شكل القرار الذي اتخذه حزب الاستقلال المغربي المعارض في الاجتماع الاستثنائي الذي عقد مجلسه الوطني (برلمان الحزب) نهاية الأسبوع الماضي، والقاضي بالاصطفاف إلى جانب «القوى الديمقراطية الحقيقية»، من أجل «تقوية الجبهة الديمقراطية ومواجهة إرادة التحكم والتركيع»، حدثا سياسيا بارزا ينبئ، بحسب مراقبين، عن مواجهة أكثر شراسة خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، بعد أن ظل حزب العدالة والتنمية الحزب الوحيد الذي يخوض هذه المواجهة ضد حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، ومشروع التحكم الذي يرى أنه يقوده من أجل الهيمنة على الحياة السياسية، وتصدر نتائج الانتخابات التشريعية المقبلة بأي ثمن. كما أن القرار حسب متابعين مقدمة لإفراز تحالفات سياسية جديدة بين الأحزاب.
ووصف حزب الأصالة والمعاصرة الهجوم الذي يتعرض له من قبل خصومه السياسيين في الأيام الماضية بأنه مجرد مزايدات سياسية لن يكترث لها، وذلك في أول رد فعل له على إعلان حزب الاستقلال المعارض الانضمام إلى «جبهة مواجهة التحكم»، التي يقودها غريمه السياسي حزب العدالة والتنمية مسنودا بحليفه حزب التقدم والاشتراكية (الشيوعي سابقا). وذهب حزب الأصالة والمعاصرة خلال اجتماع لمكتبه السياسي مساء أول من أمس إلى حد «اعتبار استمرار التجربة الحكومية الحالية تهديدا للتماسك الاجتماعي والأمن الاجتماعي والثقافي والبيئي»، وقال إن «الهجمات الأخيرة التي يتعرض لها الحزب لن تثنيه عن مواصلة عمله مع المواطنين من دون أي اكتراث إلى أي شكل من أشكال المزايدات السياسية التي أصبحت متجاوزة وغير قادرة على إنتاج سياسات عمومية تستجيب إلى تطلعات المواطنين».
من جهته، وفيما يشبه ترحيبا طال انتظاره بقرار حزب الاستقلال الذي خول اللجنة التنفيذية «فتح مشاورات مع الأحزاب السياسية الوطنية»، من أجل رسم التحالفات في الانتخابات المقبلة، في إشارة ضمنية إلى حزب العدالة والتنمية، و«استثناء الحزب المعلوم»، ويقصد به «الأصالة والمعاصرة»، نشر الموقع الإلكتروني الرسمي لحزب العدالة والتنمية أمس وعلى غير العادة، مقتطفات من حوار أجراه حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، مع إحدى الصحف المغربية يشرح فيها تفاصيل ما وصفها بـ«المؤامرة» التي تعرض لها حزبه خلال الانتخابات الجماعية (البلدية) والجهوية الأخيرة من قبل بعض أحزب المعارضة، في إشارة ضمنية إلى حزب الأصالة والمعاصرة، الذي كشف شباط أنه كان مخططا له سلفا ليقود الحكومة بعد الانتخابات التشريعية في 2011 قبل أن تأتي رياح الربيع العربي لتضع حدا لهذا المشروع، وهو خطاب يتناغم بشكل كبير مع الخطاب الذي ظل عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يردده منذ مشاركة حزبه في الحكومة بعد موجة الاحتجاج الاجتماعي التي عرفتها البلاد في 2011، وأدت إلى انتخابات سابقة لأوانها، حملت أول تجربة يقودها حزب ذو مرجعية إسلامية ليرأس الحكومة في المغرب.
ومنذ ظهور نتائج الانتخابات البلدية والجهوية التي جرت في الرابع من سبتمبر (أيلول) الماضي، التي تراجع فيها وفقد أحد معاقله التاريخية وهي مدينة فاس، لم يتوقف حزب الاستقلال عن اتهام وزارة الداخلية باستهدافه، وصلت ذروتها بعد سلسلة الأحكام والمتابعات التي قضت بإسقاط عضوية سبعة من مستشاريه (في الغرفة الثانية بالبرلمان) في الأيام القليلة الماضية، وإقالة الخطاط ينجا رئيس مجلس جهة الداخلة وادي الذهب المنتمي إليه من طرف المحكمة الإدارية بأغادير.
ويرى حزب الاستقلال أنه يتعرض لـ«هجمة شرسة» من طرف أعداء الديمقراطية، وهو ما دفعه إلى عقد اجتماع استثنائي لمجلسه الوطني الذي خرج فيه ببيان شديد اللهجة، محذرا ومتوعدا وداعيا «الدولة إلى أن تتحمل مسؤوليتها فيما يحدث بأن تصون هيبتها وتصون مؤسساتها.
المغرب: «الاستقلال» يعلن القطيعة مع «الأصالة والمعاصرة»
عد خطوة أولى نحو تشكيل جبهة لمواجهة التحكم في المشهد السياسي

المغرب: «الاستقلال» يعلن القطيعة مع «الأصالة والمعاصرة»

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة