معركة حكومية تضع نهاية لقصة سانت كاثرين.. الكلية ذات الـ85 عامًا

محاولاتها للتحالف أو الاندماج مع مؤسسة تعليمية أخرى فشلت

برج كلية سانت كاثرين الشهير التي ستتوقف عن العمل ابتداءً من الشهر المقبل
برج كلية سانت كاثرين الشهير التي ستتوقف عن العمل ابتداءً من الشهر المقبل
TT

معركة حكومية تضع نهاية لقصة سانت كاثرين.. الكلية ذات الـ85 عامًا

برج كلية سانت كاثرين الشهير التي ستتوقف عن العمل ابتداءً من الشهر المقبل
برج كلية سانت كاثرين الشهير التي ستتوقف عن العمل ابتداءً من الشهر المقبل

تغلق كلية سانت كاثرين في ولاية كنتاكي أبوابها بعد معركة طويلة مع وزارة التعليم الأميركية، والتي تركت أثرا بارزا في الهوة المالية الكبيرة التي وجدت الكلية الكاثوليكية الرومانية الصغيرة نفسها فيها.
قبل ثلاثة شهور، رفعت كلية سانت كاثرين دعوى قضائية ضد وزارة التعليم لحجبها أكثر من مليون دولار من القروض والمنح الفيدرالية كشرط للمراقبة المالية المشددة، وهي نوع من أنواع الإشراف الفيدرالي الذي كانت تخضع له الكلية لما يربو على عام كامل. وعلى الرغم من أن المسؤولين الحكوميين يقولون إن قرارهم ذلك كان خاطئا وتعهدوا بسداد بعض الأموال إلى الكلية، إلا أن الأضرار المترتبة كانت أكبر من مقدرة الكلية التغلب عليها.
ووجه جون تيرنر، رئيس مجلس أمناء كلية سانت كاثرين، اللوم على العقوبات الفيدرالية بشأن الأضرار التي لحقت بالكلية والمشاكل التي واجهتها في اجتذاب المزيد من الطلاب إليها. وفي حين أن الكلية الخاصة الصغيرة قد أشرفت على تعليم 600 طالب بنظام الدوام الدراسي الكامل قبل بدء المشاكل مع الحكومة، إلا أن هناك في الوقت الراهن عددا أقل من 475 طالبا مسجلا في فصل الخريف، وفقا لما أفادت به الكلية. وقال السيد تيرنر إن الهبوط في أعداد الطلاب كان من الصعوبة التعامل معه في ظل التزامات الكلية بسداد الديون المستخدمة في تشييد المبنى السكني الجديد، ومبنى العلوم والرعاية الصحية والمكتبة. وأضاف السيد تيرنر في مذكرة إلى مجتمع الحرم الجامعي نشرت الأسبوع الماضي، يقول فيها إن «التحديات التي تواجه كلية سانت كاترين لا يمكن التغلب عليها. ومن دون التسجيل الطلابي ومع التضييق النقدي من قبل وزارة التعليم على تدفقاتنا المالية، فإن الديون المستحقة علينا لا يمكن إدارتها أو التحكم فيها».
وفي محاولة لإبقاء أبواب الكلية مفتوحة، ناقشت رئاسة الجامعة ومجلس الأمناء محاولة إيجاد تحالف أو الاندماج مع مؤسسات تعليمية أخرى خلال الأسابيع الأخيرة. ولقد عقدت ساندي نادينغر رئيسة كلية سانت كاثرين الكثير من الاجتماعات مع رؤساء الكليات الأخرى، غير أن المناقشات لم تثمر شيئا إيجابيا. ونتيجة لذلك، صوت مجلس الأمناء الأسبوع الماضي على إغلاق أبواب الكلية بحلول نهاية شهر يوليو (تموز).
تواصل المسؤولون بالكلية مع الكليات المجاورة من أجل وضع خطط التعليم الخارجي للطلاب الحاليين، ويحاولون التوصل إلى اتفاقيات مع الكليات الأخرى من أجل ضمان سهولة نقل الطلاب للمواد والدرجات المعتمدة. وفور انتهاء الفصول الدراسية الصيفية، سوف تغلق الكلية، التي أنشئت في عام 1931. أبوابها وسوف يكون موظفوها البالغ عددهم 118 موظفا من دون عمل.
لكن اللافت للنظر بشأن نزاع كلية سانت كاثرين مع وزارة التعليم هو أن الكليات الخاصة الصغيرة نادرا ما توجه ذلك القدر من التدقيق المالي الذي واجهته هذه الكلية؛ حيث إن الكليات التجارية والكليات الهادفة للربح تشكل ما يقرب من ثلثي الكليات الخاضعة لإجراءات الرقابة المالية الأكثر صرامة.
وتخضع الكليات للمراقبة لعدد لا يحصى من الأسباب، بما في ذلك تقديم البيانات المالية في أوقات متأخرة، والعمل في ظل الكثير من الديون، أو وجود مشاكل في اعتماد المواد العلمية أو الدرجات الدراسية. وليست الرقابة المالية بالضرورة إشارة على أن الكلية سوف تواجه أخطارا قريبة أو مباشرة من فقدان أموال المنح والقروض الفيدرالية، أو حتى خطر الإغلاق، ولكن بالنسبة لكلية سانت كاثرين كان الأمر بداية النهاية لها.
يدور النزاع حول ما إذا كانت كلية سانت كاثرين في حاجة إلى الموافقة الفيدرالية لصرف المساعدات المالية إلى الطلاب المسجلين في خمسة برامج للبكالوريوس بين عام 2011 وعام 2014. وقال المسؤولون في الكلية إن إنشاء هذه البرامج لا يتضمن التدخل الفيدرالي فيها بموجب قواعد وزارة التعليم ذاتها. وكانت الكليات كافة يلزمها الحصول على تصريح من الولاية ومن جهة الاعتماد الإقليمية، وهي الرابطة الجنوبية للكليات والمدارس.
وقال المسؤولون في كلية سانت كاثرين إنهم علموا بالمشكلة أول الأمر في يناير (كانون الثاني) عام 2015، عندما وضعت الإدارة الفيدرالية الكلية على القائمة الثانية للرقابة المالية المشددة، وهو أكثر الفئات الرقابية صرامة، وذلك في أعقاب المراجعة المحاسبية الروتينية. ويلزم الكليات تحت هذه الفئة توفير الوثائق التفصيلية للجهات الحكومية عن كل مساعدة مالية فيدرالية تحصل عليها قبل صرفها في صورة منح أو قروض إلى الطلاب.
وجاء في نسخة من خطاب العقوبات الصادر عن الإدارة الفيدرالية أنها اتخذت هذه الإجراءات بسبب النتائج الوخيمة التي عثرت عليها أثناء مراجعة البرنامج، ولكنها لم تقدم المزيد من التفاصيل حول تلك النتائج. أحد موظفي الإدارة في ولاية ميسوري، وهي كاثي فيث، والتي ذكر اسمها في الدعوى القضائية، قالت لمسؤولي المدرسة إن العقوبات كانت نتيجة لفشل الكلية في الحصول على الموافقة الفيدرالية للبرامج الخمسة. ووفقا للشكوى، وجهت تعليمات إلى الكلية لكي تتوقف عن صرف المساعدات الفيدرالية إلى الطلاب المسجلين في البرامج بدءا من ربيع عام 2015.
واستخدمت كلية سانت كاثرين أموالها الخاصة في تمويل المنح والقروض، على أمل أن الحكومة سوف ترد الأموال بمجرد انتهاء المراجعة. كما كان مطلوبا من الكلية أيضا سداد تعويضات المساعدات المالية للطلاب الآخرين من الصناديق المؤسسية وتقديم طلبات الحصول على التعويضات. وما بين رفض طلبات الحصول على التعويضات وبين المساعدات المالية الممنوحة للطلاب في البرامج الجديدة، أنفقت الكلية أكثر من 1.1 مليون دولار، أي ما يساوي 10 في المائة من ميزانية التشغيل السنوية.
واتفق المسؤولون في وزارة التعليم على أن البرامج لا تحتاج إلى الموافقة الفيدرالية وأنها كانت مؤهلة للحصول على المساعدات بعد فترة وجيزة من رفع الكلية الدعوى القضائية. ولقد تعهدت الوزارة بتعويض الكلية لقاء جزء من القروض والمنح، ولكن مسؤولي الكلية طالبوا بسداد الأموال كافة التي تكبدتها الكلية. ولقد طلب القاضي الجانبين بتسوية المشاكل عبر الوساطة، ولكن الوزارة رفضت سداد تكاليف الأضرار التي لحقت بالكلية من أجل تسوية القضية. كانت كلية سانت كاثرين في حاجة إلى 5 ملايين دولار لدعم مواردها المالية للعام الدراسي القادم. وفي حين أن بعض المتبرعين أسهموا بأموالهم، إلا أن مسؤولي الكلية يقولون إن جهود جمع الأموال لم تكن كافية.
* خدمة «واشنطن بوست»
ـــ خاص بـ {الشرق الأوسط}



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.