اعترف مسؤول كبير في وزارة الخارجية في تل أبيب، أمس، بفشل الجهود الإسرائيلية في منع التأييد الأوروبي الجارف للمبادرة الفرنسية. وقال إن الجهود منصبة حاليا على محاولة تخفيف حدة القرار المتوقع صدوره اليوم، في اجتماع وزراء خارجية الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وفيه يؤكدون دعم المبادرة الفرنسية وتبني البند الرئيسي فيها، وهو عقد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة إسرائيل والفلسطينيين، حتى نهاية السنة.
وقال المسؤول، إن إسرائيل حاولت منذ تحريك المبادرة الفرنسية، قبل شهور، وبشكل خاص خلال اجتماع وزراء الخارجية، الذي عقد في باريس في مطلع الشهر الحالي، التأثير على مجريات الأمور لكنها فشلت. وأضاف: «في البداية عملنا بهدوء، مقتنعين بأن الفرنسيين يسيرون ببطء وتردد. ولكننا نلاحظ أنهم خلال الأسابيع التي مرت، منذ انعقاد اجتماع وزراء الخارجية، يواصلون دفع مبادرتهم بكل قوة، بغية تجنيد الدعم الدولي لها ودفع خطوات مكملة، كتشكيل طواقم العمل الدولية التي ستهتم بصياغة خطوات بناء الثقة، وترتيبات أمنية ومحفزات اقتصادية، وقد بدأت المبادرة تكتسب زخما دوليا واضحا.
وادعى المسؤول الإسرائيلي، أن الفرنسيين راحوا يمارسون الضغوط على وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فدريكا موغريني، وعلى وزراء خارجية بقية دول الاتحاد، من أجل اتخاذ قرار يجند الاتحاد الأوروبي للمبادرة. وتوقع أن تحقق فرنسا من خلال القرار الذي سيتم اتخاذه، كل رغباتها، وأن يعلن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي دعمهم للمبادرة، والدعوة إلى عقد المؤتمر الدولي للسلام. وخلال الأسبوع الأخير، عملت وزارة الخارجية الإسرائيلية وسفارات إسرائيل في العواصم الأوروبية ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، من أجل صد القرار. وبعثوا برسالة تعارض بشدة المبادرة الفرنسية وكل خطوة تهدف إلى دفعها. وقال المسؤول الإسرائيلي الرفيع، إنه يستدل من التقارير التي وصلت إلى وزارة الخارجية في القدس، على أنه تم رفض كل الادعاءات التي طرحها سفراء إسرائيل في غالبية عواصم أوروبا، بأدب. وأضاف: «الجميع يوافقون معنا على أنه من المفضل مبدئيا إجراء مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكنهم، بشكل عملي، لا يتطرقون إلى رفضنا للمبادرة الفرنسية. وفي كثير من الدول لا يتفهمون موقفنا بكل بساطة. لا بل هناك مزيد من الدول التي ترغب في تعزيز المبادرة الفرنسية، خاصة في ظل غياب أي مبادرة أخرى تحاول كسر الجمود في العملية السلمية».
ويستدل من تقارير وصلت إلى وزارة الخارجية من سفارات إسرائيل في أنحاء أوروبا، على أن أكثر الدول صداقة لإسرائيل من القارة، تشيكيا وقبرص وإيطاليا، تدعم المبادرة الفرنسية ومعنية بدفعها. أما ألمانيا التي ساعدت إسرائيل في السابق على صد خطوات مشابهة في الاتحاد الأوروبي، فهي لا تعارض أيضا القرار المرتقب اتخاذه اليوم، على الرغم من تحفظها على المبادرة الفرنسية. وفي ضوء الفشل في صد القرار، تحاول وزارة الخارجية الإسرائيلية، حاليا، تخفيف صيغته. ويركز الدبلوماسيون الإسرائيليون بشكل خاص، على محاولة إسقاط بند يربط بين المبادرة الفرنسية واقتراح الاتحاد الأوروبي في ديسمبر (كانون الأول) 2013 ترقية العلاقات مع إسرائيل إلى درجة «شريك مفضل ومميز»، مقابل اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وقد رفضت إسرائيل حتى اليوم إجراء أي اتصالات رسمية مع الاتحاد الأوروبي حول هذا الاقتراح. وتعتقد أن الربط بين هذين الأمرين يعني طرح شرط أوروبي آخر لتحسين العلاقات مع إسرائيل. وقد حاولت إسرائيل في العامين الماضيين، دفع مسائل مختلفة أمام الاتحاد الأوروبي، لكنه تم إبلاغها بأن ذلك سيتم في إطار ترقية مكانة إسرائيل، بعد توقيع اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وقال المسؤول الإسرائيلي إن «الأوروبيين يطرحون أمامنا مزيدا ومزيدا من الشروط لتحسين العلاقات. وكما يبدو فإننا لن ننجح في منع الإشارة إلى المبادرة الفرنسية في القرار الذي سيتم اتخاذه، لكننا نرغب في الفصل قدر الإمكان، بينها وبين السياسة الشاملة للاتحاد الأوروبي، خصوصا في كل ما يتعلق بصفقة المحفزات التي عرضتها أوروبا على إسرائيل».
يذكر أن الرئيس الإسرائيلي، رؤوبين ريفلين، سيبدأ اليوم زيارة إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل، التي سيلقي خلالها خطابا أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ. وعشية الزيارة، بعث إليه رؤساء 4 كتل في البرلمان الأوروبي تضم 362 نائبا، برسالة أعربوا فيها عن قلقهم الكبير إزاء مشروع قانون وسم الجمعيات التي تتلقى تمويلا أجنبيا، والذي يستهدف، في الأساس، الجمعيات اليسارية. وأكد رؤساء الكتل في رسالتهم أن مشروع القانون يشجع الهجوم على نشطاء حقوق الإنسان، ويمكنه أن يمس التعاون بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي.
ووقّع الرسالة التي وصلت إلى ريفلين في الثامن من الشهر الحالي، رؤساء الكتل الأربع التي تمثل نصف البرلمان تقريبا، وهم: جياني فيتالي، رئيس كتلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي (190 نائبا)، وغاي فيرهوفشتاد، رئيس الحكومة البلجيكية سابقا، ورئيس كتلة الحزب الليبرالي الديمقراطي (70 نائبا)، وفيليب لامبرت ورابيكا هيرمس، رئيسا كتلة حزب الخضر والتحالف الأوروبي الحر (50 نائبا)، وغبرئيلا تسيمر، رئيسة كتلة اليسار الأوروبي الموحد (52 نائبا). وكتب الخمسة لريفلين أن البرلمان الأوروبي يدير علاقات صداقة مع الكنيست الإسرائيلي، على أساس القيم المشتركة. وحسب أقوالهم، فإن الكتل التي يمثلونها تعمل مع تنظيمات غير حكومية كثيرة، تعتبر جزءا من المجتمع المدني في إسرائيل، ولذلك «يعنينا الإعراب عن قلقنا إزاء الضغط المتزايد والهجمات الأخيرة ضد تنظيمات المجتمع المدني في إسرائيل. وقد أبلغ ممثلو هذه التنظيمات أخيرا، بحدوث ظواهر غير مسبوقة، كتقليص عملها، ومحاولات نزع شرعيتها والملاحقة المباشرة وغير المباشرة، بما في ذلك التهديد بالمس الجسدي». ويشير أعضاء البرلمان إلى شعورهم بالقلق الأكبر إزاء قانون الجمعيات، الذي يناقشه الكنيست هذه الأيام. وأكدوا أن هذا القانون يقوم على التمييز ويستهدف قسما من منظمات المجتمع المدني في إسرائيل فقط. وأضافوا أن هذا القانون يعرض نشطاء حقوق الإنسان وكأنهم عملاء أجانب، و«يمكن لذلك أن يؤدي إلى هجمات أخرى ضدهم، وسحق الأسس الديمقراطية لإسرائيل والمس بمكانتها الدولية».
تل أبيب تعترف بفشل جهودها لمنع تأييد {الأوروبي} للمبادرة الفرنسية
362 نائبًا في برلمان الاتحاد ينتقدون القوانين الإسرائيلية العنصرية
تل أبيب تعترف بفشل جهودها لمنع تأييد {الأوروبي} للمبادرة الفرنسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة