القاهرة تعبر عن عدم ارتياحها لقرار الشيوخ الإيطالي تعليق منحها قطع غيار حربية احتجاجًا على مقتل ريجيني

وكيل لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان المصري لـ«الشرق الأوسط»: الخطوة متسرعة والتحقيقات لم تنته بعد

القاهرة تعبر عن عدم ارتياحها لقرار الشيوخ الإيطالي تعليق منحها قطع غيار حربية احتجاجًا على مقتل ريجيني
TT

القاهرة تعبر عن عدم ارتياحها لقرار الشيوخ الإيطالي تعليق منحها قطع غيار حربية احتجاجًا على مقتل ريجيني

القاهرة تعبر عن عدم ارتياحها لقرار الشيوخ الإيطالي تعليق منحها قطع غيار حربية احتجاجًا على مقتل ريجيني

عبرت مصر عن عدم ارتياحها أمس للقرار الصادر عن مجلس الشيوخ الإيطالي بتعليق تزويدها بقطع غيار لطائرات حربية احتجاجا على حادث مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني بالقرب من القاهرة فبراير (شباط) الماضي، وقالت وزارة الخارجية المصرية إن «مصر تابعت القرار بعدم ارتياح، وهو الأمر الذي لا يتسق مع حجم التعاون القائم بين سلطات التحقيق في البلدين منذ بداية الكشف عن الحادث، والعلاقة الخاصة التي تجمع بين البلدين على كافة المستويات».
في حين وصفت النائبة مارجريت عازر وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري القرار الإيطالي بـ«المتسرع»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الموقف الإيطالي يدعو للعجب، خاصة أن التحقيقات لم تنته بعد».
وفي خطوة تصعيديه تستبق نتائج التحقيقات التي تجريها إيطاليا بالتعاون مع القاهرة وتتعلق بمقتل ريجيني، وافق مجلس الشيوخ الإيطالي على قرار بوقف تزويد مصر بقطع غيار لطائرات «إف – 16» الحربية احتجاجا على مقتل الشاب الإيطالي، ونقلت وكالة «رويترز» أن تصويت مجلس الشيوخ الإيطالي يمثل أولى خطوات تجارية ضد القاهرة، حيث صدر القرار بعد مناقشة حامية انتهت بتصويت 159 نائبا، لصالح ما يعرف باسم «تعديل ريجيني» مقابل رفض 55.
وأشارت وزارة الخارجية في بيان لها أمس إلى أنه «تم تكليف السفير المصري في روما بنقل رسالة هامة إلى الجانب الإيطالي، وأن مصر سوف تراقب التطورات في هذا الشأن لاتخاذ القرار المناسب فيما يتعلق بأسلوب إدارة العلاقات المصرية - الإيطالية، التي تحرص على استمرارها على المستوى الذي يحقق مصالح الدولتين».
وسلمت مصر إيطاليا في مارس (آذار) الماضي، بعض أدلة التحقيقات في قضية مقتل الشاب الإيطالي، الذي عثر على جثته مقتولا وبه آثار تعذيب في الثالث من فبراير على جانب الطريق الصحراوي المؤدي من القاهرة إلى الإسكندرية، وقالت وزارة الخارجية الإيطالية إن «سفارتها في القاهرة تلقت الأدلة من السلطات المصرية».
وكان ريجيني (28 عاما) طالب الدراسات العليا الذي عكف على دراسة النقابات المهنية المصرية، يجري أبحاثا محورها النقابات المستقلة في مصر وكتب مقالات ينتقد فيها الحكومة المصرية، مما أثار تكهنات بأنه قُتل على يد قوات الأمن المصرية، الأمر الذي نفته وزارتا الداخلية والخارجية.
لكن صحيفة أميركية قالت في وقت سابق إن ثلاثة مسؤولين أمنيين مصريين أكدوا أن ريجيني كان محتجزا، الأمر الذي دعم شكوك إيطاليا بأن جهات رسمية مصرية متورطة في قتل الطالب الإيطالي.
وسبق أن طالب فريق التحقيق الإيطالي مرارا بالحصول على أدلة ووثائق متعلقة بالقضية. كما نقلت «رويترز» عن مصدر قضائي في وقت سابق قوله إن «روما تدرس استدعاء فريقها القانوني من القاهرة لعدم تعاون السلطات المصرية».
واختفى ريجيني في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، في الذكرى السنوية الخامسة لثورة 25 يناير التي أطاحت بحكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.
وقالت وزارة الخارجية الإيطالية إن الوثائق التي تسلمتها السفارة هي فقط جزء من المستندات المطلوبة وليست كلها، مشيرة إلى أن «هذه خطوة أولى مفيدة.. بعض المواد التي طلبتها سفارتنا لم تُسلم حتى الآن».
وترفض مصر حتى الآن الاتهامات المتعلقة بمسؤولية رجال الأمن عن مقتل ريجيني، مؤكدة أن التحقيقات ما تزال مستمرة وأن هناك تعاونا تاما مع الجانب الإيطالي في هذا الشأن.
وسحبت روما في أبريل (نيسان) الماضي سفيرها لدى مصر للتشاور؛ لكن تصويت أول من أمس في مجلس الشيوخ الإيطالي، يمثل أول خطوة تجارية ضد القاهرة، خاصة أنه صدر بالأغلبية - بحسب مراقبين - .
وأكدت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري مؤخرا تعاطفها التام مع أسرة الشاب الإيطالي وحرصها على استجلاء الحقيقة فيما يتعلق بملابسات مقتله، وحرصها على التعاون مع البرلمان الأوروبي في جميع المجالات في ضوء احترام السيادة المصرية.
وقالت النائبة مارجريت عازر وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب في مصر، إن «قرار مجلس الشيوخ الإيطالي بوقف تزويد مصر بقطع غيار الطائرات فيه تسرع شديد جدا، وذلك قبل استكمال التحقيقات في مثل هذه القضايا التي تتطلب وقتا طويلا»، لافتة إلى وجود حالات وقضايا مشابهة في أوروبا التحقيق فيها يأخذ وقتا طويلا، وأعربت عن تعجبها من القرار، بقولها: «قرار مثل هذا يأخذ قبل التحقيقات يدعو للعجب».
وأضافت عازر لـ«الشرق الأوسط» أمس: «أعتقد أنه لا بد أن يكون هناك دور للخارجية المصرية ولجنتي حقوق الإنسان والشؤون الخارجية بالبرلمان المصري خلال الفترة المقبلة»، مرجحة فتح حوار مع الشيوخ الإيطالي حول هذا القرار.
في السياق أشارت مصادر برلمانية إلى أن «لجنتي العلاقات الخارجية وحقوق الإنسان بالبرلمان المصري سوف توجه الدعوة للجنتي العلاقات الخارجية وحقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي للوقوف على تطورات الموقف بالنسبة لأوضاع حقوق الإنسان في مصر وآخر المستجدات في قضية الشاب الإيطالي ريجيني، والاتفاق على مواصلة الاهتمام بمتابعة الملفات المفتوحة في علاقات مصر الخارجية وأبرزها قضية الشاب الإيطالي، التي أبدت اللجنتان اهتماما خاصا بها من أجل استجلاء الحقيقة وتطبيق القانون، والتواصل مع الجهات التنفيذية وجهات التحقيق للوقوف على آخر المستجدات في القضية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.