سينصرف قادة حلف شمال الأطلسي من خلال إرسال جنود إلى الشرق وزيادة التمارين والميزانيات العسكرية، إلى إكمال تعزيز الحلف في مواجهة روسيا الذي تقرر بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية غير المسبوقة منذ سقوط الاتحاد السوفياتي.
وشكل ضم شبه جزيرة القرم والهجوم الانفصالي الموالي لروسيا في شرق أوكرانيا ربيع 2014، بداية فترة من التوتر بين روسيا والحلف الأطلسي الذي بدأ مجموعة مشاريع كبيرة لتعزيز دفاعه الجماعي.
وخلال قمتهم الجمعة والسبت في وارسو، سيعمد رؤساء الدول والحكومات الـ28 إلى زيادة وجودهم العسكري في الشرق، واتخاذ بعض التدابير التي ستغضب موسكو بالتأكيد.
هذا هو التدبير الأساسي للقمة. وستشكل الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وكندا، مع دول أخرى في الحلف أربع كتائب (600 إلى ألف جندي) لنشرها بالتناوب اعتبارا من 2017 في آستونيا وليتوانيا ولاتفيا وبولندا.
وسيشكل وجود هذه القوات الدولية عامل اطمئنان لهذه البلدان التي كانت في الكتلة السوفياتية السابقة، وتقدم لها الضمانة بأن الشركاء في الحلف الأطلسي سيهرعون إلى نجدتها في حال تعرضها لهجوم روسي.
بعد سنوات من خفض ميزانيات الدفاع - نتيجة السلام بعد سقوط جدار برلين - وعد الحلفاء خلال قمتهم السابقة في 2014 بقلب هذا الاتجاه ليبلغوا في غضون عقد مستوى إنفاق سنوي يعادل 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي، منها 20 في المائة على الأقل للتجهيزات الكبيرة وتكنولوجيا المستقبل.
وبعد انتعاش متواضع جدًا في 2015، من المتوقع أن ترتفع الميزانيات العسكرية للحلفاء الأوروبيين وكندا، بنسبة 3 في المائة (أي 8 مليارات دولار من النفقات الإضافية) في 2016، كما تفيد التقديرات الأخيرة للحلف الأطلسي.
أمّا روسيا، فقد عززت على الرغم من الأزمة ميزانيتها العسكرية التي ارتفعت من سنة إلى أخرى خلال أكثر من عقد.
عام 2014، قرر الحلفاء الذين فاجأتهم عملية الضم الخاطفة لشبه جزيرة القرم، ثم بداية الهجوم في شرق أوكرانيا وتمارين عسكرية روسية ناهز عدد المشاركين فيها 15 ألف جندي، أن يعيدوا وضع قواتهم في حالة استنفار.
ومذاك، تضاعف عدد عناصر قوة الحلف الأطلسي للتدخل، وبلغ 40 ألف رجل، وأنشئت قوة «رأس الحربة» التي يبلغ عدد عناصرها 5 آلاف جندي، ويستطيع بعض مكوناتها أن ينتشر خلال 48 ساعة لدى اندلاع أزمة.
كما أقيمت ست قواعد لوجيستية صغيرة ومقرا قيادة إقليميان على طول الحدود الشرقية، وكُدّست معدات ثقيلة في المنطقة. والهدف في هذا المجال أيضًا، ضمان القدرة على التحرك السريع من دون إضاعة الوقت في إرسال المعدات ووضع الخطط، في حال اندلاع أزمة كبيرة.
وقد أعدت السلطات العسكرية «خطط رد تدريجي» مفصلة جدًا لبلدان البلطيق الثلاثة وبولندا، تتضمن سيناريوهات عن اعتداءات وتحدد القوات التي يمكن استنفارها للرد عليها.
من خلال نحو 240 تمرينًا نظمها الحلف الأطلسي مباشرة هذه السنة أو بلدان أعضاء، يريد الحلفاء أن يثبتوا لروسيا جهوزيتهم وقدرتهم على التحرك السريع وانسجام قواتهم. وتأكيدا لهذه الرسالة، كان هناك نحو 50 تمرينا في يونيو (حزيران)، وحده، قبيل القمة، وبينها «أناكوندا» في بولندا.
وبعيد اندلاع الأزمة الأوكرانية، ومن أجل طمأنة الحلفاء في الشرق، أرسلت بلدان الحلف الأطلسي أيضًا مزيدا من الطائرات المطاردة لمساعدة دول البلطيق على الدفاع عن حدودها الجوية، وأمرت سفنها الحربية بأن تجوب بحر البلطيق والبحر الأسود.
إدراكا منه لبروز «تكتيكات الحرب الهجينة» كتلك التي أتاحت لروسيا أن تضم شبه جزيرة القرم، وتستخدم التضليل المعلوماتي والتهديدات للبنى التحتية المدنية والتدخل المفتوح للقوات الخاصة، اقترب الحلف الأطلسي من الاتحاد الأوروبي لتعزيز دفاعه. وسينظم أيضًا صفوفه بشكل أفضل تجنبًا للهجمات المعلوماتية.
من جانبها، تعتبر موسكو أنّ مشروع الحلف الأطلسي القديم المدعوم من واشنطن، وهو الدرع المضادة للصواريخ الجاري إقامته في أوروبا، يشكل تهديدا مباشرا. ويرفض الحلف ذلك مؤكدًا أنّه سيعترض فقط الصواريخ العابرة للقارات التي ستطلقها إيران أو كوريا الشمالية على سبيل المثال.
وسيعلن الحلفاء في وارسو عن «قوة عملانية أولية» لهذه المنظومة في أوروبا، مجازفين بإثارة توتر شديد في العلاقات مع موسكو، بعد تدشين موقع للصواريخ الاعتراضية في مايو (أيار)، في ديفيسيلو برومانيا.
وبالإضافة إلى هذه الصواريخ الاعتراضية، نُشر رادار في تركيا وأربع سفن في روتا بإسبانيا.
الـ«ناتو» يرسل جنودًا إلى الشرق استعراضًا لقوته أمام روسيا
الـ«ناتو» يرسل جنودًا إلى الشرق استعراضًا لقوته أمام روسيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة