النفط وتقلباته هاجس روسي رئيسي في منتدى بطرسبورغ الاقتصادي

وزير الطاقة الروسي يصف أسعار النفط الحالية بـ«المريحة»

الدول النفطية ستحافظ على سعر النفط بحدود 40-50 دولارا للبرميل (رويترز)
الدول النفطية ستحافظ على سعر النفط بحدود 40-50 دولارا للبرميل (رويترز)
TT

النفط وتقلباته هاجس روسي رئيسي في منتدى بطرسبورغ الاقتصادي

الدول النفطية ستحافظ على سعر النفط بحدود 40-50 دولارا للبرميل (رويترز)
الدول النفطية ستحافظ على سعر النفط بحدود 40-50 دولارا للبرميل (رويترز)

تبقى التقلبات في أسواق النفط والتوقعات حول احتمال استقرار السعر والعرض والطلب محورًا رئيسيا في مناقشات المسؤولين الروس خلال اليوم الثاني من أعمال منتدى بطرسبورغ الاقتصادي، ويبدو هذا الاهتمام طبيعيا نظرًا لاعتماد الاقتصاد الروسي على الصادرات النفطية، والنتائج السلبية التي خلفها هبوط أسعار النفط على روسيا بشكل عام.
وكان أليكسي نوفاك، وزير الطاقة الروسي قد عرض توقعاته خلال مداخلة يوم أمس في منتدى بطرسبورغ، وقال: إن «ما لا يقل عن عام واحد سيمضي قبل أن نصل إلى مرحلة الاستقرار في العلاقة بين العرض والطلب على النفط»، ووصف أسعار النفط حاليًا بأنها «مريحة» معربًا عن قناعته بأنه «لا توجد الآن، في ظل هذه الأسعار، أي ضرورة للعمل على تخفيض أو تجميد كميات الإنتاج».
من جانبه وجه أليكسي كودرين، وزير المالية الروسي الأسبق ونائب رئيس المجلس الاقتصادي الرئاسي حاليًا، انتقادات لاذعة للحكومة الروسية وحملها مسؤولية انخفاض سعر العملة الوطنية، داعيًا إلى الابتعاد عن سياسة الاعتماد على عائدات النفط.
وخلال مداخلة له في منتدى بطرسبورغ الاقتصادي يوم أمس قال كودرين إن «هبوط قيمة العملة الوطنية لأكثر من الضعف، عار على السلطات الاقتصادية، وأظن أنه عار على البلاد أيضا»، معربا عن قناعته بأن «هذا يعني أننا غير قادرين على خلق ظروف مستقرة للأعمال، إن كان في مجال تصدير التقنيات كما في مجال استيرادها».
ويرى كودرين أن هبوط سعر العملة الوطنية بهذا الشكل سببه الرئيسي اعتماد الاقتصاد الروسي بشكل كبير جدًا على عائدات النفط، ولهذا فهو يدعو إلى «ضرورة أن تخلق روسيا ظروفًا تحول في المستقبل دون تكرار هبوط العملية الوطنية بهذا الشكل»، الأمر الذي يبرر من وجهة نظره الحاجة بقواعد أكثر تشددًا للميزانية.
وبالنسبة لأسعار النفط وتأثيرها على المنظومة المالية واقتصاد البلاد، يرى كودرين أن الدول النفطية ستحافظ على سعر النفط بحدود 40 - 50 دولارا للبرميل، واصفا هذا السعر بأنه «مربح جدا لتلك الدول»، مضيفا أنه حتى سعر 25 دولارا للبرميل سيكون مربحا لتلك الدول، أما السبب حسب رأي كودرين فهو «لأن سعر تكلفة برميل النفط في روسيا يتراوح ما بين أربعة إلى ستة دولارات، بينما يتراوح في المملكة العربية السعودية من دولارين إلى ثلاثة دولارات».
وفي السياق ذاته أشار كودرين إلى أن «عددا كبيرا من دول أوبك يرى أن سياسة رفع أسعار النفط خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة كانت سياسة خاطئة»، موضحًا أن «سعر النفط بحدود 50 إلى 60 دولارا للبرميل وفر إمكانية لصياغة مصادر بديلة مستدامة (للاقتصاد) أكثر ربحًا. وهذا أسس لمرحلة الاستثمارات في الأفكار الاقتصادية الجديدة».
وفي وقت سابق، خلال مشاركته في اليوم الأول من أعمال منتدى بطرسبورغ الدولي، تحدث كودرين عن الأسباب التي تعيق التنمية الاقتصادية، ووضع في مقدمتها غياب المؤسسات الضرورية لتحقيق تلك التنمية، داعيًا إلى إصلاحات في هذا المجال «الإداري»، وشبه غياب تلك المؤسسات بأنه مثل عدم توفر جهاز لتحديد الموقع واختيار جهة الحركة على متن السفن، الأمر الذي يجعل المنظومة الإدارية في روسيا عاجزة عن إدارة وتوجيه التحولات، وعن التكيف مع الأوضاع المستجدة.
كما شدد وزير المالية الأسبق العضو حاليا في المجلس الاقتصادي الرئاسي على أهمية الإصلاحات الاقتصادية، معربا عن يقينه بأن الحكومة الروسية يجب ألا تتخلى عن تلك الإصلاحات حتى لو ارتفع سعر النفط مجددًا، وحذر من أن التخلي عن الإصلاحات سيوقف التنمية الاقتصادية، وذكَّر بهذا الصدد بأن أسعار النفط المرتفعة عامي 2012 - 2013 لم تؤد إلى نمو الاقتصاد الروسي.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.