نجحت «قوات سوريا الديمقراطية» يوم أمس وللمرة الأولى، بالدخول إلى مدينة منبج، أحد المعاقل الرئيسية لتنظيم داعش، وذلك بعد نحو أسبوع على تطويقها وقطع طرق إمداد التنظيم والسيطرة على القسم الأكبر من مناطق ريفها. وتمكنت هذه القوات التي تضم مقاتلين أكراد بشكل رئيسي وعرب، من اختراق المدينة من الجهة الغربية والسيطرة على دوار الكتاب في ظل دعم عسكري دولي غير مسبوق، إن كان بالغارات الجوية أو بالقيادة المشتركة للمعارك على الأرض من قبل قوات خاصة أميركية وفرنسية ومستشارين ألمان.
وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، إنه وبعد فشل عملية الاقتحام من الجهة الشمالية للمدينة، تم خرق الجهة الغربية، متحدثة عن «عملية عسكرية صعبة ومعقدة تخوضها قوات سوريا الديمقراطية قد تستمر لشهر ونصف، خاصة أن تنظيم داعش عمد إلى تفخيخ المنازل وحفر الخنادق والأنفاق، ما يعني أن تخطي هذه العوائق سيستلزم وقتا وجهدا كبيرا». وأضافت: «تتركز الأنظار حاليا على منطقة الصوامع التي متى سقطت، سيسهل سقوط المدينة ككل».
من جهته، أشار الناشط وعضو «مجلس محافظة حلب الحرة» وابن مدينة منبج، منذر سلال، إلى أن «قوات سوريا الديمقراطية لا تركّز معركتها على جبهة واحدة، بل تحاول خرق المدينة من جبهاتها الأربع وسط دعم جوي كثيف من طيران التحالف، ساهم بتقدمها عند المدخل الغربي وسيطرتها على دوار الكتّاب». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «القوة العسكرية الأكبر تتركز عند المدخل الغربي، حيث يتواجد المقاتلون الأكراد جنبا إلى جنب مع قوات خاصة أميركية وفرنسية ومستشارين ألمان».
وأوضح سلال أن عدد المدنيين المحاصرين داخل المدينة يتخطى 200 ألف، لافتا إلى أن «كل الأطراف المقاتلة تتخذهم دروعا بشرية». وأضاف: «كما أن الضربات التي تنفذها طائرات التحالف تدمر البنى التحتية لمنبج، فبعدما كانت قد دمرت جامعة الاتحاد بشكل كامل، هدمت مطاحن المدينة والتي تعد من أكبر المنشآت السورية التي تنتج الطحين»، لافتا إلى أن هذه المطاحن كانت تؤمّن نحو 500 طن طحين بشكل يومي لحلب وريفها.
وفيما تحدث مستشار «قوات سوريا الديمقراطية» ناصر حاج منصور لـ«الشرق الأوسط» عن تركز المعارك عند أطراف المدينة وعدم تحولها بعد لحرب شوارع، قال مدير «المرصد السوري» رامي عبد الرحمن، إن هذه القوات دخلت المدينة من الجهة الجنوبية الغربية بغطاء جوي كثيف من التحالف الدولي بقيادة أميركية، مشيرا إلى «اشتباكات عنيفة تدور بين الأبنية وفي الشوارع داخل المدينة».
وأوضح عبد الرحمن أن قوات سوريا الديمقراطية تقدمت داخل منبج بعد ساعات من سيطرتها على قرية قناة الشيخ طباش عند الأطراف الجنوبية الغربية للمدينة، مشيرا إلى «مقتل عنصرين من قوات سوريا الديمقراطية جراء تفجير لغم في أحد المنازل».
وتوقع أن يكون تقدم هذه القوات «بطيئا داخل المدينة نتيجة الألغام والمفخخات التي زرعها تنظيم داعش لإعاقة عملية السيطرة على منبج».
وقالت القيادة المركزية للقوات الأميركية، إن التحالف العربي الكردي عزز مواقعه في محيط مدينة منبج، بهدف الشروع في «المرحلة الثانية وهي تأمين المدينة».
وجاء في بيان القيادة، أن التحالف كان في الأيام السبعة الماضية، يجهز قواته لدخول منبج، وأضاف أن غارات التحالف بقيادة الولايات المتحدة بلغت 233 غارة حول المدينة، منذ بدء حملة قوات سوريا الديمقراطية في مايو (أيار).
وتعد منبج إلى جانب مدينتي الباب وجرابلس الحدودية مع تركيا معاقل للتنظيم في محافظة حلب. ولمنبج تحديدا أهمية استراتيجية، كونها تقع على خط الإمداد الرئيسي للتنظيم بين الرقة، معقله في سوريا، والحدود التركية.
وأكد مصدر عسكري من المجلس العسكري لمدينة منبج لـ«شبكة الدرر الشامية»، أن الفصائل العسكرية العربية العاملة ضمن «سوريا الديمقراطية» دخلت المدينة من الجهة الغربية وباتت على مقربة من دوار الكتاب، فيما لا يزال هناك مسافة كيلومتر واحد للوصول إلى مركز المدينة. ولفت المصدر ذاته إلى أن هجومًا عنيفًا نفذته «سوريا الديمقراطية» فجر اليوم على مواقع التنظيم من الجهة الشمالية استمر لعدة ساعات، انتهى بالانسحاب من المنطقة بعد تعرضها لانفجار سيارتين مفخختين.
من جهته، أعلن تنظيم داعش عن إفشال محاولة «سوريا الديمقراطية» لاقتحام منبج من جهة الشمال الخميس، وتكبيدها خسائر بشرية. وبحسب وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم، فقد وقع نحو 30 قتيلاً وجريحًا من هذه القوات، إثر استهدافهم بسيارة مفخخة يقودها أحد العناصر أثناء انسحابهم من مزارع زنغل شمال منبج بعد فشل اقتحامها، كما أعلنت عن مقتل 5 آخرين وإفشال محاولة تقدُّم لهم قرب قرية «الـ4 كيلو» شمالي المدينة.
ونقلت وكالة «آرا نيوز» التي تُعنى بالشأن الكردي، عن مصادر محلية في منبج، تأكيدها أن التنظيم المتطرف أعد العشرات من الانتحاريين والسيارات المفخخة لـ«الدفاع» عن معلقه الذي يعتبر صلة التنظيم مع العالم الخارجي.
وتواجه العملية العسكرية الهادفة إلى استعادة منبج مقاومة شديدة من قبل مسلحي تنظيم داعش الذين ينفذون بين حين وآخر عمليات هجومية معاكسة ضد وحدات «قوات سوريا الديمقراطية» وفصائل «المجلس العسكري لمنبج».
واستبق كريس جارفر، الكولونيل في الجيش الأميركي عملية اقتحام منبج، بترجيحه تمسك تنظيم داعش بالمدينة «حتى آخر رمق لديه»، لافتا إلى أن «التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية يضيقان الخناق على المسلحين المتشددين داخل منبج قرب الحدود السورية التركية، لكننا نتوقع منهم القتال حتى النهاية دفاعًا عن معقلهم».
«سوريا الديمقراطية» تقتحم منبج بدعم عسكري دولي غير مسبوق
قوات خاصة أميركية وفرنسية تقود المعارك.. وأكثر من 200 ألف مدني محاصرون
«سوريا الديمقراطية» تقتحم منبج بدعم عسكري دولي غير مسبوق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة