شهد لبنان أمس عددا من العمليات الانتحارية التي بدأت بـ4 عمليات في الصباح، وأدت إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى.
وفي المساء فجر انتحاري واحد على الأقل نفسه أمام كنيسة في قرية القاع اللبنانية الواقعة على الحدود مع سوريا، بينما كان الأهالي يستعدون لدفن ضحايا التفجيرات الانتحارية التي وقعت في وقت سابق. وأضافت مصادر طبية أن 15 شخصا على الأقل أصيبوا في الهجوم.
وبدأت العمليات في الصباح إذ فجر أربعة انتحاريين أنفسهم تباعا، فجر الاثنين، في بلدة القاع اللبنانية الواقعة على الحدود الشرقية مع سوريا بعدما تم اكتشاف أمرهم من قبل أهالي البلدة، ما تسبب بمقتل خمسة أشخاص وإصابة 15 آخرين بجروح بينهم أربعة عناصر من الجيش اللبناني.
وكشفت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» أن «الانتحاريين لم يكونوا يستهدفون البلدة، حيث الأكثرية المسيحية، بل مراكز دينية خارجها بالتزامن مع أحياء المسلمين ليلة القدر»، مرجحة أن يكونوا قد تسللوا من مناطق خاضعة لسيطرة تنظيم داعش على الحدود اللبنانية - السورية كرأس بعلبك أو غيرها، مستبعدة خيار خروجهم من مخيمات اللاجئين السوريين داخل القاع. وطمأنت المصادر أن «الأمن يبقى ممسوكا وأن الخرق الذي تم لا يعني أن البلد مفتوح، من منطلق أن ما حصل أثبت ألا قدرة للإرهابيين على الوصول إلى الأهداف التي يريدونها». وأضافت: «العمليات المخابراتية الاستباقية التي قمنا بها وأثبتت فعاليتها، إضافة إلى المعلومات الإضافية التي توفرت لنا بعد العملية الأخيرة في القاع، كلها عوامل تؤكد جهوزيتنا المطلقة للتعاطي مع الوضع بما يحفظ أمن اللبنانيين ووحدة الأراضي اللبنانية».
وفي الرواية الرسمية لما حصل يوم أمس، أعلنت قيادة الجيش اللبناني في بيان أنه «عند الساعة 4.20 من فجر الاثنين، أقدم أحد الإرهابيين داخل بلدة القاع على تفجير نفسه بحزام ناسف أمام منزل أحد المواطنين، تلاه إقدام ثلاثة إرهابيين آخرين على تفجير أنفسهم بأحزمة ناسفة في أوقات متتالية وفي الطريق المحاذي للمنزل المذكور»، لافتة إلى «استشهاد عدد من المواطنين، وجرح عدد آخر بينهم أربعة عسكريين، كانوا في عداد إحدى دوريات الجيش التي توجهت إلى موقع الانفجار الأول». وأوضحت القيادة العسكرية أنه «وبنتيجة الكشف الذي أجراه الخبراء العسكريون على مواقع التفجيرات تبين أن زنة كل حزام ناسف من الأحزمة الأربعة التي استخدمها الإرهابيون، بلغت 2 كلغ من المواد المتفجرة والكرات الحديدية».
من جهته، تحدث «الإعلام الحربي» لما يسمى «حزب الله» عن «معلومات أولية أفادت بأن أربعة انتحاريين كانوا يوجدون في أحد المنازل عند أطراف بلدة القاع في البقاع الشمالي، وقد اشتبه بهم أحد أبناء البلدة من آل مقلد قرب المنزل عند ساعات الصباح الأولى بعد سماعه حركة مريبة»، لافتا إلى أنه «وعند الحديث معهم ردوا بالتالي (نحن مخابرات جيش)، فلم يصدقهم فحصل تلاسن بين الانتحاريين والمواطن الذي جلب بندقيته وأطلق النار باتجاههم، فقام أحد الانتحاريين بتفجير حزامه الناسف فيما توجه الآخرون إلى وسط البلدة ليفجروا أنفسهم وسط عدد من الأشخاص الذين تجمعوا في المكان فور سماع صوت التفجير».
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجيرات، وأفاد الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة بـ«مقتل خمسة أشخاص جراء هذه التفجيرات» وإصابة 15 آخرين بجروح، لافتا إلى أن عددا من الجرحى «في حالات خطرة».
ووقع الانفجار على مقربة من مركز للجمارك على الحدود، وعلى طريق رئيسية داخل حي سكني في البلدة التي تربط منطقة البقاع اللبنانية ببلدة القصير في الجانب السوري من الحدود. ورجح عدد من أهالي القاع، وأبرزهم رئيس بلديتها أن يكون الانتحاريون خرجوا من أحد مخيمات اللاجئين السوريين في البلدة التي تستضيف ما يزيد عن 20 ألفا منهم، وهو ما أدى، وبحسب أحد أبنائها ويُدعى أنطون (52 عاما) لـ«استنفار أمني كثيف نفذه إلى جانب الجيش أبناء البلدة الذين نزلوا بأسلحتهم إلى الشوارع إضافة إلى عناصر من (حزب الله)». وقال: أنطون لـ«الشرق الأوسط»: «عدد كبير من أهالي البلدة حزموا أمتعتهم وقرروا النزوح إلى بيروت، لكن رئيس البلدية تمنى عليهم البقاء لعدم إعطاء مبرر للإرهابيين لدخول مناطقنا». وفيما سرت معلومات عن تضييق كبير بدأ يُمارس على اللاجئين السوريين داخل القاع على خلفية التفجيرات وسط أنباء عن قرار بطردهم منها، قال رئيس البلدية بشير مطر لـ«الشرق الأوسط»: «كل الاحتمالات واردة، ونحن سنتخذ القرار الذي يحمي بلدتنا مهما كان صعبا». وأشار مطر إلى أنه «سيتم إما حصر اللاجئين في نقطة واحدة وضبط وجودهم، أو إخراجهم من القاع». وأضاف: «هم يعلمون تماما أننا لطالما عاملناهم كأخوة لنا وبكل إنسانية، ولكن أن يتحولوا لمصدر قلق لنا وتجمعاتهم بؤر للإرهابيين فهذا ما لن نسمح به».
وزار قائد الجيش جان قهوجي بلدة القاع؛ حيث أعطى توجيهاته للوحدات العسكرية بوجوب تشديد التدابير الأمنية على جميع المنافذ الحدودية، وتعقب العناصر المشبوهة في الداخل والعمل على توقيفهم فورًا. وإذ نوَّه قهوجي «بما تمثله بلدة القاع وسائر القرى الحدودية كخط دفاع أول عن لبنان في مواجهة الإرهاب»، اعتبر أن «مسارعة الإرهابيين إلى تفجير أنفسهم قبل انتقالهم إلى مناطق أخرى، هي دليل واضح على يقظة الجيش والمواطنين التي أفشلت مخططاتهم»، مطمئنا أن «لدى الجيش كامل الإرادة والقدرة على مواصلة محاربة هذا الإرهاب الذي لا يميز في جرائمه الوحشية بين طائفة أو أخرى».
من جهته، تابع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام تفاصيل «العملية الإرهابية» التي استهدفت القاع مع الأجهزة الأمنية، ولفت إلى أن «الوقائع التي كشفتها هذه الجريمة، إن لجهة عدد المشاركين فيها أو طريقة تنفيذها، تظهر طبيعة المخططات الشريرة التي تُرسَم للبنان وحجم المخاطر التي تحدق بالبلاد في هذه المرحلة الصعبة داخليا وإقليميا»، مؤكدا أهمية الحفاظ على «أقصى درجات اليقظة والاستنفار لخنق هذه المخططات في مهدها». واعتبر رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري أن لبنان لا يمكن أن يستمر بتحمل تبعات الحرب الجارية في سوريا، مشددا على أن «أي خطة لمكافحة الإرهاب، تبدأ من الداخل اللبناني، ومن خلال المؤسسات الشرعية وعلى رأسها الجيش اللبناني، المعنية حصرا في أعداد الخطط وتحصين الحدود وحماية المواطنين».
ولفتت البيانات المتتالية التي صدرت عن سفارات الدول الكبرى في بيروت، التي أجمعت على دعم لبنان بوجه المخاطر التي تتهدده. وفيما أكدت السفارة الأميركية «الدعم والالتزام المستمر للجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية ضد الإرهاب»، جددت السفارة البريطانية في بيان «الالتزام بدعم الجيش اللبناني والقوات المسلحة لحماية أمن واستقرار لبنان»، وأشارت إلى أنه «من أولوياتنا أفواج الحدود البرية على طول الحدود». وأعلنت «الوكالة الوطنية للإعلام» بعد ساعات من التفجير أن «مدفعية الجيش الثقيلة دكت مواقع المسلحين الإرهابيين في جرود القاع».
لبنان .. تفجيرات في الصباح وأخرى في المساء تهز القاع
4 انتحاريين يفجرون أنفسهم في بلدة شرق لبنان.. بعد افتضاح مخططهم
لبنان .. تفجيرات في الصباح وأخرى في المساء تهز القاع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة