ليبيا: إعلان حالة النفير العام.. والجيش يحبط محاولة المتطرفين اقتحام أجدابيا

«داعش» يغير أساليبه العسكرية ضد قوات السراج في سرت

سفينة تابعة لمنظمة «مواس» التي تعنى بإنقاذ المهاجرين تصل إلى الساحل الليبي أول من أمس (رويترز)
سفينة تابعة لمنظمة «مواس» التي تعنى بإنقاذ المهاجرين تصل إلى الساحل الليبي أول من أمس (رويترز)
TT

ليبيا: إعلان حالة النفير العام.. والجيش يحبط محاولة المتطرفين اقتحام أجدابيا

سفينة تابعة لمنظمة «مواس» التي تعنى بإنقاذ المهاجرين تصل إلى الساحل الليبي أول من أمس (رويترز)
سفينة تابعة لمنظمة «مواس» التي تعنى بإنقاذ المهاجرين تصل إلى الساحل الليبي أول من أمس (رويترز)

أعلن رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح حالة النفير العام، وتكليف رئيس الأركان العامة للجيش اللواء عبد الرازق الناظوري حاكمًا عسكريًا للمنطقة الممتدة من مدينة درنة شرقًا وحتى بن جواد غربًا، بالتزامن مع تصدى قوات الجيش لهجوم مفاجئ شنته قوات ما يسمى بـ«سرايا الدفاع عن بنغازي» المتطرفة على قوات الجيش في مدينة أجدابيا، التي تقع في قلب منطقة الهلال النفطي، وتتوسط المسافة ما بين سرت وبنغازي.
وجاءت هذه التطورات العسكرية المفاجئة لتطغى على اجتماع سيعقده اليوم مجلس النواب بمقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي لحسم مصير الحكومة الجديدة المدعومة من بعثة الأمم المتحدة برئاسة فائز السراج.
وقال الناطق باسم رئيس المجلس إن «الجلسة من المقرر أن تبدأ في الساعة الواحدة من بعد ظهر اليوم بالتوقيت المحلى في طبرق، مشيرًا إلى أن رئاسة المجلس حثت جميع الأعضاء على الحضور والمشاركة».
وقبل ساعات من هذه الجلسة أصدر رئيس البرلمان عقيلة صالح باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي قرارًا يقضى بإعلان حالة النفير العامة في البلاد، وتعيين رئيس الأركان حاكمًا عسكريًا لمنطقة تنشط فيها عناصر من تنظيم داعش.
وقالت مصادر عسكرية ليبية إن القائد العام للجيش الفريق خليفة حفتر وجه على الفور بإرسال دعم لوجيستي وقوات إلى أجدابيا، وشن سلسلة غارات جوية على تمركزات القوات الهاجمة لإحباط محاولة سيطرتها على أجدابيا التي تقع على بعد 160 كيلومترا غربي مدينة بنغازي.
وتضم سرايا الدفاع عن بنغازي بعض قيادات المتطرفين الإسلاميين وضباط الجيش المتقاعدين وهي موالية للشيخ الصادق الغرياني مفتى البلاد السابق المعزول من منصبه، لكنها لا تعتبر موالية لحكومة الوفاق السراج في العاصمة الليبية طرابلس التي أعلنت في المقابل إدانتها لهذا الهجوم، ووصفت قوات غرفة عمليات تحرير أجدابيا بـ«الميليشيات المارقة والخارجة عن شرعية الدولة».
واعتبر المجلس الرئاسي لحكومة السراج أن «هذه الميليشيات جاءت لنجدة فلول الإرهابيين من تنظيم داعش في مدينتي أجدابيا وبنغازي»، عبر استهداف تمركزات ومقار قوات الجيش واحتلال بعضها. وأدن المجلس هذا «العمل الإرهابي»، وحمل مسؤوليته لقادة وعناصر «الميليشيات ومن يأتمرون بأمره».
وانتشرت عناصر الجيش في معظم ضواحي أجدابيا بعد ساعات من إعلان حالة النفير في المدينة، فيما قال المكتب الإعلامي للكتيبة 101 مشاة خفيفة، أن الوضع تحت السيطرة في أجدابيا، وأن وحدات الجيش وشباب مدينة أجدابيا تمكنوا من صد الهجوم على المدينة، وتمكنوا من دحر المهاجمين جنوب المدينة بنحو 18 كيلومترا.
وقال ضابط في الجيش لـ«الشرق الأوسط»: «خلاصة المهزومين أمام قوات الجيش في مدينة بنغازي حاولوا القيام بعملية التفاف ودخول مدينة بنغازي، لكنهم تكبدوا خسائر فادحة بعد اشتباكات كانت في طريق شركة النهر جنوب أجدابيا»، واصفا الوضع العسكري لقوات الجيش بأنه «جيد».
وتحدثت مصادر غير رسمية عن مقتل أربعة وإصابة 12 آخرين من قوات الجيش الليبي جراء هذه الاشتباكات التي دامت بضع ساعات، قبل أن تتوقف مساء أمس نسبيًا.
إلى ذلك، قتل عنصران من قوات حكومة السراج في هجوم لتنظيم داعش تصدت له هذه القوات، وحاول خلاله التنظيم الإرهابي فك الحصار المفروض عليه في غرب مدينة سرت. وقال رضا عيسى، العضو في المركز الإعلامي للعملية العسكرية الهادفة إلى استعادة مدينة سرت من التنظيم المتطرف: «تقدمت في محور الغريبات قوة من تنظيم داعش في محاولة لفك الحصار المفروض على هذا التنظيم في المنطقة».
ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله: «استخدمت القوة المهاجمة أسلحة متوسطة في هجومها، لكن قواتنا نجحت في التصدي لها وأجبرتها على التراجع»، مشيرًا إلى أن «عنصرين من قواتنا قتلا فيما أصيب خمسة آخرون بجروح في الاشتباكات التي رافقت الهجوم».
وبدأت القوات الحكومية قبل أكثر من شهر عملية «البنيان المرصوص العسكرية»، التي تهدف إلى استعادة مدينة سرت التي تبعد 450 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس، وتعتبر مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي، من أيدي التنظيم الإرهابي الذي يسيطر عليها منذ منتصف العام الماضي.
وفي مواجهة التقدم السريع لهذه القوات، يشن تنظيم داعش منذ أسبوع سلسلة هجمات مضادة بينها هجمات انتحارية بسيارات مفخخة تستهدف تجمعات للقوات الحكومية عند الأطراف الغربية والجنوبية للمدينة.
ونفذ التنظيم المتطرف تسع هجمات انتحارية في أسبوع واحد، في محاولة لعرقلة تقدم القوات الحكومية نحو المناطق السكنية التي يحاصر فيها.
ويتحصن مقاتلو التنظيم الإرهابي في المنازل، ويستخدمون القناصة والسيارات المفخخة، والعبوات الناسفة والهجمات الانتحارية، فيما تواجه قوات الحكومة صعوبات في اقتحام هذه المناطق، وتخوض حرب شوارع من منزل إلى منزل مع عناصر التنظيم.
وقال عيسى إن تقدم القوات الحكومية «أصبح تقدمًا حذرًا باعتبار أن عناصر (داعش) يتحصنون في المنازل، ولذا فإننا نخشى استخدام الأسلحة الثقيلة خشية إصابة مدنيين يحتمل وجودهم في المباني»، وتابع أن القوات الحكومية «تحاول حاليًا تعزيز مواقعها عند أطراف سرت لإحكام الحصار على تنظيم داعش واستفزازه للخروج من مواقعه».
وتتشكل القوات التي تقاتل تنظيم داعش في سرت من جماعات مسلحة تنتمي إلى مدن عدة في غرب ليبيا، أبرزها مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) التي تضم المجموعات الأكثر تسليحًا في البلاد، إذ تملك طائرات حربية ومروحيات قتالية. في المقابل، يضم تنظيم داعش الذي يبلغ عدده في ليبيا نحو خمسة آلاف عنصر، مقاتلين أجانب في سرت من شمال أفريقيا والخليج. وقتل في العملية منذ بدئها 166 عنصرًا من القوات الحكومية على الأقل، وأصيب أكثر من 500 بجروح، بحسب مصادر طبية في مصراتة، مركز قيادة العملية العسكرية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».