خيمت حالة من الوجوم على السوريين في الداخل بعد قرار حكومة تسيير الأعمال في النظام السوري برفع أسعار المحروقات. وجاء القرار بعد فترة وجيزة من كبح تدهور قيمة الليرة، ومحاولة تثبيت سعر الصرف ما دون 500 ليرة بعدما تجاوز سعر الدولار الشهر الماضي عتبة الـ650 ليرة. هذا التجاوز أدى إلى موجة أسعار جنونية شلت حركة الأسواق قبيل شهر رمضان.
ولقد حاولت حكومة النظام على الأثر خفض السعر بسلسلة إجراءات إسعافية أدت إلى هبوط مفاجئ لغاية الـ300 ليرة للدولار، ليعود ويرتفع مجددا ويستقر عند سعر 460 - 480 ليرة للدولار، بالتوازي مع طرح كميات من السلع الاستهلاكية في مراكز البيع الحكومية بأسعار مخفضة. هذا ما جعل تلك المراكز تغص بالناس خلال شهر رمضان المبارك الذي يحل على السوريين للعام الخامس على التوالي وهم يعيشون ظروفا معيشية تزداد سوءا عاما بعد آخر. وتتسع طبقة الفقراء طردا مع ازدياد ثروات تجار الحروب من رجال الأعمال وزعماء الميليشيات الداعمة للنظام، المستفيدين من استمرار الوضع في سوريا على ما هو عليه. وهنا يشير متابعون إلى أن هذه لعبة باتت مكشوفة؛ إذ إن ازدهار اقتصاد الحرب الذي تديره عصابات النظام يقوم على انهيار اقتصاد الدولة الذي تديره حكومة النظام، ليدفع الثمن باهظا المواطن السوري.
هذا، وأصدر وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شاهين مساء الخميس ثلاثة قرارات بتعديل سعر لتر البنزين ليصبح 225 بدلا من 160 ليرة (أي ما يعادل أكثر من نصف دولار) وسعر لتر المازوت ليصبح 180 ليرة بدلا من 135 ليرة سورية، وسعر أسطوانة الغاز المنزلي لتصبح 2500 بدلاً من 1800 ليرة، بحسب وكالة الأنباء الرسمية «سانا». وأشارت القرارات إلى أنه «يخضع مخالفو أحكام هذه القرارات للعقوبات المنصوص عليها بالقانون رقم 14 لعام 2015»، على أن تطبق ابتداءً من الدقيقة الأولى من صباح أمس الجمعة.
هذه القرارات أصابت السوريين بالإحباط والوجوم، وهم بانتظار موجة غلاء كاوية، تغدو معها إجراءات حكومة النظام التي تأتي غالبا متأخرة لخفض الأسعار وكبح ارتفاعاتها الفوضوية «ذرًا للرماد» في العيون، بحسب متابعين اقتصاديين، أو أنها جزء من لعبة تستهدف استنزاف السوريين إلى آخر ليرة في جيوبهم.
واعتبرت أم سورية أن ارتفاع أسعار الغاز والمازوت يعني أنه لم يعد بمقدورهم تأمين ثمن الخبز «فكل شيء سيرتفع ثمنه ونحن أساسا لم نعد قادرين على شراء بعض مما كنا نشتريه العام الماضي في رمضان». ويعبر عن غضبه أبو محمد، وهو صاحب بسطة خضراوات في سوق الجمعة قائلا: «ماذا تريد هذه الحكومة أكثر؟.. لقد أصبحنا شعبا من الشحاذين على باب الله»، ويشير إلى أنه لم يعد بمقدوره شراء بضائعه من الخضراوات؛ «لأن أحدا لن يشتريها، خصوصا أن أجرة نقلها من سوق الهال شرق دمشق إلى سوق الجمعة وسط المدنية سيكلف ضعف قيمتها».
واليوم، مع زيادة أسعار المشتقات النفطية من المتوقع أن تشهد الأسواق موجة غير مسبوقة من الغلاء، ما يعني أن الفقير سيزداد فقرًا، والذي كان قادرا على تدبير أموره بالتقشف سيصبح عاجزا عن ذلك، فأكثر من 80 في المائة من السوريين تحت خط الفقر ونحو ثلث السوريين يصنفون في خانة الانعدام الغذائي.
أخيرًا، يتهم خبراء اقتصاديون في دمشق الحكومة باتباع سياسة تضخمية تؤدي إلى تآكل موارد الدولة النقدية في ظل عجز شبه تام عن إيجاد موارد إيرادات الخزنة العامة دون زيادة أسعار السلع والخدمات. ويعتبرون أنه كان من المتوقع هذه الزيادة في أسعار المحروقات، ولكن ليس في هذا التوقيت، أي منتصف شهر رمضان، وفي ظل حكومة تسيير أعمال. ولقد كتب الممثل السوري عارف الطويل، وهو أحد أشرس المواليين لنظام الأسد والذي أصبح نائبا في البرلمان، على صفحته بموقع «فيسبوك» أن قرارات رفع الأسعار ستناقش في البرلمان، وأنه لا يحق لحكومة تسيير أعمال اتخاذ قرارات كهذه.
توقع موجة غلاء غير مسبوقة تقذف بالمزيد من السوريين إلى خانة الانعدام الغذائي
حالة وجوم تسيطر على الشارع بعد قرار النظام رفع أسعار المحروقات
توقع موجة غلاء غير مسبوقة تقذف بالمزيد من السوريين إلى خانة الانعدام الغذائي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة