وصول «جيش الفتح» وعودة «التاو».. يفرضان واقعًا جديدًا على جبهة الساحل السوري

مصدر عسكري معارض: الحلول العسكرية سيدة الموقف بغياب أفق للحل السياسي

وصول «جيش الفتح» وعودة «التاو».. يفرضان واقعًا جديدًا على جبهة الساحل السوري
TT

وصول «جيش الفتح» وعودة «التاو».. يفرضان واقعًا جديدًا على جبهة الساحل السوري

وصول «جيش الفتح» وعودة «التاو».. يفرضان واقعًا جديدًا على جبهة الساحل السوري

اشتعلت جبهة ريف اللاذقية الشمالي على نحوٍ مفاجئ، إثر معارك عنيفة اندلعت بين قوات النظام والميليشيات الموالية له من جهة، والفرقة الأولى الساحلية وحركة أحرار الشام وجيش الإسلام وأنصار الشام والفرقة الثانية الساحلية وجيش الفتح والحزب الإسلامي التركستاني وجبهة النصرة، وفصائل معارضة أخرى من جهة ثانية. وهي معركة وضعتها المعارضة في سياق «حتمية المواجهة، والإصرار على عدم تمكين النظام من الاستفراد في الجبهات».
المعارك التي شملت محاور جبلي التركمان والأكراد في ريف اللاذقية الشمالي، بدأت غداة هجوم مباغت شنّته فصائل المعارضة، من ضمن معركة أطلقت عليها اسم «معركة اليرموك»، ترافقت مع قصف مكثف ومتبادل بين الطرفين على مناطق الاشتباك، وقصف جوي نفذته طائرات النظام على المواقع ذاتها، وأدت بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى «مقتل 18 عنصرًا من الفصائل بينهم قائد عسكري في (جبهة النصرة) بالإضافة إلى 13 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وإصابة عشرات آخرين من الطرفين بجراح».
القيادي في الجيش السوري الحر في اللاذقية العميد أحمد رحال، أوضح أن «إطلاق معركة اليرموك تأتي من باب عدم ترك النظام السوري يستفرد بالجبهات، وهذه المعركة حققت في ساعاتها الأولى مكاسب جيدة على الأرض». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «عاملين أساسيين يميزان هذه المعركة، الأول وصول جيش الفتح إلى الساحل ما جعل المعركة مفتوحة وتحولها إلى معركة استنزاف طويلة، والثاني عودة صواريخ (التاو) إلى هذه الجبهة، لما له من تأثير في مسار المعركة». وقال: «بغياب أي أفق للحل السياسي، فإن الحلول العسكرية هي سيدة الموقف، وهذا ما أدى إلى إطلاق معركة اليرموك في الساحل».
أما في الوقائع الميدانية، فقد أدت المواجهات إلى سيطرة الفصائل على قرى وتلال ونقاط عسكرية في جبلي الأكراد والتركمان. وقال القائد العسكري بالفرقة الأولى الساحلية أحمد حمزة، إن «المعركة انطلقت بمشاركة الفصائل كافة العاملة في ريف اللاذقية، وبمساندة فصائل من إدلب وحماه»، مؤكدًا في تصريح لـ«مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن الفصائل «سيطرت على قرى المزغلي والحمرات وأرض الوطى والحاكورة ونحشبا والقرميل وحاجزي التركس والجامع بجبل الأكراد وجبل القلعة وتلة أبو علي وبرج قرية البيضا بجبل التركمان».
أضاف القائد العسكري أن «فصائل المعارضة تمكنت من الاستيلاء على أسلحة خفيفة، وتدمير آليات للقوات النظامية»، مشيرًا إلى أن «عملية الاقتحام سبقها قصف عنيف بالأسلحة الثقيلة على المناطق التي كانت القوات النظامية متمركزة فيها»، مشيرًا إلى أن الاشتباكات «أسفرت عن سقوط نحو 35 قتيلاً نظاميًا وجرح العشرات». ورفض الكشف عن خسائر مقاتلي المعارضة، وقال إن «المعركة مستمرة حتى استعادة المناطق التي تقدمت إليها القوات النظامية خلال الأشهر التسعة الماضية». في هذا الوقت، أوضح عمر الجبلاوي المتحدث باسم «تجمع أحرار سوريا» في اللاذقية، أن «الهجوم الذي شنّته فصائل المعارضة حقق مكاسب على الأرض في جبل الأكراد، حيث استعادت السيطرة على عدد من البلدات». وأكد الجبلاوي لـ«الشرق الأوسط»، أنه «قبل تسعة أشهر، سيطر الروس وقوات النظام على معظم مناطق ريف اللاذقية الشمالي، وصولاً إلى الشريط الحدودي مع تركيا». وأضاف: «منذ خمسة أشهر يحاول النظام السيطرة على جبل كباني المطل على السرمانية وسهل الغاب، والذي يشكّل الممر الذي يوصلهم (النظام وحلفاؤه) إلى إدلب وجسر الشغور، ما يجعل إدلب وريفها تحت التهديد».
وأوضح الجبلاوي أن «هذا الخطر حمل الفصائل المعارضة على استجماع صفوفها، وفتح معركة استعادة المناطق التي خسرتها في جبل التركمان وجبل الأكراد، فكانت المعركة مفتوحة بكل القرى». وتابع: «استطاعت المعارضة أمس (الأول) تحرير عدة قرى في جبل الأكراد هي مزعلي، الحاكورة، حاجز التركس والجامع والحمرات وأرض الوطى، أما في جبل التركمان فقد حرر الثوار بلدات القرميل وجبل أبو علي وبرج البيضاء، لكن النظام عاود السيطرة على القرى الثلاث اليوم (أمس)، بعدما شنّ النظام غارات جوية مكثّفة وقصف مدفعي عنيف، وصواريخ باليستية روسية أطلقت من البحر، تسببت بانسحاب المقاتلين من هذه البلدات».
ومع احتدام المواجهات على هذه الجبهة التي لم يكن يتوقع النظام اشتعالها، أكد عمر الجبلاوي أن «المعركة لا تزال قائمة، والثوار يصرون على السيطرة على بلدة كنسبا بالنظر لموقعها الاستراتيجي ووجودها على قمة جبل عالٍ نسبيًا ومطلّة على كثير من القرى»، مشيرًا إلى أن «التطورات التي شهدتها جبهة اللاذقية خففت الغارات الجوية على مدينة حلب وريفها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».