مصادر: السلطة الفلسطينية ترى أن دور «الرباعية» انتهى

الرئاسة اعتبرت بيانها أنه يحول المبادرة الفرنسية إلى فرصة

فلسطينية تعاين آثار الدمار الذي لحق ببناية في غزة تعرضت لقصف القوات الإسرائيلية أمس (إ.ب.أ)
فلسطينية تعاين آثار الدمار الذي لحق ببناية في غزة تعرضت لقصف القوات الإسرائيلية أمس (إ.ب.أ)
TT

مصادر: السلطة الفلسطينية ترى أن دور «الرباعية» انتهى

فلسطينية تعاين آثار الدمار الذي لحق ببناية في غزة تعرضت لقصف القوات الإسرائيلية أمس (إ.ب.أ)
فلسطينية تعاين آثار الدمار الذي لحق ببناية في غزة تعرضت لقصف القوات الإسرائيلية أمس (إ.ب.أ)

قالت مصادر فلسطينية، لـ«الشرق الأوسط»، إن بيان الرباعية الدولية يعزز من قناعة السلطة الفلسطينية بعجز هذه الرباعية وانتهاء دورها كذلك في العملية السلمية، مؤكدة أن هذه القناعة متبلورة عند الرئيس محمود عباس منذ فترة طويلة، وهو الأمر الذي دعاه إلى التعويل أكثر على الاتحاد الأوروبي والتمسك بالمبادرة الفرنسية.
وبحسب المصادر المطلعة، فإن عباس سعى منذ وقت طويل لاستبدال جسم آخر فاعل بالولايات المتحدة و«الرباعية»، لأنه يعتقد أنها عاجزة ومنحازة، وأكدت أن عباس يرى في الاتحاد الأوروبي والمبادرة الفرنسية هذا الجسم في هذا الوقت.
وكانت «الرباعية» قد أصدرت أول من أمس تقريرا في 10 صفحات، بدأ بانتقاد «العنف والتحريض على الكراهية وبناء المستوطنات وفقدان السلطة الفلسطينية السيطرة على قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس»، واعتبرت ذلك بأنه «يقوض آمال التوصل إلى سلام دائم».
وأوضح التقرير أن «ازدياد وجود السلاح والنشاط العسكري في غزة مع تضاؤل وجود السلطة الفلسطينية، إضافة إلى تدهور الأوضاع الإنسانية، يغذيان حالة عدم الاستقرار في القطاع، ويعرقلان جهود تحقيق حل عن طريق التفاوض»، وقال: «إنه منذ بدء عملية السلام في أوسلو عام 1993 تضاعف عدد المستوطنين اليهود حتى وصل إلى أكثر من 570 ألف إسرائيلي يعيشون في مستوطنات تعتبرها الأمم المتحدة ومعظم دول العالم غير قانونية»، وإن إسرائيل استأثرت لنفسها بحق استخدام نحو 70 في المائة من المنطقة «C»، وهو ما يمثل 60 في المائة من الضفة الغربية المحتلة، وتوجد بها معظم الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية.
ولم يخف المسؤولون الفلسطينيون استياءهم الشديد من بيان «الرباعية»، إذ قال نبيل أبو ردينة، الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، إن التقرير لا يتضمن انسحابا كاملا من حدود عام 1967، بما يشمل مدينة القدس المحتلة، مبينا أن التقرير لم يتضمن إقرارا بعدم شرعية الاستيطان، مما يعني أنه لن يؤدي إلى سلام حقيقي، بل سيزيد من حدة التوتر القائمة بالأساس.
وأشار أبو ردينة إلى أن القيادة الفلسطينية كانت تتطلع إلى أن يؤدي التقرير إلى تطبيق قرارات الشرعية الدولية والالتزام بالمبادرة العربية، معتبرا أن الحل الوحيد لاستقرار المنطقة والعالم يمر عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وإطلاق سراح جميع الأسرى، وتابع موضحا «أن الاحتلال الإسرائيلي والفراغ الذي سببته اللجنة الرباعية بعجزها عن وضع الآلية لإنهاء الاحتلال، إلى جانب الغياب الأميركي وترددها فيما يتعلق بلعب دور ضاغط على إسرائيل لوقف الاستيطان، والالتزام بالشرعية الدولية، كل ذلك يجعل من المبادرة الفرنسية فرصة، الأمر الذي يتطلب حركة فلسطينية وعربية نشطة، كما يتطلب من الجميع خصوصا حركة حماس، أن تقرأ بيان (الرباعية) وكيف يتذرع العالم، حيث حاولت رهن القرار الوطني الفلسطيني المستقل لأجندات إقليمية، مما أدى إلى أن يدفع الشعب الفلسطيني أثمانًا باهظة من المواقف للحفاظ على استقلالية القرار وهويته الوطنية».
وأضاف أبو ردينة أن المرحلة المقبلة في مفترق طرق مهم، وعلى الجميع أن يختار الخيار الوحيد، وهو الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية، التي تتعرض في هذه المرحلة لتحديات خطيرة وسط منطقة متفجرة ومتغيرة.
كما قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، أمس، إن تقرير «الرباعية» لم يرق إلى مستوى التوقعات، مشيرًا إلى أن الرد الرسمي سيصدر خلال اليومين المقبلين بعد مداولات ومتابعات ستجريها كل من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة فتح، وأضاف أن القراءة الأولى لتقرير اللجنة الرباعية «لا يلبي توقعاتنا كشعب يعيش تحت الاحتلال العسكري الاستعماري، وللأسف فقد ساوى التقرير بين القوة المحتلة وشعب تحت الاحتلال. ومن الواضح، أن بعض أطراف المجتمع الدولي تصر على تجنب المسؤوليات القانونية والأخلاقية لتنفيذ القانون والاتفاقيات الدولية، لحماية الشعب الفلسطيني وضمان تحقيق حقنا في تقرير المصير».
وشدد عريقات على أن استئناف أي عملية تفاوضية ذات جدوى يتطلب تنفيذ جميع الاتفاقات الوقعة، والالتزام بالشرعية الدولية ومرجعيات السلام ضمن سقف زمني محدد، بما في ذلك وقف الاستيطان بشكل كامل، والإفراج عن الأسرى خصوصا أسرى ما قبل أوسلو»، وأضاف «أن هدفنا يكمن في إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وإنجاز حقوق شعبنا غير القابلة للتصرف والمعترف بها دوليا». ودعا المجتمع الدولي إلى دعم مبادرة السلام الفرنسية لعقد مؤتمر سلام متعدد الأطراف، ودعم مبادرة السلام العربية.
ويفترض أن تكون اللجنة المركزية لحركة فتح اجتمعت أمس، على أن تجتمع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير اليوم من أجل بلورة رد على الرباعية الدولية.
وقالت المصادر إن السلطة تنظر إلى «الرباعية» بصفتها مضرة أكثر منها عاجزة كذلك. كما انتقد الفلسطينيون إغفال التقرير للمسؤولية الإسرائيلية عن إعاقة الاقتصاد، إذ قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، إن التقرير أغفل مسؤولية حكومة الاحتلال عن إعاقة عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك مسؤولياتها عن تقويض مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وسياساتها العنصرية التي تهدد بتفجير الأوضاع في المنطقة.
وأعرب عن استغرابه من أن التقرير يحمل الطرف الفلسطيني مسؤولية التحريض والعنف، ولم يأت على ذكر العنف والإرهاب المنظم لجيش الاحتلال ومستوطنيه المسلحين، رغم جرائمهم اليومية التي تستهدف الأبرياء من الفلسطينيين.
وفي ظل حالة الاستياء الفلسطينية تجاه التقرير، رحب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ببعض الجوانب التي أوردها تقرير اللجنة الرباعية، لكنه قال إن إسرائيل تختلف مع بعض التأكيدات بشأن وقائع وسياسات. وأضاف أن «التقرير لا يزال يردد أوهاما بأن الإنشاءات الإسرائيلية في الضفة الغربية تمثل عائقا أمام السلام». مرحبا بدعوة «الرباعية» لاستئناف عملية السلام مع الفلسطينيين من خلال التفاوض المباشر والثنائي دون شروط مسبقة. وبينما دعت «الرباعية» السلطة الفلسطينية لتحمل مسؤولياتها تجاه الانقسام الفلسطيني، ووقف العمليات التي تنفذها حماس من غزة، وسط ترحيب إسرائيلي بهذه النقطة من التقرير. تصل اليوم الأحد أولى قوافل المساعدات التركية إلى قطاع غزة التي تم الاتفاق على نقلها ضمن المصالحة التركية - الإسرائيلية. ويفترض - بحسب الاتفاق - أن تصل البضائع من خلال ميناء أسدود بعد تفتيشها منعا لنقل أي مواد محظورة.
وأثار الاتفاق التركي - الإسرائيلي حفيظة الفلسطينيين، مما دفع عضو اللجنة التنفيذية أحمد مجدلاني إلى القول: إن القيادة الفلسطينية لم تخول الحكومة التركية ببحث أي مسألة تهم شعبنا في القطاع أو التخفيف من الحصار المفروض عليهم، كما قال.
ودعا مجدلاني حماس إلى أخذ العبر من تحالفاتها الإقليمية والدولية، مما دفع حركة حماس إلى انتقاد تصريحاته التي اعتبرها الناطق باسمها سامي أبو زهري بأنه «يعكس رغبة السلطة الفلسطينية في إدامة الحصار على غزة ومنع أي جهد حقيقي لإنهاء معاناتها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».