الأرضي شوكي بالخضار - أرضي شوكي بانيه - غراتان الأرضي شوكي - مفركة الأرضي شوكي بالزيت)».

* وصفة الشيف فادي

> وصفه شهية من وصفات الأرضي شوكي التي تنتشر في حوض البحر الأبيض المتوسط وهي: أرضي شوكي طازج أو (قلب الأرضي شوكي) المسلوق سابقًا، يحضر معه التالي: لحمة غنم أو عجل مفرومة - بهارات مشكلة - ربع كأس زيت نباتي - 5 غرامات قرفة ناعمة – 100 غرام بصل يابس - عصير ليمون - ماء السلق - ملح - فلفل أسود - ثوم ناعم - كزبرة خضراء - صنوبر، بنفس الطريقة نسلق الأرضي شوكي ونفرم البصل ناعمًا وتقلب بالزيت النباتي أو السمنة حسب الرغبة، تضاف اللحمة وتُحرّك مع البصل، ونضيف التوابل والملح ثم الصنوبر وتحرك حتى تُحمر اللحمة ويجف ماؤها، نحشو الأرضي شوكي باللحمة وتُرصّ بصينية الفرن ونضيف ماء السلق إلى الصينية، ثم ندخلها الفرن لمدة 15 دقيقة، وبعد خروجها من الفرن نقلب الثوم بزيت الزيتون والكزبرة الخضراء ونضيفها على وجه الأرضي شوكي وتقدم مع الأرز الطازج وصحة وهنا.
ومن الممكن أن نضيف حبات البازلاء والجزر المسلوق أيضًا إلى اللحمة وتعطي مذاقًا طيبًا، ويمكن بنفس الطريقة أن نضيف الجبن على وجه الأرضي شوكي حسب الرغبة.
ولا تغيب عن بال الشيف فادي الفوائد الطبية والصحية للأرضي شوكي ومكوناته الغذائية فيعددها موضحًا: «يحتوي الأرضي شوكي على فيتامينات كثيرة تدخل في تركيبته العلمية والمفيدة لجسم الإنسان، ويحتوي على أهم المعادن الغنية ومنها: الماغنسيوم، والفوسفور، والبوتاسيوم، والكالسيوم والصوديوم، والحديد والنحاس، وحامض الفوليك والألياف والبروتينات وغيرها، وتشير الدراسات الطبية في مجال الصحة العامة إلى الفوائد الكثيرة التي تفيد الجسم وتمده بالوقاية من كثير من الأمراض والحالات الصحية على أن يؤكل بانتظام، ومنها: أنه يقوي ويعزز وظائف الكبد ويفيد منقوع ورقه في تنشيط إفرازات الكبد والمرارة وإدرار البول، ويحتوي على مضادات الأكسدة، ويعد مقويًا جنسيًا إذ يعزز القدرة الجنسية، ويساعد في تعديل مستوى الكولسترول في الدم، ويساعد في إنتاج خلايا الدم الحمراء. والمهم هو «ماء السلق» الذي يحتوي على خواص كثيرة يجب عدم رميها والاستفادة منها بصنع الشوربات أو الصلصات التي تدخل بتقديم أطباق الأرضي الشوكي، وممكن أن نأخذ الماء ونفرزه لوقت الحاجة».



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».