نائبة «درنة» في البرلمان الليبي: «داعش» خرج.. وبقيت «القاعدة»

انتصار شنيب قالت إنها تواصلت مع بعض الشباب المنضمين إلى جماعات متطرفة لحل مشاكلهم سلميًا

انتصار شنيب («الشرق الأوسط»)
انتصار شنيب («الشرق الأوسط»)
TT

نائبة «درنة» في البرلمان الليبي: «داعش» خرج.. وبقيت «القاعدة»

انتصار شنيب («الشرق الأوسط»)
انتصار شنيب («الشرق الأوسط»)

أكدت النائبة في البرلمان الليبي عن مدينة درنة، انتصار شنيب، أن تنظيم داعش الذي كان ينشر الرعب في المدينة الجبلية الواقعة على البحر المتوسط في شرق البلاد، خرج منها أخيرًا، لكنها قالت إن عناصر من تنظيم القاعدة ما زالت موجودة فيها.
وألقت النائبة باللائمة، في ظهور المتشددين في درنة، على الحكومات المتعاقبة على ليبيا، سواء أثناء عهد معمر القذافي أو من جاء بعده. وسيطرت عناصر متطرفة على درنة البالغ عدد سكانها نحو 80 ألف نسمة، بعد «ثورة» 17 فبراير (شباط) 2011، مما أدى في نهاية المطاف إلى مواجهات دامية بين جماعات متضاربة التوجهات، كان من بينها «داعش» و«القاعدة» وغيرهما. وبدأ الجيش أخيرًا في دخول المدينة في محاولة لبسط الأمن فيها، والتمهيد لعودة النازحين. وكشفت النائبة شنيب في حوار مع «الشرق الأوسط»، عبر الهاتف، عن وجود مفاوضات في الوقت الحالي يقوم بها مجلس الأعيان والمشايخ الليبيين في درنة، لإنهاء جميع مظاهر التسلح داخل المدينة. وقالت إن المدينة التي تزخر بالمتعلمين والمثقفين، ضربتها مظاهر التطرف بسبب عقود من الإهمال، وهي اليوم في حاجة، مع عموم ليبيا، إلى التركيز على «إعادة إعمار البشر»، قبل إعادة إعمار المباني.
* ما تقييمك للوضع في مدينة درنة التي تظهر، عادة، بؤرة للاقتتال والاحتراب الأهلي؟
- درنة لم تشهد حربًا أهلية، ولكن كان فيها تنظيم داعش. وفي الوقت الحالي أصبح فيها تنظيم القاعدة. والأمور إن شاء الله في تحسن أكثر من ذي قبل والحمد لله، خصوصًا بعد المهلة التي أعطاها الجيش للجماعات المسلحة داخل المدينة. أهالي درنة يرغبون في أن يكونوا تحت مظلة دولة مدنية داخل مدينتهم. وتجري محاولات، بصراحة، للقضاء على الميليشيات الموجودة في المدينة، لكن بطريقة قد تحتاج إلى بعض الوقت. والوضع بشكل عام كما قلت يسير إلى الأحسن بإذن الله.
* لكن أين ذهب الدواعش الذين كانوا في درنة. هل قُتلوا؟ هل فروا؟ ما تحليلك؟
- هم غالبًا فروا من مدينة درنة، لكن أين ذهبوا، فهذا يمكن أن يجيب عنه أحد من الجيش الليبي، أفضل مني. لا ندري أين فروا..
* هناك من يقول إن مقاتلين من درنة أحيانًا يفرون إلى مناطق بنغازي وسرت وغيرهما. هل هذا متاح أم أنه صعب لأن درنة تحت حصار من الجيش؟
- هي ليست تحت حصار، لكن الوضع هو أن هناك تشديدًا في البوابات من جانب الجيش الذي أصبح مسيطرًا على المنطقة بالكامل، أي على درنة وضواحيها، خصوصًا بعد خروج «داعش» من المدينة.
* هل هذا يعني أننا نستطيع اليوم أن نقول إن درنة أصبحت خالية من تنظيم داعش؟
- نعم.. تمامًا، والحمد لله..
* بالنسبة لتنظيم القاعدة في درنة، هل هو كبير العدد لدرجة مخيفة؟ أم أنه مجرد مجموعات صغيرة؟
- تنظيم القاعدة في درنة ليس بالحجم الذي يظهر في وسائل الإعلام. هم معظمهم شباب من درنة، ويمكن السيطرة عليهم حتى عن طريق أهاليهم وأقاربهم وقبائلهم. أنا جلست مع بعض منهم في إحدى المرات، لأنني أحببت أن أرى ما هي نظرتهم للأمور. هؤلاء الشباب يقولون إنهم يرغبون في قيام الدولة وليس لديهم مشكلة في ذلك، لكن بشرط «تطبيق شرع الله». ولا أعرف ما هو المقصود بـ«تطبيق شرع الله» هنا، لأنه، والحمد لله، ليبيا كلها دولة مسلمة، والحمد لله مذهبنا وسطي، وليس لدينا أي مشكلة في هذا الموضوع. ومع ذلك أقول إنه، إن شاء الله، سيكون هناك توصل لنتائج مُرْضِية في درنة.
* أيعني هذا أنه، في الوقت الحالي، تجري محاولات لحل مشكلة المتشددين في المدينة بالطرق السلمية؟
- نعم.. هناك مجلس الأعيان والمشايخ الليبيين، في مدينة درنة، يقومون بدور، صراحة، لا بأس به. دور ومجهود كبير جدًا، في سبيل حلحلة هذه المشكلة، وإنهاء جميع مظاهر التسلح والمجموعات المسلحة داخل المدينة، بإذن الله.
* يتردد بين حين وآخر أنه يصل دعم من البحر للتنظيمات المتشددة، سواء «داعش» (في السابق) أو تنظيم القاعدة (الآن)، عن طريق جهات أجنبية أو عن طريق مناطق ليبية في الغرب الليبي. ما تعليقك؟
- هذه أمور استخباراتية يختص بها الجيش الليبي، وأنا لا أملك الإجابة في هذا الشأن.
* بعد 5 أعوام من «الثورة» الليبية، كيف تصفين حجم الأضرار في المدينة ومدى حاجتها لإعادة الإعمار والتأهيل؟
- مما لا شك فيه أن جميع المدن الليبية تحتاج لإعادة إعمار كبير، لكن نريد أن نركز على إعادة إعمار البشر.. إعادة إعمار الشباب في درنة مهم جدًا، لأن الشباب اتجهوا للتشدد بسبب الإهمال.. هناك إهمال واضح من قِبل الدولة، منذ «ثورة القذافي (عام 1969)» حتى «ثورة 17 فبراير (عام 2011)». مدينة درنة صراحة ما زالت مهملة رغم تعاقب الحكومات. ما زال هناك تقصير واضح تجاه هذه المدينة، وهي مدينة عريقة ومدينة لها سمعة طيبة في جميع أنحاء ليبيا، منها محامون وناشطون، وفيها فئة على درجة عالية من العلم والثقافة، ومع ذلك تعرضت للتقصير والإهمال الشديد، ولا أستثنى أي حكومة من الحكومات التي مرت بعد القذافي.. أقصد من عهد القذافي حتى يومنا هذا، للأسف الشديد.
* درنة كانت معروفة مدينة للمتعلمين ومدينة للفنون، فكيف تحولت إلى التشدد والتطرف كما رأينا من تنظيم داعش ثم الآن تنظيم القاعدة؟
- أولاً نحن نتمنى أن يعم الأمن والأمان على كل ربوع ليبيا. لكن حين نذكر درنة فلا بد أن نسأل لماذا وُضِعَ الإرهاب في مدينة درنة فقط، من بين مدن تقع بالقرب منها مثل طبرق والبيضاء والمرج والقبة. هذا سؤال بالفعل لا بد أن يُطرح ولا بد من البحث له عن إجابة، خصوصًا أن درنة مشهورة بأهل العلم والثقافة والفنون والصحافة كما ذكرت. إلا أنه، في نهاية الأمر، اللبيب بالإشارة يفهمُ. وأعتقد أن السبب الجوهري والرئيسي هو إهمال الحكومات السابقة والحالية لمدينة درنة. أعتقد أن هذا هو السبب الأساسي في بقاء المدينة على ما هي عليه طول هذه السنين. ولا بد للدولة أن تمد يدها لشباب درنة وأهلها حتى تخرجهم مما هم فيه. توجد بطالة بين الشباب وإهمال في الخدمات العامة وخدمات الترفيه وغيرها.
* هناك نازحون عن درنة بسبب الأحداث التي مرت بها خلال السنوات الأخيرة. هل بدأوا في العودة؟
- بالتأكيد هناك نازحون من درنة اتجهوا للإقامة في مدن مجاورة أكثر هدوءًا مثل طبرق والبيضاء والمرج وبنغازي. وهناك من نزح خارج ليبيا أيضًا. وما زال الوضع صعبًا.. هناك منهم من لم يرجع إلى المدينة، لأنه لم يتم الانتهاء من تنظيفها بعد من الإرهاب. مشكلة النازحين أصبح يعاني منها الليبيون بصفة عامة، وفي المقابل نشهد تهميشًا لهذه القضية الخطيرة.. فحتى المنظمات الدولية والأمم المتحدة لم تقم بدور فعال بدرجة يُعوَّل عليها في ليبيا سواء في المسائل الإنسانية أو تلك المتعلقة بها بشكل عام.
* ما الأمور التي ينبغي على البرلمان الليبي أن يقوم بها لمساعدة درنة على العودة مرة أخرى إلى طبيعتها؟
- درنة تحتاج إلى تكثيف للجهود. نأمل من رئيس البرلمان - باعتباره كان أحد سكان مدينة درنة، وكان يعمل داخل هذه المدينة، ويعرف أهلها وأهلها يعرفونه أن يقوم ببعض الجهود داخل المدينة حتى تطوى هذه الصفحة وتعود درنة إلى حضن الدولة من جديد بإذن الله.
* هل ترين ثمَّة تأثير على درنة بسبب وجود أكثر من سلطة تنفيذية في عموم البلاد، مثل الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني، وحكومة الإنقاذ برئاسة خليفة الغويل، وحكومة التوافق برئاسة فايز السراج؟
- نعم.. تعدد الحكومات يؤثر تأثيرًا سلبيًا وكبيرًا، بصراحة. ليس على درنة فقط ولكن على كل ليبيا.
* وما الحل؟
- نحن نسعى في ليبيا إلى حكومة واحدة. وإلى قيام حكومة موحدة. هذا أمل لجميع الليبيين ولا اختلاف على هذا الموضوع. لكن قيام المجلس الرئاسي بهذه الطريقة، ودون أن أخوض في تفاصيل أكثر، أدى إلى تعقيد الأمور أكثر مما هي معقدة، وهذا ينعكس على عموم الدولة وينعكس بالسلب على أهالي ليبيا. نحن نحاول أن نصل إلى حكومة موحدة لجميع الليبيين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».