العرب يشاركون الأتراك فرحة العيد في إسطنبول «الهادئة»

2000 طن من البقلاوة ترحب بالزائرين في البيوت يوميًا

صلاة العيد من داخل السلطان أحمد
صلاة العيد من داخل السلطان أحمد
TT

العرب يشاركون الأتراك فرحة العيد في إسطنبول «الهادئة»

صلاة العيد من داخل السلطان أحمد
صلاة العيد من داخل السلطان أحمد

لم يمنع الخوف من التفجيرات والأعمال الإرهابية التي تكررت في الأشهر الأخيرة وآخرها منذ أيام، حيث وقع هجوم انتحاري على مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول، الأتراك من الاستمتاع ببهجة عيد الفطر الذي احتفلوا به أمس الثلاثاء بالخروج إلى الصلاة وزيارة الأهل والتنقل بين المدن والقرى لتبادل التهنئة بالعيد.
وشارك آلاف العرب والسوريين الأتراك فرحة العيد في إسطنبول التي بدت شبه خالية بسبب انتقال أغلب سكانها إلى مدنهم وقراهم للاحتفال بالعيد بين عائلاتهم بعد أن قررت الحكومة مد إجازة العيد لتكون 9 أيام.
وفضل كثيرون الاحتفال بالعيد داخل منازلهم وعدم الخروج بسبب حالة الخوف التي سيطرت على سكان مدينة إسطنبول، بسبب التفجيرات الإرهابية التي طالت المناطق السياحية التي كانت تزدحم بالأتراك والأجانب في مثل هذه المناسبات.
وكان الإرهاب حاضرًا أيضا في المساجد في خطبة العيد وفي تصريحات المسؤولين. وقال رئيس هيئة الشؤون الدينية التركي محمد جورماز، الذي ألقى خطبة العيد في مسجد أحمد حمدي آكسكي بالعاصمة أنقرة، إن العيد ليس عيد من يسفك الدماء، أو يبث الخوف في النفوس، ويفسد في الأرض، وإنما عيد من يصلح فيها، ومن يقدم الخير للناس.
وأوضح جورماز أنه في الوقت الذي يحتفل فيه المسلمون بهذه المناسبة الفضيلة، إلا أن هذا الاحتفال مختلط بالأحزان والآلام، مضيفًا: «فيما نحن هنا نحتفل بالعيد، فإن القنابل تتفجر في بلدان إسلامية».
وأضاف: «في الأمس فقط قُتل الكثيرون في بغداد (العاصمة العراقية)، وفي ليلة أمس شاهدنا التفجير في مدينة رسول الله صلى عليه وسلم، الذي حرّم فيها المساس حتى بالحشرات». وشدد جورماز على أن العيد هو مشاركة الآلام، مثل مشاركة الأفراح أيضًا، داعيًا إلى مشاركة المظلومين أحزانهم والعمل على بث روح الفرح في نفوسهم.
من جانبه، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن «الإرهاب لا دين ولا كتاب له، وأن مكافحته هي قضية الإنسانية والعالم بأسره».
وأضاف يلدريم في تصريح صحافي عقب أدائه صلاة عيد الفطر في إسطنبول أن بلاده ستواصل مكافحتها للإرهاب، وأن حكومته ستبذل كل ما في وسعها حتى تجعل الإرهاب في أسفل درجات الأجندة التركية».
وتابع: «استهدف الإرهاب أرواح الأبرياء في إسطنبول وغيرها ثم في المدينة المنورة. لذلك فإن مكافحة هذه الظاهرة ليست قضية تركيا فحسب، وإنما قضية الإنسانية والعالم بأسره، ولهذا علينا أن نقوم بها معًا في صف واحد».
واكتظت مساجد تركيا، بالمصلين، الذين أدوا صلاة عيد الفطر المبارك، وعقب الصلاة توجه المسلمون في مختلف المساجد بالمحافظات التركية بالدعاء لله تعالى، كي يفك الله كرب المسلمين في جميع أرجاء الأرض
وشهد آلاف العرب المقيمين في إسطنبول صلاة وخطبة العيد بـ«مساجد السلطان أحمد» والفاتح والسليمانية في مدينة إسطنبول، وسط حضور زاد عن العشرة آلاف من المواطنين الأتراك والجاليات في مسجد السلطان أحمد.
وقال أحد المواطنين السوريين ممن شاركوا في الصلاة في مسجد السلطان أحمد إن أجواء العيد في تركيا رائعة وحميمة للغاية، حتى إن هذه الأجواء قد لا تجدها في سوريا، ونرى هنا المسلمين اليوم من جميع الجنسيات من العالم العربي والإسلامي وحتى مسلمي أوروبا.
عادات العيد هنا تختلف قليلاً عما هو متعارف عليه في بلادنا، لكن بشكل عام نجد أن الشعائر الإسلامية عندنا كمسلمين واحدة، ونجد هنا تعاملاً جيدًا من قبل الأتراك تجاهنا ونحن سعداء».
على مدى ثلاثة أيام يزور فيها الأتراك بعضهم بعضا، ويقدّم صاحب البيت لزواره ابتهاجًا بالعيد قطعًا من الحلويات والشوكولاته بمختلف الألوان والأنواع، ويطوف عليهم ويعطّرهم بالكولونيا الشهير. بعدها بفترة قصيرة تُقدّم البقلاوة وملفوف ورق خاصة مع الشاي أو العصير.
وبحسب رئيس جمعية مصنعي البقلاوة في تركيا محمد يلدريم المتوقع أن يتم استهلاك ما يزيد على ألفي طن من البقلاوة يوميا في أيام عيد الفطر.
وأضاف يلدريم أن استهلاك البقلاوة في شهر رمضان يزيد على باقي الشهور، مشيرًا إلى أن استهلاك البقلاوة في عيد الفطر يقفز إلى الضعفين، حيث يبلغ معدل استهلاك تركيا من البقلاوة في الأيام العادية ما معدله 950 طنًا يوميا، فيما يرتفع هذا الرقم إلى أكثر من ألفي طن يوميا في عيد الفطر.
كما أن معدل حجم سوق الشوكولاته في تركيا سنويا يقدر بـ5.3 مليار ليرة تركية (نحو 2 مليار دولار)، فيما يتم بيع ما قيمته ثلاثة مليارات ليرة تركية (نحو مليار دولار) في فترة عيد الفطر لوحده، وهذا يشكل 55 في المائة من مجمل سوق الشوكولاته في تركيا.
وفي أيام العيد لا تتوقف أجراس الأبواب، لأن أطفال الحي يتجولون على كل البيوت دون ملل، بداية من أوقات مبكّرة، حيث يقدم الناس لهم الحلوى والنقود «العيدية».
وفي كل عيد تجعل الحكومة التركية المواصلات بالمجان داخل بعض المدن أو بخصم 50 في المائة على أجرة جميع وسائل النقل في إسطنبول المزدحمة. كما أن التنقل بالسيارات الخاصة ودخول المدن – مدفوع الثمن - والمرور بالطرق (جسري إسطنبول مثلا) مدفوعة الثمن يكون في العيد مجانا. كما تعلن مواقف السيارات أحيانا عن أن الانتظار فيها يكون مجانيا لأول يومين من أيام العيد. وتشهد الطرق الخارجة من إسطنبول أزمة سير خانقة مع بدء عطلة عيد الفطر التي بدأت اعتبارا من مساء يوم الجمعة الماضي، والتي تنتهي بعد تسعة أيام.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.