قالت مصادر فلسطينية، لـ«الشرق الأوسط»، إن بيان الرباعية الدولية يعزز من قناعة السلطة الفلسطينية بعجز هذه الرباعية وانتهاء دورها كذلك في العملية السلمية، مؤكدة أن هذه القناعة متبلورة عند الرئيس محمود عباس منذ فترة طويلة، وهو الأمر الذي دعاه إلى التعويل أكثر على الاتحاد الأوروبي والتمسك بالمبادرة الفرنسية.
وبحسب المصادر المطلعة، فإن عباس سعى منذ وقت طويل لاستبدال جسم آخر فاعل بالولايات المتحدة و«الرباعية»، لأنه يعتقد أنها عاجزة ومنحازة، وأكدت أن عباس يرى في الاتحاد الأوروبي والمبادرة الفرنسية هذا الجسم في هذا الوقت.
وكانت «الرباعية» قد أصدرت أول من أمس تقريرا في 10 صفحات، بدأ بانتقاد «العنف والتحريض على الكراهية وبناء المستوطنات وفقدان السلطة الفلسطينية السيطرة على قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس»، واعتبرت ذلك بأنه «يقوض آمال التوصل إلى سلام دائم».
وأوضح التقرير أن «ازدياد وجود السلاح والنشاط العسكري في غزة مع تضاؤل وجود السلطة الفلسطينية، إضافة إلى تدهور الأوضاع الإنسانية، يغذيان حالة عدم الاستقرار في القطاع، ويعرقلان جهود تحقيق حل عن طريق التفاوض»، وقال: «إنه منذ بدء عملية السلام في أوسلو عام 1993 تضاعف عدد المستوطنين اليهود حتى وصل إلى أكثر من 570 ألف إسرائيلي يعيشون في مستوطنات تعتبرها الأمم المتحدة ومعظم دول العالم غير قانونية»، وإن إسرائيل استأثرت لنفسها بحق استخدام نحو 70 في المائة من المنطقة «C»، وهو ما يمثل 60 في المائة من الضفة الغربية المحتلة، وتوجد بها معظم الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية.
ولم يخف المسؤولون الفلسطينيون استياءهم الشديد من بيان «الرباعية»، إذ قال نبيل أبو ردينة، الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، إن التقرير لا يتضمن انسحابا كاملا من حدود عام 1967، بما يشمل مدينة القدس المحتلة، مبينا أن التقرير لم يتضمن إقرارا بعدم شرعية الاستيطان، مما يعني أنه لن يؤدي إلى سلام حقيقي، بل سيزيد من حدة التوتر القائمة بالأساس.
وأشار أبو ردينة إلى أن القيادة الفلسطينية كانت تتطلع إلى أن يؤدي التقرير إلى تطبيق قرارات الشرعية الدولية والالتزام بالمبادرة العربية، معتبرا أن الحل الوحيد لاستقرار المنطقة والعالم يمر عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وإطلاق سراح جميع الأسرى، وتابع موضحا «أن الاحتلال الإسرائيلي والفراغ الذي سببته اللجنة الرباعية بعجزها عن وضع الآلية لإنهاء الاحتلال، إلى جانب الغياب الأميركي وترددها فيما يتعلق بلعب دور ضاغط على إسرائيل لوقف الاستيطان، والالتزام بالشرعية الدولية، كل ذلك يجعل من المبادرة الفرنسية فرصة، الأمر الذي يتطلب حركة فلسطينية وعربية نشطة، كما يتطلب من الجميع خصوصا حركة حماس، أن تقرأ بيان (الرباعية) وكيف يتذرع العالم، حيث حاولت رهن القرار الوطني الفلسطيني المستقل لأجندات إقليمية، مما أدى إلى أن يدفع الشعب الفلسطيني أثمانًا باهظة من المواقف للحفاظ على استقلالية القرار وهويته الوطنية».
وأضاف أبو ردينة أن المرحلة المقبلة في مفترق طرق مهم، وعلى الجميع أن يختار الخيار الوحيد، وهو الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية، التي تتعرض في هذه المرحلة لتحديات خطيرة وسط منطقة متفجرة ومتغيرة.
كما قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، أمس، إن تقرير «الرباعية» لم يرق إلى مستوى التوقعات، مشيرًا إلى أن الرد الرسمي سيصدر خلال اليومين المقبلين بعد مداولات ومتابعات ستجريها كل من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة فتح، وأضاف أن القراءة الأولى لتقرير اللجنة الرباعية «لا يلبي توقعاتنا كشعب يعيش تحت الاحتلال العسكري الاستعماري، وللأسف فقد ساوى التقرير بين القوة المحتلة وشعب تحت الاحتلال. ومن الواضح، أن بعض أطراف المجتمع الدولي تصر على تجنب المسؤوليات القانونية والأخلاقية لتنفيذ القانون والاتفاقيات الدولية، لحماية الشعب الفلسطيني وضمان تحقيق حقنا في تقرير المصير».
وشدد عريقات على أن استئناف أي عملية تفاوضية ذات جدوى يتطلب تنفيذ جميع الاتفاقات الوقعة، والالتزام بالشرعية الدولية ومرجعيات السلام ضمن سقف زمني محدد، بما في ذلك وقف الاستيطان بشكل كامل، والإفراج عن الأسرى خصوصا أسرى ما قبل أوسلو»، وأضاف «أن هدفنا يكمن في إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وإنجاز حقوق شعبنا غير القابلة للتصرف والمعترف بها دوليا». ودعا المجتمع الدولي إلى دعم مبادرة السلام الفرنسية لعقد مؤتمر سلام متعدد الأطراف، ودعم مبادرة السلام العربية.
ويفترض أن تكون اللجنة المركزية لحركة فتح اجتمعت أمس، على أن تجتمع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير اليوم من أجل بلورة رد على الرباعية الدولية.
وقالت المصادر إن السلطة تنظر إلى «الرباعية» بصفتها مضرة أكثر منها عاجزة كذلك. كما انتقد الفلسطينيون إغفال التقرير للمسؤولية الإسرائيلية عن إعاقة الاقتصاد، إذ قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، إن التقرير أغفل مسؤولية حكومة الاحتلال عن إعاقة عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك مسؤولياتها عن تقويض مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وسياساتها العنصرية التي تهدد بتفجير الأوضاع في المنطقة.
وأعرب عن استغرابه من أن التقرير يحمل الطرف الفلسطيني مسؤولية التحريض والعنف، ولم يأت على ذكر العنف والإرهاب المنظم لجيش الاحتلال ومستوطنيه المسلحين، رغم جرائمهم اليومية التي تستهدف الأبرياء من الفلسطينيين.
وفي ظل حالة الاستياء الفلسطينية تجاه التقرير، رحب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ببعض الجوانب التي أوردها تقرير اللجنة الرباعية، لكنه قال إن إسرائيل تختلف مع بعض التأكيدات بشأن وقائع وسياسات. وأضاف أن «التقرير لا يزال يردد أوهاما بأن الإنشاءات الإسرائيلية في الضفة الغربية تمثل عائقا أمام السلام». مرحبا بدعوة «الرباعية» لاستئناف عملية السلام مع الفلسطينيين من خلال التفاوض المباشر والثنائي دون شروط مسبقة. وبينما دعت «الرباعية» السلطة الفلسطينية لتحمل مسؤولياتها تجاه الانقسام الفلسطيني، ووقف العمليات التي تنفذها حماس من غزة، وسط ترحيب إسرائيلي بهذه النقطة من التقرير. تصل اليوم الأحد أولى قوافل المساعدات التركية إلى قطاع غزة التي تم الاتفاق على نقلها ضمن المصالحة التركية - الإسرائيلية. ويفترض - بحسب الاتفاق - أن تصل البضائع من خلال ميناء أسدود بعد تفتيشها منعا لنقل أي مواد محظورة.
وأثار الاتفاق التركي - الإسرائيلي حفيظة الفلسطينيين، مما دفع عضو اللجنة التنفيذية أحمد مجدلاني إلى القول: إن القيادة الفلسطينية لم تخول الحكومة التركية ببحث أي مسألة تهم شعبنا في القطاع أو التخفيف من الحصار المفروض عليهم، كما قال.
ودعا مجدلاني حماس إلى أخذ العبر من تحالفاتها الإقليمية والدولية، مما دفع حركة حماس إلى انتقاد تصريحاته التي اعتبرها الناطق باسمها سامي أبو زهري بأنه «يعكس رغبة السلطة الفلسطينية في إدامة الحصار على غزة ومنع أي جهد حقيقي لإنهاء معاناتها».
مصادر: السلطة الفلسطينية ترى أن دور «الرباعية» انتهى
الرئاسة اعتبرت بيانها أنه يحول المبادرة الفرنسية إلى فرصة
مصادر: السلطة الفلسطينية ترى أن دور «الرباعية» انتهى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة