اتفاق محتمل تتخلى فيه تركيا عن مطلبها بفك الحصار عن غزة

إسرائيل تسمح بموجبه بنقل كل المساعدات التركية إلى القطاع

اتفاق محتمل تتخلى فيه تركيا عن مطلبها بفك الحصار عن غزة
TT

اتفاق محتمل تتخلى فيه تركيا عن مطلبها بفك الحصار عن غزة

اتفاق محتمل تتخلى فيه تركيا عن مطلبها بفك الحصار عن غزة

كشفت أنباء نشرت في كل من أنقرة وتل أبيب أمس، عن تفاصيل مسودة اتفاق المصالحة بين تركيا وإسرائيل، ووصول وفد رسمي من الهلال الأحمر التركي إلى إسرائيل. وأطلق ذوو الجنود الإسرائيليين الثلاثة المحتجزين لدى حماس في قطاع غزة، حملة بعنوان «لا مصالحة من دون حرية». وهم يطالبون رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالامتناع عن توقيع الاتفاق قبل أن يطلق سراح الجنود، أحياء كانوا أو أمواتًا.
وكان مسؤولون أتراك، أكدوا الأنباء الواردة من إسرائيل عن قرب التوصل إلى اتفاق. وقالوا لصحيفة «هورييت ديلي نيوز» التركية، أول من أمس، إنه خلال اللقاء الذي سيعقد بين طاقمي المفاوضات الإسرائيلي والتركي، يوم الأحد المقبل، في إحدى العواصم الأوروبية (وربما في تركيا نفسها)، يتوقع الإعلان رسميًا عن بلورة اتفاق مصالحة بين البلدين. وبذلك أكد الأتراك ما سبق وقاله مسؤولون إسرائيليون خلال الأيام الأخيرة. وحسب المسؤولين الأتراك فقد تم التوصل إلى تسوية حول الشرط الثالث الذي طرحته تركيا كجزء من المفاوضات، وهو رفع الحصار عن قطاع غزة. فقد تخلى الأتراك عن مطلب إزالة الحصار بشكل كامل، وحتى عن مطلب رفع الحصار البحري بشكل جزئي. وفي المقابل، وحسب الاتفاق، ستسمح إسرائيل بنقل كل المساعدات التركية إلى غزة، ما دام وصلت عبر ميناء أشدود.
كما سمحت إسرائيل لتركيا ببناء مستشفى في غزة، وتنوي إلغاء كل القيود على تزويد المعدات والأدوية والقوى البشرية له. وسمحت إسرائيل بإقامة محطة للطاقة في غزة، ستبنى بالتعاون بين تركيا وألمانيا، وكذلك منشأة لتحلية مياه البحر سيقيمها الأتراك. وعلم أن اللقاء الذي سيعقد في السادس والعشرين من الشهر الحالي، يهدف إلى الاتفاق النهائي على مسودة الاتفاق، وعلى كل بنودها.
وأضاف الإسرائيليون، أن الاتفاق يشمل تنازلاً إسرائيليًا عن مطلب إغلاق مكاتب حماس في تركيا. وبالمقابل تعهدت تركيا بمنع أي نشاط عسكري ضد إسرائيل عن طريق رجال حماس على أراضيها، وبمنع وصول مسؤولين عسكريين من حماس إلى تركيا.
وردًا على هذا النشر، قال مسؤولون إسرائيليون كبار، إن التوقيع الرسمي على الاتفاق سيجري بعد عدة أسابيع فقط، كما يبدو خلال شهر يوليو (تموز). وهكذا ستنتهي الأزمة بين البلدين، والتي اندلعت في أعقاب مقتل تسعة مواطنين أتراك على أيدي قوات البحرية الإسرائيلية التي هاجمت سفينة مرمرة، حين كانت في طريقها إلى غزة في مايو (أيار) 2010. وقال المسؤولون الأتراك لصحيفة «حريتي»، إنه فور توقيع الاتفاق ستعمل إسرائيل وتركيا على تطبيع العلاقات، وتعيين سفيرين في أنقرة وتل أبيب، ورفع مستوى العلاقات الدبلوماسية إلى أعلى الدرجات. كما سيتم إلغاء العقوبات والقيود التي فرضها كل طرف على الآخر في كل ما يتعلق بالاتفاقيات الدولية. وسيجري أيضا إلغاء القيود التي فرضت على المناورات العسكرية المشتركة والتعاون في مجال الطاقة والاستيراد والتصدير الأمني.
من جهتها، قالت حركة حماس إنها تعتز بالموقف التركي المساند لغزة وللقضية الفلسطينية، وأشادت بالدور التركي في دعم القضية الفلسطينية، والعمل من أجل رفع الحصار المفروض على قطاع غزة.
وحاولت حماس الضغط على تركيا من أجل التصلب في موقفها مع قرب الإعلان عن الاتفاق وما تسرب عنه، من تخلي تركيا عن شرط رفع الحصار. وأعرب مسؤول العلاقات العربية في الحركة، أسامة حمدان، عن أمله في أن تستمر القيادة التركية في ممارسة الضغط على حكومة الاحتلال، من أجل دفعها إلى إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة منذ نحو عشرة أعوام. وأضاف حمدان، لموقع محلي محسوب على حماس، قوله: «من الواضح أن الجانب التركي بذل جهودًا كبيرة من أجل رفع الحصار عن قطاع غزة، لكن التعنت الصهيوني كان كبيرًا». ورفض حمدان، التعليق على ما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية عن تخلي تركيا عن شرط رفع الحصار عن غزة مقابل المصالحة مع إسرائيل». وقال: «ليست لدينا معطيات دقيقة من الجانب التركي حول مجريات المفاوضات بين الاحتلال وتركيا بشأن تطبيع العلاقات بينهما، لكننا نأمل أن يتصلب الموقف التركي في إنهاء الحصار، وأن يتم التوصل إلى تفاهمات تنهي هذا الحصار الظالم على قطاع غزة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».