بدء السباق على زعامة حزب المحافظين.. وأوروبا في انتظار النتيجة

كاميرون لنظيره العمالي اليساري: بحق السماء ارحل يا رجل

مجلس العموم البريطاني خلال جلسة مساءلة أمس (أ.ف.ب).... بوريس جونسن (أ.ف.ب) ...تريزا ماي (إ.ب.أ) ....ستيفن كراب (أ.ف.ب)
مجلس العموم البريطاني خلال جلسة مساءلة أمس (أ.ف.ب).... بوريس جونسن (أ.ف.ب) ...تريزا ماي (إ.ب.أ) ....ستيفن كراب (أ.ف.ب)
TT

بدء السباق على زعامة حزب المحافظين.. وأوروبا في انتظار النتيجة

مجلس العموم البريطاني خلال جلسة مساءلة أمس (أ.ف.ب).... بوريس جونسن (أ.ف.ب) ...تريزا ماي (إ.ب.أ) ....ستيفن كراب (أ.ف.ب)
مجلس العموم البريطاني خلال جلسة مساءلة أمس (أ.ف.ب).... بوريس جونسن (أ.ف.ب) ...تريزا ماي (إ.ب.أ) ....ستيفن كراب (أ.ف.ب)

حزب المحافظين الحاكم ليس الوحيد الذي يواجه أزمة سياسية بسبب نتيجة الاستفتاء، إذ تتسع دائرة المعارضة لزعيم حزب العمال جيرمي كوربن، مما يشير إلى أزمة حادة داخل الحزب. ويواجه زعيمه اليساري، الذي انتخب قبل أقل من سنة بأغلبية ساحقة، أزمة ثقة بسبب أدائه غير المقنع لصالح حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي.
حزب المحافظين سيعلن اسم خلف رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في التاسع من سبتمبر (أيلول) المقبل، مرجئا بذلك الموعد أسبوعا على الأقل، بعد أن كان قد وعد بإجراء انتخابات وتنصيب خليفة كاميرون بأسرع فترة ممكنة من أجل بدء إجراءات الطلاق من الاتحاد الأوروبي. وأوضح متحدث باسم الحزب أن باب الترشيحات افتتح أمس على أن يغلق اليوم الخميس. وبدأ أمس السباق على زعامة الحزب رسميا بعد قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، والذي تبعه استقالة رئيس الوزراء.
وصوت البريطانيون مع الخروج من الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، وأعلن كاميرون استقالته مباشرة بعد الخسارة وإعلان النتيجة. وتمتد مهلة الترشيحات لزعامة حزب المحافظين حتى الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم الخميس، على أن يعلن اسم الرئيس الجديد للحكومة في التاسع من سبتمبر (أيلول). وأعلن وزير العمل ستيفن كراب ترشيحه رسميا صباح الأربعاء. وينوي كراب المتحدر من أصول متواضعة، والذي يؤيد البقاء في الاتحاد الأوروبي: «تلبية توقعات 17 مليون بريطاني صوتوا لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي»، كما جاء في مقالة نشرتها صحيفة «ديلي تلغراف» أمس. لكن المرشحين الأوفر حظا هما وزيرة الداخلية تيريزا ماي التي تبدو مرشحة توافقية حتى لو أنها تلتزم الصمت حتى الآن، وزعيم فريق مؤيدي الخروج من الاتحاد الأوروبي بوريس جونسون (52 عاما)، الرئيس السابق لبلدية لندن.
وقد فاجأت تيريزا ماي (59 عاما) التي تشكك في الاتحاد الأوروبي، البريطانيين بالإعلان عن انضمامها إلى الفريق المؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي، عملا بقاعدة الانضباط الحكومي. لكنها حرصت على ألا تكون في الخطوط الأولى للحملة. ويقول عدد كبير من المحافظين إنها تشكل تسوية تتيح توحيد حزب شهد انقساما عميقا بين مؤيدي الخروج من الاتحاد الأوروبي ومؤيدي البقاء فيه.
وجاء في استفتاء للرأي أعدته مؤسسة «يوغوف» الثلاثاء أن تيريزا ماي تبدو الأوفر حظا (31 في المائة) أمام بوريس جونسون (24 في المائة) لدى المحافظين. وبعد إقفال باب الترشيحات، تتاح للنواب ثلاثة أسابيع لاختيار اسمين سيتقاسمان أصوات 150 ألف عضو في الحزب خلال الصيف.
كسب بوريس جونسون رهانه وبات بإمكانه التطلع إلى مقر رئاسة الوزراء رغم كثرة الاتهامات بعدم الاستعداد جيدا والغضب المتزايد لمؤيدي بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. رئيس بلدية لندن السابق، وهو مشاغب الحياة السياسية وصاحب الشعر الأشقر، أربك العالم من خلال نجاحه في إقناع غالبية البريطانيين بـ«استعادة السيطرة» على مصيرهم.
وتمكن النائب المحافظ من بيع فكرة أن مستقبل بلاده هو خارج الاتحاد الأوروبي، ووصف النتائج بأنها «انتصار للديمقراطية»، ووعد باقتصاد مزدهر ووقف تدفق ملايين المهاجرين المستعدين لغزو الساحل البريطاني، حسب قوله.
هذه الوعود التي بدأ معسكر بريكست يتراجع عنها تثير غضب أنصار البقاء الذين وصفوه بأنه «كاذب»، وبعض المشككين في أوروبا.
وبعيدا عن إسكات الاتهامات بالكذب وعدم الاستعداد جيدا، اكتفى جونسون الملقب بـ«بوجو» منذ إعلان النتائج الجمعة، بإبداء الاطمئنان، مؤكدا أن البلاد «لن تدير ظهرها إلى أوروبا»، دون أن يطرح استراتيجية ملموسة.
وإذا كان الفوز المفاجئ يضعه دون أي شك بين «المفضلين» لخلافة ديفيد كاميرون، فإن «كثيرا من المرشحين يمكن أن يتغلبوا عليه»، كما قال لوكالة الصحافة الفرنسية «تيم أوليفر»، من كلية لندن للاقتصاد.
واعتبر أوليفر أن «قراره دعم معسكر الخروج تم النظر إليه بوصفه خطوة انتهازية من قبل عدد من النواب المحافظين، وضمنهم من يدعم الخروج من الاتحاد الأوروبي».
وللفوز بترشيح الحزب المحافظ، وبالتالي منصب رئيس الوزراء، يجب على بوريس جونسون أن يثبت أن التزامه في اللحظة الأخيرة قيادة حملة الخروج لم يكن مقامرة في خدمة طموحاته التي تداعبه منذ الطفولة.
وقالت شقيقته رايتشل لكاتب سيرته الذاتية أندرو غيمسون إن ألكسندر بوريس دو فيفل جونسون المولود في نيويورك العام 1964، يتطلع منذ سنيه المبكرة إلى أن يصبح «ملك العالم».
وخلال تلقيه تعليما نخبويا، واصل الابن الأكبر لعائلة مكونة من أربعة، أحلام العظمة، بعد أن حصل على منحة للدراسة في كلية أيتون العريقة ومنصب لا يقل عراقة هو رئيس نادي النقاش «أكسفورد يونيون».
ويقول غيمسون: «لم يشكك أحد في جامعة أكسفورد في أنه سيأتي يوم يكون فيه رئيسا للوزراء».
بعد تخرجه في الجامعة، بدأ مهنة الصحافة في «التايمز» التي طردته بعد أقل من عام لاختراعه اقتباسا، والكذب حول حقيقة أنه اخترعه. من ثم عمل في صحيفة «ديلي تلغراف» التي أرسلته إلى بروكسل بين العامين 1989 و1994.
ومن خلال المبالغات وأحيانا الحيل القذرة، أصبح بوريس جونسون «المراسل المفضل» لدى مارغريت تاتشر عبر تفصيله الأعمال الأكثر غرابة في المفوضية الأوروبية، مثل حجم النقانق والمراحيض.
وقال كريستيان سبيلمان الذي كان صحافيا في وكالة الصحافة الفرنسية في بروكسل أثناء «سنوات بوريس» إن هذ الأخير «لم يخترع القصص لكنه كان يبالغ».
وفي بروكسل أيضا اقترن جونسون بزوجته الأولى أليغرا موستن أوين التي التقاها في جامعة أكسفورد، قبل أن يتركها عائدا إلى صديقة الطفولة مارينا ويلر، زوجته الحالية ووالدة أبنائه الأربعة.
انتخب نائبا للمرة الأولى في عام 2001، وبانتزاعه بلدية لندن من العماليين عام 2008 حصل على مكانة وطنية. أعيد انتخابه عام 2012. ولم يكن الفضل في ذلك لحصيلة أدائه الذي اعتبر ضعيفا وإنما لبعض النجاحات الرمزية مثل تنظيم الألعاب الأولمبية، وشخصيته الغريبة الأطوار وشعره الأشقر الذي يشكل علامة فارقة له.
وقال ستيفن كراب أول مرشح يطرح نفسه لخلافة ديفيد كاميرون رئيسا لحكومة بريطانيا إن استعادة السيطرة على سياسة الهجرة ستكون على رأس أولوياته.
وأيد كراب، الذي شغل منصب وزير العمل والمعاشات في حكومة كاميرون، معسكر البقاء في الاتحاد الأوروبي خلال الاستفتاء الذي أجري الأسبوع الماضي على عضوية بريطانيا في التكتل الذي كانت نتيجته الموافقة على الانسحاب من الاتحاد بنسبة 52 في المائة مقابل 48 في المائة.
وكتب كراب في مقال بصحيفة «ديلي تلغراف»: «لا يمكن أن نسمح بأن تعلو في انتخابات القيادة تلك تصنيفات مثيرة للانقسام، مثل مؤيد للبقاء أو مؤيد للخروج». وذكر أن حكم الشعب على الاتحاد الأوروبي كان واضحا ولن تكون هناك رجعة فيه. وكتب قائلا إن إجراء استفتاء ثان لإعادة النظر في المسألة أمر غير مطروح للمناقشة. وقال: «أريد أن أقود حكومة تفي بتوقعات 17 مليون شخص أيدوا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي». وتابع: «واحدة من أهم الرسائل التي نخرج بها من هذا التصويت هو أننا بحاجة لاستعادة السيطرة على سياسة الهجرة في المملكة المتحدة. لذا فإن حرية التنقل بالنسبة لي خط أحمر».
وقال أنصار معسكر البقاء إنه إذا أرادت بريطانيا أن تحافظ على وجودها في السوق الأوروبية الموحدة، وهو ما اعتبروه عنصرا حيويا للاقتصاد البريطاني، فسيتعين عليها أن تتوصل لحل وسط بشأن حرية التنقل وهي واحدة من أهم مبادئ الاتحاد الأوروبي.
على صعيد المعارضة العمالية، أضعفت الاحتجاجات التي يواجهها زعيم الحزب جيرمي كورين موقعه، منذ الإعلان عن نتيجة الاستفتاء على عضوية بريطانيا. إذ أخذ عليه كثيرون من أعضاء الحزب أنه لم يبذل جهدا كافيا في الحملة من أجل بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد. وخسر الثلاثاء تصويتا على الثقة بنسبة 172 صوتا مقابل 40. بعدما خسر دعم ثلثي أعضاء حكومة الظل التي يرأسها. ودعا رئيس الوزراء البريطاني كاميرون الأربعاء رئيس حزب العمال إلى الاستقالة.
وقال كاميرون، مشيرا إلى كوربن خلال جلسة توجيه أسئلة إلى رئيس الوزراء في البرلمان: «قد يكون لصالح حزبي أن يبقى، (لكنه) ليس في مصلحة البلاد، وأود أن أقول: بحق السماء ارحل يا رجل». وقد ردد بذلك صدى المتمردين في حزب العمال الذين يعتبرون أنه لن تتاح معه لحزب العمال فرصة العودة إلى الحكم.
والتصويت على الثقة ليس ملزما. ويرفض جيرمي كوربن بإصرار حتى الآن التنازل «لهذا الانقلاب في الكواليس»، كما يصفه، مؤكدا أنه لن «يخون» ثقة أعضاء الحزب الذين انتخبوه في سبتمبر (أيلول). وسبق أن أعلن أنه سيترشح إذا ما أجريت انتخابات جديدة لاختيار رئيس للحزب، التي يمكن أن ينافسه فيها كل من أنغيلا إيغل المستقيلة من حكومة الظل، ونائب رئيس الحزب توم واطسون. وعلى مستوى القاعدة، لا يزال جيرمي كوربن يتمتع بشعبية.
صرح إد ميليباند، الزعيم السابق لحزب العمال البريطاني، أمس الأربعاء، بأن استمرار جيرمي كوربن في رئاسة الحزب أصبح «أمرا غير مقبول»، ليضيف بذلك إلى الدعوات التي تطالب كوربن بالاستقالة.
وأظهر استطلاع للرأي أعدته مؤسسة «يوغوف» لحساب صحيفة «تايمز» أن ثمانية من كل عشرة أعضاء في حزب العمال انضموا إلى الحزب في سبتمبر سيؤيدونه إذا أجريت انتخابات جديدة. وسيحظى بدعم وتجمع يقام مساء في مقر الاتحاد النقابي الكبير (ترايد يونيون كونغرس).
وأعلن الخبير الاقتصادي الفرنسي طوما بيكيتي الذي أصبح مستشارا لحزب العمال أنه سيتخلى عن هذه الوظيفة بسبب ضيق الوقت قبل شهر من الاستفتاء. وقال: «حتى لو أن حملة كوربن لم تكن رائعة فعلا، فمن الصعب أن نجعل منه المسؤول الأول» عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.