يواجه نحو 30 ألف مواطن في شبه جزيرة «جبل طارق» معضلة ضخمة وكبيرة بعد نتيجة استفتاء بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي.
هذه المنطقة تتمتع بخصوصية كبيرة حيث إن شبه الجزيرة هي جزء من الأراضي البريطانية خارج حدودها إلا أنها في نفس الوقت تقع جغرافيا داخل الأراضي الإسبانية.
الآن وبعد قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي أصبح وضع شبه الجزيرة في مفترق طرق، فلا يمكن أن ننسى أن جبل طارق كانت وما زالت تمثل نقطة لصراع دبلوماسي بين المملكة المتحدة ومملكة إسبانيا، فطالما كانت إسبانيا تطالب بتبعية شبه الجزيرة لسيادتها إلا أن بريطانيا ترفض ذلك جملة وتفصيلا بحكم أن الأراضي بريطانية.
قضية جبل طارق لم تكن لها أصداء ضخمة في أروقة صانعي السياسات الإسبان أو البريطانيين، وذلك لأن الإطار الأوروبي سابقا كان يحدد علاقة الخلاف بين إسبانيا وبريطانيا داخل الاتحاد وهو ما كان يدفع بروح الطمأنينة لسكان هذا الجيب الصغير.
الوضع تغير الآن وخاصة بعد تصريحات وزير الخارجية الإسباني الذي سارع بالقول إن قرار بريطانيا بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي سيغير من إطار المفاوضات مع بلاده حول جبل طارق. ونقلت محطة «أوندا سيرو» الإذاعية الإسبانية عن جارسيا قوله إن المحادثات المستقبلية لن تشمل علاقات بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي، ولكن سيتم إجراؤها على أساس ثنائي بين بريطانيا وإسبانيا.
وقال الوزير الإسباني إن بلاده تقترح أن تتقاسم مع بريطانيا السيادة على الجيب البريطاني عند طرفها الواقع في أقصى الجنوب. وتابع جارسيا أنه بعد مرور «بعض الوقت»، شبه جزيرة جبل طارق ستكون منطقة إسبانية بالكامل، مضيفا أنه يأمل في أن تكون هذه اللحظة «قريبة للغاية».
في هذه الأثناء قال رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي بأن حقوق الإسبان الذين يعيشون أو يعملون في جبل طارق لن تتأثر على الأقل حتى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في غضون عامين. ونقلت وكالة الأنباء الإسبانية (إفي) عن راخوي قوله إن «كافة الحقوق الممنوحة لهم كونهم إسبانا وكمواطنين أوروبيين ستظل كما هي، دون أي قيود، طالما لم يتم استكمال التفاوض بشأن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
ولكن كم هو عدد الإسبان الذين يعيشون هناك؟ تقدر الإحصائيات الإسبانية أن هناك نحو 9 آلاف مواطن إسباني يعيشون في جبل طارق وأنهم سابقا كانوا يتمتعون بالتحرك بحرية والعمل داخل الجيب الصغير دون قيود سواء في التأشيرات أو السكن أو حتى العمل، لكن الآن بالطبع الوضع سيختلف كثيرا.
في الوقت ذاته قال خوان خوسيه أوثيدة ممثل رابطة العمال الإسبان في جبل طارق «بأن هناك قلقا غير مسبوق في شبه الجزيرة وأن مستقبل العمال هناك سوداوي وأرى أن المشاكل بدأت الآن».
وقال اوثيدة بأن المشكلة لن تكون في سقوط أسعار الجنيه الإسترليني والذي سيؤثر بالطبع على ما يتقاضاه العمال من أجور أو حتى تسريح هؤلاء العمال والبحث عن عمال آخرين من دول أخرى ولكن المشكلة تكمن في أن جبل طارق ستكون في وضع سياسي ضعيف لأنها كانت تحت المظلة الأوروبية سابقا أما الآن فإن الصراع سيكون على من سيسيطر على سيادة الإقليم بريطانيا أم إسبانيا؟
وقال اوثيدا أن بريطانيا تستطيع بناء فنادق عائمة وتستضيف فيها عمالا من دول العالم للاستغناء عن العمال الإسبان الأوروبيين إلا أن الصراع السياسي الآن قد يؤثر على مواطني الجيب الصغير.
وأبدى اوثيدا تخوفا شديدا من أن يستغل الساسة في إسبانيا وبريطانيا الإقليم ليكون بداية لصراع سياسي ضخم وكبير وخاصة أن إسبانيا الآن على أعتاب انتخابات برلمانية ستعقد في 26 من هذا الشهر أي بعد ساعات من الآن وبالفعل قام عدد من الساسة الإسبان بتحريك القضية وبدأ البعض منهم بالحديث عن السيادة الإسبانية على جبل طارق ورفع العلم الإسباني عليها وهو ما سيشكل ضغطا كبيرا على مواطني الإقليم وأيضا سيدعم تشكيل حكومة إسبانية سريعا كانت أخفقت في الانتخابات البرلمانية السابقة وستجد لها الآن متنفسا في هذه القضية.
الجدير بالذكر أن شبه الجزيرة الصغيرة التي تقع قبالة الساحل الجنوبي لإسبانيا تخضع للسيادة البريطانية منذ عام 1713 وتعتبر منطقة سياحية من الطراز الأول ومركزا ماليا ضخما يتنقل الأفراد إليها يوميا من إسبانيا ويعودون في المساء منها على الطرف الآخر لأن الكثير يفضل العمل في جبل طارق والعيش على الجانب الإسباني والذي يعد أكثر رخصا للسكن.
ما دفع سكان جبل طارق لهذه الصدمة هو أن أول نتائج الاستفتاء البريطاني خرجت من هناك وأيدت غالبية سكان الإقليم فكرة البقاء داخل الاتحاد الأوروبي، يجدر بالذكر أيضا أن بريطانيا مرات عدة ذكرت إسبانيا أن لا يمكنها المطالبة بجبل طارق للخضوع للسيادة الإسبانية وذلك لأن بريطانيا أجرت استفتاء شعبيا في شبه جزيرة جبل طارق سابقا وصوت أغلبية السكان للبقاء تحت السيادة البريطانية وأنهم يشعرون بالفخر كونهم مواطنين بريطانيين، لكن الآن كيف سيستطيع مواطنو الإقليم الفرار من هذه الأزمة السياسية التي ستعصف بهم وخاصة أن هذا الإقليم المتنازع عليه من الممكن أن يكون بداية صب الغضب الأوروبي على بريطانيا وأن يستخدمه الأوروبيون كأداة لمضايقة بريطانيا بعد اختيارها الخروج عن السرب الأوروبي.
صدمة سكان إقليم جبل طارق بعد قرار بريطانيا الخروج من «الأوروبي»
إسبانيا صرحت بأنها ستعمل على استرداد السيادة على الإقليم قبل ساعات من الانتخابات البرلمانية
صدمة سكان إقليم جبل طارق بعد قرار بريطانيا الخروج من «الأوروبي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة