سوريا: أكثر من 250 حالة تسمم في الغوطة الشرقية معظمهم من الأطفال

الحرارة المرتفعة وانقطاع الكهرباء وطريقة تحضير الوجبات أسهمت مجتمعة في فسادها

سوريا: أكثر من 250 حالة تسمم في الغوطة الشرقية معظمهم من الأطفال
TT

سوريا: أكثر من 250 حالة تسمم في الغوطة الشرقية معظمهم من الأطفال

سوريا: أكثر من 250 حالة تسمم في الغوطة الشرقية معظمهم من الأطفال

هي وجبة الطعام الوحيدة التي يحصلون عليها بعد يوم صيام طويل كانت كفيلة بأن تؤدي بعدد كبير من العائلات في الغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق، المحيطة بالعاصمة السورية، إلى المستشفيات. ورغم تضارب المعلومات حول السبب الذي أدى إلى إصابة أكثر من 250 شخصا بالتسمم الغذائي يبقى من المرجّح أن عوامل الطقس وارتفاع درجات الحرارة غير المعتاد وانقطاع التيار الكهربائي، إضافة إلى ظروف غير صحية ترافق عملية تحضير الوجبات أسهمت مجتمعة في فساد الطعام، ولا سيما اللحوم، التي تصل إلى أهالي الغوطة الشرقية كما غيرها من المناطق.
ويوم أمس أعلنت المعارضة السورية، تسجيل العشرات من حالات التسمم الغذائي أغلبهم من الأطفال في بلدة الشيفونية بالغوطة الشرقية. وقال ناشطون إن أكثر من 262 حالة تسمم غذائي وصلت إلى مستشفيات دوما الميدانية جراء تناول وجبات غذائية على الإفطار. ونقلت «شبكة شام» المعارضة عن ناشطين قولهم، إن الوجبات التي وزعت هي فاسدة ويتم توزيعها من قبل جمعيات توصف بالخيرية على المدنيين بشكل يومي، مشيرين إلى أنه يجري تغليفها وتخزينها بشكل سيئ للغاية ما يعرضها للتلف والتعفن وخاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة. وهو ما لفت إليه الناشط في دوما براء عبد الرحمن، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أنّ فساد الوجبات كان بشكل أساسي نتيجة الطقس الحار وغياب التيار الكهربائي الذي يمنع حفظ الطعام في البرادات وهو ما أدى إلى فساد اللحمة التي وزّعت أول من أمس ضمن وجبات الإفطار على العائلات في الغوطة.
وحسب الناشطين فإن «الجمعيات تصر على طبخ الوجبات في مقراتها ومن ثم توزيعها على المدنيين رغم أن بعض المرضى ربما لا يناسبهم هذا النوع من الطعام، وأن أغلب هذه الوجبات تطهى بشكل سيئ، ففي بعض الأحيان تكون الوجبات غير ناضجة أصلا، إضافة أيضا إلى طريقة تغليف هذه الوجبات. ولفت الناشطون إلى أن الجمعيات تنتهي من طهي الطعام عند الساعة الواحدة ظهرا وتغلف الوجبات وهي ساخنة لتوزيعها على المدنيين بعد وقت طويل مما يؤدي إلى فسادها وظهور رائحة سيئة». ويحمّل الناشطون هذه المسؤولية على الجمعيات التي تصرّ على طبخ الوجبات في مقراتها ومن ثم توزيعها بدل إعطاء المواد للعائلات لطبخها، مرجعين الأمر إلى رغبة الداعمين الذين يجبروننا على هذا الأمر».
من هنا يرى الناشطون أن الحل لهذه المشكلة ولتفادي حالات التسمم في المستقبل، هو توزيع المواد الغذائية كما هي أو توزيعها كمبالغ مالية تمكن هذه العائلات من شراء ما يرغبون به من غذاء ودواء ومحروقات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».