مدير أحد أكبر صناديق التحوط: تعاون «الرياض ـ وادي السيلكون» سينعكس قريبًا على العالم

بربانك قال إن مستقبل الاقتصاد السعودي مبشر للغاية.. ولقاء الأمير محمد بن سلمان يفتح آفاقًا جديدة

مدير أحد أكبر صناديق التحوط: تعاون «الرياض ـ وادي السيلكون» سينعكس قريبًا على العالم
TT

مدير أحد أكبر صناديق التحوط: تعاون «الرياض ـ وادي السيلكون» سينعكس قريبًا على العالم

مدير أحد أكبر صناديق التحوط: تعاون «الرياض ـ وادي السيلكون» سينعكس قريبًا على العالم

أكد أحد أكبر مديري صناديق التحوط على مستوى العالم، أن «مستقبل الاقتصاد السعودي مبشر للغاية»، مشيرا إلى أن زيارة الأمير محمد بن سلمان الأخيرة إلى الولايات المتحدة «تفتح آفاقا جديدة من الاستفادة المشتركة للسعودية وأميركا، وأن هناك عوامل متعددة ترفع قدر الإيجابية والتفاؤل في مستقبل الاستثمارات في السعودية وستظهر آثارها قريبا».
وقال جون بربانك الثالث، مؤسس ومدير قسم الاستثمار في «باسبورت كابيتال»: «استثمرنا كمًّا كبيرا من رؤوس الأموال في السعودية منذ عام 2009، لكن بعد لقاء الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي والوزراء السعوديين، يمكنني أن أقول إنني لم أكن يوما أكثر تفاؤلا بمستقبل السعودية وتطلعات مستقبل استثماراتنا هناك أكثر من اليوم».
وأضاف بربانك: «وأود أيضا أن أؤكد أن زيادة درجة التواصل والانفتاح على المستثمرين من المؤسسات ورجال الأعمال والتكنولوجيات الجديدة، سيسفر عن تسريع تبادل وتعاون غير مسبوق بين وادي السليكون في سان فرانسيسكو والرياض.. هذه التغيرات ربما لا تكون ملحوظة في الوقت الراهن بشكل واسع، لكن أثرها سيظهر لاحقا بصورة كبيرة على كلا البلدين، وربما سينعكس العالم كله».
وشهد الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي، خلال زيارته إلى الولايات المتحدة، قبل نحو 10 أيام، توقيع اتفاقيات عدة مع كبريات شركات التقنية، في وادي السيلكون الشهير في سان فرانسيسكو، ومن بينها «مايكروسوفت» و«سيسكو سيستمز»، فيما يشبه التأسيس لتحول رقمي سعودي.
كما أكد محللون اقتصاديون، أن زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة، أضافت عوامل «تحفيز» قصوى لعوامل «الجذب» الشديدة التي تتمتع بها بنود «رؤية المملكة 2030»؛ ما سيسفر في رأي أغلب هؤلاء عن حماسة استثمارية كبيرة وفتح شهية رواد الأعمال في أميركا إلى التوجه بقوة أكبر نحو الأسواق السعودية.
وتشير الأرقام المتاحة إلى أن الولايات المتحدة تعد ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة، فيما تحل السعودية في المرتبة الثانية عشر بالنسبة لأميركا. وبينما بلغ حجم التبادل التجاري بين الرياض وواشنطن 859.2 مليار دولار خلال الـ25 عامًا الأخيرة، فإن أغلب التوقعات تصب في مضاعفة هذا الرقم خلال فترة قريبة للغاية بفضل الشراكات الكبرى المتوقعة والتدفقات الاستثمارية الوشيكة.
ويعرف جون بربانك بتوقعاته الثاقبة للأسواق، ورؤيته التحليلية الجيدة، وحقق بصفته مستثمرا مخضرما في الأسواق الناشئة في صندوق التحوط «باسبورت كابيتال»، أرباحًا طائلة العام الماضي، عندما راهن على تراجع أسعار السلع وانهيار عملات وبورصات الأسواق الناشئة.
وذكر تقرير أعده «إتش إس بي سي» عن كبار مديري صناديق التحوط أن صندوق «غلوبال استراتيجي»، الذي يديره بربانك، ارتفع بواقع 29 في المائة، حتى يوليو (تموز) 2015، وسجل صندوق الفرص الخاصة ارتفاعا بلغ 14.5 في المائة، حتى شهر أغسطس (آب) من العام ذاته.
ويراهن بربانك على صعود ومستقبل السوق السعودية منذ فترة طويلة؛ إذ يتوقع أن يكون له مستقبل جيد للغاية، وأن يشهد صعودا كبيرا، وذلك منذ مطلع العقد الحالي، وفي فبراير (شباط) 2013 أكد بربانك لوكالة «بلومبيرغ» أن السوق السعودية هي أفضل سوق ناشئة، وبخاصة مع تداول أفكار حول فتح السوق السعودية للاستثمار الأجنبي المباشر، مرشحا السوق السعودية وجهة مفضلة ينبغي على المستثمرين حول العالم الانتباه لها والتوجه إليها بقوة.
وأضاف في لقاء تلفزيوني قصير مع قناة «بلومبيرغ» في ذلك الوقت: «استثمرنا قبل افتتاح السوق، ونعتقد أن هناك نحو 40 مليار دولار من أموال المؤشر السلبي، كما أن أسباب عدم الالتفات إلى السوق السعودية في طريقها إلى الزوال والاندثار. فالاستثمار في البلد يتميز بأشياء كثيرة، منها على سبيل المثال: نمو الاقتصاد بنسبة تقارب من 5 في المائة، ومن المتوقع وصول متوسط نمو الأرباح إلى 20 في المائة في العامين المقبلين وتوزيعات الأرباح خلال الأشهر المقبلة ستتجاوز 3.5 في المائة».
وتوقع بربانك منذ ذلك الحين أن تجتذب سوق الأسهم السعودية ما بين 25 إلى مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر.. كما عاد وأكد في تصريحات أخرى عام 2014 أن «السوق السعودية لها مستقبل كبير وستصعد أكثر».
باسبورت كابيتال، التي يدير بربانك قسم استثماراتها، هي شركة استثمار عالمية مقرها سان فرانسيسكو، أسسها بربانك في عام 2000، وتدير الشركة ما يقرب من 4.1 مليار دولار في الأصول، كما يظهر في تقديرات وإحصاءات نهاية شهر مايو (أيار) الماضي. كما أن «باسبورت كابيتال» هي مستشار الاستثمار المسجلة فيدراليا مع لجنة الولايات المتحدة للأوراق المالية والبورصات.
وفي سبتمبر (أيلول) العام الماضي، حلت باسبورت كابيتال في المرتبة الرابعة عالميا على لائحة أفضل صناديق التحوط من حيث الأداء لعام 2015، وفقا لتقييم مؤسسة وبنك «إتش إس بي سي».
وأشار تقرير «إتش إس بي سي» إلى أن باسبورت كابيتال نجحت في تحقيق «فرص استثمارية خاصة» بمعدل متوسط 21.53 في المائة خلال العام الماضي، وبلغ قمة وصلت إلى 40 في المائة في بعض الأوقات، متفوقة على غالبية نظرائها؛ ما وضعها في المرتبة الخامسة عالميا في هذا الصدد، خلف أربعة من عمالقة صناديق التحوط.



تراجع الإنتاج العالمي لـ«تويوتا» في نوفمبر لأول مرة خلال 6 أشهر

شعار «تويوتا» على مركبة «لاند كروزر» في معرض السيارات «أوتو موبيلتي إل إيه» في لوس أنجليس (رويترز)
شعار «تويوتا» على مركبة «لاند كروزر» في معرض السيارات «أوتو موبيلتي إل إيه» في لوس أنجليس (رويترز)
TT

تراجع الإنتاج العالمي لـ«تويوتا» في نوفمبر لأول مرة خلال 6 أشهر

شعار «تويوتا» على مركبة «لاند كروزر» في معرض السيارات «أوتو موبيلتي إل إيه» في لوس أنجليس (رويترز)
شعار «تويوتا» على مركبة «لاند كروزر» في معرض السيارات «أوتو موبيلتي إل إيه» في لوس أنجليس (رويترز)

قالت شركة «تويوتا موتور» اليابانية، يوم الخميس، إن إنتاجها العالمي في نوفمبر (تشرين الثاني) تراجع بنسبة 5.5 في المائة مقارنة بالعام الماضي ليصل إلى 821,723 وحدة، مسجلاً أول انخفاض خلال ستة أشهر، بفعل تباطؤ الإنتاج في الصين واليابان.

كما انخفضت المبيعات العالمية بنسبة 2.2 في المائة لتصل إلى 900,011 سيارة، مسجلة أول تراجع خلال 11 شهراً، مع تراجع مبيعاتها في الصين بنسبة 12.1 في المائة إلى 154,645 وحدة، وفقاً لأكبر شركة سيارات في العالم من حيث حجم الإنتاج.

وانخفض الإنتاج الخارجي لـ«تويوتا» بنسبة 3.4 في المائة ليصل إلى 563,546 سيارة، مع انخفاض الإنتاج في الصين بنسبة 14 في المائة إلى 145,707 وحدات بعد انتهاء دعم الحكومة في مناطق أوسع من السوق الآسيوية الكبرى.

وسجل الإنتاج في إندونيسيا تراجعاً بنسبة 11.2 في المائة بسبب صعوبة الأوضاع السوقية نتيجة تشديد فحوصات القروض وفرض ضرائب إضافية، حسب الشركة. كما انخفض الإنتاج المحلي في اليابان بنسبة 9.7 في المائة ليصل إلى 258,177 وحدة بسبب قلة أيام تشغيل المصانع.

وفي المقابل، ارتفع الإنتاج في الولايات المتحدة بنسبة 9 في المائة ليصل إلى 107,953 وحدة مدفوعاً بالطلب القوي على السيارات الهجينة، رغم مواجهة الشركة لرسوم جمركية مرتفعة فرضتها الإدارة الأميركية.

أما المبيعات الخارجية للشركة، فقد انخفضت بنسبة 2.6 في المائة إلى 769,789 وحدة، بينما ارتفعت المبيعات في الولايات المتحدة بنسبة 2.7 في المائة لتصل إلى 212,772 سيارة، مع تعافي السوق بعد توقف الإنتاج نتيجة استدعاءات لبعض الطرازات العام الماضي.

وعلى العكس، كانت المبيعات في الصين ضعيفة بسبب انتهاء الدعم وتأجيل العملاء للشراء قبل طرح طراز «راف 4» الجديد. أما المبيعات في اليابان فشهدت انخفاضاً طفيفاً بنسبة 0.2 في المائة لتصل إلى 130,222 وحدة.

وبين شركات السيارات اليابانية الأخرى، قالت شركة «هوندا موتور» إن إنتاجها تراجع بنسبة 33.7 في المائة إلى 218,927 وحدة، وهو الأدنى لشهر نوفمبر منذ توفر بيانات مماثلة عام 2001، مُرجعة ذلك إلى توقف الإنتاج في المكسيك نتيجة اضطرابات شحن الرقائق من شركة «نيكسبيريا بي» الصينية المملوكة لهولندا.

كما شهدت شركة «نيسان موتور» انخفاضاً بنسبة 5.5 في المائة في الإنتاج العالمي إلى 257,008 وحدات مع تراجع الإنتاج المحلي.

وفي المقابل، أنتجت شركة «سوزوكي موتور» 307,772 سيارة عالمياً، بزيادة 14.1 في المائة، وهو أعلى مستوى لشهر نوفمبر، مدعوماً بالطلب القوي في الهند.

وفي الوقت نفسه، يبدو أن قرار الاتحاد الأوروبي بتأجيل تطبيق الحظر على محركات الاحتراق الداخلي هذا الشهر منح شركات صناعة السيارات التقليدية مزيداً من المرونة لإنتاج السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات بكميات أكبر في المستقبل. وبينما كانت «تويوتا» وغيرها من الشركات اليابانية الرائدة في تكنولوجيا السيارات الهجينة تتمتع بميزة تنافسية على الشركات التي لا تزال تعتمد على محركات البنزين التقليدية، قد يمنح تعديل الاتحاد الأوروبي السيارات الكهربائية الصينية فرصة كانت تنتظرها لتحقيق نمو أكبر.


رغم طفرة الشحنات نحو أميركا... الصادرات التايلاندية تتباطأ في نوفمبر

شاحنة تنقل حاويات في ميناء بانكوك (رويترز)
شاحنة تنقل حاويات في ميناء بانكوك (رويترز)
TT

رغم طفرة الشحنات نحو أميركا... الصادرات التايلاندية تتباطأ في نوفمبر

شاحنة تنقل حاويات في ميناء بانكوك (رويترز)
شاحنة تنقل حاويات في ميناء بانكوك (رويترز)

قالت وزارة التجارة التايلاندية، يوم الخميس، إن صادرات البلاد ارتفعت في نوفمبر (تشرين الثاني) بأقل من التوقعات، رغم القوة الملحوظة للشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة. وأشارت الوزارة إلى أن الصادرات قد تواجه تباطؤاً أكبر خلال العام المقبل نتيجة لتأثير قوة البات التايلاندي على الشحنات.

وارتفعت الصادرات بنسبة 7.1 في المائة في نوفمبر مقارنة بالعام الماضي، وهو أقل من التوقعات التي أشارت إلى زيادة 8.25 في المائة على أساس سنوي وفق استطلاع أجرته «رويترز»، بعد أن سجلت نمواً بنسبة 5.7 في المائة في الشهر السابق.

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن النمو الحالي للصادرات جاء مدفوعاً بانتعاش قطاع الحواسيب والنمو السريع للتقنيات المتقدمة، إلا أن بعض الأسواق الرئيسية شهدت تباطؤاً. وأضافت أنه رغم توقع نمو قوي للصادرات هذا العام نتيجة للتوسع المبكر، فإنها ستتراجع في عام 2026 بفعل التعريفات الأميركية وارتفاع قيمة البات، الذي ارتفع حتى الآن بنسبة 10.4 في المائة مقابل الدولار، ليصبح ثاني أفضل العملات أداءً في آسيا.

وقال نانتابونغ تشيراليرسبونغ، رئيس مكتب السياسات والاستراتيجيات التجارية، في مؤتمر صحافي: «يؤثر ارتفاع قيمة البات سلباً على صادرات المواد الغذائية والمنتجات الزراعية».

وخلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر، سجلت الصادرات ارتفاعاً بنسبة 12.6 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مع توقع الوزارة أن يتراوح نمو الصادرات الإجمالي لعام 2025 بين 11.6 في المائة و12.1 في المائة. وبالنسبة لعام 2026، توقع نانتابونغ أن تنمو الصادرات بنسبة 1.1 في المائة أو تتراجع بما يصل إلى 3.1 في المائة، مؤكداً أن قطاع الإلكترونيات سيواصل دعم النمو؛ حيث قال: «يتوقع القطاع الخاص نمو قطاع الإلكترونيات بنسبة تصل إلى 20 في المائة العام المقبل».

وفيما يتعلق بالسياسات التجارية، فرضت الولايات المتحدة تعريفة جمركية بنسبة 19 في المائة على السلع التايلاندية، تماشياً مع دول أخرى في المنطقة، وأشار نانتابونغ إلى احتمال إتمام المفاوضات التجارية مع واشنطن العام المقبل.

وخلال نوفمبر، نمت الصادرات إلى الولايات المتحدة، أكبر أسواق تايلاند، بنسبة 37.9 في المائة على أساس سنوي، في حين انخفضت الشحنات إلى الصين بنسبة 7.8 في المائة.

وسجلت صادرات الأرز التايلاندي ارتفاعاً بنسبة 7.5 في المائة في نوفمبر على أساس سنوي، لكنها تراجعت بنسبة 21 في المائة خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام لتصل إلى نحو 7.3 مليون طن متري. وفي الشهر نفسه، وافقت الصين على شراء 500 ألف طن من الأرز التايلاندي.

وعلى صعيد الواردات، ارتفعت بنسبة 17.6 في المائة في نوفمبر مقارنة بالعام الماضي، متجاوزة توقعات النمو البالغة 14 في المائة، ما أدى إلى تسجيل عجز تجاري بلغ 2.73 مليار دولار أميركي، وهو أكبر من العجز المتوقع البالغ 1.12 مليار دولار.


خفايا المواجهة: كيف صمد «الفيدرالي» في مواجهة ترمب؟

دونالد ترمب وجيروم باول خلال جولة في مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن 24 يوليو الماضي (رويترز)
دونالد ترمب وجيروم باول خلال جولة في مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن 24 يوليو الماضي (رويترز)
TT

خفايا المواجهة: كيف صمد «الفيدرالي» في مواجهة ترمب؟

دونالد ترمب وجيروم باول خلال جولة في مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن 24 يوليو الماضي (رويترز)
دونالد ترمب وجيروم باول خلال جولة في مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن 24 يوليو الماضي (رويترز)

بينما كانت منصات التواصل الاجتماعي تمتلئ بتهديدات البيت الأبيض ضد استقلال البنك المركزي، كانت تجري خلف الأبواب المغلقة في فيلادلفيا معركة مختلفة؛ معركة لا تُخاض بالبيانات الصحافية، بل بالمقايضات الهادئة والتنازلات المدروسة. وجد «الاحتياطي الفيدرالي» نفسه أمام اختبار صعب: كيف يحمي استقلالية قراراته النقدية وأسعار الفائدة، بينما يضطر أحياناً إلى تقديم تنازلات إدارية لإرضاء الإدارة الأميركية؟

واجهة مبنى البنك «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (إ.ب.أ)

اجتماع فيلادلفيا وخطة خفض الموظفين

في ربيع هذا العام، اجتمع رؤساء البنوك الإقليمية التابعة للاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا في جلسة مغلقة لمناقشة مسألة حساسة، تمحورت حول خطط لخفض 10 في المائة من موظفي «الاحتياطي الفيدرالي». تهدف هذه الخطوة إلى مواءمة البنك المركزي مع توجه أوسع للبيت الأبيض لتقليص القوى العاملة الفيدرالية، لكنها أثارت اعتراضات قوية من بعض كبار المسؤولين.

في الاجتماع، الذي لم يُنشر عنه سابقاً، أعرب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أوستن غولزبي، عن شكوكه حيال هذه الخطوة، مشيراً إلى احتمال أن تثير مطالب إضافية من البيت الأبيض، وفقاً لشخصين مطلعين على النقاش، أحدهما تحدث مباشرةً إلى رئيس بنك إقليمي وصف النقاش بأنه حاد. غير أن اعتراضات غولزبي، التي شاركها آخرون، قوبلت بالرفض.

استراتيجية ضبط النفس الاستراتيجي

أكدت صحيفة «واشنطن بوست» تفاصيل هذا الاجتماع، موضحة أن قيادة «الاحتياطي الفيدرالي» اختارت ضبط النفس الاستراتيجي بدلاً من المواجهة المباشرة مع إدارة ترمب، وهي استراتيجية ما تزال توجه ردود المؤسسة على الهجمات المتكررة من الرئيس.

تُقدم هذه المناقشات لمحة واضحة عن كيفية تعامل «الاحتياطي الفيدرالي» مع مساعي ترمب لإعادة هيكلة البنك المركزي وضغطه لخفض أسعار الفائدة، كما تكشف عن خلافات مبكرة بين كبار المسؤولين حول كيفية مواجهة الرئيس، حتى مع تعديل السياسات والعمليات بهدوء لتتوافق مع أولويات الإدارة التي لا ترتبط مباشرة بالسياسة النقدية.

في النهاية، اختارت قيادة هذه المؤسسة العريقة، التي يبلغ عمرها 112 عاماً، الحفاظ على استقلاليتها في تحديد أسعار الفائدة، متحملةً بعض الانتقادات وممتنعةً عن الرد العلني.

يقول ديفيد ويسل، مدير مركز «هاتشينز» للسياسات المالية والنقدية في معهد «بروكينغز»: «مثل ملاكم في الحلبة، راوغ (الاحتياطي الفيدرالي) وتحرك بحذر، وما زال صامداً».

ضغوط تاريخية على البنك المركزي

لقد واجهت إدارات سابقة ضغوطاً على البنك المركزي، الذي تستند استقلاليته إلى القانون الفيدرالي والأعراف، خشية زعزعة استقرار الأسواق المالية. على سبيل المثال، ضغط الرئيس ريتشارد نيكسون على رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» آنذاك، آرثر بيرنز، لخفض أسعار الفائدة قبل انتخابات 1972، بينما حاول كبار مساعدي الرئيس جورج بوش الأب علناً الضغط على آلان غرينسبان قبل انتخابات 1992. وفي مايو (أيار) 2022، التقى الرئيس جو بايدن برئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، للتعبير عن قلقه بشأن التضخم مع تأكيد احترام استقلالية البنك.

جيروم باول خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع لجنة السوق المفتوحة للفيدرالي في واشنطن 10 ديسمبر الحالي (رويترز)

في الوقت نفسه، لم يكن رؤساء «الاحتياطي الفيدرالي» بعيدين عن السياسة، فقد كان غرينسبان شخصية بارزة ومؤثرة في واشنطن، حيث أيَّد زيادات الضرائب في عهد كلينتون عام 1993، ودعم لاحقاً تخفيضات الضرائب التي أقرها جورج بوش الابن عام 2001. كما يزداد التنسيق بين مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» والبيت الأبيض ووزارة الخزانة في أوقات الأزمات، كما حصل خلال الأزمة المالية عام 2008 مع برنانكي، وأثناء جائحة «كورونا» مع باول.

تهديدات ترمب غير المسبوقة

مع ذلك، لم يشهد أي رئيس حديث ما بلغه ترمب، الذي لوّح علناً بإمكانية إقالة رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي»، وطالب مراراً بتخفيضات حادة في أسعار الفائدة، ويختبر حالياً إمكانية إقالة عضوة أخرى في المجلس، ليزا كوك، على خلفية مزاعم لم تثبت صحتها في مجال الرهن العقاري.

ومن المقرر أن تنظر المحكمة العليا في القضية الشهر المقبل، بعد أن سمحت لكوك بالبقاء في منصبها ريثما تُبت القضية، وهي تنفي ارتكاب أي مخالفات.

وقد يعيد حكم المحكمة تشكيل مجلس «الاحتياطي الفيدرالي»، المصمم ليكون بمنأى عن الضغوط السياسية، مما يحمي قرارات أسعار الفائدة من التأثيرات الحزبية قصيرة الأجل، حيث غالباً ما يفضل المسؤولون المنتخبون خفض أسعار الفائدة لتعزيز النمو على المدى القصير على حساب التضخم الطويل الأجل.

وأكد باول، الذي تجنب التعليق المباشر على ترمب، على استراتيجية التزام الصمت. فعندما سُئل عن رأيه في حكم المحكمة العليا، تهرب من الإجابة قائلاً في 10 ديسمبر (كانون الأول): «لسنا محللين قانونيين. القضية معروضة أمام المحاكم، ولا نعتقد أننا نساهم في حلها بمحاولة النقاش العلني».

وانعكس هذا التحفظ في اجتماعاته المغلقة. ففي أبريل (نيسان)، اجتمع رؤساء البنوك الإقليمية الـ12 سراً لمناقشة كيفية تعامل البنك المركزي مع الإدارة الجديدة، مع دعوة أكاديمي خارجي للحديث عن تاريخ النظام ودور البنوك الإقليمية المستقلة.

في ذلك الوقت، بدأ «الاحتياطي الفيدرالي» بالفعل بتقديم تنازلات لمواءمة سياساته غير النقدية مع الإدارة الجديدة. فقد تخلى مسؤول رفيع المستوى عن منصبه القيادي لتجنب مواجهة قانونية محتملة، وتوقف البنك عن مبادرات المناخ والتنوع، وجمَّد التوظيف الخارجي، وكان بصدد إلزام الموظفين بالعودة للعمل بدوام كامل.

كما عمل المسؤولون على تطبيق خفض 10 في المائة لنحو 24 ألف موظف في بنوك «الاحتياطي الفيدرالي» الإقليمية ومجلس الإدارة. ورغم التذمر من بعض الرؤساء الإقليميين، فقد تم الإعلان عن التخفيضات في الشهر التالي.

وقال كاشكاري، رئيس مؤتمر الرؤساء الذي دعا الاجتماع، في بيان: «بغض النظر عن الإدارة، ندرس دائماً الأوامر التنفيذية الرئاسية ونحدد كيفية التوافق معها حسب الاقتضاء، ونتعاون لتطبيق أي تغييرات محتملة بأفضل الطرق».

علم الولايات المتحدة أمام شاشة تبث مؤتمراً صحافياً لجيروم باول عقب إعلان قرار الفائدة في بورصة نيويورك (رويترز)

موقف البيت الأبيض وردود الفعل

وعند التعليق، اكتفى البيت الأبيض بالقول إن التضخم يتباطأ وإن الظروف مواتية لمزيد من خفض أسعار الفائدة.

وبيّن مؤرخ «الاحتياطي الفيدرالي»، بيتر كونتي براون، أن الاجتماع كشف عن سؤال عادة ما يحتفظ به البنك لنفسه: ما الذي يجب أن يحتفظ به مستقلاً؟ أظهر الاجتماع تردد المسؤولين في التوافق مع الإدارة بشأن التوظيف والميزانيات، مع التركيز على حماية قرارات أسعار الفائدة.

ويرى كونتي-براون أن مفهوم «استقلالية الاحتياطي الفيدرالي» يقتصر على السياسة النقدية، وليس على السياسات الداخلية مثل مكافحة تغير المناخ وتعزيز التنوع.

تجنب المواجهة المباشرة

وفي حالات أخرى، تجنب البنك مواجهة البيت الأبيض مباشرة، كما حصل عند محاولة ترمب عزل كوك في أغسطس (آب)، حيث أصدر «الاحتياطي الفيدرالي» بياناً دافع فيه عن حماية فترات ولاية المحافظين لضمان سلامة قرارات السياسة النقدية، مع الالتزام بقرار المحكمة.

ويخشى بعض صناع السياسات من أن كل تنازل للإدارة قد يُرسي سابقة تؤدي إلى تغييرات أكبر في المؤسسة على المدى الطويل. ويقول غراهام ستيل، المسؤول السابق في وزارة الخزانة: «تردد الاحتياطي الفيدرالي في مواجهة ترمب يجعله مكشوفاً بشكل خطير».

ويضيف سكوت ألفاريز، المستشار القانوني السابق للبنك: «حتى لو انتصروا في بعض المعارك الصغيرة من خلال التنازلات، فإن استقلاليتهم ستتآكل على المدى الطويل. إذا لم يدافعوا بقوة عن استقلاليتهم الآن، فمن سيفعل ذلك؟».

نجاح استراتيجية التزام الصمت

مع ذلك، يرى بعض المراقبين أن استراتيجية التزام الصمت أثبتت جدواها حتى الآن، حيث لم يحاول ترمب إقالة باول، رغم التهديدات المتكررة، بما في ذلك الصيف الماضي بسبب مشروع تجديد ضخم لمقر البنك على طول «ناشيونال مول».

وبالرغم من إصدار ترمب أمراً بإقالة كوك في أغسطس، نجحت الأخيرة في حماية منصبها عبر المحكمة العليا، التي رفضت طلب الرئيس، مؤكدين على أهمية الحفاظ على استقلالية «الاحتياطي الفيدرالي» لتجنب زعزعة استقرار الأسواق المالية، مما يمهد لمواجهة صعبة للرئيس عندما تُستأنف المرافعات في يناير (كانون الثاني) المقبل.

ليزا كوك في منتدى جاكسون هول الاقتصادي 2025 بوايومنغ 23 أغسطس (رويترز)

ويرى خبراء أن وضع البنك كان ليصبح أسوأ بكثير لو لم يُنسق سياسات معينة أو تصدى علناً لدعوات الرئيس لخفض أسعار الفائدة، حيث كان يمكن أن يحاول إقالة المزيد من المحافظين الحاليين، بمن فيهم باول.

يختتم سكوت ألفاريز بالقول: «أروني وكالة أخرى نجحت رغم صراخها في وجه الرئيس. لا سبيل أمامها سوى التصرف بشكل طبيعي وبذل قصارى جهدها في السياسة النقدية».