حشود وتعزيزات عسكرية «مريبة» للميليشيات في محيط تعز

منظمة دولية: المدنيون ما زالوا يتساقطون بنيران الميليشيات الحوثية في المحافظة

أحد عناصر القوات الحكومية أمام مدفعيته في مدينة تعز (إ.ف.ب)
أحد عناصر القوات الحكومية أمام مدفعيته في مدينة تعز (إ.ف.ب)
TT

حشود وتعزيزات عسكرية «مريبة» للميليشيات في محيط تعز

أحد عناصر القوات الحكومية أمام مدفعيته في مدينة تعز (إ.ف.ب)
أحد عناصر القوات الحكومية أمام مدفعيته في مدينة تعز (إ.ف.ب)

تستمر ميليشيات الحوثي – صالح في شن هجماتها ضد المدنيين العزل في محافظة تعز، الواقعة جنوب العاصمة صنعاء، وكذلك مواقع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، في عمل وصفته مصادر «الشرق الأوسط» في المجلس العسكري في تعز، بأنه «خرق واضح لوقف إطلاق النار وتحد للمجتمع الدولي والإقليمي».
وكشفت مصادر محلية وشهود عيان عن حشد الميليشيات لقوات إضافية وتعزيزات عسكرية كبيرة في محيط مدينة تعز، الأيام الثلاثة الماضية، مستغلة بذلك وقف غارات التحالف، وقال قيادي في المقاومة الشعبة في تعز لـ«الشرق الأوسط» إن «تبة الحرمين والخزان في الضباب، غرب المدينة، ومواقع في شرق المدينة وشمالها، شهدت مواجهات عنيفة على إثر هجوم شنته ميليشيات الحوثي والمخلوع الانقلابية على مواقع الجيش والمقاومة، في محاولة مستميتة منهم التقدم واختراق الموقع لكنهم منيوا بالفشل الذريع وتم التصدي لهم ودحرهم».
وأضاف: «لم تتوقف ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية لحظة عن قصف الأحياء السكنية في عموم المدينة على مدار 24 ساعة ونحن نسمع القصف والانفجارات في جميع أحياء المدنية، حيث تستمر الميليشيات في إمطار المدينة بصواريخ الكاتيوشا والمدفعية الثقيلة من مواقع تمركزها في شارعي الخمسين والستين، وكذلك مواقع شرق المدينة». وأكد القيادي أن «المواجهات تجددت في جبهة حيفان، جنوب المدينة، وسمع دوي انفجارات عنيفة ناتجة من قصف الميليشيات الانقلابية لقرى ومواقع المقاومة في الجبهة، حيث دارت الاشتباكات وبشكل عنيف في منطقة نقيل السلف وجبل الكلبين في عزلة الاعبوس بمديرية حيفان».
من جهة ثانية، قالت منظّمة أطباء بلا حدود الطبية الإنسانية: إنه وبعد مرور شهرين على وقف إطلاق النار في اليمن، ما زال المدنيون يتأثرون بشكل حاد بالعنف الدائر في البلاد، وأضافت في بيان صحافي لها، إنه «منذ بداية وقف إطلاق النار في شهر أبريل (نيسان)، عالجت المرافق التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود عددا هائلا من الأشخاص بلغ 1.624 مريضًا يعانون إصابات ناجمة عن القتال المكثّف في تعز، وقرابة نصف هؤلاء الأشخاص هم من المدنيين».
وذكرت بأن تعز «شهدت أكثر القتال شراسة منذ بداية تصاعد حدة النزاع منذ 15 شهرا، في ظل القصف المدفعي والغارات الجوية والقنابل المتفجرة والألغام ونيران القناصة التي تحدث جميعها بصورة يومية. هذا، ويدور القتال والقصف المدفعي في مناطق كثيفة بالسكان من المدينة. ولا يبدو أن أي من أطراف النزاع يبذل أي جهد لمنع وقوع الإصابات في صفوف المدنيين».
وقال منسق المشروع في منظمة أطباء بلا حدود في تعز صلاح دونغودو، إنه «في الثالث من شهر يونيو (حزيران) استقبلنا 122 جريحًا في المرافق التي ندعمها، وغالبية المرضى أصيبوا بالصواريخ التي ضربت سوقًا مكتظًا في تعز. وقد وصل أيضًا 12 شخصًا آخر كانوا إما ميتين لدى وصولهم أو مصابين بجروح خطيرة تسببت بوفاتهم بعد وصولهم إلى غرفة الطوارئ». وأضاف: «شكّل المدنيون الغالبية الساحقة منهم. وفي اليوم التالي وصل 135 شخصًا آخر مصابين بجروح حرب. بكل بساطة لا نشهد أي تقلّص في مستوى العنف»، موضحا أن الوضع الإنساني مستمر في التدهور، وأنه أينما «تواجدت في المدينة سترى بأن جميع المدنيين متأثرون بالعنف، فالناس قد فقدوا أفرادًا من أسرهم ومنازلهم وسبل عيشهم ويعيشون وسط خوف دائم؛ فهم لا يملكون أي خيار سوى المضي قدمًا في حياتهم، وحصول الناس على الرعاية الطبية محدود بشدة، والتيار الكهربائي منقطع في البلاد والشوارع مليئة بالقمامة والمواد الغذائية وغيرها من السلع متوفرة فقط بأسعار خيالية».
وبدوره، قال رئيس بعثة «أطباء بلا حدود» ويل تورنر «مؤخرًا كنت أجول في إحدى غرف الطوارئ فرأيت أمامي طفلين مستلقيين على سريرين بالقرب من بعضهما بعضا. لقد تعرّض الطفل لرصاصة في عنقه فيما يخرج من الجامع، أما الفتاة الموجودة بقربه فقد تمزّقت معدتها جرّاء رصاصة بينما كانت تنتظر جمع المياه. للأسف تحدث هذه القصص المأساوية بشكل يومي في تعز. وهذا أمر غير مقبول بتاتا».
إلى ذلك، استكمل ائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز وأعضاؤه توزيع 11853 سلة غذائية، بتمويل من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية للمتضررين في مدينة تعز، وبحسب الائتلاف فقد وصلت المساعدات الغذائية بمديرية المظفر منذ الأول من شهر رمضان وحتى الثامن من الشهر نفسه إلى عدد من أحياء المدينة، واستكمل الائتلاف توزيع المساعدات الغذائية لبقية أحياء مديرية المظفر حتى يتم استكمال توزيع حصة المديرية من المساعدات المقدرة بـ24 ألف سلة غذائية، و48 طنا من التمور للمتضررين في المديرية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».