بينما حث رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح الضباط والجنود في منطقة عسكرية غنية بالنفط، على التحلي باليقظة ضد تهديدات الإرهاب بالحدود، أعاب عليه وزير الدفاع الأسبق اللواء خالد نزار الذي يعد خصمه السياسي: «بتجاوز حدود وظيفته العسكرية»، بحجة أنه يفرط في الاشتغال بالسياسة.
وقال صالح، أمس، في خطاب بمناسبة زيارة لمواقع الجيش بورقلة (800 كلم جنوب العاصمة)، حيث توجد أهم حقول النفط في الصحراء: «إن مرابطة أفراد الجيش الوطني الشعبي برفقة كل الأسلاك الأمنية الأخرى على كل شبر من ترابنا الوطني، وسعيهم الدائم إلى أداء مهامهم ليلا ونهارا وطوال أيام السنة، وفي كل الظروف بحرص لا يضاهى وترو غير مسبوق واقتدار معترف به من قبل الجميع هو الدليل القاطع على الإيمان الجازم بالقيم الوطنية والافتخار بالانتماء لهذا الوطن الغالي، والتحلي بواجب نصرة الجزائر أرضا وشعبا، وحفظ أمنها واستقلالها واستقرارها وسلامتها الترابية».
وأكد صالح، وهو أيضا نائب وزير الدفاع، أنه «يولي شخصيا أهمية قصوى للتكوين والتدريب والتحضير القتالي عالي المستوى»، مشيرا إلى «ضرورة التحلي الدائم والمستمر باليقظة والحرص الشديدين، من أجل توفير جميع أسباب وعوامل نصرة الوطن وتأمين موجبات عزته»، مضيفا أن «حرص أفراد الجيش على تأمين حدود البلاد من المخاطر برهان ثابت على وعيهم وإدراكهم العميق بحجم الرهانات، التي كثيرا ما أكد عليها رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، وهو دليل قاطع أيضا على علو همتهم ووفائهم لقسم الإخلاص لعهد الشهداء، الذي يبقى دوما يمثل نبراسا وضاء ينير دربهم ويعينهم على الاهتداء إلى سواء السبيل الذي سيوصلهم، على غرار أسلافهم من مجاهدي جيش التحرير الوطني إلى تأمين أسباب وعوامل نصرة وطنهم وتأمين موجبات عزته بين الأمم». وتعد زيارة صالح إلى ورقلة بمثابة رد مباشر على اللواء نزار الذي هاجمه بشدة في مقابلة نشرتها، أول من أمس، صحيفة إلكترونية ناطقة بالفرنسية يديرها نجله. وقد أصر على إظهار رفضه طلب نزار «تفادي الخلط بين الوظيفة العسكرية والسياسية». وعبر نزار في المقابلة عن استياء بالغ من مضمون «قانون المستخدمين العسكريين» الجديد، الذي سيصوت عليه البرلمان الاثنين المقبل، الذي يفرض على الضباط المتقاعدين عدم الخوض في الشؤون العامة للبلاد، خاصة السياسية منها، مدى الحياة. وعد نزار نفسه مستهدفا بهذا القانون، ودعا البرلمانيين إلى إسقاطه ووصفه بـ«القانون القاهر لحرية التعبير».
وأوضح نزار أن رئيس أركان الجيش هو من يقف وراء «محاولات تكميم أفواه العساكر المتقاعدين»، وقال عنه: «إنه شخص هائج ومصاب بجنون العظمة»، مضيفا أن الضباط المتقاعدين «مدركون لحجم مسؤولياتهم تجاه الأمة وجيشها، ولا يمكن أن يلحقوا أذى به أو يمسوا بانسجامه ووحدته». كما احتج نزار بشدة على «إرادة متهورين ومغامرين حرمان فئة من المجتمع من التفاعل مع قضايا البلاد».
ويوجد إجماع واسع في الأوساط الإعلامية وفي الطبقة السياسية أيضا، بأن القانون المثير للجدل تم إطلاقه للتخويف من أن يلقى كل ضابط متقاعد، مصير الجنرال حسين بن حديد، مستشار وزير الدفاع سابقا، الذي يوجد في الحبس الاحتياطي منذ 9 أشهر، بناء على أمر من قايد صالح شخصيا. والسبب أن بن حديد صرح لإذاعة محلية خاصة أن «صالح لا يحظى بأي احترام وسط الجيش»، وقال: «إن المؤسسة العسكرية ليست في مأمن وعلى رأسها شخص غير كفء». وثارت ثائرة رئيس الأركان لسماعه هذه التصريحات، فأمر جهاز الدرك باعتقال بن حديد الذي يقع تحت طائلة تهمة «ضرب معنويات الجيش».
الجزائر: جدل حول {اشتغال} رئيس أركان الجيش بالسياسة
إثر صدور قانون يكمم أفواه الضباط المتقاعدين
الجزائر: جدل حول {اشتغال} رئيس أركان الجيش بالسياسة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة