لندن تريد محادثات غير رسمية قريبًا حول خروجها من الاتحاد الأوروبي

التكتل يصر على تفعيل المادة 50 ويرفض الخوض الآن في علاقات مستقبلية

علم بريطانيا خلال جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (ا.ب.أ)
علم بريطانيا خلال جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (ا.ب.أ)
TT

لندن تريد محادثات غير رسمية قريبًا حول خروجها من الاتحاد الأوروبي

علم بريطانيا خلال جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (ا.ب.أ)
علم بريطانيا خلال جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (ا.ب.أ)

في تعليق على تصريحات صدرت من لندن، حول إمكانية إطلاق مفاوضات مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي، ولو بشكل غير رسمي، حول خروج بريطانيا من الاتحاد، قالت مصادر داخل المؤسسات الاتحادية في بروكسل، فضلت عدم ذكرها، إن موقف الاتحاد الأوروبي واضح في هذا الصدد، مضيفا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي دونالد تاسك، عبرا وبشكل واضح عن الموقف الأوروبي الجماعي من جانب قادة دول الاتحاد الـ27 في قمتهم الأخيرة، عندما شددا على أنه لا إطلاق للمفاوضات مع لندن قبل التقدم بطلب رسمي للخروج.
وكانت لندن قد قررت في استفتاء يوم 23 يونيو (حزيران) الماضي الخروج من الاتحاد الأوروبي. وطلبت بروكسل من بريطانيا تفعيل المادة 50 من اتفاقية لشبونة، كآلية عمل لخروجها، والبدء بذلك في أسرع وقت ممكن.
إلا أن لندن قررت تفعيلها بعد أن يتم اختيار بديل لديفيد كاميرون الذي فرضت استقالته، كرئيس للوزراء، واقعا جديدا ومنافسة سياسية لاختيار خليفة له.
لكن في الأمس قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إن المحادثات غير الرسمية مع الاتحاد الأوروبي حول خروج بريطانيا من التكتل قد تبدأ أوائل الأسبوع المقبل. ومن شأن تلك المحادثات أن تحدد العلاقة في شكلها النهائي بين لندن وبروكسل بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ودعا هاموند بروكسل إلى التنازل عن إصرارها على عدم إجراء محادثات ما لم تفعل بريطانيا رسميا المادة 50 من معاهدة لشبونة التي تحدد القواعد لدولة ما تنسحب من الاتحاد الأوروبي.
وقد يساعد الانخراط المبكر في المحادثات في التخفيف من حالة الغموض لدى مواطني الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون في بريطانيا.
ودعم هاموند وزيرة الداخلية تيريزا ماي لتصبح رئيسة الوزراء في البلاد قائلا إنها تتمتع بالواقعية اللازمة للتوصل لأفضل اتفاق ممكن فيما يتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال هاموند الذي نظم حملة من أجل التصويت لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي إن رئيس الوزراء القادم يجب أن يحقق توازنا بين استمرار الوصول إلى السوق الأوروبية الموحدة في أعقاب تصويت بريطانيا الشهر الماضي في استفتاء لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي وبين الحد من حرية الحركة.
وقال لصحيفة «ذا ديلي تليغراف»: «الحركة غير المقيدة لمواطني الاتحاد الأوروبي كما كانت تسري حتى الآن لم تعد مطروحة بعد الآن على المائدة.. يجب أن نعطي الأولوية لتأمين أفضل وصول ممكن للشركات البريطانية للسوق الموحدة فيما يتعلق بالسلع والخدمات ولكن في إطار القيود المفروضة علينا جراء هذا الواقع السياسي». وماي هي أبرز المرشحين لخلافة ديفيد كاميرون بعد أن أعلن استقالته في أعقاب ظهور نتيجة الاستفتاء لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
وقال هاموند: «للتوصل لأفضل اتفاق نحتاج يدا ثابتة وأعصابا فولاذية وحكما سليما.. الاتفاق الذي نتوصل إليه ويتعلق عليه مستقبل بريطانيا الاقتصادي يعتمد على تمتع رئيس وزرائنا المقبل بهذه الصفات. ولهذا أدعم تيريزا ماي بصفتها أفضل شخص قادر على حماية مصالح بلادنا في مثل هذه الأوقات العصيبة».
وأشار مصدر الاتحاد الأوروبي نفسه إلى ما جاء على لسان رئيس المفوضية يونكر من أنه أصدر تعليمات لأعضاء المفوضية وكبار المسؤولين فيها، بعدم التفاوض أو تقديم معلومات حول هذا الملف. وخلال مؤتمر صحافي أمس بمقر المفوضية ببروكسل، قال المتحدث ألكسندر بيترستاين، إن كل دولة عضو في الاتحاد لها الحرية في تنظيم استفتاء مماثل لما حدث في بريطانيا، وتترك الحرية للمواطنين ليقولوا كلمتهم، وفي نفس الوقت فإن القادة في الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الذين اجتمعوا في بروكسل، قالوا كلمتهم بأنه لا بد من أن تتقدم لندن في أقرب وقت ممكن بطلب رسمي حول مفاوضات الخروج.
وخلال نقاش جرى الثلاثاء في جلسة للبرلمان الأوروبي الذي يعقد جلسات الأسبوع الحالي في ستراسبورغ، أكد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر على أن الاتحاد الأوروبي لن يدخل في مفاوضات حول خروج بريطانيا إلا بعد أن تتقدم لندن بطلب رسمي حول هذا الصدد «وعندما يحدث هذا يمكن أن تبدأ مفاوضات تستغرق عامين من أجل التوصل إلى اتفاق بين الجانبين». وأضاف يونكر أنه قبل التفاوض مع بريطانيا حول الخروج من عضوية الاتحاد اختفى من قادوا عملية الخروج. وقال أتفهم الإحباط الموجود والذي يحتاج إلى بعض الوقت، ولكن هذا لا يمنع من إمكانية تقديم خطط للتحرك».
من جانبه، قال رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، إن الأحداث التي جرت في الأيام الماضية أنتجت الكثير من المشاعر السلبية، ولا يجب الاستسلام لهذه المشاعر، وإنما يجب المحافظة على القدرة على إجراء تقييمات واقعية، وقرارات عقلانية. وأضاف أن هناك استعدادا من اليوم لبدء التفاوض مع لندن حول طلاق ودي، وقال أمام أعضاء البرلمان الأوروبي: «سنقف في هذه العملية التفاوضية وبحزم، على أسس المعاهدات، التي خصصت لمثل هذه الحالة». وأوضح تاسك أن المعاهدات واضحة في التعامل مع الأمور المرتبطة بخروج أي من الدول الأعضاء، التي ترغب في ذلك، وشدد على أن الاتحاد الأوروبي لا ينوي بدء أي مفاوضات حول مستقبل العلاقة، وإنما سيتحدد شكل العلاقات في المستقبل بناء على التوازن بين الحقوق والواجبات»، وأنه إذا كان هناك تضارب في المصالح فإن الاتحاد الأوروبي سوف يعمل من أجل مصلحته».
وعبر تاسك عن الإحباط بسبب التعليقات الحادة والتي توجه إلى مؤسسات الاتحاد والتي من شأنها أن تؤدي إلى تعميق الارتباك ويجب على عواصم الدول الأعضاء أن تتوقف عن توجيه الاتهامات للمؤسسات الاتحادية وعدم التركيز على نقاط الفشل والضعف، ويجب توحيد الجهود للاتفاق على المصلحة المشتركة بدلا من المصالح الفردية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».